مقالات وآراء

بعد الحرب .. بناء المعاني قبل المباني

هلال وظلال

عبد المنعم هلال

 

الحروب لا تترك خلفها أنقاض المباني فقط.بل تترك أيضاً أنقاض القيم وتشق في النفوس جروحاً أعمق من دمار المدن وبعد أن تنطفئ نيران الحرب يبدأ الحديث عن إعادة الإعمار لكن أي بناء يرجى إذا لم نرمم النفوس أولاً ونبني القيم قبل الجدران ..؟ .

بناء القيم أولًا .. ثم العمران فالأمم التي خرجت من الحروب لم تستطع النهوض بالخرسانة والإسمنت وحدهما بل بإصلاح النفوس وترميم العلاقات الإنسانية فالبنيان يقوم على الأرض لكن المجتمع يقوم على القيم وإذا كان جسد الوطن قد تضرر بالحرب فإن روحه قد تضررت بالانقسامات والخوف والشكوك والكراهية المتبادلة.

ما الفائدة من الجدران بلا إنسان ..؟ إعادة بناء المدارس لا تعني شيئاً إن لم نعد بناء روح التعلم والمستشفيات لا تشفي إن كان هناك مرض مستتر في النفوس والطرق والجسور لن توصلنا إلى مستقبل مشرق إذا لم تصلح القلوب قبل الشوارع.

يجب أن يكون أول مشروع بعد الحرب هو مشروع التسامح والمصالحة لأن ما هدمته الحرب في العلاقات الاجتماعية قد يكون أصعب من إعادة بناء ما تهدم من البنيان.

التحدي الأكبر .. بناء الثقة فبعد كل حرب يبقى التحدي الأكبر هو إعادة بناء الثقة بين الناس، بين الجيران، بين أفراد المجتمع وبين المواطن والدولة لا قيمة لإعمار المدن إن بقيت النفوس مدمرة ولا جدوى من تشييد العمارات إن كانت القلوب متصدعة بالحقد والتشفي والرغبة في الانتقام.

لذلك فإن البناء الحقيقي يبدأ من الداخل من إعادة إحياء روح التعايش وغرس ثقافة الاحترام، وإصلاح ما أفسدته الأيام العصيبة.

 

(الحجارة تبني البيوت ولكن القيم تبني الأوطان).

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..