مقالات وآراء

المعلم في خط الدفاع الأول : رسالة ضابط من قوات الشعب المسلحة السودانية

حسن عبدالرضي الشيخ

 

 

نُقلت هذه الكلمات الصادقة من قلب أحد ضباط الجيش السوداني، عبر الأستاذ كمال محمد حسن ريس، لتصل كصرخة ضمير إلى كل مسؤول يتولى زمام الأمور، وعلى رأسهم الفريق أول عبدالفتاح البرهان ووزير المالية جبريل إبراهيم. إنها ليست مجرد رسالة عابرة، بل صرخة تحمل ألم أمة تعاني، وتضع يدها على جرحٍ طال نزفه دون أدنى التفات.

 

لله درك أيها الضابط الشجاع! يكفينا قولك السديد: “إن المعلم جندي في ساحة معركة الوطن”. يقول هذا الضابط الشجاع في رسالته:

“البلد في حالة حرب .. آي نعم، لكن دور المعلم زي دور الجندي الشايل بندقية في الخطوط الأمامية، ويمكن يكون أعظم”.

 

هذا التشبيه لم يأتِ من فراغ، فالمعلم يقف في الصفوف الأمامية لمعركةٍ من نوع آخر: معركة الوعي والمعرفة وبناء العقول. الجندي يحمي الأرض بالسلاح، أما المعلم فيحمي الوطن من الانهيار الأخلاقي والجهل، وهو الذي يزرع في الأجيال بذور الوطنية والقيم السامية.

 

فكيف لوطنٍ أن يقوم بدون تعليم؟ وكيف لشعبٍ أن يتقدم إذا كان معلموه يعانون الفقر والإهمال؟ يكفي المعلم إهمالًا أن يظل ١٧ شهرًا بلا استحقاقات. أيُّ عدلٍ هذا؟ فالمعلمون في السودان لم يتقاضوا مستحقاتهم لمدة سبعة عشر شهرًا. هل يُعقل أن يُترك من يُشكّل عقول أبنائنا في هذا الوضع المزري؟ أيّ وطنٍ هذا الذي يطالب بالنهضة وهو يهمل أهم دعائمه؟ في وقتٍ يُصرف فيه ببذخ على أمورٍ أخرى، يقف المعلمون طوابير من أجل حقوقهم الأساسية، وكأنهم يتسوّلون حقهم في حياةٍ كريمة. فمتى يفهم المسؤولون أن التعليم ليس سلعة؟ .

 

يستنكر الضابط الإنسان في رسالته الرسوم الباهظة المرتبطة بالتعليم، من استخراج الشهادات إلى رسوم الامتحانات التي تصل أرقامها لمستويات خيالية:

“يا ناس، عيب عليكم! مافي دولة محترمة بتتاجر وتتكسب في التعليم”.

 

التعليم ليس تجارة، بل هو حق أساسي. والدول التي تبني مستقبلها على العلم والمعرفة لا تجعل من هذا القطاع مصدرًا لجمع الأموال، بل تستثمر فيه لأنه الطريق الوحيد لضمان مستقبلٍ مشرق.

 

سلم قلمك أيها الضابط الشجاع حينما تُسمع المسؤولين تساؤلك المشروع:

“الحرب شماعة أم حقيقة؟”

ففي ختام رسالته، يضع الضابط إصبعه على الجرح الحقيقي:

“لقيتو الحرب شماعة وعملتوا نايمين”.

 

لقد تحوّلت الحرب إلى ذريعة لتبرير الفشل في إدارة شؤون الدولة، لكن الحقيقة المُرّة هي أن الجهل والفقد التربوي هما الوقود الحقيقي لاستمرار هذه الحروب. فالشباب الذين ينضمون إلى المليشيات ليسوا سوى ضحايا نظامٍ تعليميٍّ مهترئ لم يوفر لهم بدائل أخرى.

 

فيا من في آذانكم صمم، لا بد أن تسمعوا وتدركوا أن الحل يبدأ من التعليم. فإذا أردنا القضاء على الحروب وتجفيف منابع التطرف والجهل، فعلينا الاستثمار في التعليم قبل أي قطاعٍ آخر. لا يكفي الحديث عن بناء دولة قوية، بل يجب أن نعكس ذلك في سياساتنا وميزانياتنا. فكما قال الضابط:

“اصرفوا على التعليم قبل أيّ قطاع.. آي والله.”

 

وختامًا، هذه الرسالة ليست مجرد كلمات، بل هي دعوة صادقة لإعادة النظر في أولوياتنا الوطنية. فالتعليم هو السلاح الأقوى، والمعلم هو الجندي الحقيقي في معركة بناء الأوطان. فهل من مُجيب؟ .

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. صدق الشاعر حين قال: العلم يرفع بيتاً لا عماد له* والجهل يهدم بيت العز والشرف. عشان كده عندما تولى جهلاء القوم امورنا هدم كل شيء فينا وفي الوطن، واصبحنا بلا وطن ولا وطنية، والجهلاء يفشون عقدة نقصهم في العلماء.

  2. لاتاتي كلمة صدق او أمانة من ضابط بالجيش السوداني ولو انطبقت السماء مع الأرض ، يكون خارج السودان وخارج الجيش. لم يعرف أهل خير وسط ضباط الجيش السوداني منز تاسيسه وحتى عهد هذا البرهان.
    صفات ضباط الجيش السوداني.
    الجبن، الخيانة، الانتهازية، التكلات القبلية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..