مقالات وآراء
الجنجويد (الشر المطلق)

لم يتعرض شعب في العصر الحديث لمحنة (خليط العنف الهمجي والنهب الممنهج) كما تعرض لها الشعب السوداني علي يد هؤلاء الاوباش. والذين في غفلة من الزمن وعلي يد جهلة واشرار (العسكر والكيزان)، تم تزويدهم بكافة انواع الاسلحة، ورعايتهم علي خير ما تكون الرعاية، لقطاع الطرق والقتلة واللصوص. ليفرضوا سطوتهم علي البلاد ويذلوا رقاب العباد.
وبطبيعة تكوينهم المليشياوي ووظيفتهم القذرة وامتهانهم الارتزاق والعمالة، تم استدراجهم ومن ثمَّ استخدامهم اماراتيا، مرة كمرتزقة لخوض حروبها التوسعية (ليبيا). ومرة كنخاسة لاستيراد وتصدير المرتزفة (اليمن). ومرة لنهب موارد البلاد (الذهب). ومرة للسطو علي السلطة، لتصبح الدولة السودانية بمن وما فيها تحت طوعها ورهن تصرفها.
وللاسف منذ لحظة تكوين هذه المليشيا البربرية، بغرض اداء المهام القذرة التي يستنكف الجيش رغم ما اصابه من ادلجة عن اداءها. بدأ اسوأ فاصل للحرب الاهلية، لتدخل نفق الابادة الجماعية والانتهاكات المروعة، وتحوُّل الحرب الي اسلوب حياة ومصدر ثراء، وتاليا بؤرة جذب لحثالة البشر من كل فج عميق.
والحال كذلك، لحظة تكوين المليشيا، هي نفسها لحظة الخصم من الدولة ككيان ووظيفة. اي بوصف الدولة مناط الاستقرار والنظام، مناقضة للمليشيا بطابعها الفوضوي وطبيعتها الهمجية. وعليه، لم يصل الطموح بحميدتي للسيطرة علي السلطة، إلا بعد ان توسع نفوذه وتضخمت سطوته، مع بلوغ الدولة ادني مراحل انحطاطها. وما كان ذلك ليحدث لولا خضوع البلاد لقيادة من طينة البشير والبرهان اللذان لا يجيدان شيئا سوي سرد الاكاذيب والجعجعة الفارغة واللعب الغبي بالنار.
اما الجانب السيئ الآخر فمرده ان قوة المليشيا وانفساح المجال امامها للطغيان، يحمل في جوفه مخاطر بذات المستوي علي سلامة الدولة وامن المواطنين. وهو ما اثبتته هذه الحرب اللعينة بعد اندلاعها، والتي لم يُشهد لها مثيل علي مستوي الخسائر البشرية (الهدر والاستنزاف) والمعنوية (صعوبة تضميد الجراح) وتدمير البنية التحتية (احد التقديرات 200 مليار دولار).
وما يحير ان وجود المليشيا وتمدد نفوذها لا يمس كيان الدولة وامن المواطنين فحسب، ولكن قبل ذلك فهو ينتقص من هيبة وسمعة ومكانة وقدرة المؤسسة العسكرية! وهذا ناهيك عن سحبها بساط الامتيازات التاريخية من تلك المؤسسة، سواء من جهة السيطرة علي السلطة او احتكار المصالح الاقتصادية! ورغما عن كل ذلك فقد تواطأت ذات المؤسسة بالسماح لتكوينها اولا، وزيادة نفوذها ثانيا، وغض النظر عن خطورة ذلك علي الامن القومي! بل كثيرا ما انبري ما يسمي خبراء استراتيجيون وقبلهم كبيرهم البرهان للدفاع عن المليشيا والتقليل من حجم تجاوزاتها وخطورة تواجدها داخل الدولة. والسبب خضوع المؤسسة لرغبات ونزوات قادتها الانقلابيين، والذين لا يشغلهم شيئا سوي المحافظة علي سلطتهم المغتصبة ولو كان الثمن ضياع البلاد وتشريد اهلها!!
وعلي العموم هنالك تحولان حاسمان خدما المليشيا وزادا من اطماع قائدها المغامر الطموح، وهو ما انعكس وبالا علي البلاد واهلها.
التحول الاول هو استقدام البشير لهذه المليشيا من دارفور للحفاظ علي سلطته في العاصمة، قبل ان يشملها برعايته كابنه المدلل. وبعد نجاحها في قمع انتفاضة 2013م بدموية مفرطة، زاد وله البشير بها واطمئنانه لجانبها، وهو ما دفعه لمزيد من الاغداق عليها من اموال الدولة ومواردها الطبيعية (ذهب جبل عامر) والتغاضي عن انتهاكاتها (تهم الابادة) وبما في ذلك الاساءة للجيش (تسجيل مشهور لحميدتي 2014م). وساعد علي احتضان البشير لهذه المليشيا، من جهة تخوفه من غدر الاسلامويين وسيطرتهم علي الجيش، ومن جهة زيادة نفوذ وطموحات قائد جهاز الامن قوش، وهو ما جعل كل الاطراف المتصارعة والمتنافسة علي السلطة تحاول شراء رضا الغادر حميدتي. ومن جهة إحاطة البشير في تلك المرحلة بسواقط المستشارين والمساعدين من امثال طه عثمان وعبدالغفار الشريف اللذان لا تخفي ارتباطاتهم بالخارج، ومن ثمَّ تزيين وتلميع المليشيا للبشير علي حساب نفوذ وسيطرة الاسلامويين.
ويبدو والله اعلم ان جزء من بواعث حرب اليمن التي تولي كبرها محمد بن زايد عبر تحريضه لمحمد بن سلمان، هو توافر الدماء الرخيصة بعد تسليع المقاتلين عبر وكلاء المليشيا (حميدتي) والجيش (البشير، البرهان وابنعوف). وما لم يحسب حسابه هؤلاء الاوغاد، الذين لا يفتقرون للذكاء والحكمة فحسب ولكن الشهامة والرجولة الي اشتهر بها السوادنيون، ليمرغوا سمعتنا في التراب. انهم بهذا الصنيع الوضيع فتحوا الباب للامارات ليس لنهب الموارد السودانية نظير الفتات الذي تتفضل به عليهم، وانما التدخل حتي لتغيير النظام السياسي وتركيبة البلاد الاجتماعية ومن ثم اخضاعها لمشيئتهم، وهو التاثير الذي لم ينفك حتي الآن يحكم مجريات الحرب المدمرة! والحال ان اكبر ابتلاء تتعرض له امة، ان يتصف قادتها بالبلادة والتبلد ونقص المروءة، وللاسف هذا نصيبنا من القيادات التي فرضتها علينا المؤسسة العسكرية منذ الاستقلال، وما زال الحبل علي الجرار!!
والتحول الثاني هو قيام الثورة التي صادفت بلوغ نفوذ حميدتي درجة لعبه الدور الحاسم ليس في ازاحة البشير فحسب، ولكن السيطرة علي كامل البلاد منذ ذهاب البشير والي قيام الحرب، بعد تحالفه المشبوه مع البرهان، الذي ارتضي ان يلعب دور الواجهة! وهي سيطرة استغلاها نهاب الفرص حميدتي خير استغلال. ليبني وخلال ثلاث سنوات دولة موازية عمادها القوة العسكرية والقدرة الاقتصادية والعلاقات الخارجية، من دون عوائق من اي نوع، بل بتسهيلات غريبة ومريبة من البرهان! وغالبا هذه العلاقة المريبة ودور الامارات فيها، هو ما اضفي علي هذه الحرب غرائبية تحاكي الافلام الفنتازية! وعلي راس ذلك الصراع المفتعل بين الكائن السيامي المكون من الرجلين. بل من يصدق ان حرب بكل هذا الدمار والانتهاكات وشارفت علي العامين، لا يُعرف مصير اكبر راس في هذا الكائن السيامي؟ ولا طبيعة العلاقة مع الامارات؟!
المهم وكما سلف كان هنالك تناسب بين قوة المليشيا ودرجة نفوذها وسطوتها، وبين الثمن الذي دفعته البلاد وشعبها. خاصة وان المليشيا في اصل تكوينها قوي شر وتخريب ونهب وقتل، ولطالما كانت مصدر قلق لكل حادب علي الوطن وشعبه. عليه لو كان هنالك مجرد وهم ولو بنسبة 0,1% ان هكذا مليشيا شرانية يمكن ان تخدم قضية خيِّرة للبلاد واهلها، فقد اكدت هذه الحرب العدوانية وما رافقها من تخريب ممنهج وانتهاكات متعمدة، درجة ضلال هذا الوهم ومن ثمَّ خطورة عواقبه. وتجربة الجيش والاسلامويين (جهاز الامن) مع المليشيا التي وفروا لها كل شئ، ثمَّ غدرت بهم، اكبر دليل وبرهان (وكما يقول المثل من جرب المجرب حاقت به الندامة)! لذلك اي محاولة للتقرب من المليشيا، ناهيك عن التحالف معها باي صورة من الصور، بعد كل الذي حدث منها، لهو الخسران المبين. اما التبرير بالتصدي للفلول فهو اقرب للعذر الاقبح من الذنب، ليس لان المليشيا هي في الاصل اداتهم القذرة، وهي مكون شر وقذارة وبربرية اصيل، وتاليا مناقضة للحضارة ومضادة للدولة وبيئة خصبة للعمالة والارتزاق، ولكن فوق كل ذلك هي مرجعية لاصدار احكام قطعية علي كل من لا يرفضها ولا يعاديها ولا يجرم فظائعها! وإلا علي ماذا يتصدرون المنابر؟ والي ماذا يدعون اصلا؟ والحال كذلك لا يستغرب المرء لماذا يسيطر العسكر والكيزان، ويرفض كثير من الثوار هذه الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية والحركات المسلحة. وكما يقال مع هكذا طبقة سياسية مفلسة وقادة حركات مسلحة انتهازية ونشطاء مدنيين هواة، لا يحتاج العسكر الي حلفاء او مبررات للسيطرة علي الحكم الي قيام الساعة! (قال حكومة موازية قال، بل وتقدم خدمات/ بالله….، والسؤال والحال كذلك اين عائلة دقلو من كل ذلك بعد الجرائم الي اقترفوها/ جرائم حرب…؟ وما موقعهم من الحكومة المقترحة في اماكن سيطرتهم؟ ومن اين تستمد تفويضها، طالما هي بديل لحكومة الامر الواقع ببورتسودان؟ والحال كذلك، اليس في ذلك اعتراف وشرعنة لحكومة بورتسودان من حيث لا يحسبون؟!).
وصحيح ان مسألة التخلص من المليشيا ظلت هاجس يؤرق قوي الثورة والقوي السياسية عكس المكون العسكري! كما ظل الثوار يدفعون اثمان فادحة لاجرام المليشيا وفرضها كامر واقع، وهذا غير تحالفها مع كل اعداء الثورة (تحالف الموز وقوي الشر الاقليمية) لافراغ الثورة من مضمونها. ولتتوج كل ذلك بمشاركتها في الانقلاب علي حكومة الثورة. وهذا ناهيك عن حضور حميدتي المخجل في صدارة المشهد، بل وترؤسه لكل لجنة او اتفاقية او اي كان، المهم ان يكون رئيسا والسلام، وهو لا يفقه في كل ذلك شرو نقير! وهذا عندما لا يتعاطي لغة قطاع الطرق وكانه همباتي في فيافي دارفور، وصدق الاعلامي الساخر يوسف حسين وهو يمسح به البلاط (والاصح المُراح)!
وصحيح ايضا ان الاتفاق الاطاري اقلاه ظاهريا في جانب منه، كان محاولة لتجنيب البلاد شر الاصطدام بين اطراف المكون العسكري، علي ان تؤجل معضلة المليشيا لحلها في المستقبل. وهذا بالطبع اذا كان هنالك حكمة وجدية وهو ما لا يعرف لا عن الطبقة السياسية ولا المؤسسة العسكرية! خاصة وان تكوين ورعاية المليشيا من الاخطاء الكبري في حق الوطن والجرم الفادح في حق المواطنين، والتي اقترفها نظام الانقاذ بكل لا مسؤولية وقصور رؤية سياسية ليسا غريبان عليه.
ولكن باندلاع الحرب اتسع الفتق علي الراتق ودخلت البلاد في كارثة تاريخية تهدد بقاءها من قبل قوي همجية فوضوية تضليلية. وليدخل صراع السلطة ولاول مرة بين مكونين عسكريين. ترتب عليه إخراج القوي السياسية من المشهد، إلا من جهود خجولة لايقاف الحرب. وهو مطلب ليس عقلاني فحسب ولكن قبل لك انساني ووطني. ولكن المعضلة ان طرفا الحرب لا يؤمنان إلا بالقوة، ليذهب المطلب ادراج الرياح. كما ان موازين الحرب طوال الفترة الماضية كان تصب في صالح المليشيا وبصورة مريبة! وهو ما يعني ان ذهابه في ذلك الاتجاه يعني تقوية المليشيا، اي اعادة انتاج ذات الاوضاع الي قادت للحرب، ان لم يكن بصورة اسوأ! خاصة وان الغدر هو النهج الوحيد المتبع في مخططاتها ومخططات داعميها في الخارج.
المهم ليس هنالك اسوأ من الحرب وما ينتج عنها، كما لا اعتقد ان هنالك قضية عادلة او حقوق مغتصبة يمكن استردادها عبر الحرب في العصر الراهن. اي بوصف الحرب عدو للحياة والحضارة والانسانية، بل هي ما تبقي من تراث الهمجية. ولكن كل ذلك لا يمنع ان الحرب هي الظاهرة الوحيدة التي لم تتوقف منذ وجود المجتعات البشرية وصراعها من اجل السيطرة غالبا، والدفاع عن النفس بصورة اقل. وما يؤسف له ان كل جهود الحكماء والعظماء من اجل ايقافها، تمخضت فولدت شئ من التنظيم والتخفيف من آثارها. وهذا بالطبع ما يتعلق بالجيوش النظامية في الدول الديمقراطية، وليس جيوش الدكتاتوريات وبصورة اشمل المليشيات (ويا كافي البلاء نحن عالقين بين النوذجين الاخيرين).
وبما ان حربنا الراهنة هي اكثر الحروب كلفة وقذارة، وبما انها في جانب منها تتعلق ببقاء الدولة، فهذا يعني اي هزيمة واندحار للمليشيا هو في صالح الدولة والمواطنين والعكس صحيح، اي تقدم او انتصار لها فهو علي حساب بقاء الدولة وسلامة المواطنين. اي غض النظر عن الخلافات السياسية واخطاء المؤسسة العسكرية المزمنة، إلا ان الوقوف معها ودعمها هو واجب المرحلة، علي اعتبارها الجهة الوحيدة المكافئة للمليشيا عسكريا. وسواء استمرت الحرب او كان هنالك اتفاق، فمن المصلحة ان يكون الجيش في موقف القوة. لانه بكل المعايير لا يمكن المساواة بين الجيش والمليشيا، وهذا ليس من ناحية نظرية ولكن من خلال مجريات هذه الحرب نفسها، وانعكاسها علي كيان الدولة وحياة المواطنين. فانتصار المليشيا او دخولها اي بقعة يعني مباشرة انتفاء وجود الدولة وانكشاف حياة المواطنين، عكس اماكن وجود الجيش او تحريره لاي بقعة، فعندها يتوفر الحد الادني من الدولة والحماية للمواطنين.
اي الموضوع ليس موضوع سياسة او مكاسب ولكنها وقائع علي الارض، تظهر رعب المواطنين من المليشيا واحتفاءهم بالجيش. وكون سياسي او ناشط او كاتب يتغافل عن هذه الوقائع، فكيف والحال كذلك يتحدث عن دفاعه عن الوطن والمواطنين، او يتشدق بالتغيير والديمقراطية والدولة المدنية وغيرها من اللغو الذي لا يحمي مواطن او يقيل عثرة دولة، طالما هي نفسها في مهب الريح بسبب وجود وعنف وهمجية المليشيا. ومن يشكك في ذلك ماذا نسمي استهداف المليشيا لمحطات الكهرباء والسدود وميناء بشائر والمستشفيات ومواقف المواصلات والمساجد بطريقة متعمدة، ناهيك عن ما تكشف عن صناعة المخدرات وتزييف العملة في اماكن سيطرتها، ويبدو ما خفي اعظم؟!
كما ان مواجهة الكيزان والجيش علي حلبة السياسة والسلطة، هي مهمة كل قوي تتصدي للمسألة الديمقراطية والدولة المدنية من ناحية مبدئية، اي ليس عليها ان تدركها طالما موازين القوي مختلة، وانما تضع بصمتها وتترك ارث وتخط طريق للاجيال القادمة. اما مهادنة المليشيا او الاستعانة بها كما ينادي بعض السذج او اصحاب المصلحة الخاصة، فهذا يمكن ان يقال عنه كل شئ، إلا انها مساعٍ حميدة للديمقراطية او الدولة المدنية او مراعاة مصلحة الوطن والمواطنين.
واخيرا
اسوا من هذه الحرب بكل كوارثها هو عدم الاستفادة من تجربتها المريرة وتعويض كلفتها حكمة وانجازات. وهذا ما يتبدي من كل الاطراف المشاركة في الحرب او الداعمة للمتقاتلين او المنتظرة في الرصيف علي امل تنزيل الدولة الفاضلة المرتجاة. فما زالت لعنة السلطة التي لازمت البلاد من الاستقلال، بعد ان تحولت لعظمة نزاع، بدل تحولها الي رؤية موضوعية ووسيلة نهوض بالدولة وآلية لترقية حياة المواطنين. هي ما يحكم المشهد السلطوي بعد ان تردت بمتوالية هندسية مع مرور الزمن، حتي وصلنا مرحلة تنازعها بين قتلة ومجرمين (حميدتي والبرهان).
والمؤسسة العسكرية ما زالت ترتهن لقيادتها وتفرض وصايتها، رغم انها المسؤول الاول عن ما آلت اليه الاوضاع. والكيزان ما زالوا في ضلالهم القديم ولم يتعلموا درس، ان اضعاف القوي السياسية وطردها من المشهد السياسي، لا يعني خلو المشهد من المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وانما يخلق فراغ يُملأ بالقوة الحاملة للسلاح، مما يرفع كلفة الاستجابة بعد خراب مالطة.
اما حملة السلاح فكل ما يتم جنيه من مكاسب، لا يساوي عُشر ما يتم خسرانه انسانيا وماديا، كما انه يغيب اهل الكفاءة لصالح امراء الحرب وتجارها. ويكفي ان حميدتي بقوة السلاح امتلك اموال قارون ووصل لمنصب النائب الاول رسميا والمتحكم الاول عمليا، ولكن ماذا كانت النتيجة؟
اما تقدم التي احسن الظن بها، فما زالت تثبت يوما بعد يوم انها اقل قامة حتي من الشعارات التي ترفعها، ناهيك ان تلبي تطلعات المواطنين المتفاوتة ما بين التغيير الجذري ومجرد الاستقرار باي ثمن.
اما حمدوك مندوب الامارات الدائم (ما عارفين نقوليهو شنو، غايتو عليهو العوض ومنو العوض). وبالمناسبة حتي اليوم لم تكشف لنا سر محاولة اغتيالك المزعومة! او ماذا كنت تفعل في منزل البرهان بعد الانقلاب؟ فهل كنت مضرب عن الطعام كوسيلة احتجاج؟ او طالبت بالحاقك برفاقك في المعتقلات؟ ولماذا لم تعرض لنا كشف حساب باموال القومة للسودان يا زول ياشفاف؟ اذا كان هذا حال حكومة الثورة وقائدها كما يدعون، ليها حق تلحق امات طه؟! والله يجيب العواقب سليمة. ودمتم في رعايته.
وبطبيعة تكوينهم المليشياوي ووظيفتهم القذرة وامتهانهم الارتزاق والعمالة، تم استدراجهم ومن ثمَّ استخدامهم اماراتيا، مرة كمرتزقة لخوض حروبها التوسعية (ليبيا). ومرة كنخاسة لاستيراد وتصدير المرتزفة (اليمن). ومرة لنهب موارد البلاد (الذهب). ومرة للسطو علي السلطة، لتصبح الدولة السودانية بمن وما فيها تحت طوعها ورهن تصرفها.
وللاسف منذ لحظة تكوين هذه المليشيا البربرية، بغرض اداء المهام القذرة التي يستنكف الجيش رغم ما اصابه من ادلجة عن اداءها. بدأ اسوأ فاصل للحرب الاهلية، لتدخل نفق الابادة الجماعية والانتهاكات المروعة، وتحوُّل الحرب الي اسلوب حياة ومصدر ثراء، وتاليا بؤرة جذب لحثالة البشر من كل فج عميق.
والحال كذلك، لحظة تكوين المليشيا، هي نفسها لحظة الخصم من الدولة ككيان ووظيفة. اي بوصف الدولة مناط الاستقرار والنظام، مناقضة للمليشيا بطابعها الفوضوي وطبيعتها الهمجية. وعليه، لم يصل الطموح بحميدتي للسيطرة علي السلطة، إلا بعد ان توسع نفوذه وتضخمت سطوته، مع بلوغ الدولة ادني مراحل انحطاطها. وما كان ذلك ليحدث لولا خضوع البلاد لقيادة من طينة البشير والبرهان اللذان لا يجيدان شيئا سوي سرد الاكاذيب والجعجعة الفارغة واللعب الغبي بالنار.
اما الجانب السيئ الآخر فمرده ان قوة المليشيا وانفساح المجال امامها للطغيان، يحمل في جوفه مخاطر بذات المستوي علي سلامة الدولة وامن المواطنين. وهو ما اثبتته هذه الحرب اللعينة بعد اندلاعها، والتي لم يُشهد لها مثيل علي مستوي الخسائر البشرية (الهدر والاستنزاف) والمعنوية (صعوبة تضميد الجراح) وتدمير البنية التحتية (احد التقديرات 200 مليار دولار).
وما يحير ان وجود المليشيا وتمدد نفوذها لا يمس كيان الدولة وامن المواطنين فحسب، ولكن قبل ذلك فهو ينتقص من هيبة وسمعة ومكانة وقدرة المؤسسة العسكرية! وهذا ناهيك عن سحبها بساط الامتيازات التاريخية من تلك المؤسسة، سواء من جهة السيطرة علي السلطة او احتكار المصالح الاقتصادية! ورغما عن كل ذلك فقد تواطأت ذات المؤسسة بالسماح لتكوينها اولا، وزيادة نفوذها ثانيا، وغض النظر عن خطورة ذلك علي الامن القومي! بل كثيرا ما انبري ما يسمي خبراء استراتيجيون وقبلهم كبيرهم البرهان للدفاع عن المليشيا والتقليل من حجم تجاوزاتها وخطورة تواجدها داخل الدولة. والسبب خضوع المؤسسة لرغبات ونزوات قادتها الانقلابيين، والذين لا يشغلهم شيئا سوي المحافظة علي سلطتهم المغتصبة ولو كان الثمن ضياع البلاد وتشريد اهلها!!
وعلي العموم هنالك تحولان حاسمان خدما المليشيا وزادا من اطماع قائدها المغامر الطموح، وهو ما انعكس وبالا علي البلاد واهلها.
التحول الاول هو استقدام البشير لهذه المليشيا من دارفور للحفاظ علي سلطته في العاصمة، قبل ان يشملها برعايته كابنه المدلل. وبعد نجاحها في قمع انتفاضة 2013م بدموية مفرطة، زاد وله البشير بها واطمئنانه لجانبها، وهو ما دفعه لمزيد من الاغداق عليها من اموال الدولة ومواردها الطبيعية (ذهب جبل عامر) والتغاضي عن انتهاكاتها (تهم الابادة) وبما في ذلك الاساءة للجيش (تسجيل مشهور لحميدتي 2014م). وساعد علي احتضان البشير لهذه المليشيا، من جهة تخوفه من غدر الاسلامويين وسيطرتهم علي الجيش، ومن جهة زيادة نفوذ وطموحات قائد جهاز الامن قوش، وهو ما جعل كل الاطراف المتصارعة والمتنافسة علي السلطة تحاول شراء رضا الغادر حميدتي. ومن جهة إحاطة البشير في تلك المرحلة بسواقط المستشارين والمساعدين من امثال طه عثمان وعبدالغفار الشريف اللذان لا تخفي ارتباطاتهم بالخارج، ومن ثمَّ تزيين وتلميع المليشيا للبشير علي حساب نفوذ وسيطرة الاسلامويين.
ويبدو والله اعلم ان جزء من بواعث حرب اليمن التي تولي كبرها محمد بن زايد عبر تحريضه لمحمد بن سلمان، هو توافر الدماء الرخيصة بعد تسليع المقاتلين عبر وكلاء المليشيا (حميدتي) والجيش (البشير، البرهان وابنعوف). وما لم يحسب حسابه هؤلاء الاوغاد، الذين لا يفتقرون للذكاء والحكمة فحسب ولكن الشهامة والرجولة الي اشتهر بها السوادنيون، ليمرغوا سمعتنا في التراب. انهم بهذا الصنيع الوضيع فتحوا الباب للامارات ليس لنهب الموارد السودانية نظير الفتات الذي تتفضل به عليهم، وانما التدخل حتي لتغيير النظام السياسي وتركيبة البلاد الاجتماعية ومن ثم اخضاعها لمشيئتهم، وهو التاثير الذي لم ينفك حتي الآن يحكم مجريات الحرب المدمرة! والحال ان اكبر ابتلاء تتعرض له امة، ان يتصف قادتها بالبلادة والتبلد ونقص المروءة، وللاسف هذا نصيبنا من القيادات التي فرضتها علينا المؤسسة العسكرية منذ الاستقلال، وما زال الحبل علي الجرار!!
والتحول الثاني هو قيام الثورة التي صادفت بلوغ نفوذ حميدتي درجة لعبه الدور الحاسم ليس في ازاحة البشير فحسب، ولكن السيطرة علي كامل البلاد منذ ذهاب البشير والي قيام الحرب، بعد تحالفه المشبوه مع البرهان، الذي ارتضي ان يلعب دور الواجهة! وهي سيطرة استغلاها نهاب الفرص حميدتي خير استغلال. ليبني وخلال ثلاث سنوات دولة موازية عمادها القوة العسكرية والقدرة الاقتصادية والعلاقات الخارجية، من دون عوائق من اي نوع، بل بتسهيلات غريبة ومريبة من البرهان! وغالبا هذه العلاقة المريبة ودور الامارات فيها، هو ما اضفي علي هذه الحرب غرائبية تحاكي الافلام الفنتازية! وعلي راس ذلك الصراع المفتعل بين الكائن السيامي المكون من الرجلين. بل من يصدق ان حرب بكل هذا الدمار والانتهاكات وشارفت علي العامين، لا يُعرف مصير اكبر راس في هذا الكائن السيامي؟ ولا طبيعة العلاقة مع الامارات؟!
المهم وكما سلف كان هنالك تناسب بين قوة المليشيا ودرجة نفوذها وسطوتها، وبين الثمن الذي دفعته البلاد وشعبها. خاصة وان المليشيا في اصل تكوينها قوي شر وتخريب ونهب وقتل، ولطالما كانت مصدر قلق لكل حادب علي الوطن وشعبه. عليه لو كان هنالك مجرد وهم ولو بنسبة 0,1% ان هكذا مليشيا شرانية يمكن ان تخدم قضية خيِّرة للبلاد واهلها، فقد اكدت هذه الحرب العدوانية وما رافقها من تخريب ممنهج وانتهاكات متعمدة، درجة ضلال هذا الوهم ومن ثمَّ خطورة عواقبه. وتجربة الجيش والاسلامويين (جهاز الامن) مع المليشيا التي وفروا لها كل شئ، ثمَّ غدرت بهم، اكبر دليل وبرهان (وكما يقول المثل من جرب المجرب حاقت به الندامة)! لذلك اي محاولة للتقرب من المليشيا، ناهيك عن التحالف معها باي صورة من الصور، بعد كل الذي حدث منها، لهو الخسران المبين. اما التبرير بالتصدي للفلول فهو اقرب للعذر الاقبح من الذنب، ليس لان المليشيا هي في الاصل اداتهم القذرة، وهي مكون شر وقذارة وبربرية اصيل، وتاليا مناقضة للحضارة ومضادة للدولة وبيئة خصبة للعمالة والارتزاق، ولكن فوق كل ذلك هي مرجعية لاصدار احكام قطعية علي كل من لا يرفضها ولا يعاديها ولا يجرم فظائعها! وإلا علي ماذا يتصدرون المنابر؟ والي ماذا يدعون اصلا؟ والحال كذلك لا يستغرب المرء لماذا يسيطر العسكر والكيزان، ويرفض كثير من الثوار هذه الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية والحركات المسلحة. وكما يقال مع هكذا طبقة سياسية مفلسة وقادة حركات مسلحة انتهازية ونشطاء مدنيين هواة، لا يحتاج العسكر الي حلفاء او مبررات للسيطرة علي الحكم الي قيام الساعة! (قال حكومة موازية قال، بل وتقدم خدمات/ بالله….، والسؤال والحال كذلك اين عائلة دقلو من كل ذلك بعد الجرائم الي اقترفوها/ جرائم حرب…؟ وما موقعهم من الحكومة المقترحة في اماكن سيطرتهم؟ ومن اين تستمد تفويضها، طالما هي بديل لحكومة الامر الواقع ببورتسودان؟ والحال كذلك، اليس في ذلك اعتراف وشرعنة لحكومة بورتسودان من حيث لا يحسبون؟!).
وصحيح ان مسألة التخلص من المليشيا ظلت هاجس يؤرق قوي الثورة والقوي السياسية عكس المكون العسكري! كما ظل الثوار يدفعون اثمان فادحة لاجرام المليشيا وفرضها كامر واقع، وهذا غير تحالفها مع كل اعداء الثورة (تحالف الموز وقوي الشر الاقليمية) لافراغ الثورة من مضمونها. ولتتوج كل ذلك بمشاركتها في الانقلاب علي حكومة الثورة. وهذا ناهيك عن حضور حميدتي المخجل في صدارة المشهد، بل وترؤسه لكل لجنة او اتفاقية او اي كان، المهم ان يكون رئيسا والسلام، وهو لا يفقه في كل ذلك شرو نقير! وهذا عندما لا يتعاطي لغة قطاع الطرق وكانه همباتي في فيافي دارفور، وصدق الاعلامي الساخر يوسف حسين وهو يمسح به البلاط (والاصح المُراح)!
وصحيح ايضا ان الاتفاق الاطاري اقلاه ظاهريا في جانب منه، كان محاولة لتجنيب البلاد شر الاصطدام بين اطراف المكون العسكري، علي ان تؤجل معضلة المليشيا لحلها في المستقبل. وهذا بالطبع اذا كان هنالك حكمة وجدية وهو ما لا يعرف لا عن الطبقة السياسية ولا المؤسسة العسكرية! خاصة وان تكوين ورعاية المليشيا من الاخطاء الكبري في حق الوطن والجرم الفادح في حق المواطنين، والتي اقترفها نظام الانقاذ بكل لا مسؤولية وقصور رؤية سياسية ليسا غريبان عليه.
ولكن باندلاع الحرب اتسع الفتق علي الراتق ودخلت البلاد في كارثة تاريخية تهدد بقاءها من قبل قوي همجية فوضوية تضليلية. وليدخل صراع السلطة ولاول مرة بين مكونين عسكريين. ترتب عليه إخراج القوي السياسية من المشهد، إلا من جهود خجولة لايقاف الحرب. وهو مطلب ليس عقلاني فحسب ولكن قبل لك انساني ووطني. ولكن المعضلة ان طرفا الحرب لا يؤمنان إلا بالقوة، ليذهب المطلب ادراج الرياح. كما ان موازين الحرب طوال الفترة الماضية كان تصب في صالح المليشيا وبصورة مريبة! وهو ما يعني ان ذهابه في ذلك الاتجاه يعني تقوية المليشيا، اي اعادة انتاج ذات الاوضاع الي قادت للحرب، ان لم يكن بصورة اسوأ! خاصة وان الغدر هو النهج الوحيد المتبع في مخططاتها ومخططات داعميها في الخارج.
المهم ليس هنالك اسوأ من الحرب وما ينتج عنها، كما لا اعتقد ان هنالك قضية عادلة او حقوق مغتصبة يمكن استردادها عبر الحرب في العصر الراهن. اي بوصف الحرب عدو للحياة والحضارة والانسانية، بل هي ما تبقي من تراث الهمجية. ولكن كل ذلك لا يمنع ان الحرب هي الظاهرة الوحيدة التي لم تتوقف منذ وجود المجتعات البشرية وصراعها من اجل السيطرة غالبا، والدفاع عن النفس بصورة اقل. وما يؤسف له ان كل جهود الحكماء والعظماء من اجل ايقافها، تمخضت فولدت شئ من التنظيم والتخفيف من آثارها. وهذا بالطبع ما يتعلق بالجيوش النظامية في الدول الديمقراطية، وليس جيوش الدكتاتوريات وبصورة اشمل المليشيات (ويا كافي البلاء نحن عالقين بين النوذجين الاخيرين).
وبما ان حربنا الراهنة هي اكثر الحروب كلفة وقذارة، وبما انها في جانب منها تتعلق ببقاء الدولة، فهذا يعني اي هزيمة واندحار للمليشيا هو في صالح الدولة والمواطنين والعكس صحيح، اي تقدم او انتصار لها فهو علي حساب بقاء الدولة وسلامة المواطنين. اي غض النظر عن الخلافات السياسية واخطاء المؤسسة العسكرية المزمنة، إلا ان الوقوف معها ودعمها هو واجب المرحلة، علي اعتبارها الجهة الوحيدة المكافئة للمليشيا عسكريا. وسواء استمرت الحرب او كان هنالك اتفاق، فمن المصلحة ان يكون الجيش في موقف القوة. لانه بكل المعايير لا يمكن المساواة بين الجيش والمليشيا، وهذا ليس من ناحية نظرية ولكن من خلال مجريات هذه الحرب نفسها، وانعكاسها علي كيان الدولة وحياة المواطنين. فانتصار المليشيا او دخولها اي بقعة يعني مباشرة انتفاء وجود الدولة وانكشاف حياة المواطنين، عكس اماكن وجود الجيش او تحريره لاي بقعة، فعندها يتوفر الحد الادني من الدولة والحماية للمواطنين.
اي الموضوع ليس موضوع سياسة او مكاسب ولكنها وقائع علي الارض، تظهر رعب المواطنين من المليشيا واحتفاءهم بالجيش. وكون سياسي او ناشط او كاتب يتغافل عن هذه الوقائع، فكيف والحال كذلك يتحدث عن دفاعه عن الوطن والمواطنين، او يتشدق بالتغيير والديمقراطية والدولة المدنية وغيرها من اللغو الذي لا يحمي مواطن او يقيل عثرة دولة، طالما هي نفسها في مهب الريح بسبب وجود وعنف وهمجية المليشيا. ومن يشكك في ذلك ماذا نسمي استهداف المليشيا لمحطات الكهرباء والسدود وميناء بشائر والمستشفيات ومواقف المواصلات والمساجد بطريقة متعمدة، ناهيك عن ما تكشف عن صناعة المخدرات وتزييف العملة في اماكن سيطرتها، ويبدو ما خفي اعظم؟!
كما ان مواجهة الكيزان والجيش علي حلبة السياسة والسلطة، هي مهمة كل قوي تتصدي للمسألة الديمقراطية والدولة المدنية من ناحية مبدئية، اي ليس عليها ان تدركها طالما موازين القوي مختلة، وانما تضع بصمتها وتترك ارث وتخط طريق للاجيال القادمة. اما مهادنة المليشيا او الاستعانة بها كما ينادي بعض السذج او اصحاب المصلحة الخاصة، فهذا يمكن ان يقال عنه كل شئ، إلا انها مساعٍ حميدة للديمقراطية او الدولة المدنية او مراعاة مصلحة الوطن والمواطنين.
واخيرا
اسوا من هذه الحرب بكل كوارثها هو عدم الاستفادة من تجربتها المريرة وتعويض كلفتها حكمة وانجازات. وهذا ما يتبدي من كل الاطراف المشاركة في الحرب او الداعمة للمتقاتلين او المنتظرة في الرصيف علي امل تنزيل الدولة الفاضلة المرتجاة. فما زالت لعنة السلطة التي لازمت البلاد من الاستقلال، بعد ان تحولت لعظمة نزاع، بدل تحولها الي رؤية موضوعية ووسيلة نهوض بالدولة وآلية لترقية حياة المواطنين. هي ما يحكم المشهد السلطوي بعد ان تردت بمتوالية هندسية مع مرور الزمن، حتي وصلنا مرحلة تنازعها بين قتلة ومجرمين (حميدتي والبرهان).
والمؤسسة العسكرية ما زالت ترتهن لقيادتها وتفرض وصايتها، رغم انها المسؤول الاول عن ما آلت اليه الاوضاع. والكيزان ما زالوا في ضلالهم القديم ولم يتعلموا درس، ان اضعاف القوي السياسية وطردها من المشهد السياسي، لا يعني خلو المشهد من المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وانما يخلق فراغ يُملأ بالقوة الحاملة للسلاح، مما يرفع كلفة الاستجابة بعد خراب مالطة.
اما حملة السلاح فكل ما يتم جنيه من مكاسب، لا يساوي عُشر ما يتم خسرانه انسانيا وماديا، كما انه يغيب اهل الكفاءة لصالح امراء الحرب وتجارها. ويكفي ان حميدتي بقوة السلاح امتلك اموال قارون ووصل لمنصب النائب الاول رسميا والمتحكم الاول عمليا، ولكن ماذا كانت النتيجة؟
اما تقدم التي احسن الظن بها، فما زالت تثبت يوما بعد يوم انها اقل قامة حتي من الشعارات التي ترفعها، ناهيك ان تلبي تطلعات المواطنين المتفاوتة ما بين التغيير الجذري ومجرد الاستقرار باي ثمن.
اما حمدوك مندوب الامارات الدائم (ما عارفين نقوليهو شنو، غايتو عليهو العوض ومنو العوض). وبالمناسبة حتي اليوم لم تكشف لنا سر محاولة اغتيالك المزعومة! او ماذا كنت تفعل في منزل البرهان بعد الانقلاب؟ فهل كنت مضرب عن الطعام كوسيلة احتجاج؟ او طالبت بالحاقك برفاقك في المعتقلات؟ ولماذا لم تعرض لنا كشف حساب باموال القومة للسودان يا زول ياشفاف؟ اذا كان هذا حال حكومة الثورة وقائدها كما يدعون، ليها حق تلحق امات طه؟! والله يجيب العواقب سليمة. ودمتم في رعايته.
اديك ليها على بلاطة ما حصل لشعب السودان هنالك طرفان واذا في عدالة يجب ان يقدموا للعدالة الدولية اذا في عدالة وبدون نقصان وتجزءة الكيزان والدعم السريع ودولة الامارات لازم الثلاث اطراف وبيجلبوا معهم اطراف اخرى اي زول وطني صادق مع نفسه صادق مع الله وجهة الاتهام هم الثلاث اطراف 1/ الكيزان وهم بالطرفين جيش ودعم 2/ الدعم السريع بكل منتسبيه وحتى الضباط الذين التحقوا به 3/ دولة الامارات ….. اذا لم يتم مسالة هذه الاطراف الثلاثة ربنا يرحم العدالة لازم نشوف عقوبات على الامارات او تاني ما في جهه تتحدث لينا عن العدالة لا امم ولا بطيخ والحمدلله نحن نتوكل على الله من ما خلقنا لا في نظام ولا دولة بتحمي نتوكل على الله ونسير وحد الله ما بينا وبين الظلم لن نقبل الظلم لا لانفسنا ولا لغيرنا
يا عابد اعلم ان الجيش هو قيادة الجيش و الدعم هو قيادة الدعم و الحزب أي حزب هو قيادة الحزب , فلماذا تحاول ان تبرأ قيادة الجيش و هم الذين أنشأوا الدعم السريع و هم الذين أعطوا حكومة قحت قوتها و اداتها التنفيذية
داير اعلق بدون ما اقرأ كلمة من المقال لانه اكيد هري بس. الملخص الاغلبية سطحيين عايشين مع فيلم توم ان جيري و هي حيثيات الحرب اليومية و انتهاكاتها المصاحبة ، و العقلاء ساعين لايقافها لان انتهاكات اول شهر ما زي انتهاكات سنتين حرب.
نعم نعم الجنجويد شر مطلق و لا ريب في ذالك. لكن كيف نصف من صنعهم و سلحهم. للاسف اللغات رغم تعددها لا تملك مفهوما اعلى من الاطلاق لنضع اولئك الصناع تحته. لعنة الله على البشير و البرهان و زمرهم
الدعم السريع لم يكن نبتا شيطانيا حملته رياخ عاصفة الى السودان ولم ينبت على سطح المياه كما السدود فى النيل الابيض.. الدعم السريع اسسه تنظيم سياسى برعاية وتدريب جيش وطنى له مبان ضخمة كمقرات شرقى الخرطوم تسمى القيادة العامة وفيها مقر هيئة الاركان وقيادات الاسلحة المختلفة.. الدعم السريع وعلى لسان عبد الفتاح البرهان الجنرال الاعلى رتبة فى الجيش اليوم وقائده العام اعلن ان الدعم السريع خرج من رحم الجيش وممارساته هى ممارسات الجيش ليس اليوم ولا الامس بل منذ بداية اول حرب اهلية فى جنوب السودان عام 1955 وانطلاق اول رصاصة فى توريت… لم يهتم السودانيون بما كان يجرى بل كانوا يدعمون ما يقوم به الجيش لا لشئ سوى ان عذابات وانين الجنوبيين لم يكن شانا يهمهم بل اطلقوا عبارة عاطلة تعبر عن امنياتهم بالقضاء المبرم على مواطنى الجنوب وهم يقولون ( كان يخلو حسن بشير يحرقهم) والجيش يمارس وحشيته فى مواطنى الجنوب.. كانوا ينامون ويستيقظون هانئى البال فالامر كان بعيدا عن اعينهم… اما دارفور فابناء دارفور وكردفان هم عماد افراد القوات المسلحة كانت حكاويهم بعد عودتهم من الجنوب تفطر القلوب يروون عن قرى كاملة احرقوها بمن فيها واغتصبوا من كان فيها وابادوا بقرها وشجرها.. اما الفادة واغلبهم من الشمال فلم يكونوا باقل باسا فى وحشية الجيش فى الجنوب يبيدون اى شئ متحرك البشر والبشر حتى تماسيح النيل كانت اهدافا لهم جلبوا معهم اى شئ من الجنوب وكان بمنزل اى ضابط صبى او اثنان من الجنوبيين يعملون كخدم ولمزيد من الاستهبال كانوا يقولون عليهم اولاد البيت او بنات البيت..الخرطوم الحاكمة كانت غارقة فى احلامها البعيدة التى تروى معاناة الجنوبيين على يدى جيشه الباسل.. لم تمر ايام حتى دارت الدائرة على دارفور ففى غضون اشهر احرقت ما يزيد على اربعة الاف قرية نهبت كل المواشى وتعطلت التجارة وتوقفت حركة الناس تحولت معها دارفور الى سجن كبير ومضت الحركة الاسلاموية الحاكمة الى ابعد مدى فى استعداء فاضح لبعض المكونات القبلية فقد كان تمرد داؤود بولاد وبالا على قبيلة الفور مثلا فقد تم تصنيفها بانها قبيلة المتمرد وجندوا لدحرها المجموعات العربية وفتجوا لها خزائن المال والسلاح واسبغوا عليها الحماية من الملاحقة القانونية حتى ان الخليع المخلوع الراقص قال على رؤوس الاشهاد فى اكتوبر 2002م انه وجه قائد القيادة الغربية اللواء ابراهيم او الطاهر ابراهيم انه قد اصدر له التعليمات برفع التمام له وانه ( لا يريد اسيرا ولا جريحا ولا شجرا ولا بقرا عاوز دارفور فاضية) امام ثلة من نواب المجلس الوطنى اجتمعوا ذات عشية من اكتوبر بالقيادة العامة.وصدرت توجيهات من الحكومة بعدم توظيف ابناء الفور والزعاوة والمساليت فى منظمات الاغاثة وعدم تمكينهم من العمل فى منظامت اجنبية ,, لم تلق الخرطوم الحاكمة اذنا صاغية ولم تابه لما كام يجرى فى دارفور وتناست قول الله ان الايام دول بين الناس ..فاذا بالخرطوم وهى تتاهب لعيد الفطر المبارك ترى القذائف والطائرات والمدافع يصم ازيزها الاذان فهى لم تالفه عن قرب بل كانت تسمعه من بعيد فى اقاصى الارجاء بعضه فى دارفور والاخر فى الجنوب او جبال التوبة وتلك نواح لا يرونها الا فى خرائط حصص الجغرافيا والاطالس المدرسية.. اليوم الخرطوم صارت اكبر مصدر للاجئين والنازحين والفارين وكانوا من قبل يريدون اعادة النازحين الى اقاليمهم او يطلقون العبارات الاكثر مرارة فى البلد الواحد على لسان حسن مكى ان الخرطوم صارت محاصرة ( بالحزام الاسود) اللهم لا شماتة كانت الخرطوم تطلق على سكان الحزيرة ( باهل العوض),, الجنجويد شر شيطانى ولكنه ليس نسيج نفسه فقد اسسته الخرطوم الحاكمة ورعته ذات الخرطوم وجيشنا هو من دربه وحكومتنا هى من سلحته وهى ذاتها من حددت له الاهداف المراد تحقيقها… اذن فاننا نحصد مازرعنا وعلى قول المثل الفرنسى من يزرع الرياح يحصد العاصفة (qui seme le vent recolte la Tempete) … لنتقدم خطوة وندع التلاوم فبلادنا ماضية الى سحيق الهاوية وما من منقذ الا العمل الجاد لوقف هذه الحرب اللعينة فكل طرف يزعم انه على حق وكلاهما بستهدف المواطن وبنيته التحتية بل بقاء الوطن بات مهددا,,,, ان الرصاصة تقتل وقتما انطلقت بغض النظر عن مطلقها
بارك الله فيك، و الله هذا من أفضل التعليقات التى قرأتها فى الراكوبة و التى تلخص الواقع الذى عشناه و ماذلنا نعيشه.
اللهم أرنا الحق حق و أرزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطل و أرزقنا إجتنابه.
اللهم أرزقنا قول الحق و لو على أنفسنا أو الوالدين.
نعوذ بالله من النفاق و إذدواجية المعايير.
الكيزان هم الشر المطلق
لله درك!!! مقال يستحق جائزة. كفى ووفى وشرح وأسهب ووضع النقاط التوضيحية على كل الحروف. أتمنى أن يقرأ ويتعلم من هذا المقال قوادين الإعلام الصحفي ومرتزقة الأقلام المأجورة وفقراء التربية الوطنية أمثال مرتضى الغالي والنور حمد وعمر القراي ورشا عوض.
كلامك الاخير (( …..اما حمدوك مندوب الامارات الدائم “ما عارفين نقوليهو شنو، غايتو عليهو العوض ومنو العوض”……))
خلي دكتور حمدوك ، أنا ما عارف انت ذاتك حا تقول لينا شنو بشأن إهدارك لوقتنا في قراءة هذه الهراء ؟؟
ويا كاتب المقال ماذا عن الطرف الثاني من حرب الابادة تلك التي يسمونها ب(المحاضن الإجتماعية للدعم السريع) ؟
هناك في السودان شعوب أخرى يتم حرقها يوماً بالبراميل المتفجرة وقصف الطائرات فماذا عنهم ؟
كن عادلاً فلا تحدثنا عن جرائم الجنجويد وتتغافل عن جرائم مليشيات الكيزان التي تسميها جيشاً.
لا شرعية لهذه القوات المشلخة ولا مشروعية لها طالما أن كل قيادتها وأصحاب النهي والأمر فيها هي الحركة المسيليمية.
أما لعابد الصنم فأقول أن مسؤولية هذه الحرب وكل الحروب التي عادت على السودان منذ العام ١٩٨٣ كانت من تحت رأس هذه الجماعة القذرة التي فكرت وحدة الجبهة الداخلية السودانية عن طريق التمكين لنفسها بوسيلة فرق تسد.
أقول أن وحدة الجبهة الداخلية هي العامل الأساسي فلا تلومن الخارج إن لم تستطع تحمي داخلك.
فال المستهبل : للاسف منذ لحظة تكوين هذه المليشيا البربرية، بغرض اداء المهام القذرة التي يستنكف الجيش رغم ما اصابه من ادلجة عن اداءها.
تعليق : الحيش لم يستنكف او يخجل و انما عجز عن القيام بتلك الأعمال نظرا لخطورتها و بالمناسبة حتى اكثر زعماء العصابات اجراما لا ينفذ الجرائم بنفسه و انما يعطي أوامر و هنا الجيش هو الذي أعطى أوامر حسب كلامك أيها الغبي
استاذ عبدالله مكاوى من أسلوب كتابتك بدى لى انك شقيق عاطف مكاوى واننى اتفق معك فى طرحك الهادف الذى مس جراح الوطن بكل شفافية واختلف معك فى الجزئية المتعلقة بالدكتور عبدالله حمدوك فانك لم تتعرض لانجازاته ففى فترة وجيزة فعل ما عجز عن فعله المخلوع طوال ثلاثون عاما وان كان هناك خلل كبير فى حكومته فإنه ناجم عن ضعف الوثيقة الدستوريه التى لم تمنحه كامل الصلاحيات بل سلمت البلاد للعسكر فكان البرهان حميدتى بدلا عن المخلوع وكأنك يا أبوزيد ما غذيت فجند البرهان وكيزانه كلابهم لتضع العراقيل امام الحكومة بقصد افشالها لان نجاح حكومة حمدوك يعنى دق اخر مسمار فى نعش الكيزان ومن هنا حركوا كلابهم فكان كبيرهم الذى علمهم السحر المدعو ترك ثم جماعة الموز ونبيل أديب وكل الكوارث التى لا تحصى ولا تعد وقياسا فترة حكم حمدوك بانجازاته فاننى اقولها داوية لو وجد حمدوك وثيقة دستوريه قوية ومجلس تشريعى وصلاحيات تمكنه من تعيين قادة الاجهزة الامنية والتوصيه بعزلهم لكان السودان الان قد شق طريقه بكل ثبات
أن كنت تبحث عن الشر المطلق , فأبحث عن صانعه !!
وقد تظن أن من صنعه الجيش او التنظيم , الا أن الامر يمتد لثقافتك و ممارساتك الحياتية التى صنعتهم جميعا , تطلع الى المرآة بعيون أخرى لترى صورتك البهية كما لم تراها من قبل.
أن ما يحدث الان هو فاتورة الدماء و الفساد المتعاقب و الزيف و السحت و المداورة و المداهنة الى اخره ..
استغفر الله لنفسى واعوذ به من غضبه أو أكن من الظالمين.