الشيطان ولا الكيزان

تأمُلات
كمال الهِدَي
. إن خيروني بين الإطمئنان للشيطان أو الكيزان فسوف أختار الأول بكل تأكيد.
. فالشيطان معلوم ، وقد علمنا ديننا كيفية تجنب شروره ومحاولات تنكره، أما الكوز فهو كائن خطير، خسيس، خبيث، قاتل، مجرم، لص، عميل، خائن، وكاره للوطن وأهله، متلون ومخادع يصعب التعامل معه، ولا يأمن شروره إلا من متعهم الله بعقول راجحة تماماً وأصحاب المواقف الراسخة رسوخ الجبال.
. لكن ما تقدم ليس مبرراً لدعم ومساندة ما يجري في نيروبي.
. وليخجل من نفسه كل مثقف كان داعماً للثورة على موقف مساندة الجنجويد تحت أي مبرر أو حجة واهية.
. لا لأي سبب غير أن الجنجويد صنيعة الكيزان الذين إستعدوا الشعب السوداني وقتلوه وشردوه ونهبوا ثرواته فثار ضدهم وأوشك أن يرمي بهم في مزابل التاريخ لولاء أخطاء وتقاعس وخذلان بعض من تولوا أمر ثورة الشباب بعد إنطلاق شراراتها الأولى.
. وطالما أن الجنجويد صناعة كيزانية خالص وتمكين برهاني كامل الدسم، وبما أنهم شاركوا كيزانهم جميع الجرائم التي أُرتكبت في حق جميع السودانيين بمختلف أعراقهم وألوانهم ومناطقهم طوال العقود الماضية، فلا يستقيم عقلاً أن يصطف أي ثائر حقيقي مع أي من الطرفين (الكيزان والجنجويد).
. لا يستقيم عقلاً أن يهتف ثائر في تلك القاعة بنيروبي بشعار الثورة (حرية سلام وعدالة) في الوقت الذي يفتك فيه جنود من يهتف وسطهم بأهلنا في القطينة وغيرها، هذا موقف مخجل لو يدركون.
. وهل غسل الجنجويد أيديهم من جرائمهم السابقة والحالية وأقروا بها وأعتذروا عنها وقدموا مرتكبيها للمحاكمات حتى تحاول إقناعنا يا مثقف وثوري غير كامل الدسم بأن هذا هو الموقف الصحيح! .
. منطق أن الحكم على الميثاق والحكومة الموازية يحتاج بعض الوقت حتى نرى ما هو برنامجهم وكيف سيتصرفون منطق بائس في نظري ومجرد محاولة لإقناع النفس بموقف غير سليم.
. فقد جربنا مثل هذه المواقف البائسة، والإنتظار غير المبرر كثيراً ولم نجن سوى الخراب.
. فالكيزان أنفسهم عندما انقلبوا على السلطة في ٨٩ بدأ الكثيرون جدلاً عقيماً حول ماهية الإنقلابيين وما سوف يطرحونه من برامج متجاهلين المؤشرات الواضحة التي أكدت منذ الوهلة الأولى أن الإنقلابيين لابد أن يكونوا طغاة متجبرين سيقودون البلاد وأهلها للهلاك.
. وبعد أن تكشفت الأمور واقتنع بعضنا بأنهم كذلك كانوا قد بدأوا يتمكنون من السلطة.
. وعندما إنقلب البرهان على حكومة ثورة ديسمبر أعِدنا نفس الخطأ، وبدلاً من اتخاذ موقف سريع وحاسم ظللنا نمني الأنفس بكلام ساذج عن أن العالم لن يقبل بالإنقلابات بعد اليوم، وأن اللجنة الرباعية أم الثلاثية لا أذكر قالت كذا وكذا، وكأن العالم مدينة فاضلة معنية برفاهية من يعيشون فيها من الضعفاء الذين ينتظرون الحلول من الآخرين.
. الكلام الذي سمعناه من الحلو وعبارة “لا يهم من يحكم السودان، بل كيف يُحكم” سمعناها أيضاً كثيراً حتى صارت أسطوانة مشروخة.
. فجبريل ومناوي وأردول وهجو وكل الأرزقية الذي شكلوا حاضنة للبرهان بعد إنقلابه كانوا يرددون مثل هذه العبارات وغيرها من الشعارات الجاذبة من “دعم الهامش” وخلافها.
. وما أن وجدوا طريقهم للسلطة رأينا كيف أنهم زادوا أهل الهامش تهميشاً وفقراً، ونهبوا مع سادتهم كل موارد البلد.
. فما الذي يضمن لك يا مثقف أن يكون الحلو صادقاً فيما يردده الآن بعد أن رفض في السابق كافة دعوات الحوار حتى مع رئيس وزراء حكومة الثورة! .
. الشتائم والسباب والسخرية من بعض الشخصيات التافهة ممن توجهوا لنيروبي مثل سندالة وغيره أيضاً ليس موقفاً جاداً، ولا مخرجاً من المأساة العظيمة التي نعيشها.
. فقبل أن تسب وتسخر عليك يا مواطن أن تكون جاداً ومسئولاً ولو لمرة واحدة في هذا الظرف العصيب وتعاتب نفسك، لأن كل رويبضة صار شخصية معروفة بسببك أنت وبفعل (الكوبي بيست) الذي صار عادة لغالبية السودانيين مستنيرين ومتوسطي تعليم.
. كل يعيد نشر ما يقع عليه بصره دون تأنٍ أو تفكير في العواقب.
. صحيح أن جهاز أمن الكيزان وظف بعض ضعاف النفوس من الإعلاميين والمطربين والناشطين والحربويات من الكتاب وإداريي الأندية لإلهاء الناس، لكن كان من الممكن إفشال هذا المخطط الخبيث لو تمتعنا بالوعي الكافي والتريث.
. لكن المؤسف أننا ساعدناهم بأكثر مما كانوا يتوقعون.
. إذاً أي مجرم شارك في تأجيج النيران بالإصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك وبذر بذور الفرقة والشتات بين السودانيين ساهمت أنت نفسك كمواطن بقدر كبير في صناعته فلا نلومن إلا أنفسنا، وعلينا أن نقر بهواننا وضعف حيلتنا وسذاجتنا وجرينا المستمر وراء (الشمار) بجهالة نُحسد عليها.
. الوطن يمر بمنعطف بالغ الخطورة ونحن كما نحن محلنا سر نكتفي بالسخرية والتندر في غير محله، ونبدو مثل (جُهال) لا يدركون حجم الأهوال التي تسبب لنا فيها الكيزان وجنجويدهم لنزيد نحن الطين بِلة بغفلاتنا المستمرة وتبسيطنا للأمور.
. الوجع بلغ حداً لا يطاق علي وطن يتسرب من بين أيدينا بهذه البساطة.
. عندما بات الجنوب على بعد خطوات من الإنفصال أحسست بألم شديد وتوقعت أن نتحرك كشعب لمواجهة الحملات (التطفيشية) التي قادها الكيزان في الأشهر التي سبقت الإستفتاء، لكننا للأسف لم نحرك ساكناً.
. والآن ها نحن نقف على أعتاب إنفصال جديد ستعقبه أغلب الظن إنفصالات أخرى ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى إستفادتنا من أخطاء الأمس، بل يتضح جلياً أننا سنعيد ذات الأخطاء ببلادة لم أجد لها مثيلاً، وبالرغم من ذلك لا يمل بعضنا من ترديد عبارات من شاكلة “ثورتنا ثورة وعي”.
. والواقع أنني لم أسمع طوال عمري بشعب واعٍ يقبل بتفكيك بلده دون أن يتخذ فعلاً جاداً لمنع ذلك.
. قال المجتمعون في نيروبي الكثير عن وحدة السودان بالرغم من وفرة المؤشرات التي تؤكد غير ذلك، وعموماً أمام هذا الخنوع والضعف الشعبي واللا مبالاة العجيبة ليس أمامنا غير أن نقول “ربنا يكضب الشينة”.
. وما دام الشعب فاقد للحيلة إلى هذه الدرجة ستتقزم طموحاتنا كثيراً ليصبح خلافنا معهم حول هذه الوحدة، فإن أصروا عليها وقلبوا كل المؤشرات وخذلونا في توقعاتنا سنحمد المولى عز وجل على ذلك، وبعدها يكون لكل حادث حديث، أما الجدية والسعي المسئول لوقف الحرب عند هذا الحد فيبدو أنه أصبح من المستحيلات أمام الإصرار على مواقفنا السلبية وجهلنا بالعواقب الوخيمة.
من بداية انقلاب الدعم السريع وفشله قلنا في نهاية سوف يكون الدعم السريع عبارة عن عبدالواحد و الحلو في جزء من السودان لكن لو في جيش محترف و مهني بعد هزيمة الدعم السريع سوف يختفي كل زعماء القبائل المسلحة و العملاء و المرتزقة لذلك هذه حرب نعمة كبيرة اكبر من ثلاثة ثورات و الأربعة انقلابات و لأ نامت أعين الجبناء يعتبرون الدعم السريع بشر.
ان الذين لا يستذكرون الماضى محتوم عليهم تكراره اى من لا يتعلم من التاريخ سيظل يرتكب نفس الاخطاء.. لعلنا نتذكر انه فى العام 2016م تم تنظيم استفتاء بموجب وثيقة الدوحة للسلام الموقعة بين الدكتور التجانى سيسى وحكومة الانقاذ على تنظيم استفتاء يقرر معه مواطنو دارفور البقاء اقليما واحدا او ولايات بوضعها الحالى..وكانت النتيجة البقاء بوضعها الحالى وبالرغم من اليقين التام فى ان ما صاحب الاستفتاء من سوء اجراءات وتنظيم ولكن النتيجة كانت كما اسلفت واذا كان الحال كذلك فانه سيكون اقوى بعد ما صاحب الحرب من بشاعات الجنجويد هل لك ان تتخيل اناسا على سيارات الدفع الرباعى او المواتر او سيرا على الاقدام يطلقون النار بجنون على معسكر نازحين يصيبون اطفالا وشيوخا ونساء.. يدمرون ابار المياه … يحطمون مرافق الاتصالات ويخربون مكتبات الجامعات وادوات المعامل ينهبون البنوك ويسرقون كل شئ ما علاقة كل هذا بالكيزان وهل يمكن ان يقف المرء محايدا حيال ما يحدث دون استنكار ما يحدث وشجبه باشد العبارات… وما علاقة هذا بدولة 56 المفترى عليها…اتفق معك ان هؤلاء هم صنيعة الكيزان فهم من دربهم وعلمهم السحر ولكن كل يؤخذ بجريرته.. ولا مجال للوقوف على الحياد فالبلد الذى يدمر هو السودان .. لم يعد الكيزان مخيفين وسيقتلعهم الشعب وقتما شاء ولكن الهوة بين مكونات شعب السودان يصعب ردمها فالوجدان يتمزق كل يوم والاحزان تتعمق كل لحظة وينفلت عقال العنف والثار والبلاد تنزلق نحو القاع قلن يبق الا الركام والخراب… يقول مارتين لوثر كينج ان اسوأهم مستقرا فى جهنم الواقفون على الحياد بين الخير والشر
المليشيا لا تمثل دارفور بالتأكيد … لكن اهل دارفور لو اردوا الانفصال لا مانع عند بقية الاقاليم … ثمة مشاكل مزمنة تقتضي انفصال او حكم يسمح لاهل دارفور بحكم اقليمهم دون المشاركة في حكم الاقاليم الاخرى … ليجلس اهل الاختصاص لايجاد معادلة تخرج اهل دارفور بطريقة ودية من بقية السودان مع الاحتفاظ لهم بالاستفادة من منافع مشتركة بعد دفع رسوم تشغيلها مثل ( المطار الدولي الموانيء الجامعات القومية لفترة مثلا عشرين سنه ……. الامر متروك لاهل الاختصاص …….