مقالات وآراء

السودانيون لا توحدهم حكومتان

نحو بلاد واحدة وسودان جديد بعيداً عن ضفاف الجغرافيا والاثنية

ياسر عرمان

كان الأسبوع المنصرم أسبوعاً لصراع الحكومتين الموازية والأخرى المحازية للبحر والنهر، ان الخصوم عند الله يجتمعون ولكن من المؤكد ان الحكومتين لن يستطيعا جمع الشعب السوداني حولهما فهما يقفان على ضفاف محدوديات الجغرافيا والإثنية التي تعمق الخلافات ولا ترتقي إلى ما يجمع السودانيات والسودانيين بعيداً عن التحيزات والانتماءات المحدودة فهي حفر للخنادق وتدمير لجسور الألفة الوطنية وشرخ للوجدان المشترك ولا تحي وتعزز روابط الوطنية السودانية، ان الوقوف في وجه الذاكرة المثقوبة التي تبني على ما يفرق ولا تبني على ما يجمع مهما استخدمت من خطاب منمق واجب الساعة.
الحكومتان كليهما لا يمتلك ثوب يغطي جسد السودان باكمله، فثوبهم محدود وجزئي في وقت تصاعد فيه خطاب الكراهية والإثنية وممارسات الدواعش التي يرعاها الإسلاميين وهم يعمقون جراحات قديمة وجديدة قائمة على أعمدة العنصرية والتمييز والاضطهاد القومي، ان تجربة الإسلام السياسي صاحبة العبء الأكبر والمسؤولية الرئيسية في الدرك الذي وصلنا اليه.
الإسلاميون دفعوا نحو انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ للقضاء على ثورة ديسمبر مستخدمين القوات النظامية التي تعاني أصلاً من تعددية الجيوش، وعمق الانقلاب التناقضات داخل القوات النظامية فاندفعوا مرة أخرى نحو حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣ للإيجابة على اشكاليات تعددية الجيوش، فهم من مأزق الثورة لمأزق الانقلاب ومن مأزق الانقلاب لمأزق الحرب، ومن مأزق الحرب سيتجهون لتقسيم وتمزيق السودان، وكنا نقول ذلك قبل حدوث الانقلاب، والحركة الإسلامية اليوم أفلس من (فأر المسيد).
الحكومتان مرحلة من مراحل الحرب واكتناز النفوذ والسلطة والقوة، وهي مرحلة مفتوحة نحو مساومة بين الحكومتين تتمحور حول اقتسام السلطة سيما ان الطرفين يعانيان من إرهاق الحرب، والخيار الأخر هو النموذج الليبي واليمني والصومالي بينما السودان أكثر تعقيداً من كل تلك البلدان.
ان قوانين الحرب ستفعل فعلها وما يدور في أرض المعارك سينتقل لأرض السياسة، فالجيش والإسلاميين هدفهم الرئيسي العودة لمركز السلطة في الخرطوم وعندها ترجع حليمة لعاداتها القديمة بإعلان من هم خارج الخرطوم متمردين، وحرب اليوم ليست كحرب الأمس وعصر المسيرات ليس كعصر الكلاشنكوف والحرب اليوم ذات احداثيات داخلية وخارجية معقدة تدور في مسرح الاقتصاد السياسي والموارد والجيبوليتكس وذات امتدادات اقليمية ودولية، وأساطين المكر من الإسلاميين ذوي امتدادات عند طرفي الحرب وهم يسعون للاستثمار في التناقضات الاثنية والجهوية حتى لا يصل السودان لمشروع وطني جديد.
ان مشروع السودان الجديد هو آلية للتغيير، ويسعى القوميون المستندين على محدودات الجغرافيا والإثنية لتحويله لآلية لتقسيم السودان لا كما اراد له مؤسسه دكتور جون قرنق دي مابيور لجمع السودانيين فوق حواجز الاثنية والجغرافيا وعلى اساس المواطنة بلا تمييز.
ان قضية المركز والهامش لا تقف عند حدود قسمة السلطة في لعبة دائرية للنخب بل تأخذ في صلب طرحها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحرير النساء وقضايا الشباب والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب ومراعاة حقوق الإنسان لمن هم في الهامش أو المركز وعدم تبديل الضحايا بضحايا جدد مع تغيير قبائلهم ومناطقهم وهي قضية ابعد من قضية اقتسام السلطة التي تشغل الحيز الرئيسي في امتداد بصر البندقية والتي يحركها النخب للوصول لكراسي الحكم وترك المهمشين والجماهير في العراء بعيداً عن السلطة، وقد فشلت أهم تجارب العمل المسلح في اكثر تجاربها اشراقاً وعند قادتها الكبار في بلدان عديدة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية واسيا والعالم العربي، فشلت في معالجة قضيتي العدالة الاجتماعية والديمقراطية، فالجماهير لا تأكل شعارات بل تحتاج للخبز والمياه النظيفة والصحة والتعليم وحرية الحديث.
بلادنا اليوم تبحث عن السلام قبل البحث عن الحكومات ومنذ انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ لا توجد شرعية مستندة على الشعب ورغبة الجماهير والثورة، انما توجد حكومة امر واقع في بورتسودان لا تمثل كل السودان والدعوة لحكومة جديدة ايضاً لن تمثل كل السودان ولا تؤدي لاستعادة الشرعية، فالشرعية لن تتحقق عبر الحرب والصحيح ان الحركة الإسلامية ومن شايعها هم من يقف خلف هذه الحرب ويرفضون الجلوس في كافة المنابر، وهم يدركون جيداً ان الانتصار العسكري المطلق غير ممكن، وعلى القوى الرافضة للحرب والتي تسعى للسلام ان لا تغادر مواقعها في الجبهة المعادية للحرب وان لا تنحاز لاي طرف من اطرافها وان تنحاز لرغبة الشعب في السلام وتعمل على تعبئة المجتمع الاقليمي والدولي بخطاب مبين يكشف دواعش الحرب ويعمل على تصنيف الحركة الإسلامية السودانية كحركة ارهابية، نحن نحتاج لحوار يتجه صوب مشروع وطني جديد أبعد من عنصرية الإسلاميين ومحدوديات الخطاب الإثني والجغرافي الذي يفرق ولا يوحد ولا يصب في مصلحة قوى التغيير، ان ما يحدث الآن سيزيد أوار الحرب ويطيل أمدها ولا ينفتح على طريق السلام ويعمق التحيزات ويزيد من الشقاق الوطني.
اخيراً ان الثورة السودانية حالت عوامل كثيرة في تأجيل انتصارها وقد تميزت بالمثابرة والمشاركة الجماهيرية في المدن ومقاومة الريف ولكي تكمل طريقها في إقامة نظام جديد وتحقق انتصار حاسم يأسس الدولة ويكمل الثورة فان وحدة قوها في الريف والمدن شرط رئيسي لا يتحقق على نسق إلى اي حكومة ننتمي بل على نسق إلى أي برنامج للتغيير والثورة ننتمي، ان الثورة السودانية واخر مراحلها ثورة ديسمبر أعمق من ان تحققها حكومتان او ثلاث او رباع تفصلهم الجغرافيا والتحيزات الاثنية، ان مظلة الثورة تظلل كل السودان وثوبها يغطي السودانيين جميعاً، والحفاظ على وحدة السودان وسيادته واستقلالية قرار قوى الثورة قضية استراتيجية لا تقبل المقايضة.

٢١ فبراير ٢٠٢٥

‫9 تعليقات

  1. حتى ما تضربه من امثالك ضد الوطن والمواطن السوداني و واحتقار ثقافته وتراثه واعرافه وتقاليده وارثة الحضارى. تقول فقر فأر المسيد يا ياسر عرمان لتدلل على ا للمسيد فقير وجعان وهملان. هكذا تحتقر المسيد طبعآ لا علم لك بأن المسيد فى السودان كان ولا يزال المؤسسة التعلمية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية التى يأتى اليها ما تسميهم انت المهمشين وفقراء الريف الجهلاء ويمكثوا فيه لسنوات ياكلون ويشربون ويتعلمون ويعالجون بالمجان تماما فى منظومة متكاملة لا مثيل لها على كوكب الأرض. وقد خرجت هذه المؤسسة الفريدة الملايين من الذين لولا المسيد لما وجدوا طريقا للتعليم ومن هؤلاء مئات الالاف من ارتقى فى مراقى التعليم ووصلوا الى اعلى مراتبه ومنهم من ساد واصبح شريكا فى صناعة الحياة بمكوناتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتقانية والثقافية على مستوى الكوكب واصبحوا شركاء كتف بكتف من تفقوا عليهم بالمال، كل ذلك بفضل المسيد يا ياسر عرمان. بنيات المسيد وموارده المالية والتعليمية والان التقانية كلها من المجتمع قاطبة ابتداءا من المجتمع الاهلى وصولا إلى مجتمع الأعمال والمال فى أنبل وابهى صورة للتكافل واداء المسؤلية المجتمعية. بهذه الموارد وبهذه المهام التعليمية الثقافية الاجتماعية النبيلة وغيرها من الخدمات الاجتماعية ساهم المسيد،الذى تحتقره يا ياسر عرمان، فى التنمية البشرية والاجتماعية والسياسية والثقافية مساهمة فاعلة واحيانا حاسمة لاكثر من ألف وأربعمائة عام متصلة. المسيد يا ياسر عرمان هو مسيد ود بدر وخلاوى الشيخ الجعلى وخلاوى همشكوريب وخلاوى الشيخ البرعي وخلاوى ود الفادنى والبرهانية والسمانية والعركيين والشيخ الياقوت والختمية ومسيد السيد على وو ابوصالح وغيرها من هذه الموسسات بل المنظمات وبعضها أصبح منظمات عالمية اى مسيد علمى يفداك اليه طلاب العلم من أنحاء العالم وبعضها له فروع فى بعض دول العالم. هذه مجرد لمحة من المسيد السوداني الذى تحتقره يا ياسر عرمان وتضرب المثل بفقر فأره. فكل الشعارات التى ترفعها بقصد الفتنة و التفرقة
    ومنها المواطنة المتساوية المهمشين فقراء الريف
    قوى الهامش وغيرها هى مشكلات لا يخلو منها مجتمع
    ولكن فى المجتمع السوداني تصدى المسيد لهذه المشكلات واصاب النجاح الباهر فى معالجتها علاجا مؤسسيا متصلا ومستمرا . فإن كنت صادقا ، ولم ولن تكون، كان يبغى عليك تغريظ وتشجيع المسيد بدلا من االسخرية منه احنقاره بابتساره فى فأر فقير .لشعارات التى واحد من أهم اسباب خللك وانحرافك لنفسي يا ياسر عرمان هو الجهل فلم تدخل أبدا مدخلا فكريا علميا معرفيا عقلانيا منطقيا و مدنيا لما تتصدى له من قضايا ومشكلات وصراعات ،وبدلا عن ذالك فمدخلك الوحيد هو مدخل الثأر والإثارة الخالى تماما من الفكر والمعرفة والكتاب والفضى للكراهية والفتتة والحروب والموت والدمار. ختاما انصحك يا ياسر عرمان بأن تقرأ بعض السطور من مكتبة المسيد، وهى مكتبة عالمية ثرة وغنية ومبزولة فى الانترنت ،وذلك لتعلم أن المسيد ليس مجرد فأر فقير كما وصفته . كما اهمس فى اذن العلماء والكتاب عن المسيد بأن ينشروا أو يعيدوا ما نشروا عن المسيد تعميما للفائدة من جانب ،و دفاعا عن هذه المؤسسة التعلمية الاجتماعية التنموية الرائدة.

    1. لماذا يخاف عصبجية الكيزان الارهابيين المخانيث من الاستاذ ياسر عرمان كل هذا الخوف وتمسكهم ام هلا هلا ويصابوا بالانهيار العصبي الشديد؟؟

    2. صدق من قال الفهم قسم .. المناضل ياسر عرمان لم يستهزأ بالمسيد كما فهمت .. فقط شبه فقر فكر الحركة الأسلامية بفأر المسيد .. وهو مثل شائع عندنا فى السودان وارض الحجاز ويطلق عليه هناك بفأر المسجد .. يضرب المثل فى حال المبالغة فى العدم والفقر لأن فأر المسيد لا يجد شىء يأكله على عكس فأر البيت !!

  2. منو القال ليك ياعرمان نحن عاوزين بلد واحد يلمنا تاني مع دارفور وجبال النوبه وهؤلاء العنصرييين الحاقدين؟البلد اتغيرت كتير بعد الحرب دي وتاني مابنرجع لوراء ونرجع لنفس الناس الدمرونا.كفرنا بالوحده مع دار تمباك .واصلا هي انفصلت في وجداننا بعد هذه الحرب.مع السلامه دارفور.خذو جنجويدكم وحركاتكم المسلحه والحلو واردول واغربو عن وجوهنا فنحن قد حسمنا أمرنا تماما

  3. الأستاذ ياسر عرمان
    لك هذا الخطاب نفسه الذي اقترحته على الأستاذة رشا عوض.
    سلام وتحية أستاذ ياسر عرمان
    انتم في تقدم أكثر الكتل تنظيما في الساحة وكسبتم استنارة اكثر حول المطلوبات الإقليمية والدولية. وعليه أتقدم لكم بهذا الاقتراح :
    وهو الانحراف باحتمال التقسيم الى الوجهة الأخرى وهي وجهة إقامة دولة فيدرالية بدل التقسيم. أقول تقدم لان الانقسام الذي تم وافرز صمود سيلتحم مرة أخرى. وتعود تقدم وتكون الكتلة اقوى للترويج
    للفيدرالية.
    تعرفون طريقكم للام المتحدة. ولكم حلفاء لكن اشراكهم يحتاج صلادة. وأقول اسفا، هي صلادة لم يعهدها انبطاحكم المشين في ادائكم السياسي. اعتقد ان ابداء قوة، عند اللزوم وبمعقولية تتطلبها تعقيدات الداخل التي انتم ادرى بها من حلفائكم؛ ابداء هذه القوة مع الحلفاء يثمر اكثر من التسليم.
    اعتقد وانتم ادرى؛ غالبا مصر تشجع وتفضل الفيدرالية على التقسيم. ولكم الاستنصار بدول افريقية أخرى مثل جنوب افريقيا وغيرها.
    يعني انتم فقط بوسعكم فعل شيء. لأن القرار أصلا يأتي فوقيا وانتم على تفاهم مع القوى الخارجية التي تفرض التقسيم فوقيا.
    ولك تحياتي أستاذ ياسر عرما ن

  4. .غشيتونا بثورة ديسمبر يا ياسر سجمان، لكن الله سبحانه وتعالي كشف أمركم يا قحاتة يا عملاء اولاد زايد، وعدوكم بالسلطة مقابل الذهب قبح الله وجهكم.

  5. عرمان هو الذى حرض حميرتى للاستيلاء على السلطه بالقوه .عرمان سفاح وعميل وسمسار حروب فهو يأكل ويشرب ويسكن من أموال العماله التى يقبضها . وماقاله عنه الجنجويدى الفاضل ومنهاتن لجنه ازاله التمكين المقدم عبدالله سلمان دليل بانه مرتزق ويإكل على كل موائد العماله ومن أكاذيب عرمان الجنجويدى يتحدث عن الديمقراطيه وهو الذي حارب الديمقراطيه الثالثه بقياده الصادق المهدى عليه رحمه الله

  6. الواحد كان بتوقع ياسر عرمان في كينيا وليس برمة ناصر غريبة طبعا تخلف عرمان عن الحضور والتوقيع ياربي الحاصل شنو وشنو الشديد القوي الذي منو من الحضور وهو كان نائن حميدتي والمستشار مش كان يمكن بحكم الاقدامية يبقي الرئيس للحكومة الموازية يعني حظ كعب بي الحيل ولا يلقي شئ في الجنوب الذي ناضل من اجلو عمروا كلو طلع بي قد القفه ولايلقي شئ من حميدتي لالالا دا كتير خلاس ههههه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..