اعلان حكومة موازية

ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل
ماذا يعني إعلان تشكيل حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات الدعم السريع” بالسودان في المقام الاولد يُعتبر هذا الفعل خطوة سياسية معقدة تحمل أبعاداً متعددة ، سواء على الصعيد الداخلي او الاقليمي او الدولي فإذا حوالنا ننظر لهذا الامر مفصَّلًا وماهي تداعيات هذا الإعلان اولا نجد ان الأهداف المعلنة “للحكومة المقترحة” هي تقديم الخدمات الأساسية ونجد هذا من خلال ما تُبرره القوى الداعمة لهذا الإعلان حيث تقول ان الحاجة إلى حكومة موازية هي بغرض توفير الخدمات للمدنيين في المناطق التي تعاني من انهيار البنية التحتية بسبب الحرب ، مثل تقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين من القصف الجوي بغرض تعزيز الاستقرار وايضا تدعي “الدعم السريع” أن تشكيل حكومة موازية سيسهم في “بناء السلام المجتمعي” واستعادة أجهزة الدولة المنهارة ، خاصة في ولاية الخرطوم التي تسيطر عليها بشكل شبه كامل “كما تدعي” ويرى بعض مؤيدي الفكرة أن هذا الإجراء خطوة نحو تفعيل نظام فيدرالي يعكس التعددية الثقافية والجغرافية في السودان ، بدلاً من الحكم المركزي ، اما من ناحية الأبعاد السياسية والعسكرية فنجد ان تعزيز النفوذ السياسي للدعم السريع يُنظر إلى هذه الخطوة كمحاولة منهم لترسيخ الوجود السياسي للدعم السريع وحلفائها ، خاصة بعد سيطرتهم العسكرية على مناطق واسعة ، مثل دارفور ، ولقد أدت الفكرة إلى انشقاق داخل التحالفات المناهضة للحرب ، مثل “تنسيقية تقدم” ، حيث دعمت بعض الفصائل التشكيل بينما رفضته أخرى ، مما أدى إلى ظهور تحالف جديد بقيادة عبد الله حمدوك رافضٍ للفكرة ردود فعل متضاربة بينما يدعم تحالف “قمم” (المكون من 60 كيانًا) الفكرة ، يعتبرها آخرون ، مثل التجمع الاتحادي ، “تمهيدًا للانفصال” وهذه الخطوة لها الكثير من المخاطروالتحديات اولها هو تقسيم السودان حيث يُحذِّر محللون من أن تشكيل حكومة موازية قد يُعمِّق الانقسامات ويؤدي إلى سيناريوهات تشبه الحالة الليبية ، مع وجود حكومتين متنافستين شرعية متنازع عليهاوايضا تفتقر الحكومة المقترحة إلى إجماع داخلي أو اعتراف دولي واسع ، مما قد يزيد من عزلة مناطق سيطرة الدعم السريع سياسيًا ، كما يمكن النظر الي هذه الخطوة كتوظيف للصراع الدولي حيث تشير اصابع الاتهام الي عدت دول تؤجج هذا الصراع ولها مصالح في المنطقة ومن بينها فرنسا ودول أخرى تقف وراء دعم الفكرة كجزء من صراع والنفوذ الإقليمي ، مما يزيد من تعقيد الأزمة في السودان ، واما من ناحية السياق العسكري والإنساني واستمرار الحرب فنجد ان “الدعم السريع” تصر على أن تشكيل الحكومة الموازية لا يعني التخلي عن الحرب ضد الجيش السوداني ، بل يُعتبر خطوة تكتيكية لتعزيز موقعها التفاوضي ، وكذلك توجد اتهامات متبادلة تتهم “الدعم السريع” الجيش باستخدام القصف الجوي العشوائي ضد المدنيين ، بينما يتهمها الجيش بقصق الاحياء المدنية والاسواق واحتلال بيوت المواطنين ، كما نجد ان الحرب تسببت في أزمة إنسانية أدت إلى نزوح 15 مليون سوداني وتدمير البنية التحتية ، مما يزيد الضغط على أي حكومة جديدة لتقديم إغاثة فورية للمتضررين واعادة بناء البنية التحتية ومادمرته الحرب ، وفي نظري من خلال التحليلات السياسية والاقتصادية في هذا الشان اري ان مستقبل مشروع فرض حكومة موازية يعتبر ضعف من ناحية القدرة التنفيذية وكذلك يشكك محللون في قدرة الحكومة الموازية على تقديم خدمات فعلية ، مثل إصدار وثائق ثبوتية أو إدارة مؤسسات الدولة ، مما قد يُفقدها مصداقيتها ، قد تحاول “الدعم السريع” استخدام هذه الحكومة كورقة ضغط في المفاوضات المستقبلية ، خاصة مع تزايد الاهتمام الدولي بالأزمة اي بمعني ان خلاصة الفكرة هي بغرض التفاوض الدولي الذي يكون مستقبلا لحل مشكلة السودان وايقاف الحرب الخلاصة في هذا الامر علي ما اعتقد ويبدو لي ان إعلان حكومة في مناطق “الدعم السريع” يمثل محاولة لخلق واقع سياسي جديد ، لكنه يواجه تحديات جسيمة تتعلق بالشرعية والانقسامات الداخلية والمخاوف من التقسيم في حين تُقدمه القوى الداعمة كحل للأزمة الإنسانية ، يرى معارضوه خطوة نحو تفكيك الدولة سيُحدد تطور الأحداث القادمة ، خاصة على الأرض وفي المحافل الدولية ، مدى نجاح هذه الخطوة أو فشلها ، حتى تاريخ 25 فبراير 2025م ، لم تعترف أي دولة رسميًا بالحكومة الموازية التي أعلنت عنها قوات الدعم السريع في كينيا. وعلى الرغم من أن بعض المراقبين يتوقعون احتمال تأييد من دول مثل أوغندا ، إثيوبيا ، تشاد ، أفريقيا الوسطى ، وجنوب السودان ، إلا أنه لم يصدر أي اعتراف رسمي من هذه الدول حتى الآن ، ونتمني ان لايحدث انشقاق لاي جزئ من السودان الوطن الكبير باهله ، فيجب علي اي حكومة في السودان ان تولي قضايا التنمية والتعليم والصحة اهتمام اكبر لانها اهم مرتكزات الوحدة اضافة الي العدل والنزاهة.