أخبار السياسة الدولية

زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى الصومال تعزز مسار التفاوض الجاري برعاية تركية

حملت حفاوة الاستقبال التي حظي بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارته إلى مقديشو رسالة إيجابية عن حرص كلا الجانبين على تجاوز أزمة مذكرة التفاهم، والبناء على ما تحقق بفضل الوساطة التركية.

مقديشو – أخذت العلاقة بين الصومال وإثيوبيا منحى إيجابيا بعد أن كادت تتجه إلى صدام بينهما قبل أشهر، ونجحت الوساطة التركية في احتواء الأزمة الناجمة عن توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال في يناير من العام الماضي، تحصل من خلالها على نافذة بحرية وقاعدة عسكرية، وهو ما رفضته بشدة مقديشو.

ويعد استقبال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مقديشو، الخميس، لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد والذي كان حارا، بمثابة تتويج لسلسلة لقاءات متبادلة بين المسؤولين في البلدين، ونقاشات متواصلة بوساطة بدأتها تركيا لتذويب الخلافات بينهما، ووجدت استحسانا من دول القرن الأفريقي، ومنعت صداما بينهما كادت تنخرط فيه دول أخرى.

وأكد لقاء شيخ محمود وآبي أحمد في مقديشو رغبتهما في تطوير العلاقات المشتركة، ودعم سبل تعزيز التعاون الأمني، والشراكات التجارية، وتعميق الروابط الدبلوماسية، بما يعكس التزامهما بتوفير درجة عالية من الأمن والاستقرار الإقليمي.

محمد فؤاد رشوان: مصر تراقب تطور المباحثات الإثيوبية – الصومالية
محمد فؤاد رشوان: مصر تراقب تطور المباحثات الإثيوبية – الصومالية
وغاب عن اللقاء الحديث تفصيليا عن بعض النقاط الشائكة، وفي مقدمتها مصير المنفذ البحري الذي تريده إثيوبيا، والآليات المنظمة له، وكل التسريبات التي رشحت لم تدعم تجاوز هذه النقطة بالطريقة التي تحقق أهداف كل طرف.

وجاءت زيارة رئيس وزراء إثيوبيا لمقديشو، بعد زيارة قام بها رئيس الصومال لأديس أبابا في الحادي عشر من يناير الماضي، لأول مرة بعد اتفاقهما على تحسين العلاقات، وحل أزمة حصول إثيوبيا على قاعدة بحرية بأرض الصومال.

وتحول اللقاء بين حسن شيخ محمود وآبي أحمد بأنقرة في ديسمبر الماضي برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى قاعدة تحول مهمة، حيث اتفقا على العمل بشكل وثيق للتوصل إلى نتائج في ما يتعلق بالإجراءات التجارية ذات المنفعة المتبادلة من خلال الاتفاقيات الثنائية، والعقود والإيجارات والأدوات المماثلة التي تمكن إثيوبيا من التمتع بوصول آمن ومستدام إلى البحر ومنه تحت سلطة وسيادة الصومال الموحد.

ويقول مراقبون إن رئيس الصومال استغل التوتر بين إثيوبيا ومصر في تعزيز علاقته مع القاهرة التي أظهرت حرصا على معارضة مذكرة التفاهم التي وقعتها أديس أبابا مع إقليم أرض الصومال للضغط على أديس أبابا، لكن حسن شيخ محمود وظف المساندة المصرية العسكرية والسياسية الظاهرة أيضا في الضغط على إثيوبيا، ما أدى إلى تليين موقفها والاستجابة لمسار التفاوض.

ويضيف المراقبون أن أنقرة دخلت على خط الأزمة، وحاولت معالجتها بما يحقق قدرا من الهدوء في القرن الأفريقي، والذي تراه يدعم إستراتيجيتها في أفريقيا، وأي توتر كبير بين الصومال وإثيوبيا قد يتحول إلى صراع يهدد مصالح أنقرة، التي ترتبط بعلاقات جيدة مع البلدين، ولديها مصالح فيهما، ولا تريد لدولة مثل مصر أن يتوسع نفوذها في منطقة القرن الأفريقي عبر الصومال.

وقال الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية محمد فؤاد رشوان إن الوساطة التركية تسير بشكل إيجابي، لكن لم تحقق النجاح الكلي المتوقع في مسألة القاعدة الإثيوبية البحرية في إقليم أرض الصومال ولم يتم حل معضلتها بعد، ومع ذلك يمكن البناء على زيارة آبي أحمد لمقديشو في عملية تدشين خطوات إيجابية على خط الوصول إلى النجاح التام الشامل، والذي بحاجة إلى المزيد من الوقت.

وأضاف فؤاد في تصريح لـ”العرب” أن رئيس الوزراء الإثيوبي يرمي من وراء زيارته للصومال إلى تخفيف الضغوط الخارجية الواقعة عليه وتوصيل رسالة جيدة لمن يعنيهم الأمر في استقرار القرن الأفريقي، مفادها أن العلاقة مع الصومال في طريقها إلى التحسن، ما يدعم تكثيف الاستثمارات التركية في إثيوبيا.

وذكر رشوان أن مصر تراقب تطور المباحثات الإثيوبية – الصومالية، ولها اتصالات كبيرة مع مقديشو تمكنها من التعرف على آخر ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، حيث تشارك القاهرة في قوات حفظ السلام بالصومال، وقد ينعكس التقارب بين مقديشو وأديس أبابا على ملفات إقليمية حيوية، بينها سد النهضة الإثيوبي.

غاب عن اللقاء الحديث تفصيليا عن بعض النقاط الشائكة، وفي مقدمتها مصير المنفذ البحري الذي تريده إثيوبيا، والآليات المنظمة له

وتدهورت العلاقات بين مقديشو والصومال بشكل كبير منذ أن أبرمت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال في يناير 2024، حصلت بموجبها أديس أبابا على حق استخدام سواحله على خليج عدن لأغراض تجارية وعسكرية.

ورفضت مقديشو المذكرة في حينه، ووصفتها بأنها “غير شرعية وتشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادتها”، بينما دافعت إثيوبيا عن خطوتها، وتضامنت القاهرة مع مقديشو ووقعتا معا اتفاقا للتعاون العسكري، وأرسلت مصر إلى الصومال معدات عسكرية، وقررت إرسال عنصر من جيشها إلى الصومال والمشاركة في عملية حفظ السلام الجديدة بدلا من القوات الإثيوبية، والتي طالبت مقديشو بإنهاء مهمتها.

وأجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان محادثات منفصلة مع وزيري خارجية الصومال وإثيوبيا قبل أيام، وتمت مناقشة تنفيذ رؤية إعلان أنقرة وتطوير التعاون الاقتصادي، على أن تجرى الجولة المقبلة من المناقشات التقنية في مارس المقبل.

واحتضنت أنقرة مؤخرا الجولة الأولى من المحادثات التقنية بين إثيوبيا والصومال، وأظهر الوفدان التزامهما بنص وروح إعلان أنقرة، وبدآ في العمل بشكل ملموس لتحويل هذه الرؤية إلى واقع وإرساء أسس تنمية مستدامة ذات منفعة متبادلة.

ولعب إعلان أنقرة الموقع في ديسمبر الماضي دورا في تهدئة التوتر بين البلدين، وأسهم فوز رئيس البرلمان السابق عبدالرحمن محمد عبدالله بمنصب رئيس الإقليم في انتخابات أرض الصومال التي جرت في يناير الماضي بشكل كبير في الحفاظ على الهدوء بين مقديشو وأديس أبابا، وألقى فوزه بظلال من الشك حول ما إذا كانت القيادة الجديدة للإقليم ستحافظ على مذكرة التفاهم مع إثيوبيا وبناء قاعدة عسكرية على ساحلها أم لا.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..