مقالات وآراء

دافوري السودان الانتقالي لعام2025م

السر العجمي

 

الحلقة الاولي :

الثلاثاء الموافق الرابع من مارس 2025م وبالعاصمة الكينية نيروبي، وفي خطوة غير مسبوقة في تاريخ السودان تم التوقيع على الدستور الانتقالي لعام 2025م من قبل جماعات عسكرية وحركات مسلحة وبعض القوي المدنية والسياسية، وهي الأطراف المكونة لتحالف السودان التأسيسي.

من الواضح أن هذا الدستور استمد أحكامه من الميثاق التأسيسي الذي وقع في الثاني والعشرين من فبراير بين ذات الأطراف أعلاه، حيث أن الميثاق في الأساس يمثل الخط الأساسي للحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. ويبدو ان الحركة الشعبية شمال وقعت على الميثاق والدستور وبوضع اجندتها وذلك لهدف معين وهو أن تكون تلك الوثائق تشكل لها مرجعية في التفاوض لاحقا، وفقا لما أشار اليه حديث الحلو في لقاء تلفزيوني عند سؤاله بشأن دمج جيشه مع الدعم السريع.

اولا ليس هناك جدال فان هذه الوثيقة المسماة زيفا دستور، لا تعتبر دستورا، بالمعني القانوني للدساتير حيث ان الدساتير لديها طرق معينة لصناعتها ومراحل صيغتها واجازتها حتى تكتسب الشرعية، والتكييف القانوني لهذه الوثيقة هي اشبه بإعلان المبادئ الموقع بين اطرافه فهو ملزم لأطرافه فقط. وذلك لان من قاموا بوضع هذا الدستور هم أصلا ليست جهة اختصاص بانشأ الدستور، فالذي ينشأ الدستور هو الشعب باعتباره مصدر السلطات، حيث يقوم هذا الشعب بانتخاب جمعية تأسيسه او جمعية دستورية عن طريق التصويت الشعبي. لوضع الدستور وذلك بغرض صياغته واعتماده.

سمي الدستور بالدستور الانتقالي، وهنا يثور في الذهن السؤال التالي : هل الانتقال المقصود به الانتقال من نظام حكم ديكتاتوري الي نظام ديمقراطي؟ اما الانتقال من حالة الحرب الي حالة السلم؟ بحكم اننا الان في حالة حرب. وهل نحن الان امام فترة انتقالية؟ ام في فترة حرب؟ .

ولكن بالرغم من ذلك سوف نتناول بإيجاز قراءة ما جاء في هذه الوثيقة من خلال حلقات على النحو التالي :

(نص الدستور الانتقالي على الغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019م وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة كما نص على أن السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانية تقوم على فصل الدين عن الدولة، وكذلك فصل الهويات والثقافات والعرقية والجهوية عن الدولة والتأكيد على أن المواطنة المتساوية هي الأساس للحقوق والواجبات. واقر الدستور بأن الدولة السودانية تؤسس على الوحدة الطوعية والإرادة الحرة لشعوبها واحترام التنوع والتعدد العرقي والديني والثقافي والمساواة بين جميع الافراد والشعوب في الحقوق والواجبات) .

أن النص على الغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019م. في اعتقادي يعتبر هذا انقلاب على الشرعية الدستورية، حيث يعتبر هذا الانقلاب الثالث علي الوثيقة الدستورية، فالانقلاب الأول كان في أكتوبر من قبل البرهان، والانقلاب الثاني كان بصياغة دستور المحامين من قبل قحت. وذلك لأنه وفقا للفقه الدستوري، ان الغاء الدستور يتم بحدي طريقتين اما بطريق عادية، او بطريقة غير عادية. فالطريقة العادية، يكون الإلغاء عن طريق الجهة المختصة التي منحت الإلغاء بواسطة الدستور. فالوثيقة الدستورية لعام 2019م يوجد بها نص يحدد كيفية الغائها وهي المادة (87) والتي تقرأ : (لا يجوز تعديل او الغاء هذه الوثيقة الا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي) فالجهة المختصة بالإلغاء هي المجلس التشريعي الانتقالي. اما الطريقة الغير عادية التي يتم بها الغاء الدستور فهي تكون اما عن طريق الانقلاب العسكري او الثورة الشعبية.

جاء النص على ان السودان دولة علمانية ديمقراطية، ولابد من الإشارة ان مفهوم الدولة منذ ظهورها في العام 1648وفي معاهدة وستفاليا هي الدولة الوطنية، وهذه اشير اليها في النص، مما يتضح التناقض في صياغة النص، فلا يوجد في الفكر السياسي ما يسمي بالدولة العلمانية، عليه ان عبارة العلمانية غير صحيح فالعلمانية هي مصطلح ك تتبناه الحركة الشعبية كأطروحة فلسفية وسياسية. فضلا عن ذلك ان العلمانية قد تم تجاوزها الي ما بعد العلمانية. لذلك كان الاجدر ان تكون الصياغة على ان تقف الدولة علي مسافة واحدة من الأديان.

كما ان الديمقراطية الواردة في النص لم تحدد أي نوع من الديمقراطية فهل المقصود بها الديمقراطية التعددية؟ الواردة في منفستو الحركة الشعبية لعام 2017م؟ ام الديمقراطية الليبرالية؟ وهل يمكن للديمقراطية ان تتماشي مع العلمانية؟ لان هناك دول تبنت فلسفة العلمانية الا انه لا توجد بها ديمقراطية ككوريا وروسيا على سبيل المثال.

واقر الدستور بأن الدولة السودانية تؤسس على الوحدة الطوعية والإرادة الحرة لشعوبها. وواضح من هذا النص انه يشير الي النموذج الانفصالي داخل الدولة، وليس الوحدة حيث أصبحت وحدة البلاد مرهونة بنص يتحدث عن الوحدة الطوعية، وهذا ما يذكرنا بإعلان المبادئ في بروتكول مشاكوس الذي رهن الوحدة بين خياريين يحدد كل منهما شروط معينه متي توافرت تظل البلاد موحدة، او يتم الانقسام، وفي حالة غياب تلك الشروط تجعل قضية الانفصال مطروحة.

 

نواصل الحلقة الثانية

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يا ود العجمي، خلينا من فذلكة السودانيين دي، بلد زي السودان معظم شعوبه ما زالت بدائية لا تمت للعصر بصلة، ضحايا دولة الدساتير و الأوهام و فذلكة امثالكم. كفاية جدا نا ورد في مقاصد الحكومة الموازية. يحسب لهم انهم يسمونها حكومة وحدة و سلام طالما الملعب هو السياسة

    1. شكرا للتعليق. وتجدني لا اتفق معك في اصطلاح حكومة موازية وذلك لان حكومة بورتسودان في الاصل غير شرعية،لذلك مصطلح موازية غير موفق. واتفق معك بان مقصد الحكومة في الظاهر هي الوحدة الا ان باطنها هو الانفصال حيث ربطت وقيدت هذه الوحدة بالوحدة الطوعية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..