مقالات وآراء سياسية

ميثاق ودستور تأسيس .. هل من عاصم من تفتيت البلاد .. وشعبها

عبده الحاج

 

قامت الكتلة الموقعة على ميثاق تأسيس بصياغة .. والتوقيع على دستور انتقالي للبلاد، وهو مجهود قام به نفر مخلصون .. وبحسن نية .. ورغبة منهم في إيجاد مخرج من الأزمة الراهنة، فهم يُشكرون على مجهودهم .. ولكن ما قاموا به من عمل، عمل يحتاج لوقفة، فهو يوضح مدى الأزمة التي نعانيها .. فالدستور (دستورا دائما كان أم انتقالي) هو آمال وتطلعات الشعب .. موضوعة في صياغة قانونية .. هو المرآة التي يرى فيها كل مواطن نفسه .. وهو يخص كل الشعب (كل فرد فيه) .. ويضعه الشعب عبر إجراءات متوافق عليها بينه .. ولا تضعه مجموعة مصغرة منه لمجرد انها صاحبة القوة .. او حتى صاحبة الأغلبية، فالدستور لا يخضع للأغلبية ولا يمثل الأغلبية، وانما يمثل كل الشعب .. أقلية واغلبية، على حد السواء، وان كان في ظل الحكم الديمقراطي، تمارس السلطة .. وتنفيذ السياسات الدستورية حكومة، مكونة من الأغلبية (حزب او ائتلاف) وتلك السياسات يضعها برلمان مكون من الأغلبية الحاكمة والأقلية المسماة بالمعارضة .. وتخضع لرأي الأغلبية، في الأمور الخلافية، ولكن يحكمها الدستور (الشعب) .. كما يحكم الأغلبية، والأقلية الدستور، ولذلك بالضرورة ان يكون الدستور معبرا عن كل الشعب .. وليس فئة معينة، بالغا ما بلغ تأهيلها وحسن نواياها .. او قوة سلاحها .. فذلك قد يمنحها القدرة على السيطرة على السلطة، او خلق سلطة وفرضها على الشعب .. ولكنه قطعا لا يمنحها شرعية لوضع دستورا للبلاد .. فبالرغم ان الاسم دستورا مؤقت، إلا انه يحدد ملامح الدستور الدائم .. ويفرضها بما ورد فيه من نصوص، ومن تهديدات.

بدأ، ورد في مستهل ديباجة الدستور الانتقالي لعام 2025م عبارة (نحن الشعوب السودانية، صاحبة السيادة على مصيرنا وأرضنا) وهي عبارة قد منحت تلك الشعوب السيادة نظريا .. وسلبتها إياها عمليا .. بأن نصبت فئة معينة، وصيا على الشعب السوداني .. يقرر في سيادته، ومصيره، وارضه!! وقد تكررت لفظة (شعوب) عشرين مرة في وثيقة الدستور الانتقالي لنيروبي، وثمانية وعشرون مرة في ميثاق السودان التأسيسي .. وهي عبارة (الشعوب) تدل على عجز من قاموا على الامر عن رؤية ما يوحد السودانيين (الشعب السوداني)، بل تدل وبصورة أوضح على مدى التباين وعدم الانسجام بينهم، فنحن الشعب السوداني صرنا في نظرهم شعوبا، وهو تعميق للقبلية والعنصرية والمناطقية التي زرعها نظام الاخوان المسلمين، وروج لها، وها هي بعض المكونات المسلحة، والمدنية تحاول استثمارها لأغراض سياسية، وتسير في نهج الطغمة التي ثار عليها الشعب (وليس الشعوب) السوداني.

لم يكتفي ذلك الدستور بتقسيم الشعب السوداني لشعوب، بل وضع اللبنات الأولية لتقسيم البلاد لدويلات ا وامارات ليجد كل طالب للسلطة فرصة لإرضاء طموحاته .. فقد نص ذلك الدستور صراحة على ان الدولة تدين بدين العلمانية، وهو أمر جدلي .. ليس عليه توافق، فقد جاء في الباب الأول من دستور المجموعة (الدولة والدستور والمبادئ فوق الدستورية) في الفقرة الرابعة ما نصه : (السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانوية) ووضعت ذلك المعتقد (العلمانية) ضمن ما المبادئ فوق الدستورية (المبادئ الأساسية)، والتي لا يجوز تعديلها ولا حتى بمجلس تشريعي منتخب، بل رفعوا سيف الانفصال (حق تقرير المصير) في وجه من يفكر في الغائها!! فقد ورد في الباب الأول أيضا، في الفقرة السابعة منه (المبادئ فوق الدستورية والدستور) وفي النقطة الرابعة ما نصه: (في حالة عدم الإقرار بـ أو النص على العلمانية، التي تفصل الدين عن الدولة، في الدَّستور الانتقالي والدستور الدائم المستقبلي أو انتهاك أي مبدأ آخر من المبادئ فوق الدستورية، يحق لجميع الشعوب السودانية مُمارسة حق تقرير المصير)، وبذلك صار الدستور متناقضا، فهو ينص على حرية الاعتقاد.. بينما يفرض معتقد معين بنص في الدستور لا يجوز تعديله، بل جعل ذلك المعتقد (العلمانية) فوق الدستور (تماما مثل الحاكمية بالحق الالهي المطلق)!! وكل ذلك مفروض بقوة السلاح.. فلماذا نعيب ذلك على حكومة الاخوان المسلمين .. ان كنا سنفعله؟! فهل الغرض هو تغيير الوجوه، مع الإبقاء على الكوزنة؟!!

والفقرتين السابقتين من الدستور (الرابعة والسابعة) هما عبارة عن نقل لفقرتين من البرنامج السياسي للمجموعة (ميثاق السودان الموحد)، وتحديدا النقطة الثالثة من الباب الأول (المبادئ العامة) والتي ورد فيها ما نصه: (تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، غير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية، وتعترف بالتنوع وتعبِّر عن جميع مكوناتها على قدم المساواة)

كما ورد في النقطة الرابعة ما نصه (يحظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني أو قيام أي حزب سياسي أو تنظيم سياسي بالدعاية السياسية على أساس ديني أو عنصري)، والنقطة السابعة من نفس الباب والتي ورد فيها: (في حالة عدم الإقرار بـ أو النص على العلمانية، التي تفصل الدين عن الدولة، في الدَّستور الانتقالي والدستور الدائم المستقبلي أو انتهاك أي مبدأ آخر من المبادئ فوق الدستورية، يحق لجميع الشعوب السودانية مُمارسة حق تقرير المصير)

ولتوفير الضمانات لتمرير دستورهم سعوا لتجريم قيام الأحزاب على خلفيات دينية فقد ورد في الفقرة الرابعة من الباب الأول للميثاق (المبادئ العامة) ما نصه (يحظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني أو قيام أي حزب سياسي أو تنظيم سياسي بالدعاية السياسية على أساس ديني أو عنصري)، وهي فقرة من الميثاق تم تضمينها في دستور المجموعة، وتحديدا في الفصل الثاني (الحقوق والحريات الأساسية) في فقرة (حرية التجمع والتنظيم) فقد جاء في النقطة الرابعة ما نصه (يحظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني أو قيام أي حزب سياسي أو تنظيم سياسي بالدعاية السياسية على أساس ديني أو عنصري) وبالتالي فأن الدستور في مجمله عبارة عن ترجمة لرؤية سياسية لجماعات معينة، ارادت ان تفرض رؤيتها عبر دستور للبلاد .. تفرضه بقوة السلاح!! فتلك الجماعات هي عبارة عن حركات مسلحة، لها رؤى وأهداف ووسائل تعمل وفقها، من أهمها قوة السلاح .. وهي رؤى ووسائل، ليس بالضرورة ان يتفق معها فيها بقية الشعب السوداني .. ولكن لا يبدو ان لديهم اي اعتبار لذلك!! ومن الواضح ان قوة السلاح هي المسيطرة على تلك الرؤية، فرغم تباين الجهات الموقعة على الميثاق الا ان رؤية البندقية الأكبر كانت هي السائدة بصورة شديدة الوضوح.

المبادئ فوق الدستورية (المبادئ الأساسية) هي مجموعة من المفاهيم والقيم الاخلاقية الإنسانية (مستمدة من القانون الطبيعي الانساني او الموروث الديني والثقافي للشعب صاحب المصلحة) تعتبر الاساس والاطار الذي ينبني عليه الدستور، والمرجعية في تفسير وتطبيق نصوصه بصورة تضمن الحقوق الأساسية (حق الحياة وحق الحرية وما يتفرع منهما)، والعدالة للجميع .. ومبدأ الحقوق فوق الدستورية هو محل جدل وخلاف بين الفقهاء الدستوريين، فبعضهم يرى أن الدستور هو أعلى قانون ولا يجب أن يخضع لأي تقييم خارجي، بينما يؤكد آخرون على ضرورة وجود معايير عليا تضمن عدم تجاوز بعض القيم الجوهرية.

غالبا ما يعتمد تعيين المبادئ فوق الدستورية على التفاسير الفقهية والقانونية وليس على نصوص صريحة في الدستور، فمثلا بعض الدساتير تعتبر مصادر التشريع من المبادئ الأساسية (نصا او تفسيرا) ولكن لا يوجد دستور ربط النص، او عدم النص على دين، أ ومبدأ .. بحق تقرير المصير! وهي سابقة خطيرة .. تكرس للديكتاتورية .. والوصاية! وتهدد وحدة البلاد .. بل تؤسس، وبصورة شديدة الوضوح .. لتقسيم البلاد .. فقد يكون الكثير من القائمين على أمر ذلك الميثاق .. الدستور، حريصين على وحدة البلاد حاليا، كما كانوا من قبل حريصين على ما وقعوا عليه مع بقية المكونات الثورية عند تأسيس تقدم (الرؤية السياسية لإيقاف وانهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة)، ورغم ذلك نكصوا عن ذلك العهد في أقل من عام، عندما فشلوا في تغيير مساره بما يناسب رؤيتهم .. فهم يقينا لن يكونوا حريصين على وحدة السودان لمجرد الحديث عنها .. او التوقيع على ما ينص عليها .. فهم لم يحترموا العهود، والمواثيق السابقة .. فماذا نتوقع منهم؟! بل هم اسسوا صراحة لتقسيم البلاد بما وضعوه من وثيقة تعبر عن رؤيتهم السياسية .. أسموها دستور .. وربطوا بعض بنودها بتقسيم البلاد بصورة شديدة الوضوح .. بل اشترطوا ان يكون ذلك جزءً من دستور البلاد الدائم .. دون مراعاة لآمال، وطموحات بقية الشعب!! فهل تركوا مجالا لنظن خيرا بحرصهم على وحدة البلاد؟! .

وما يمكن ان يقال أيضا، في هذا الصدد، ان صياغة رؤية سياسية لمجموعة معينة .. وترجمتها في شكل دستور، يجعلها متناقضة، بما ورد في نصوصها .. فقد جاء في ديباجة الدستور ما نصه (والتزاماً بمبدأ المواطنة المتساوية أساساً للحقوق والواجبات الدستورية دون تمييز على أساس الدين أو الثقافة، أو العرق، أو الجهة، أو القبيلة، أو الوضع الاجتماعي أو الرأي السياسي، أو أي شكل من أشكال التمييز) كما وردت الإشارة لذلك في الباب الأول من الدستور في فقرة (التزامات الدولة) وفي الباب الثاني منه (المساواة امام القانون) وكلها تشير لعدم التمييز على أساس الرأي السياسي في ظل الدستور .. ولكن الدستور نفسه ليس اكثر من ترجمة لرأي سياسي معين .. بل أن الميثاق نفسه يغفل عدم التمييز حسب الرؤية السياسية‘ فقد ورد في الباب الأول (المبادئ العامة) ما نصه (تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، غير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية، وتعترف بالتنوع وتعبِّر عن جميع مكوناتها على قدم المساواة) فقد اغفلت الفقرة عدم التمييز حسب الرؤية السياسية، فهي تقر ذلك ضمنيا .. وقد مارسته عمليا .. فهل هنالك تمييز بأكثر من ذلك؟!! اليس هذا نموذجا للتناقض يًفقد تلك الوثائق الاحترام ويجعلها مجرد فهلوة سياسية؟.

أيضا من التناقضات، والنقاط الخطيرة في تلك الرؤية السياسية الدستور، هو ما ورد بشأن المليشيات المسلحة، فقد جاء في الباب الأول من الميثاق (المبادئ العامة) وفي الفقرة التاسعة عشر ما نصه (الإقرار بحق الحركات المسلحة الموقعة على هذا الميثاق في الاستمرار في الكفاح المسلح كوسيلة من الوسائل المشروعة للمقاومة والنضال من أجل التغيير وبناء السودان الجديد) كما جاء في الباب العاشر من الدستور (حل المليشيات) ما نصه (تعتبر المليشيات التابعة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وجميع المليشيات الأخرى محلولة من تاريخ إجازة وسريان هذا الدستور) وهو احد مطالب الثورة (حل كل المليشيات) ولكنه يناقض ما منحه المشرعون لأنفسهم من امتياز بالاحتفاظ بميلشياتهم .. بل سعوا للتمكين لها مستغلين الدستور، ليجعلوا منها جيش علي كرتي جديد، فقد ورد في فقرة (تكوين الجيش) في نفس الباب من الدستور ما نصه (تكون قوات الدعم السريع والجيش الشعبي لتحرير السودان وحركات الكفاح الُمسلَّح الموقعة على ميثاق السودان الجديد التأسيسي، نواة للجيش الوطني الجديد) وبالتالي فهم يسعون لإحداث تمكين جديد في القوات المسلحة القومية ليستبدل التمكين الحالي، مع ملاحظة ان هذه المليشيات المكونة للجيش لا تزال تحتفظ بهيكلتها وولائها وسلاحها كما ورد في الميثاق، فهم جيش .. وهم مليشيات، في ان معا!! وهو يوضح التناقض، والازدواجية .. والخلل الكبير في المفاهيم .. وفي الممارسة عند تلك المجموعة! فهي صورة صارخة من التمكين العسكري اشبه بتمكين الفلول، وديكتاتورية مشابهة لديكتاتوريتهم، مع اختلاف الأديان المستغلة .. فحسن النوايا وحده لا يكفي .. ولا فرق بين استغلال دين، او اخر في التمكين، فالنتيجة واحدة .. كما ان التعصيب للقناعات الشخصية هو ما اوردنا موارد الهلاك، وهو ما كان يمارسه تنظيم الاخوان المسلمين (وغيرهم من الديكتاتوريين) وهو نفسه ما ثار ضده الشعب (المفهوم وليس الأشخاص) وما يريد التخلص منه .. والى الابد، لا استبدال القائمين به، بوجوه جديدة!! .

لقد جاء عن دور الجيش (الجديد) المزمع تكوينه في نهاية النقطة الأولى من فقرة (الأجهزة النظامية) من الباب العاشر من الدستور ما نصه (ويقتصر دوره على حماية البلاد وأراضيها وسيادتها الوطنية، والشعوب السودانية وحماية النظام العلماني الديمقراطي، وضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحماية النظام الدَّستوري، دون تدخُّل في الشأن السياسي أو الاقتصادي) فمن مهام الجيش الجديد (تمكين الحركات المسلحة) حماية (النظام العلماني الديمقراطي) والعلمانية مقدمة على الديمقراطية، كما انها مقدمة على ضمان حماية الدستور (رغم انه مجرد رؤية سياسية لهم)!! ثم كيف لا يتدخل ذلك الجيش (المليشيا) في الشأن السياسي والاقتصادي، وهو مكون من حركات مسلحة، ذات رؤية سياسية معينة، فرضتها في الدستور .. كما فرضت نفسها، وبنص ذات الدستور، لتكون القوة الباطشة الوحيدة، المخول لها حماية الدستور (رؤيتها السياسية)!!! اليس ذلك تقنينا لفرض رؤية سياسية احادية بقوة السلاح والتمكين، وليس مجرد ممارسة العمل السياسي ضمن بقية مكونات الشعب السوداني؟!!! اليس ذلك تناقضاً وفهلوةٌ سياسية؟!! اليس هو ما قامت ضده الثورة؟! .

ليس ما ورد أعلاه هو كل ما يحتاج لوقفة، في ذلك الطرح السياسي، وانما هو فقط بعض مما ورد فيه من ما يهدد بتفتيت وحدة البلاد .. وهو ما حذرت منه سابقا، في سلسلة المقالات الخاصة بموضوع الحكومة الموازية، وكان قد حذرت فيها من مغبة الاقدام على إقامة حكومة موازية بدون الوفاء بحقها، وقد حصلت الانقسامات في القوى الثورية .. بل طالت الأحزاب، وهو ما كنت قد حذرت منه يومها .. ووضحت ان ذلك (تفتيت القوى الثورية) من أهم اهداف عناصر الفلول المزروعة وسطنا، او التابعة لحكومة بورتسودان، وان موضوع الحكومة الموازية، أحد وسائلهم لتحقيق ذلك، وقد حدثت الانقسامات، وصرنا اليوم اضعف مما كنا بالأمس .. وان لم نتدارك الأمر، فقد نصبح غدا اضعف منا اليوم .. بفعل منا .. وفعل من الفلول، فموضوعي الحكومة الموازية، والعلمانية، من النقاط الخلافية .. والجدلية، التي يجب الحوار حولها بتجرد، وموضوعية .. بدلا عن فرضها بالقرارت الفوقية .. أو قوة السلاح، والعلمانية ضرورية .. ولابد منها .. كما ان العلمية ضرورية أيضا، فالمفاهيم تكمل بعضها .. ويجب اخذها كلها في الاعتبار .. والاستفادة من كل التراث البشري، بما يخدم المواطن .. ويحقق كرامته (غرض الدساتير أرضية وسماوية)، ولكن ذلك لا يتأتى الا بالنظر الصحيح لتلك المفاهيم والمعتقدات ووضعها في مكانها الصحيح (موضع الوسيلة) وبذلك يزول التعارض في نفوسنا بين تلك المفاهيم، وقد اثرت بعض ممارسات الماضي في النظرة المغلوطة للدين، مما فتح الباب امام التحشيد والمتاجرة بالعلمانية، بل محاولة فرضها كدين (معتقد) رسمي للدولة! وهو خلل في المفاهيم قد نعود للحديث عنه لاحقا.

ما حصل في نيروبي عمل كبير، ومجهود عظيم .. يصلح ان يكون بداية لحوار بين القوى الثورية، ففيه الكثير مما هو نقاط اتفاق بين القوى الوطنية .. بدون الحاجة لتعديل، وفيه ما يحتاج لتأجيل، لمزيد من الحوار، والعمل، للوفاء بحقه .. وفيه ما يحتاج لمراجعات، وفق رؤية وطنية شاملة، وعلمية .. بعيدا عن المفاهيم المغلوطة .. وبعيد عن التعصب .. وبرؤية بعيدة المدى، وترتيب للأولويات وفق متطلبات المرحلة .. مصحوب بوضوح رؤية للتفريق بين الوسائل، والأهداف والغايات، وبدون عجلة .. أو انجراف خلف التيار العام بدون تفكير عميق .. فكثير مما يبرق أمام اعيننا من جواهر .. أو ما نظنه من الوهلة الأولى، العصا السحرية لحلول مشاكلنا، لا يعدو كونه شراكا نصبها لنا ببراعة سدنة القديم، فقد لُدغنا من جحرهم عبر السنين، مرارا، وتكرارا .. ولا نزال!! .

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..