الانصرافي .. الفتنة الرقمية في زمن الحرب

هلال وظلال
عبدالمنعم هلال
- حينما يشتعل اللهب ويتوهج الرماد تنبت الشخصيات المتطرفة كالأشواك في أرض الوطن الجريح وينمو خطاب الكراهية كعشب سام ويزدهر حين تنعدم الحقيقة وتغيب العدالة وفي ظل هذا الواقع المظلم برز على الساحة السودانية شخصية تدعى الانصرافي اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي منبراً ومن الجدل والسخرية سلاحاً ومن خطاب التحريض نهجاً.
الانصرافي ليس مجرد شخص ينشر رأياً عابراً أو يعبر عن موقف سياسي بل هو ظاهرة معقدة تجسد انفلاتاً إعلامياً خطيراً يستخدم كل وسيلة متاحة لخلق الفوضى وتغذية الأحقاد.
ـ الانصرافي صوت الكراهية في أثير الوطن .
- للانصرافي أثره المدمر في المشهد السوداني بما يبثه من خطاب الكراهية المتجدد.
ـ يطل الانصرافي على جمهوره بكلمات ساخرة ويختار مفرداته بعناية ويستخدم أسلوبه الماكر ليصور كل خصم كعدو وكل اختلاف كخيانة وكلماته كالرصاصات تخترق العقول قبل القلوب وتترك خلفها جروحاً لا تلتئم.
ـ لم يكن الانصرافي يدعو للحوار أو التفكير بل كان كل ما يقدمه هو دعوة صريحة إلى العنف مستغلاً حالة الفراغ الإعلامي والأمني الذي تعيشه البلاد.
- عمل الانصرافي على تشويه الحقائق وتزييف الوعي وكم هو بارع في صناعة الأكاذيب وخلط السم بالعسل يصنع روايات تتناسب مع أهدافه التخريبية ولا يعبأ بالنتائج الكارثية لخطابه بل كل ما يهمه فقط أن يشاهد نيران التعصب وهي تتسع وتلتهم المزيد من الأرواح وفي عالم أصبحت فيه الشائعة أقوى من الحقيقة وجد الانصرافي أرضاً خصبة لبث سمومه وتزييف الوعي الجماهيري.
- الإعلام الحقيقي أصبح مثل جندي أعزل في معركة غير متكافئة ففي حين يلتزم الإعلام المهني بالمصداقية والموضوعية يجد نفسه متأخراً أمام سرعة المنصات الرقمية التي تستخدم كمنابر شخصية للتحريض والتلاعب بالمعلومات ووجد الانصرافي في ضعف الإعلام التقليدي فرصة مثالية لبناء قاعدة جماهيرية تتبعه كمنقذ يقدم لهم (الحقيقة الضائعة) بينما لا يقدم لهم سوى الأوهام والافتراءات.
- من رواندا إلى السودان عندما تتحول الكلمات إلى رصاص فليست هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الإعلام لبث الكراهية وتأجيج الصراعات فالتاريخ الحديث يحمل في طياته قصصاً دامية عن دور الإعلام الموجه في التحريض على القتل والإبادة ففي رواندا عام 1994م كانت إذاعة (راديو الألف تلة) هي الأداة القاتلة التي حرضت قبيلة الهوتو على إبادة التوتسي وتحولت الكلمات إلى رصاصات والخطاب إلى مجازر راح ضحيتها أكثر من 800 ألف إنسان.
وفي البوسنة والهرسك (1992م – 1995م) استخدم الإعلام القومي المتطرف كوسيلة لتأجيج الصراع بين الصرب والمسلمين مما أدى إلى وقوع مجازر بشعة وتهجير جماعي واليوم يعاد إنتاج المشهد نفسه في السودان وبصورة أفظع لكن هذه المرة على أيدي شخصيات رقمية مثل الانصرافي تشعل النيران بأصابعها على لوحة المفاتيح.
- لمواجهة الخطاب التحريضي يجب أن يكون هناك صوت مضاد ينشر الأمل والوحدة ويشجع على الحوار بدلاً من التصادم وعلى القادة والمثقفين والمؤسسات الإعلامية توحيد جهودهم لتقديم خطاب بناء يكون جاذباً ومؤثراً.
- التعافي من أثر الانصرافي هو الطريق إلى المستقبل والعودة إلى النسيج المجتمعي وإن معالجة آثار خطاب الانصرافي تتطلب جهداً مضاعفاً لالتئام جراح المجتمع ويجب إعادة بناء الثقة بين مكونات الشعب السوداني وتعزيز روح التعاون والتآزر لتجاوز تلك الفتن التي حاول الانصرافي وغيره زرعها.
ـ يجب بناء مناعة فكرية لدى الشباب فالشباب هم الأكثر عرضة للتأثر بخطاب الكراهية والتحريض لذلك ينبغي تعليمهم كيفية تحليل المعلومات وتمييز الحقيقة من التضليل وتشجيعهم على تبني قيم التسامح والتعايش المشترك.
ـ يجب إحياء دور المثقفين والمفكرين وعلى المثقفين والمفكرين والصحفيين الشرفاء أن يتقدموا الصفوف ويعملوا على نشر الخطاب الإيجابي الذي يدعو إلى الوحدة والسلام فالكلمة الطيبة هي السلاح الأقوى لمواجهة كلمات الانصرافي السامة.
- خطر الانصرافي لا يتمثل فقط في كلماته البذيئة أو منشوراته التحريضية بل في تأثيره على عقول الشباب ومشاعرهم وهو مثال حي على كيف يمكن للكلمة أن تكون أقوى من السيف وأن تتحول إلى أداة دمار إذا أُسيء استخدامها.
ـ صوت الحقيقة لن يهزم وعلينا جميعاً أن ننهض لمواجهة هذا الخطر الداهم وذلك بتوحيد الجهود الإعلامية والمجتمعية لصد هذا السيل الجارف من الفوضى والتضليل.
أتكلم في الكورة و الهلال احسن ليك
يا الجموعي تعليقك هو ما حذر منه الكاتب بالنتائج الكارثية لاثر الانصرافي وامثاله خاصة علي فئة الغوغاء والهتيفة كحالك انت وما يترتب على ذلك من الخراب والدمار وتفكك النسيج المجتمعي الذي نعاني منه الان.
مسالة الوعي امر في غاية الأهمية والتصدي لهذا الخط الهدام الذي يمثله الانصرافي ومن على شاكلته والا فسوف نساق كالقطيع يتحكم فينا راعي جاهل يوردنا مورد الهلاك