مقالات وآراء سياسية

وقفة مع مقالات الدكتور النور حمد : على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية!

بدر موسى

 

لقد ظل دائما وأبداً الدكتور عبد الله الفكي البشير يذكرنا برؤية الأستاذ محمود حول أهمية العلاقات السودانية المصرية، والتي لخصها في القول بأن بين السودان ومصر جوار جغرافي، وتاريخ مشترك طويل، ولهذا لا بد من تحرير هذه العلاقات الثنائية من الإرث السياسي، ومن الجهل بها، كعلاقات مصيرية، حيث لا بد لنا من بنائها على المصلحة المستقبلية للشعبين.

كما أوضح عبد الله بأن الأستاذ محمود يقول إن مصر بالنسبة للسودان هي بمثابة العقل في الجسد، وإن السودان بالنسبة لمصر هو في موقع القلب، ولأهمية تجاوز هذا العداء غير الطبيعي، حتي يمكن وصول الدولتين لبلوغ الرؤية الاستراتيجية الصحيحة والمبنية على تحقيق هذه المصلحة المستقبلية للشعبين. كما ذّكرنا عبدالله، قائلاً : إن الأستاذ محمود يقول : “أنا ما عندي أعداء أنا ملازم الحق”، والموحد لا يعادي ولا يتطرف في مواقفه وفي آرائه، سواء تجاه الإنسان أو تجاه جميع الخلائق.

ولكن المتابع لمقالات الدكتور النور حمد حول هذه العلاقة بين السودان ومصر، لا بد أن يراها تجنح نحو تركيز هذا العداء غير الطبيعي، وتأجيج هذه البغضاء الخطيرة في نفوس السودانيين، بدلاً من تهدئتها، لخلق المناخ النفسي الملائم لتصحيح الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الحكومات المصرية، قديماً وحديثاً، على الرغم من بضعة الإشارات التي ترد في كتاباته لأهمية تصحيح هذه الأخطاء، والتي ربما يكون تأثيرها ضعيفاً على القارئ، لأنها تأتي بعد سيل من سموم تركيز الكراهية والعداء، والمبالغة في التشكيك في كل ما يحتمل أن يكون إيجابيا، وصالحا للبناء عليه لتصحيح هذه العلاقة الاستراتيجية لمصلحة الشعبين! .

خذوا مثالا لما تقدم مما كتبه في هذه الحلقة العشرين، والأخيرة، في سلسلة مقالاته تحت عنوان : على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية، حيث كتب مشككا ليقول :

“في نفس هذا السياق ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن سودانيين مقيمين في القاهرة اقترحوا منح الأولوية للشركات المصرية، للمساهمة بشكل موسَّعٍ في عمليات «إعادة الإعمار»، بعد انتهاء الحرب. ولنا أن نتساءل هنا لماذا يقترح هؤلاء منح الأولوية للشركات المصرية في عملية إعادة إعمار السودان؟ فهذا مقترح غير راشد بل ومغرض وغير قانوني لأن من تقوم به حكومة غير منتخبة!! بل هي طرفٌ في النزاع القائم الآن وقرار منح مصر الأولوية قرارٌ سياسيٌّ وليس قرارًا إدرايًا سليما. كما أنه يجري من وراء الإرادة السودانية! وقد أشار هذا المركز إلى: “بدء شركات مصرية تنفيذ بعض الأعمال حالياً، من بينها تأهيل بعض الكباري في الخرطوم”. وأضافت الصحيفة أن مصر والسودان قد اتفقتا على تشكيل “فريق مشترك لدراسة خطة إعادة الإعمار والتجارب الدولية لتحقيقها” انتهى النقل.

فهل خطر ببال الدكتور النور أن السبب وراء استعجال تنفيذ مشاريع إعادة إعمار وتأهيل البنية التحتية السودان، بعد إيقاف الحرب، ربما يكون حقيقة أنها مشاريع حيوية وملحة، لا تحتمل التأجيل، لأن معاش الناس، في السودان قبل مصر، يعتمد اعتماداً أساسياً على تأهيل هذه البنية التحتية، وخاصة تأهيل مشاريع الطرق والجسور والمياه والكهرباء، والمواصلات العامة، وغيرها؟! هل هذه من الأمور التي لا بد لها أن تنتظر قيام حكومة منتخبة، قد يستغرق الوصول إلى تشكيلها بضعة سنوات، في أحسن الأحوال؟! .

وهل خطر ببال الدكتور النور أن أهم أسباب اختيار الشركات المصرية للقيام بمهمة تنفيذ هذه المشاريع الملحة على وجه السرعة، وبتمويل عاجل من بعض دول الخليج التي أشار إليها، ربما يكون كفاءة وجاهزية هذه الشركات التي أنجزت المشاريع العمرانية الضخمة في مصر خلال العقد الأخير، مثل مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة. ومشروع تطوير مدينة العلمين الجديدة، ومشاريع توسيع المدن القائمة، بما في ذلك إعادة إحياء وسط مدينة القاهرة وتحسين البنية التحتية في الإسكندرية، ومشاريع ومبادرات المدن الذكية التي تدمج التكنولوجيا لتحسين الإدارة الحضرية، وتعزيز الاستدامة، وتوفير خدمات عامة فعّالة، بالاضافة إلى تنفيذ مشروع تطوير قناة السويس،الذي أدى إلى زيادة سعة وكفاءة قناة السويس، مما سمح بمرور سفن أكبر وزيادة حركة الملاحة البحرية. وشمل إنشاء مسار جديد بمحاذاة القناة الحالية. وكذلك مشاريع مضاعفة شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة، لربط مختلف مناطق البلاد وتحسين كفاءة النقل. ثم مشاريع الطاقة المتجددة، التي استثمرت فيها مصر استثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأبرزها محطة بنبان للطاقة الشمسية، إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، ومشاريع الطرق والجسور، حيث قامت الشركات المصرية بإنجازات مذهلة، تمثلت في بناء المئات من مشاريع الطرق والجسور لتحسين الربط في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك تطوير الطرق السريعة الجديدة وأنظمة النقل الحضري المتقدمة.

هذه فقط مجرد أمثلة لمشاريع التنمية العمرانية الضخمة التي أنجزتها شركات البناء المصرية، وإلا فإن القائمة تطول، وأنا متابع لها، وما قصدت من ذكرها إلا لتأكيد حقيقة أن هذه الامثله هي التي تجيب على السؤال، لماذا مصر وليس غيرها، التي ربما يكون قد تم اختيارها لتنفيد المشاريع العاجلة لإعادة تأهيل وترميم البنية التحتية فى السودان، بعد إيقاف الحرب! .

والسؤال هو : هل يرى الدكتور النور دولة أكثر جاهزية وتأهيل، وذات مصلحة مباشرة في إعادة تأهيل السودان، أكثر من مصر، وشركاتها التي تكاد أن تكون قد انتهت من مهامها العمرانية في مصر، على الرغم من علمنا بما ظلت ظلت وما زالت تخطط له مصر من محاولات الهيمنة على السودان، عبر الخونة من قادته السياسيين، سواء كانوا عسكريين مثل البشير والبرهان، أو مدنيين مثل قادة الاتحاديين قديماً، وصولا لقادة تقدم الذين استسلموا وخضعوا مؤخراً لتوجيهات المخابرات المصرية؟! .

والسودان ليس الأول وليس وحده في كل هذا، فلقد شاركت مصر بفعالية في مبادراتٍ للمساعدة في إعادة تأهيل وإعادة إعمار مدنٍ مختلفة في المنطقة، لا سيما في العراق وليبيا ودولٍ أفريقية أخرى. وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية المتعلقة بهذه الاتفاقيات والتعاون :

العراق (إعادة إعمار بغداد) :

لقد شرعت مصر في تنفيذ التزامها بالمساعدة في إعادة إعمار العراق، وخاصةً العاصمة بغداد، بعد سنواتٍ من الصراع وعدم الاستقرار. وشمل ذلك اتفاقياتٍ لتقديم الخبرة الفنية وتنفيذ مشاريع البناء الكبرى. حيث شاركت الشركات المصرية في مشاريعَ بنيةٍ تحتيةٍ متنوعة، بما في ذلك بناء الطرق والجسور والمرافق العامة، بهدف المساعدة في استعادة الحياة الطبيعية وتحسين الظروف المعيشية في المناطق الحضرية.

ليبيا (إعادة إعمار طرابلس) :

لقد لعبت مصر دورًا رئيسيًا في دعم جهود الاستقرار وإعادة الإعمار في ليبيا، وخاصةً في طرابلس، التي واجهت تحدياتٍ كبيرةً بسبب الاضطرابات المدنية.

– تم إبرام اتفاقياتٍ لشركات إنشاءات مصرية للمشاركة في إعادة بناء البنية التحتية، بما في ذلك الإسكان والمدارس ومرافق الرعاية الصحية. وتُعدّ مشاركة مصر جزءًا من استراتيجيةٍ أوسع لتعزيز الأمن والتعاون في المنطقة. ٣. **المبادرات الأفريقية**:

وكذلك شاركت مصر في جهود أفريقية متعددة تهدف إلى التنمية الحضرية وتحسين البنية التحتية. غالبًا ما تركز هذه المبادرات على تحسين التخطيط الحضري، وأنظمة النقل، والبنية التحتية للطاقة في جميع المدن الأفريقية.

لماذا نحرص مصر ودول الخليج على استعجال تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية في السودان؟! .

الإحابة باختصار، وبغض النظر عن المكاسب المالية التي ستجنيها الشركات المصرية، فإن هناك حقيقة أنها استعجال تنفيذ هذه المشاريع هو أقصر طرق تجاوز خطر المجاعة في مصر، لأن تسهيل وتطوير انتاج المحاصيل واللحوم في السودان، بخفف من مخاطر نقص الغذاء في مصر، وهذه حقيقة لا نحتاج للولوج في تفصيلاتها، على الرغم من اعتراضنا على كيفية وصول هذه المحاصيل واللحوم الى مصر، وما يكتنفها من تهريب وشراء بالعملة السودانية المزورة! .

أما مصلحة دول الخليج، فهي في الغالب مصلحة الباحثين عن فرص الاستثمار المواتية، خاصة إذا ارتبطت هذّه الغرض بتأمين الغذاء في هذه الدول، وفي هذا كثير مما يمكن أن يقال.

 

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. الكاتب علي ما يبدو انه مصري او متمصرن او علي الارجح سوادني بالغ السذاجة حال ثبوت سودنته!
    مقالات النور حمد تكاد تحظي بإجماع كل السودانيين لانها تكشف حقيقة الاستعمار المصري المستتر للسودان وكيف يدار السودان منذ الاستقلال المزعوم وحتي اليوم لصالح مصر عن طريق جنرالات الجيش والنخب السياسيه الفاسده.
    قدم الكاتب حجة غاية في السذاجة لتبرير العجله المصريه في التكويش علي مشاريع واموال اعمار السودان و رد ذلك الي انها مشاريع حيوية لا تقبل الانتظار! ولم يقل لنا ماهي المشاريع الحيوية المستعجله في حلايب وشلاتين التي انصب جل إعادة الاعمار المصري عليها؟ وهل حلايب وشلاتين اصلا مناطق متضرره حتي يبدأ اعادة الاعمار منها؟ وكيف يمكن لمصر التي دمرت السودان وبنيته التحتيه،ان تساهم في اعادة اعماره؟ فلو كانت مصر حريصة علي البني التحتيه في السودان لما عمدتها عمدا ودكتها بطيرانها.
    مصر تتظل هي اكبر افات السودان وهي الجارة الضارة ودائما تظل عينها علي السودان وخيراته وتنتهز اي فرصه للسرقه والنهب وليس للاعمار لانها تعلم ان نهضة السودان ستكون خصما علي مصر واقتصادها المتضعضع وشعبها الجائع.

  2. وبغض النظر عن كل شيء، ما هي الجهة المناط بها تحديد دولة ما لإعادة الإعمار أو غيره؟ الآن لا توجد دولة بلغة المؤسسات مع غياب الأجهزة الثلاثة الرئيسة، توجد فقط المساحة الجغرافية المسماة السودان حيث غياب الدولة، فالمطلوب أولاً استعادة الدولة من الأطراف المتقاتلة وإعادة هيكلتها ومن ثم التفكير في إعادة البناء والتعمير بطرح العطاءات على الشركات العالمية لا بأفضلية التخصيص.

  3. (((((ولكن المتابع لمقالات الدكتور النور حمد حول هذه العلاقة بين السودان ومصر، لا بد أن يراها تجنح نحو تركيز هذا العداء غير الطبيعي، وتأجيج هذه البغضاء الخطيرة في نفوس السودانيين،))))
    الكلام البتقولوه دا غلط وثم غلط
    الحقيقة علي العكس تماما
    دا اكثر زول بصرنا وفتح أمخاخنا
    لكن دائما العبيد المقتنعين بعبوديتهم ما بيرضو كلام زي دا
    الزيك دا في أمريكا بسموه عبد المنزل الذي يتألم أكثر من سيده حين يمرض سيده
    عبيد مصر وأبناء البوابين والجناينية هم من يكرهون كلام النور حمد
    أرفع رأسك وحرر نفسك
    مصر المستعمر بكسر الميم والسودان هو المستعمر بفتح الميم
    وسنتحرر من الإستعمار المصري ونرسل ليهم عبيدهم ديل يتصرفوا فيهم زي ما عايزين

  4. اقتباس من المقال أعلاه ( كما أوضح عبد الله بأن الأستاذ محمود يقول إن مصر بالنسبة للسودان هي بمثابة العقل في الجسد، وإن السودان بالنسبة لمصر هو في موقع القلب، ولأهمية تجاوز هذا العداء غير الطبيعي )

    تعليق : من الواضح أن محمود طه و تلميذه عبدالله الفكي و كاتب المقال هم في قاع الجهل فيما يتعلق بالعلاقات بين الدول و الشعوب . يا ناعمين لا يمكن وصف العلاقات الرسمية السودانية بالعداء من جانب السودان ابدا و لا يفكر هكذا الا الجهلة الأغبياء .

    الأمر بكل بساطة هو أن المخلصين من أبناء السودان يريدون تنقية العلاقة مع مصر من التنازلات الكارثية غير الطبيعية و أن يكون التعامل كما يحدث بين كل بلاد الدنيا

  5. لقد شرعت مصر في تنفيذ التزامها بالمساعدة في إعادة إعمار العراق،

    أيها الغبي , اذا كان للشركات المصرية دور في اعادة تدمير العراق بعد الاحتلال الاول في القرن العشرين فانه مكافأة لموقف حكومتها في التمهيد للاحتلال ليس الا
    قارن فقط البنية التحتية في العراق بين عام 2002 و سنة 2010 لتعرف مدى التدمير الذي حدث بعد الاحتلال و اطلع على ملفات الفساد في العراق بعد بول بريمر لتعرف مدى السرقة التي حدثت تحت غطاء خديعة اعادة الاعمار

  6. النور حمد عنده عقدة نفسية وعنده عداء شخصي مع مصر صحيح الدولة المصرية تحاول الاستفادة من واستغلال موارد السودان وده امر طبيعي كل دول العالم تفعل ذلك مصر دورها كان مشرف جدا في هذه الحرب ووقفت موقف تستاهل عليهو رد جميل وتحسين العلاقات كافة الاصعدة والسودانيين يكونوا مفتحين انت برضو تستفيد من علاقاتك مع مصر مش تقاطعها وتعلن عليها الحرب وتعاديها زي ما بقول الديك تور النور حمد منطلقات مقالته مريبة جدا وبيخاول يجيش الراي العام السوداني ضد مصر وهذا بالظبط مافعله دون كيشوت مع طواحين الهواء لا عداء دائن ولا صداقة دائنة السياسة تحكمها المصالح وليس المشاعر العاطفية زي بتاعة الديك تور النور حمد دي سواء كانت حب او كره السباسة مافيها مشاعر فيها مصالح بس الفكرة الجمهورية ولا مؤسسها بيعادوا مصر ولا عنده مشاكل نفسية مع مصر زي النور حمد ده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..