مقالات وآراء

يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور

 

عمار الباقر

هبة عمر شهدت الفترة الاخيرة انتصارات متوالية وسريعة للجيش السوداني في كل من ولايات سنار والجزيرة والخرطوم، حيث تمكن الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه من السيطرة علي معظم هذه الولايات وقد قوبلت هذه الانتصارات بارتياح واسع وطبيعي من سكان هذه الولايات الذين أصبحوا يمنون النفس بالعودة الي ديارهم وحياتهم السابقة.

في المقابل نجد أن الوضع بإقليم دارفور واجزاء من كردفان قد بلغ مستوي المأساة حيث أن جميع عناصر ميليشيا الدعم السريع المنسحبة من ولايات سنار والجزيرة والخرطوم وولايات أخري قد تراجعت الي داخل اقليم دافور مما يعني أن مواطن هذه المناطق سوف يتعرض الي القمع والنهب والتنكيل اضعاف أضعاف ما عاناه مواطن سنار والجزيرة والخرطوم، أضف الي ذلك عمليات القصف التي يقوم بها سلاح الطيران والتي تسببت في موت المئات واصابة الالاف .

علينا ان نكون أكثر وعياً في التعبير عن مشاعر الفرح من اندحار الميليشيا عن بعض المناطق، فلازالت مناطق أخري تعاني الامرين.

فلا ينبغي لنشوة الخلاص من ميليشيا الدعم السريع في سنجة ومدني وسنار أن تنسينا ما يجري في مناطق دارفور وكردفان، بل ينبغي ان تشكل دافعاً قوياً لنا للعمل علي استعادة الامن والسلام والاستقرار والتنمية في هذه المناطق.

فاستقرار البلاد وأمنها لا يتحقق دون استتبابه في كل شبر من ربوع البلاد.

كذلك من المهم أيضا إدراك حقيقة أنه لا سلام مستدام وتتمية من دون استعادة الامن والسلم المجتمعي في اقاليم دارفور وكردفان وما لم تدور عجلة التنمية في هذه المناطق اسوة ببقية اقاليم السودان.

هذا ما تعلمناه من حرب الجنوب ومأساة اتفاقية السلام الشامل حيث توهم عناصر الحركة الاسلامية ان حكمهم سوف يكون بمأمن بفصل الجنوب فارتد ذلك وبالاً عليهم وعلي دولتي السودان اللتان لم تشهدا استقراراً منذ انفصالهما وما حرب الخامس عشر من ابريل الا واحدة من نتائج تلك الكارثة.

أيضاً من المهم جدا الانتباه الي حقيقة أن المعركة ضد ميليشيا الجنجويد سوف تحسم تحديداً داخل اقليم دارفور وجزء من كردفان وأن المعارك في بقية المناطق هي مجرد محطات في هذا الاتجاه ليس إلا، كذلك علينا الانتباه الي أن هذه المعركة هي ليست عسكرية فقط بل هي معركة سياسية اقتصادية وليست جهوية.

حيث تعاني القوي السياسية والمدنية في هذا الجانب من قصور كبير هو أشبه الكارثة التي بدأت نذرها في الظهور.

فمن يراقب المشهد السياسي داخل اقليمي دارفور وكرفان سوف يلحظ بوضوح ضعف الصوت المدني فيهما وانحياز قسم كبير منه لصالح عسكرة السياسية والانحياز للميليشيات داخل.

حيث نجد ان قسم كبير من الصوت المدني داخل الاقليم قد انحاز اما الي مليشيا الدعم السريع عبر تحالف منصة التأسيس أو الي الحركات المسلحة، كما نجد ارتفاع الصوت الجهوي وسط المجموعات المدنية التي انحازت الي هذه الميليشيات علي حساب الصوت الوطني المدني المستنير.

إن تسليط الضوء علي ما يجري في مناطق مثل دارفور وكردفان بواسطة القوي السياسية والمدنية بما يكفي لإدماج مطالب اهل هذه المناطق في السلم والاستقرار، وتقوية ودعم الصوت المدني فيها ليتبوأ مكانه الطبيعي وسط الحراك الوطني المدني هو المدخل لحسم المعركة بشقيها السياسي والعسكري واستعادة الامن والاستقرار في كل ربوع البلاد.

غير أن ذلك لن يتحقق إلا عبر نشاط قاعدي حقيقي يستهدف سكان الاقليم في مناطقهم وليس بالصورة الفوقية التي تعتمد منهج الاستيعاب الشكلي لبعض المتعلمين والمثقفين من أبناء اقليمي كردفان ودارفور في المؤسسات السياسية المدنية وتجاهل السكان المحليين. إن العودة الي شعارات ثورة ديسمبر المجيدة وعلي رأسها شعار الثورة الخالد “يا عنصري ومغرور، كل البلد دارفور” والتعاطي مع هذه الشعارات بالجدية والتجرد المطلوبين هي بمثابة الفرصة الاخيرة لاستعادة أمن واستقرار البلاد والحفاظ علي وحدتها.

إذن فلنردد معاً يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..