مقالات وآراء

سودان بلا عسكرة : لماذا لا نصنع السلام بدل أن نغذي الجلاد؟

حسن عبد الرضي الشيخ

 

مع تزايد الأزمات العالمية، تطرح تساؤلات جدية حول جدوى العسكرة في الدول النامية. عندما تحدثتُ عن “سودان بلا عسكرة” مستشهداً بتجربة كوستاريكا، توقعت أن يأتي الرد سريعاً بأن الأخيرة تحت هيمنة الولايات المتحدة. لكن، هل هذا الانتقاد يقدح في نجاح التجربة؟ أم أنه دليل إضافي على أن الجيوش الجرارة ليست ذات جدوى في عالم تحكمه القوة الاقتصادية والسياسية أكثر من السلاح؟ .

 

إذا كان تدخل أمريكا في كوستاريكا واقعاً، فماذا عن بقية العالم؟ أليست الولايات المتحدة تفرض هيمنتها على روسيا رغم أسلحتها النووية المتطورة؟ ألم ترهب أوروبا رغم جيوشها المدججة وترسانتها النووية المتقدمة؟ هل منعت جيوش إيران المؤدلجة والمتعددة واشنطن من فرض العقوبات والخضوع التدريجي؟ وأين ذهبت مليارات الدولارات التي أنفقتها دول الخليج على التسليح، إذا كانت لا تزال تدفع الجزية تحت مسمى “ثمن الحماية”؟ .

 

لقد أظهرت الأحداث المتسارعة أن القوة العسكرية وحدها ليست ضماناً للسيادة أو الاستقلال. فحزب الله، الذي أرعب الداخل اللبناني قبل الخارج، ما هي مكاسبه الفعلية؟ الحوثيون، رغم التسليح والدعم، لم يمنعهم ذلك من تلقي الضربات الأمريكية. أما أفريقيا، بمواردها الهائلة وجيوشها الجرارة، فلا تزال تحت رحمة القوى الكبرى، دون أن تتمكن من فرض أجندتها المستقلة.

 

السودان أمام خيار استراتيجي

في ظل هذه المعطيات، يصبح السؤال ملحاً: لماذا نصر على عسكرة السودان؟ ما الفائدة من جيش جرار في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، ولا يملك تحالفات استراتيجية تقيه التدخلات الخارجية؟ إذا كانت القوى العظمى نفسها عاجزة عن التصدي للهيمنة الأمريكية عسكرياً، فكيف يمكن لدولة نامية مثل السودان أن تراهن على العسكرة؟ .

 

لقد آن الأوان لنفكر خارج الصندوق. السلام ليس ضعفاً، بل قوة اقتصادية وسياسية تعزز مكانة الدول دون إنفاق المليارات على التسليح. بدلاً من تغذية آلة الحرب التي لن تحمينا من الهيمنة، يجب أن نوجه مواردنا نحو التعليم والتنمية وبناء مؤسسات قوية تعزز الاستقرار الداخلي.

 

إن التجارب العالمية أثبتت أن التنمية والازدهار لا يتحققان عبر فوهات البنادق، بل من خلال بناء مجتمعات مسالمة، متعلمة، ومنتجة. فلتذهب العسكرة إلى “التاريخ”، ولنصنع مستقبلاً أفضل لسودانٍ لا يحتاج إلى الجيوش ليكون قوياً.

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. الخيار الأفضل هو إعلان حياد السودان! اي ان يصبح دولة محايدة،لذلك لا تحتاج الي جيش! أو جيش صغير مع احتياطي قومي ،يستدعي عند اوقات الازمات..كوارث أو حرب…

  2. العسكر أداة نشر العدل أن حجمتها سينتصر الظلم وان افسدتها سينتشر الفساد ماذا نفعل نربيها تربية نختارها بعناية نحاكمها بحكمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..