منطق تقدير طاقة الشباب

الكورباج
عبدالرحيم محمد سليمان
شد انتباهي اقتراح طرحه احد الاعضاء في قروب مبادرة ابناء الحاج يوسف يدعو فيه الى افساح المجال بالكامل للشباب لتولي زمام المبادرة ، ولم يكتفي بذلك بل طلب من الشيوخ “فوق الاربعين سنه” بالتقاعد وترك الساحة، والاكتفاء بمراقبة الانجازات التاريخية التي سيحققها ابناء جيله ، وما زاد دهشتي انه علل طرحه مستدلا بالحديث النبوي (نصرني الشباب حينما خزلني الشيوخ) وبمعلومة مفادها ان نبي الله نوح بعث وهو فى سن ال١٦ سنه كدليل على ان الشباب وحدهم الاجدر بقيادة المجتمعات.
ومع اننى لست رجل دين لكنني بحثت فى قوقل ووجدت ان نوح عليه السلام بعث وعمره ٣٥٠ سنه، وان النبي محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم كان يستعين بالشباب والشيوخ معا ويعطي كل فئة حقها بحسب خبرتها وقدرتها، فقد كان في الجيش الذي يعده النبي كبار الصحابة فيهم من الشيوخ ابوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وهم كانت ادوارهم حاسمة في السياسة والحكم والقضاء والفتوى ، كما كان فيهم الشباب كعلي بن ابى طالب واسامة بن زيد وغيرهم، وواقعة تولى اسامة بن زيد قيادة الجيش لمواجهة الروم رغم صغر سنه، جاءت في سياق يوازن بين جرأة الشباب وحكمة الشيوخ لا باقصاء فئة لصالح اخرى.
فالقضايا السياسية والاجتماعية بطبيعتها تحتاج الى التوازن بين حماس الشباب وخبرات الشيوخ، فالشباب يمتازون بالاندفاع والطموح والمغامرة وهى صفات مطلوبة للتجديد والتطوير لكن في المقابل تفتقر مرحلة الشباب للتجربة وقراءة المآلات، فالمجتمعات لا تُبنى بالقطيعة بين الاجيال بل بالتكامل بينها، والشيوخ ليسو بالضرورة عبئا على التقدم، بل يحملون ارث معرفى وتجارب حاسمة تجنب الشباب خطر التهور والتسرع.
لذلك ليس من الحكمة استهلاك الشعارات التى تدعو لاقصاء فئة على حساب اخرى، فهذه هى الدكتاتورية فى حد زاتها ، فالبناء والتطور يحتاج للتتاغم بين الشباب والشيوخ.
اكتر كاتب افكارك تقدمية واسلوبك حضاري