مقالات وآراء

أفيقوا، فلنا الصباح

 

مستور أحمد محمد

مضى عامان على اندلاع هذه الحرب العبثية المروّعة، التي خلّفت دمارًا غير مسبوق، وانتهاكات لا نظير لها في تاريخ السودان. حربٌ توحي مجرياتها بانزلاق خطير نحو التقسيم، أطلق شرارتها من سعى إلى استعادة سلطته عبر ضربة خاطفة للتخلص من خصومه واحدًا تلو الآخر. ولما فشل في ذلك، تحولت الحرب إلى مواجهة شاملة، هدفها تصفية الجميع دفعة واحدة، من خلال جرّ البلاد بأسرها إلى مستنقعها، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولأن الحرب لا يمكن أن تستمر دون غطاء اجتماعي أو شرعية سياسية، سعى مهندسوها إلى زجّ المجتمعات في أتونها، لتحويلها إلى حرب أهلية شاملة. استخدموا لذلك خطابًا زائفًا يتنافى مع الحقيقة، تغذّيه سياسات جهوية وعنصرية تُهيّئ النفوس للنزوع نحو الانقسام، مستندين إلى تجربتهم السابقة مع جنوب السودان.

وبعد التطورات الأخيرة في مدني، والخرطوم، والأبيض، ولضمان إحكام السيطرة على مثلثهم المشؤوم، كان لا بد من نقل الحرب إلى الغرب، وقد أعدوا مسرحها مبكرًا. وها هي المرحلة الأخيرة من مخططهم تنطلق، من خلال إثارة الغضب والغبن والاستفزاز، لتفجير مواجهات دامية، قد لا يدرك ضحاياها – وهم وقودها – أنهم يُساقون إلى الذبح باسم قضية لا شأن لهم بها. وربما يستبينون الحقيقة حين لا ينفع الندم.

ورغم قتامته، لا يزال في هذا الوطن قبس من أمل، وجذوة من إرادة، تنتظر لحظة إشراق. سيُثبت السودانيون من جديد أن المارد القابع تحت رماد المآسي، قادر على النهوض نحو آفاق الحرية والسلام والعدالة. إن شعلة المستقبل بأيدينا، وما نحتاجه فقط هو من يملك الشجاعة لإشعالها.

فليس الشجاع من يُزهق الأرواح، بل من يُنقذها.
وليس الجبان من يتراجع خوفًا على أرواح الآخرين، بل من يُمعن في السير نحو خلاصه الفردي — الجغرافي، أو الإثني، أو الحزبي، أو غيره — على حساب دماء الأبرياء.

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..