مقالات وآراء

المسؤولية التاريخية

نضال عبدالوهاب

 

لا أجد ما يمكن أن يوصف به المشهد الحالي والظرف الذي يمر به السُودان وشعب السُودان بغير أنه واقع غير مسبوق طوال تاريخنا المُمتد.

فالسُودان الذي ظلّ يُعاني جراء الحرب الحالية في كُل شئ ، ويواجه أكبر مآساة إنسانية من قتل ونزوح وتشريد ولعله قد إكتملت فصول الخطر الذي يواجه بلادنا في إشتداد حدة التآمر عليه نتيجة للضعف الشديد والأخطاء في القيادة الحالية والسيّر وفق أجندة خارجية إقليمية أو دولية تتهدد بلادنا ومصالحها ، ذلك الخطر الذي يريد إقتطاع اجزاء البلاد وتقسيمها ، سواء في دارفور أو جبال النوبة أو الشرق أو حتي الشمالية ، يريدون تقاسم السُودان أو علي أفضل تقدير إعادة إحتلاله أو السيطرة عليه وعلي موارده وثرواته وأراضيه ، ويتم كُل هذا وفق سيناريوهات يتم العمل عليها ، مستفيدين من ما أفرزه واقع الحرب الحالية ، والتي وجدت كُل هذا الدعم من بعض دول الخارج والإقليم ، سواء بالسلاح أو الغطاء السياسِي ، والصمت عن جرائمها أو التقاعس عن واجبات حماية المدنيين.

امام كُل هذا الواقع الماثل ، هنالك تحديات حقيقية تفرض وبقوة علي جميّع السُودانين مواجهتها والتعامل معها والنجاح في التغلب عليها ، وخاصة للذين يحاولون التصدي للحلول للبلاد وقيادتها وقت الأزمات ، أكبر هذه التحديات ليس الحرب فقط وإنما ما وراء الحرب والنتائج التي يمكن أن تأتي تبعاً لها ولما تفرزه ، فالحرب هنا ماهي إلا أداة للأسف لتشكيل واقع جديد علي السُودان والسُودانين ، للأسف قد بدأت بعض ملامحه تظهر ومنذ فترة ، وحتي ماقبل الحرب نفسها وفي الطريق إليها  إذاً التحدي الأكبر والحقيقي هو المحافظة علي وحدة السُودان وكسر كُل المؤامرات والسناريوهات التي تُحاك لأجل تفتيت وتقسيّم البلاد وهزيمة أي مشرّوع تقسيّمي تآمُري علي بلادنا ، وهذا يتطلب تنادي غير مسبوق وفعل داخلي سُوداني لكل المؤمنين بوحدة بلادنا والمخلصين لذلك من اللذين لايدخرون أي جهد أو تضحيات في سبيل ذلك الهدف الأعظم في تقديري ، التعامل مع هذا الأمر والتحدي بعدم لا مُبالاة أو إستخفاف وسطحية من السُودانيين وكل قواه ، وممن يتصدون للعمل القيادي السياسِي في بلادنا سيودي إلي نتائج كارثية علي حاضر ومُستقبل بلادنا لاقدر الله ، وسيكون ذلك من أكبر الهزائم التي تتلقاها بلادنا وشعبنا عليه ، لذلك فإن هذا الأمر من الضروري والهام جداً التعامل معه وفق ما أُسميه هنا (المسؤولية التاريخية) ، وهو يعني ببساطة التعامل الجاد والمُخلِص والذي لايدخر أي جهد ولا تضحية في سبيل النجاح في الحفاظ علي وحدة بلادنا أرضاً وشعباً ومن ثم المُضي بها إلي ما يصبو إليه كُل السُودانين من سلام وأمن وتنمية وإذدهار وتقدّم في كافة المجالات ، ووضعها في المكان الذي يناسبها في مقدمة الدول إقليمياً وقارياً ودولياً بإذن الله….

هذا التحدّي الأكبر الذي ذكرته للحفاظ علي وحدة السُودان لن يكون سهلاً وميسوراً نتيجة لذات الواقع الحالي ، والحرب الحالية كذلك وما سبقته من حروب ، ويتطلب التعامل معه بطريقة جديدة من التفكيّر والروح والإستعدادات التي تجعلنا نتخطي كُل الصعاب وتدارك كافة المخاطر الجمّة والتعقيّدات الموجودة ، وللوصول إلي السكة والإتجاه الصحيح لذلك من الضروري توحيد الجبهة الداخلية وتشكيل أكبر حائط صد وتقويته من جميّع السودانيين قيادة وقاعدة ، سياسين ومدنيين وعسكريين ، قوي تقليدية وقوي حديثة ، وقوي مجتمعية ، فالأمر يرتبط بوجودنا ، والخطر الذي يتهددنا يتطلب النظر له من هذه الزاوية ، لا مجال للإختلاف في هذا الإتجاه ، إلا للذين يرفضون هذا ، ويعملون لتقسيّم البلاد وتفتيتها وتقديمها هدية للقوي الطامعة والمُحتلة وأعداء البلاد ، وهؤلاء من المؤكد للأسف موجودون ولكنهم قلة قليلة بعضهم “باع” نفسه للأسف وضميره ، وآخرون منهم غلبوا مصالحهم الخاصة والضيقة علي مصلحة الوطن وشعبه وآخرون يتعاملون إما بقلة أفق أو حيلة مما يعطي الأعداء لبلادنا ولوحدتها الفرصة في تمرير مُخططاتهم وتصوراتهم لتقسيّمنا وإضعاف بلادنا والسيطرة عليها ، ولا يهم في سبيل ذلك إبادة الشعب السُوداني أو تشريده أو إبداله وإحلال آخرين مكانه.

توحيّد وتأمين جبهتنا الداخلية ، يتطلب تفكير جديد كما ذكرت ، وتقديم تنازلات حقيقية لبعضنا لأجل الوطن ، غير مقبول إطلاقاً هنا أن يكون هنالك رأي في هذا وفي ذاك طالما أنه يتفق معك علي هدف وحدة بلادنا والطريق الذي يمكن يؤدي إليها بوقف الحرب ، فهنا الخيار هو للمصلحة الوطنية العُليا للبلاد وليس لأجندة خاصة أو ذاتية أو سلطوية؟؟؟

واحدة من أهمّ الأسباب التي أدت وبقوة إلي هذا الواقع الحالي هو عدم ترتيب أولوياتنا وأهدافنا وتقديمها علي ما عداها ، سرنا في المسار “الإقصائي” بوعيّ أو دون وعيّ وعدم القبول بالآخرين المختلفين مع الإعلاء التام للأجندة الخاصة والذاتية والحزبية والسياسِية للكيانات والقوي المُختلفة فاضعفنا لدرجة مُخيفة جبهتنا الداخلية و وحدتنا فيها علي حساب مصالح السُودان الوطن الذي يضمنا جميّعاً وله حق علينا ومصلحته فوق الجميّع.

العودة إلي مسار القبول ببعضنا البعض وتقديم المصالح الوطنية الأعلي بحسب أولوياتها هو الطريق الصحيح الذي علينا الإتجاه والسيّر فيها ، فنحن قد جربنا كُل الطرق في الإختلاف والإقصاء فما قادتنا إلا لهذا المصير الحالي والخطر الذي يتهددنا دولةً وشعب ، التعامل في هذه المرحلة لتخطي هذا الواقع يلزمنا بالسير وفق اولويات المرحلة في وحدة البلاد ووقف الحرب ثم الجلوس معاً كسُودانين لحلحلة جميّع مشاكلنا بانفسنا بالطريق الذي نستفيد فيه من كل أخطاء الماضي وعدم العودة للحروب والصراعات والتناحر وصولاً لتحول ديمُقراطي ووطن حر وموحد يسع الجميّع بمساواة وعدالة وعدم ظلم وإختلالات ، المسؤولية التاريخية إذاً هي التي نضعها في أنفسنا والجميّع لأجل المُحافظة علي بلادنا ووحدتها أرضاً وشعباً ، وعلي كل القوي السياسِية والفاعلة والثورية والمُجتمعية الإطلاع بدورها لقيادة بلادنا لوحدتها وهزيمة مشاريع تقسيمها وإحتلالها وإضعافها ونهبها ، ومؤكد إذا غلبنا مصالح بلادنا في هذا سننجح وننتصر بإذن الله تعالي.

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. خلاص الجذري الوهم نضال (جذري امريكا) لقي موضوع جديد وعاد الى ممارسة الهبد والتنظير الذي لايعرف غيره كاى جذري اخر غير التنظير وشق الصفوف ماعندهم حاجة.
    هنا اعادة للاسئلة للمرة المليون بخصوص مقالك المهبب المنشور يوم ١٥ اغسطس ٢٠٢٤م بعنوان (نزع الشرعية من طرفي الحرب في السودان) وكنت قد سالتك عن؛
    ١. دا منو الحينزع شرعية جيش الكيزان الارهابي وشرعية مليشيا الدعم السريع؟؟؟؟
    ٢. كيف تنزع هذه الشرعية؟؟ ولمن تعطي ؟؟ وكيف؟؟
    ٣. وكيف يتم اعتبار طرفي الحرب مجرمين؟ ودا منو الحيعمل كدا؟؟ ومتين ؟؟ ووين حيتم الكلام دا؟؟
    والله ي جذري لن تتوقف الكسرة الا اذا جاوبت عليها او اهلك انا دونها.
    عشان تعرفوا الجذريين والشيوعيين ناس وهم كيف وغير الكنضمة والتنظير وشق الصف ماعندهم حاجة،
    كان الجذري نضال طالب بالجلوس مع تنظيم الكيزان الارهابي وفي حين انه هم الجذريين المواهيم رفضوا يجلسوا مع قوي الحرية والتغيير وناس تقدم حتى دكتور المهذب المؤدب المحترم حمدوك رفضوا يجلسوا معاهو !!!!! شوفتو عبط اكتر من كدا؟؟
    محن محن محن والله محن.
    ثم بعد فترة طالب الجذري نضال بتكوين تحالف سياسي جديد لنج يبداء من الصفر!! في وجود تنسيقية تقدم التى تضم خيرة السياسيين ونخبة البلد الجذري نضال عاوز تحالف جديد لنج يبدا من الصفر !! ااااه يا بطنى ااااه ي مصاريني
    موش قلت ليكم الجذريين مابيفهموا حاجة ومثاليين وحالمين وهم مكسب لعصابة الكيزان الارهابية بمواقفهم المهببة دى.
    عرفت ليه قاعد اقول ان الجذريين لهم احلام العصافير، والمصيبة بتفكيرهم القاصر دا بقو شقاقين للصفوف معطلين للثورات مناصريين للكيزان والارهابيين. اااااااه ااااه
    كدى جاوب على الاسئلة اعلاه فنحن في حوجة لنزع شرعية طرفي الحرب جيش الكيزان ومليشيا الدعم السريع.
    صفات ملاحظة في الشخص الجذري … يحمل احلام العصافير شقاق للصفوف كتير التنظير فاجر في الخصومة.
    الحزب الشيوعي وبعقلية الجذريين دى انتهي وصار عبارة عن مجموعة صغيرة من الجلاكين كبار السن قاعدين تحت لافتة بائسة في بيت ايجار قديم وذلك بعد ٨٥ سنة من انشائه في ١٩٤٥م.
    انها عقلية الجذريين عقلية العصافير واحلامها التى نهايتها التشرذم والتحارب والتشاكس وخراب البلاد وهلاك العباد.
    من يقنع الجذريين وجلاكين الحزب الشيوعي بالعدول عن موقفهم هذا؟؟؟ من من من؟؟ تعبنا من الجذريين المثاليين اكتر من عصابة الكيزان الارهابيين.
    كدى جاوب على اسئلة وماتعمل رايح
    الكسرة دى ماحتقيف الا تجاوب

  2. شوف يا نضال أمريكا

    ما تكلمنا بالالغاز عن ضرورة تقديم تنازلات وعن (المسؤلية التاريخية) وعن ضرورة الوحدة وباقي الفرمالات بتاعتك دي.

    بكل وضوح مافي حاجة إسمها تصالح مع الكيزان ولو إستمرت الحرب مائة ألف عام.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..