في وجه النار والخذلان : قراءة في مقال (لا دارفور تُفصل ولا السودان يُختطف مرتين)

حسن عبد الرضي الشيخ
بمداد الجراح، وبكلمات من لهب، كتب عروة الصادق مقالاً لا يشبه إلا المواقف الفارقة في تاريخ الأمم، تلك اللحظات التي يُنتزع فيها الكلام من حدود اللغة ليصبح فعلًا، موقفًا، وصوت شعب بأكمله، لا مجرد رأي عابر. لقد صرخ عروة – ولا نقول كتب – صرخ في وجه علي كرتي، لا كمجرد سياسي، بل كرمز لكامل المنظومة التي أحرقت البلاد وسعت اليوم لشرعنة الخراب باسم “الحل بالحسنى”.
الطرح المركزي :
المقال يرفض، بوضوح وقوة، ما طرحه علي كرتي بشأن “تكرار سيناريو الجنوب” في دارفور، ويضع ذلك في خانة الخيانة الوطنية لا “الحلول السياسية”. ليس رأيًا معارضًا، بل بيان اتهام سياسي وأخلاقي في آن. يقولها عروة بصرامة: “دارفور ليست الجنوب، ولن تكون”، لأن السياق مختلف، والمطالب مختلفة، والنية الكامنة وراء الطرح ذاته مُريبة ومسمومة.
بلاغة الغضب :
من الناحية الأدبية، لا يمكن فصل المقال عن نبرة الغضب النبيل فيه. الكاتب لم يستعن بزخرف البلاغة للتزيين، بل جعل البلاغة أداةً للمواجهة، فكل جملة فيه تصفع، وكل فقرة تسائل، وكل استشهاد يحاكم. العبارة المفتاحية “من يقفز فوق دارفور يسقط في حفرة التاريخ” ليست مجرد استعارة، بل هي قانون أخلاقي وسياسي في وجه كل من يفكر في اختصار الأزمة بتقسيم جديد.
تفكيك خطاب كرتي :
– يُفكك عروة الصادق ما وراء خطاب علي كرتي، كاشفًا أن ما سُمي “حلًّا سياسيًا” هو في الحقيقة تهديد علني، وتكرار لمبدأ “فرّق تسد” الذي استخدمته الحركة الإسلامية لعقود، سواء في الجنوب، أو جبال النوبة، أو شرق السودان، والآن تُعيد تشغيله في دارفور.
– ويربط الكاتب بين مشروع الإسلام السياسي وسلوك العصابة : تغطية النهب بالمقدس، وتبرير القتل باسم الهوية، والتلاعب بالمصير الوطني كأنه سلعة على مائدة مفاوضات.
دارفور كمرآة :
ربما من أهم ما في المقال، أن الكاتب لا يقدم دارفور كضحية، بل كمرآة لجريمة النظام، وكساحة كاشفة لفشل مشروع كامل. وهو بذلك يحرر دارفور من حصرها في خانة الأزمة، ليعيد تقديمها كجذر وطني، وثقل تاريخي، ومصدر للهوية السودانية ذاتها، لا هامشًا منها.
رسالة الختام : الوعي والمواجهة
إن أخطر ما في مقترح علي كرتي – كما يقول المقال – ليس فقط ما يحمل من فِتن، بل في وقاحته : كيف لقاتل أن يعرض علينا وصفة النجاة؟ كيف لمن أشعل النار أن يعظ الناس عن إطفائها؟
وعروة لا يكتفي بالرفض، بل يدعو إلى المواجهة : لا بالنقد الهادئ، بل بالرفض الزلزال. يدعو لمحاكمة كرتي، لا محاورته. يطالب بإسقاط هذا النوع من الطرح، لا مجادلته.
الدرس العميق :
هذا المقال لا يخاطب فقط علي كرتي، بل كل من يظن أن الذاكرة السودانية قصيرة، وأن الخراب قابل لإعادة التسويق. إنه يعلن أن دارفور ليست بندًا تفاوضيًا، ولا ورقة ضغط، ولا جائزة ترضية. بل هي قلب السودان، ومن أراد سلخه، فليعلم أن الوطن كله سينزف.
في الختام :
هذا المقال هو بمثابة “بيان رقم واحد” من جيل جديد، لا يسكت، ولا يساوم، ولا يقبل أن يُصادر تاريخه، ولا يُفاوض على أرضه. هو صوت الثورة حين تُترجم إلى كلمات، والكلمات حين تتحول إلى سلاح.
قولوا لعلي كرتي ومن معه: إن السودان الذي ولد من رماد الاستعمار، لن يُدفن تحت ركام الإنقاذ. وإن دارفور ليست بضاعة، بل ذاكرة وشعب وتاريخ، لا تُقسم بل تُستعاد.
ي زول الانفصال هو الحل الكبير والوحيد والناجع
لاحل الا باعلان عودة الدول الثلاث المكونة لهذه الخريطة المشوهة الاسمها السودان لاصلها وان يحكم ابناء كل بلد منطقتهم كما كنا منذ الازل كالاتي دولة كوش دولة دارفور واقليم جبال النوبة.
كدا كدا الانفصال جاى جاى وقريبا جدا