مقالات وآراء

المدن والأرياف : تتلاحق الأكتاف

محمد الصادق

 

بئر ماء وصهريج

وموتور يعمل بالطاقة الشمسية..

هكذا تتوفر المياه الآن

في كثير من قري الريف

ويتوفر بالطبع

الفحم والحطب

للطبخ والعواسة

وهذا أصبح الآن

شيئا مشتركا

بين المدينة والريف

ففي المدينة الآن

تجد في البقالة

الحطب والفحم

موضوعان علي البنك (الطاولة)

في الواجهة

بجانب الحلوي والبسكويت

والشيبسي والإندومي

وحتي في الخرطوم المثلثة

اعلنت هيئة المياه

أنها ستتجه

لتشغيل الآبار الجوفية

بالطاقة الشمسية

كخيار بديل

عندما حدث التخريب الحربي

لمحطات الكهرباء

في الأيام الفائتة

هرع الناس

لشراء خلايا الطاقة الشمسية

ولقد رأيت طابورا طويلا

أمام أحد المحلات المتخصصة

وعندما اقتربت واستفسرت

وجدت أن أسعارها

في متناول اليد

فخلية بمبلغ ١٠٠ ألف فقط

توفر كهرباء كافية

لتشغيل مراوح وتلفزيون

لمدة خمسة ساعات

في المتوسط

فهي إذن

أرخص من كهرباء الشركة

بعد الرفع الأخير لأسعارها

والذي ربما كان سببه

دفع الناس

بإتجاه الطاقة الشمسية

معظم المخابز في السودان

سواء في المدن أو الأرياف

تعمل الآن بالطاقة الخشبية

ولذلك علي عكس المتوقع

لم تحدث أزمة في الخبز

المخابز قد تستخدم

المولدات لفترات قصيرة جدا

من أجل عمليات العجن فقط

الحرب برغم قساوتها

لكن من حسناتها

انها جعلت الناس

يعيدون اكتشاف الريف

فالنزوح الكثيف

خاصة من العاصمة القديمة

أدي إلي إنتشار الناس

في كل ربوع السودان

فقد تجد قرية صغيرة

كان بها قبل الحرب

بضع عشرات من المساكن

الآن بها عشرات المئات

والبنيان يختلف

حسب مقدرة الناس

فمن بيت صغير من الجالوص

إلي بيت كبير من المسلح

دورة مياهه

بنظام السيبتك تانك

يؤتي له بالشفاط من المدينة

علي بعد عشرات الكيلومترات

ومع أن معظم القري

التي مررنا بها

وصلتها الكهرباء

لكن المسافرين العابرين

يلاحظون بين الفينة والاخري

ابراج الإتصالات

التي تعمل بالطاقة الشمسية

كما يمكنهم أيضا ملاحظة

ألواح مختلفة الأشكال والأحجام

تزيّن أسطح بعض المنازل

بجانب أطباق الفضائيات

وخزانات المياه

والآن عادي جدا

أن تجد كنتين صغير بقرية صغيرة

عبارة عن شباك يفتح لأعلي

لكن تجد مرصوصة بأرففه

السلع المستوردة

مختلف انواع الحلويات والبسكوتات والشكولاتات

الشعيرية والمكرونات جميعها

مختلف الشركات والأنواع

والمعلبات المستوردة

علب القشطة والمربي

والطحنية والعسل الأسود

والتونة والساردين

والجبنة الرومي بأنواعها

والجبنة المثلثات بأنواعها

وقد بنيت بالطبع

خاصة في القري الكبيرة

دكاكين كبيرة

فتحت كبقالات حديثة

أشبه بالسوبر ماركت

بها حتي الخضار واللحم واللبن

وفتحت كذلك بوتيكات

بها انواع لا حصر لها

من العطور ومستحضرات التجميل

والأسواق كانت في العادة

يوم في الأسبوع

لكنها صارت الآن كل الأيام

وهي شيئا فشيئا

تتحول من محلات غير ثابتة

إلي محلات ثابتة

وبدل القهاوي

وبراريد الشاي الكبيرة المتنقلة

التي كان أصحابها رجال

انتشرت الآن ستات الشاي

بل أنه في بعض الحلّال

تجد أندية المشاهدة

وصالات البلياردو والبلي ستيشن

وصوالين الحلاقة الحديثة

في العقود الأخيرة

رأينا المدن تتريف

فقد صار أكبر سوق في الخرطوم

تقفل محلاته منذ العصر

وصارت الأماكن العامة

للتسلية والترفيه

شبه منعدمة

بسبب الإزدحام وتخلف المواصلات

وصار أكبر متنفس للشباب

هو التحلق في الأمسيات

حول بائعات الشاي

في بعض الميادين

وأطراف الشوارع

وتحت الجسور

فصارت المدن ريفية

وها هو الآن

الريف يتمدّن

(الكتوف اتلاحقت) !!

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..