تجدد إطلاق النار في كشمير.. وباكستان تتجه لرفع شكوى لمجلس الأمن ضد الهند

أعلن الجيش الهندي، اليوم السبت، أنّ عناصره تبادلوا إطلاق النار خلال الليل مع القوات الباكستانية على طول خط المراقبة، وهو الحدود الفعلية بين الهند وباكستان في كشمير.
وقال الجيش الهندي إن إطلاق نار “غير مبرّر” بأسلحة خفيفة، شُنّ من مواقع “عدة” للجيش الباكستاني “على طول خط السيطرة في كشمير” ليل الجمعة السبت، وأوضح في بيان أن “القوات الهندية ردت على نحوٍ مناسب مستخدمة أسلحة خفيفة”، مضيفاً أن إطلاق النار لم يُسفر عن وقوع إصابات.
ويأتي هذا بعد يوم من تبادل قوات الهند وباكستان إطلاق النار خلال الليل على طول خط السيطرة الفعلي الذي يشكل الحدود بين البلدَين في إقيلم كشمير. وفي إطار الصراع في المنطقة، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الجمعة، نقلاً عن وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، أن باكستان ترى أن هناك حاجة إلى إجراء تحقيق دولي في مقتل 26 شخصاً في منطقة سياحية في إقليم كشمير هذا الأسبوع، وأنها مستعدة للعمل مع المحققين الدوليين، وقال آصف في مقابلة مع الصحيفة إن باكستان “مستعدة للتعاون” مع “أي تحقيق يجريه المفتشون الدوليون”.
وتقول الهند هناك عناصر باكستانية في الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء، لكن إسلام أباد نفت ضلوعها في الهجوم، وتطالب كلتا الدولتين بالإقليم الجبلي لكنّ كلاً منهما تسيطر على جزء منه فحسب. ومنذ الهجوم، اتخذت الدولتان المسلحتان نووياً مجموعة من الإجراءات ضد بعضهما البعض، إذ علقت الهند معاهدة مياه السِّند المهمة وأغلقت باكستان مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية الهندية.
وأضاف آصف للصحيفة نفسها أنّ الهند استغلت تداعيات هجوم المسلحين ذريعةً لتعليق العمل بمعاهدة المياه ولأغراض سياسية داخلية. ورأى أن الهند تتخذ خطوات لمعاقبة باكستان “دون أي دليل، ودون أي تحقيق”، وتابع “نحن لا نريد أن تشتعل هذه الحرب، لأن اشتعال هذه الحرب يمكن أن يسبب كارثة لهذه المنطقة”.
وأعلنت جماعة مسلحة غير معروفة تطلق على نفسها اسم “مقاومة كشمير”، مسؤوليتها عن الهجوم في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتقول الأجهزة الأمنية الهندية إن هذه الجماعة، المعروفة أيضاً باسم جبهة المقاومة، هي واجهة لجماعات تتخذ من باكستان مقراً مثل عسكر طيبة وحزب المجاهدين. ونفى آصف صحة هذا الادعاء في المقابلة، وقال إن جماعة عسكر طيبة “بائدة” وليس لديها القدرة على التخطيط أو شنّ هجمات من الأراضي التي تسيطر عليها باكستان، وقال “ليس لديهم أي تجهيزات في باكستان.. هؤلاء الأشخاص، أياً كان ما تبقى منهم، إذ جرى احتواؤهم؛ بعضهم رهن الإقامة الجبرية، وبعضهم رهن الاحتجاز. إنهم ليسوا نشطين على الإطلاق”.
مجلس الأمن يدين الهجوم في كشمير
إلى ذلك، دان مجلس الأمن “الهجوم الإرهابي” في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، داعياً إلى إحالة المسؤولين عنه إلى العدالة. وفي بيان صادر الجمعة، دان أعضاء المجلس الذي أصبحت باكستان عضواً فيه لمدة عامين منذ يناير/ كانون الثاني، “بأشد العبارات الهجوم الإرهابي” الذي وقع الثلاثاء.
وأكد المجلس أن الإرهاب “بأشكاله كافة” هو “أحد أسوأ التهديدات للسلم والأمن الدوليين”، مشدداً على “ضرورة محاسبة مرتكبي هذا العمل الإرهابي ومنظميه ومموليه وداعميه وتقديمهم إلى العدالة”. والبيان الذي يتطلب موافقة جميع أعضاء المجلس الـ15، لم يُشر إلى التوترات التي اندلعت بين باكستان والهند.
في سياق آخر، وبالإضافة إلى تأهب القوات المسلحة الباكستانية لمواجهة أي تهديد هندي، باتت الخارجية الباكستانية تعمل سريعاً لتنشيط دول المنطقة والعالم من أجل الضغط على الهند كي تتراجع عن قرارتها الأخيرة، خاصة إلغاء اتفاقية المياه، واتهام باكستان بالوقوف وراء الهجوم على السياح في منطقة بهلكام في الشطر الهندي من إقليم كشمير، الذي أدى إلى مقتل 26 سائحاً.
وقالت الخارجية الباكستانية، في بيان، إن وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحق دار، وهو نائب رئيس الوزراء، قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وتباحث معه في قضية التصعيد الجاري مع الهند. وذكر بيان الخارجية أن الوزير الباكستاني أوضح خلال الحديث مع نظيره السعودي أن باكستان لن تقبل أي نوع من المساومة على أمنها وسيادتها، وأن الرد الباكستاني على أي عدواني هندي سيكون قوياً، كما أطلع الوزير الباكستاني نظيره السعودي على قرارات مجلس الأمن الوطني الباكستاني، كردّ فعل لما قامت به الهند.
كذلك، أكدت الخارجية الباكستانية، في بيان ثانٍ، أن وزير الخارجية أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني عباس عراقجي، وأطلعه على موقف باكستان حول الصراع مع الهند. علاوة على ذلك، قدّمت الخارجية الباكستانية شرحاً مفصلاً للوضع لسفراء الدول الصديقة، خلال اجتماع في مقر الخارجية الباكستانية، وفق بيان صادر عنها، مشيرة إلى حرص إسلام أباد للحفاظ على أمن المنطقة، وحل كل الملفات مع الهند عبر الحوار، لكن الأخيرة هي التي ترغب في اللجوء إلى الخيار العسكري، ولا بد لباكستان من الدفاع عن سيادتها.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الباكستاني أن بلاده سترفع قضية ضد التدخل الهندي في الشؤون الباكستانية، من خلال تسليح وتمويل الجماعات المسلحة، وعلى رأسها “طالبان” الباكستانية، وجيش تحرير بلوشستان، إلى مجلس الأمن الدولي، مع أدلة وبراهين تثبت أن الهند تسعى لإرباك أمن باكستان من خلال تلك الجماعات، كما أكد بيان الخارجية أن الحكومة الباكستانية ستتقدّم بقضية بشأن إعلان الحكومة الهندية تعليق اتفاقية المياه سنده طاس معها إلى صندوق النقد الدولي، وستأخذ كل خطوة قانونية من أجل التصدي لما تسعى إليه الهند من مساس بأمن باكستان وتشويه سمعتها.
وفي الإطار، تبنّى مجلس الشيوخ الباكستاني باتفاق أعضائه، قراراً يدين فيه ما سمّاها الحملة الهندية من أجل تشويه سمعة باكستان عالمياً، واتهامها لها بالضلوع في الهجوم على السيّاح في كشمير، كما أشاد مجلس الشيوخ بما أعلنته الحكومة الباكستانية من الخطوات الانتقامية ضد الهند.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)