ماذا يُريد أهل السودان ؟ نهضة أم وثبة خبِروها؟ .. ومع من نثب ؟ أي ملاح نرتجي ؟

إسماعيل ادم محمد زين
لا بُد من الإعتراف بأن السودان لما يتشكل بعد و يكفي إختفاء ثلثه بعد حرب عبثية لم يتنحي من كان سبباً في إشعالها أو من تسبب في الهزيمة ؟ والآن تجري ثلاث حروب وربما ستزيد في المستقبل. ورغم كل ما يحدث يعجب كثير من الناس إن لم نقل كل الناس عن فهم سر ما يحدث ! هل لعنة أصابتنا ؟ أم مؤامرة إجترحتها عفاريت؟ وسيطول التعجب والتسآل! وببساطة يمكننا القول بأنه لا توجد أُمة سودانية! بل كيان هُلامي وربما أحسن هيكل توصيفه ، حين قال لا يوجد بلد إسمه السودان بل جغرافيا ممتده – أضحت الآن بين الصحراء و السافنا الفقيرة! رقعةٌ ما تزال واسعة علي صغار الأحلام من المتسلطين عليها! ولما تحظ بعد بقيادة ملهمة تجمع أطرافها وتحرك سكانها لتستغل مواردها. وذات الجغرافيا لم تمنحنا جواراً طيباً وإنما جواراً طمِعاً ليس فقط في الشمال ولكن في كافة زوايا الجغرافيا وإتجاهاتها وكان الشمال الجغرافي دوماً الأسوأ، فمنه تأتي السموم والرياح الجافة ونسمع من قِبله قعقعة السلاح و ويلاته! ولم نسمع من يتكلم من تلك الجهة إلا وفمه يمتلئ بالماء والنيل وأكاذيب الإخوة!
شاهدتُ قبل أيام أهلنا في صعيد مصر من النوبة وهم يعانون في إهمال من ظلم حكومات مصر المتتالية وربما كان عرب إسرائيل أفضل حالاً منهم – فهنالك يبقي الأمل في التحرر وفرص في التعليم وورثة كيان غني. من يدري؟ تم إغراق أراضي النوبة وما زالت الأيادي المصرية تُلاحق ما تبقي من حضارة وآثار وثروة لتغرقها في مشاريع لسدود لا فائدة منها لبلادنا وربما كان في أكبرها هلاك مصر بكاملها! من يدري؟ كيف تتحرك الأرض وكيف ترفض الأجسام الغريبة ؟ لا أحد يعلم ديناميات المشاريع الكبيرة! لقد تم إبعاد النوبة عن ضفاف بحيرتهم في الشمال الجغرافي وفي الجنوب الجغرافي كما يحلو لهيكل تسميته! عنصرية للجغرافيا في شمال الوادي تستأصل النوبة بما فعل الأوروبيين في الهنود الحمر!
قد لا يعلم كثير من الناس بأن صعيد مصر كان يتبع للسودان وسطت عليه سلطات مصر الأجنبية ، تماماً مثلما سطت علي حلايب! ورغم ذلك يتكلم صبية الإنقاذ وشيوخهم عن تكامل وتعاون ! خوفٌ أم طمع؟
ما الذي أضعف تشكيل الأُمة الواحدة في هذه الرقعة من الأرض؟ وما الذي جعل تشكيل أقوي أُمة علي الأرض ممكناً في أميركا الشمالية رغم تشرزمها وتنوعها؟ القوة .. القوة والقيادة الملهمة- قبل أكثر من قرنين ومن بين دمار الحرب وُلدت أعظم أُمة علي الأرض وأقواها، بل أصبحت موئلاً وأملاً وحلماً لكل الناس علي الأرض! حيث إستطاعت القيادة الملهمة الذكية أن تُحرك السكان بالعدل والحرية وبكل القيم الإنسانية الرفيعة وبدستور صاغته عقولٌ جبارة متفتحة. ويجئ تماسك المجتمع الأميركي بقوة الإقتصاد و بالقيادة و بالتعليم والتكنولوجيا وبالحلم الأميركي –كحلك مارتن لوثر كنج! وبالرغم مما يبدو من تماسك ، إلا أن التشرزم سرعان ما يبين عند أي إمتحان وقد تشعل نيرانه حوادث صغيرة كما رأينا مراراً،لا نحتاج لسردها – فهي معروفة ومصادر المعرفة ميسورة لم يريد! ولنُذكِر فقط ببعض ظواهرها، حيث نجد مدن داخل المدن مثل الصين الصغيرة في نيويورك وهارلم لسود إفريقيا. وهكذا نجد تنوع أميركا في كافة ولاياتها!ولنا أن ننظر فيما يجمع شتات جغرافيا السودان ولنجعل ما تبقي منه مصدر قوة؟
لعل الجميع قد لاحظ حرص أميركا بالرغم من قوتها علي إصطناع عدو ما! وربما رعايته حتي يصبح نداً لها فليس في قتل مسكين مدعاة للفخر- لذلك كانت تبحث عن هدف بعد 11سبتمبر وكانت تتحرك لأقوي هدف و هي تحوم حول دول عديدة – منها السودان ، باكستان، إيران ، افغانستان والعراق ويبدو بأنها قد وضعتها في لائحة ستجهز عليها بالترتيب، بدءاً بأفغانستان والعراق وال… إلي نهاية القائمة. وهكذا في كل مرة يضعف الحس القومي!
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إصطنعت أميركا من روسيا عدواً حتي أجهزت عليها ومن بعد أخزت تنظيم القاعدة والذي أشرفت علي ميلاده وتسليحه وتوجيههه لتصل إلي مراميها ولتجمع شتاتها! والآن إصطنعت الإرهاب وألصقته بالإسلام كعدو رئيسي تجمع قواها لمواجهته ولتقوي مناعة مجتمعها المتفرق!
تنوعنا في السودان يعتمد علي القبيلة وتسعي جهات كثيرة لإظهارها كدليل علي التخلف وقد صدقت بعض الحكومات هذه الفرية ، مثلما حدث في عهد مايو، فسعت لتفكيك القبائل عبر الإدارة الأهلية واليوم نجني حصاد غرس مايو الخبيثة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وربما في شمال كردفان مثلما تحدث الميرغني الصغير! نعم القبيلة مرحلة من مراحل التخلف البشري ولكن ليس من السهل القفز فوقها لطي حقب لا تقل عن الخمسة قرون، مرت بها شعوبٌ في أوروبا وآسيا في حراك متواصل وتحت ظلال حكومات قوية وجيوش ضارية! لذلك إذا أردنا النهضة لا بُد من الركون إلي واقعنا ومعرفة أنفسنا والإستفادة من العناصر التي تساهم في تشكيل مجتمعنا وعلي رأسها القبيلة والأسرة الممتدة وهي في تقديري من الوسائل المعينة علي الحياة في هذه الرقعة الجغرافية الجافة والصعبة- مجرد وسيلة للتعاون والتكافل والتراحم والتماسك ومن هنا يأتي الأحساس الأول بالوطن ومن بعد يأتي التعليم ومعه الدين ليحد من غلواء العنصرية وقساوة الجغرافيا . الدين أيضاً يسم مرحلة أُخري من مراحل التطور الإنساني ، حيث يرتقي الناس بوازع من ضمير وعقل وبالقدوة الإنسانية! وبالإخوة الحقيقية للبشر غض النظر عن لون أو دين أو عنصر أو أية سمات جمالية وجسمانية، مرحلة أقرب للتصوف عند المسلمين مع القبول التام للآخر وهذا ما نجده اليوم في أوروبا وأميركا وكافة المجتمعات المتطورة وهم يرعون الحيوان رعايتهم للبشر وقد يعجب البعض وقد يعتبرونه تناقض أو نفاق و لكنها حقيقة مرحلة في الإرتقاء البشري نحو كمال الإنسانية المطلقة – أمرٌ قريب من الفكر الجمهوري .
هل نريد وثبة مثلما قد جربنا من قفزات الإنقاذ ووثباتها في العتمات والظلام! وحتي لا تكون كذلك، قد نفضل إساخدام تعبير آخر كالنهضة- نهضة فيها عنصر القفز ولكن بحساب مع سياسات تُوضع وخطط تُحكم وفق رؤيةٌ شاملة تأخذ محمولاتنا الثقافية وكل المثقلات أو التي يحسبها البعض كذلك كالقبيلة و ثقافتها البدائية والتي في تقديري إن خدمت السياحة لكفاها – بألوانها، ورقصها وعنائها وبمساراتها وزيها وزهائها. ولنا أن نجادل ! هل يمكن لأي فرد أن يعيش في تلك الفيافي؟ يصعب ذلك دون تكلفة عالية وعسر شديد. لذلك تبقي القبيلة والعشيرة والأُسرة الممتدة محمولات لا غناً عنها للتغلب علي قساوة البيئة وقلة المياه ومشاق الترحال وهي ما أسماها هيكل بالجغرافيا! لقد ثبتت جدوي رعاية وتربية الإبل والأغنام في شمال دارفور وكردفان وشرقي السودان تحت الظروف الحالية! ولا شئ أفضل منها ، إلا التعدين بمخاطره وتكلفته العالية- من إستنفاد للموارد وذهاب ريحه كحفل إنفض سُماره دون أن يُعمر الأرض بالسكان والحيوان كما هو حال الإستخدام الحالي للأراضي في تلك المناطق ومثلما حدث مع النفط وهو عين ما ينادي به حُماة البيئة من تنمية مُستدامة !لذلك يلزمنا عملٌ في تعزيز الإيجابيات والحد من السلبيات وفقاً لأساليب التخطيط الحديثة مثل سوات، وقد يلزمنا إلمامٌ بالمعارف الحديثة في آثار نقل التكنولوجيا والمعرفة كذلك. ولن يكون العمل مجدياً لتكويت الثروة أو تحقيق الرفاه إذا ما تمتع بها بعضنا وتركنا الآخرين في الخلف يتحسرون ويسخطون وربما يثورون ! لن نحس بطعم لأكلة لذيذة أو متعة إذا كان غالب الناس في فقر وإدقاع!
وهنا قد يكون محو الأمية ضرورة ليشاركنا كل الناس متعة الحياة والرفاه- لذلك لا بد من مشروع قومي لمو الأمية خلال شهور أوى عام وهو أمر يسير ، إذا ما وُضعت سياسة جيدة. وإذا توفرت قيادة رشيدة مع إيثار وكرم وغير ذلك من سجايا وإبتعاد عن كل النقائص-بخل، جشع ، طمع وجبن.
إذا ما أراد فتية الإنقاذ وشيوخها إحداث نهضة حقيقية وليس وثبة في الظلام مثلما وثبوا من قبل ونقزوا طيلة الخمس وعشرين عاماً المريرة ، فعليهم بالمصالحة والحقيقة وصولاً للعدالة والتراضي- مما يتطلب إعترافاً بالذنب والجرم في كلمات ولا أضحت دون دغمسةٍ- سبق أن وعدوا بتجنبها ! وقرارات سريعة بإطلاق الحريات وإرجاع المفصولين وسعي جاد لتشغيل العطالي وتسهيل إجراءات السفر للراغبين في وثبة حقيقية في نور بلاد الله العادل حكامها! وليس في ظلمات حكم لا يعرف رحمةً أو شفقةً! ثم حل الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية واللجؤ لما هو معروف في العالم- جيش واحد وشرطة واحدة ومؤسسات واحدة .
ثمة أمرٌ أخير وهو حقنا في إختيار من يثب معنا ! شخص نثق فيه و نتكئ عليه! نعرفه ويعرفنا ويصدقنا القول ! شخص يؤمن بأنه جاء بالإنتخاب ! ثم ذهاي كل مطلوب للعدالة الدولية حتي تبرئ ذمته وتشهد الدنيا كلها ببراءته مثلما فعل أبو قردة! ولا يغرنكم توالي الأيام ومرور الأعوام – ستذهبوا مُرغمين. ولكم في القذافي عظة ! عدالة القوقاء وحكمها! و يا لها من عدالة .
سيد اسماعيل ،،السلام عليكم، ،اعتقد ان مشكلتنا ليست في الأمية في معناها التقليدي بل تكمن في طريقة التعليم والمناهج الدراسية اكل الدهر عليها وشرب فالامية ليست عدم القدرة علي الكتابة والقراءة في عصرنا هذا بل الأمية هي ان تكون الامة غارقة في بحيرة عدم الوعي وانتشار الجهل واتباع العواطف السازجة وترك العقول في ثباتها العميق في عصر العلم والتكنولوجيا وعصر الذكاء الاصطناعي وحرب الرقائق الإلكترونية واشباه الموصلات والمعادن النادرة وغزو الفضاء بسبب مناهجنا ومدارسنا وجامعاتنا التي كأنها من العصر الحجري التي تتيع نهج الحفظ والتلقين في زمن حرب العقول ولهذا نجد كل من اكمل كل المراحل التعليمية مجرد متلقي للمعلومة اما ان يفكر ويبدع ويبتكر فهو غير مؤهل لهذا فتخيل ان تقوم جامعاتنا بتخريج الالاف سنويا بنوعية مختلفة من العقول فأعتقد انه تدريجيا سوف يحدث تغيير كبير جدا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ..
وايضا من الأسباب التي اقعدت بهذا البلد انعدام وسائل التنقل الحديثة من قطارات وغيرها وللأسف لم أجد من يتطرق لهذا الأمر من قبل رغم أهميته في صنع أمة متكاتفة متعاونة لأنها تساعد في التبادل المعرفي اقتصاديا واجتماعيا وخلق بوتقة واحدة تسمي الامة السودانية وطالما ان كل قببلة وملة تسكن في رقعة معينة خاصة بها فلن ننجو من العنصرية وخطابات الكراهية والنظر للآخر بريبة وشك هل نسمع بكلمة قبيلة في الدول المتقدمة؟