مقالات وآراء

ما حقيقة الأوضاع في بلادنا ؟

خالد فضل

 

ما هي حقيقة الأوضاع في بلادنا , في الأمن والإقتصاد والحكم وحقوق الإنسان والعلاقات الخارجية , أليست هذه هي عناصر إدارة الدولة ؟

ما لا يمكن أنْ يخفى على أحد بتصريحات إعلامية أو خطاب برتكولي خاو المضمون , أو لايف يبث للتضليل ؛ الفوضى والإنهيار الأمني الشامل , لم تعد هناك قرية واحدة آمنة في السودان اليوم . ليس بسبب انتشار عناصر الدعم السريع , وليس في مناطق سيطرتها الفعلية في دارفور وكردفان , إنما في كل منطقة حرفيا , فانتشار السلاح بين أيدي المليشيات والتشكيلات العسكرية في كل مكان يشكل خطرا أمنيا مفزعا , وبعض تلك المليشيات والتشكيلات تضم عناصر غير سودانية , يعرف هذه الحقيقة المواطنون في بعض قرى ومدن أواسط السودان على وجه التحديد . ولعل الفريق الكباشي لم يعدو الحقيقة بتحديده لذلك الخطر في خطابه أمام إجتماع لولاة الولايات الذين يتبعون لسلطة الجيش في بورتسودان لكن هل يعفي ذلك من مسؤوليته الشخصية كأحد المتحكمين في بعض انحاء البلاد . ومع سيادة خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية والقبلية والمناطقية يصبح الخطر الأمني واقعا يسكن الناس ويتخلل يومهم ونومهم . لقد انهار الهيكل الشكلي للمنظومة الأمنية , بدءا من القوات المسلحة والشرطة و الأمن الوطني والمخابرات , وصارت السطوة الفعلية على الأرض للمليشيات أيّا كانت تبعيتها الإسمية . النماذج لا تحتاج إلى ذكر , فكل من يعيش داخل السودان الآن يعرف تلك الحقيقة , ليس خارج باب منزله أو عتبة مركز إيوائه بل في داخلها , فكم من قتيل تضرجت جثته بالدم في غرفة نومه . فهل هذا الانهيار إمتحان من الله كما قال مدير جهاز الأمن في الأبيض مؤخرا , وهو يتحدث عن انسحابات الجيش ومليشياته (بالسلامة) من النهود والخوي ؟ لماذا يسندون الفشل إلى الله سبحانه وتعالى . بينما الإنتصار بفضل المليشيات ؟ وهل انسحاب الدعم السريع من سنار والجزيرة والخرطوم إمتحان من الله , المؤمن بالله حقّا وليس رياء يوقن تماما أنّ الله هو رب الكون كله بما حوى , بما في ذلك حميدتي وآل دقلو , وامتحانه ليس مخصصا لمليشيات دون مليشيات . تلك هي الحقيقة .

صارت المسيرات والطائرات بالبراميل المفخخة تضرب في كل مكان من الفاشر إلى بورتسودان ومن دنقلا إلى جنوب كردفان وما بينها من مدن ومحطات ومطارات ومقار عسكرية وأمنية لم يعد القاتل معروف ومحدد , والقتلى والضحايا أرقام غير دقيقة , فالشعار المعلن مع التكبير (الله أكبر) , ولسان الحال يردد قول شاعر عربي قديم , ونحن أناس لا نرى القتل سُبّة إذا ما رأته عامر وسلول .

الإقتصاد حدّث ولا حرج , لم يعد هناك نظام إقتصادي أو برنامج معروف تسير على هدية الأمور , بل يسود إقتصاد النهب والغنيمة , عنصر مسلح في الدعم السريع أو أي فصيل مسلح آخر , ينهب ما يحوزه شخص آخر أو مؤسسة عامة , يقضي حاجاته بالمال المنهوب , يتم تداول المنهوبات في الاسواق كوضع طبيعي , ويمضي وزير المالية أكثر بتوقيع عقد بيع للحديد المتناثر في طرقات الخرطوم _بعد تحريرها طبعا_ وهو عبارة عن سيارات مواطنين وآليات عسكرية . فيما يقول الفريق البرهان إنّ الخدمة المدنية ومؤسساتها صارت مرتعا للمحسوبية والقربى العائلية , وهو ما ينفيه وزير المالية . أمّا نائبه مالك عقار يسير بوضوح إلى شراء الفلل والشقق في مصر وتركيا والأراضي في بورتسودان . ومناجم الذهب التي كان يحوزها الدعم السريع في شمال السودان يتم تخصيصها ومنحها لقيادات المجاهدين. وتطال الشكوك بالفساد مكاتب أعضاء المجلس العسكري المهيمن في بورتسودان . وبرامج إعادة الإعمار ينظر إليها بشكوك معقولة على أنها برامج فساد ومأكلة لجماعة المرابين . فيما وكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات الدولية ذات المصداقية تعلن بوضوح عن حجم الكارثة الإنسانية التي تحدّق بعشرات الملايين من المواطنين السودانيين , وبرامج المانحين والمغيثين للنازحين واللاجئين تشكو من شح الموارد خاصة بعد وقف التمويل الامريكي لكثير منها . وعجلة التهريب للمواد الخام تسير تعبر الحدود برّا وبحرا وجوّا ولا مغيث . وشحنات الاسلحة تضج بها التقارير وهي جلّ الوارد لداخل السودان المنكوب . وسماسرة عباقرة الأزمات والحروب يتربحون .

حقوق الإنسان , ذلك البند المنبوذ , فقائد حرب الكرامة الوطنية يتوعد كل من يهتف سلمية .. جزاؤه طلقة من فوهة بندقية . ويشايعه أمير المجاهدين تاييدا وسخرية . ويعلو هتاف داخل قاعة مؤتمر الخدمة المدنية إبتهاجا . ويتبعهم بعض الكتبة الصحفيين تملقا وزلفى ولسانهم تسيل ريالته طمعا في المظروف . حقوق الإنسان مصانة داخل كونتينرات الإعتقال التعسفية , وفي أقبية بيوت الاشباح المنسية , وفي شحذ السكين جيدا حتى يتم إحسان الذبح لروح آدمية . حقوق الإنسان متاحة في حرية التعبير عن التاييد للحرب بجانب الجيش ومليشياته فقط , وجزاء من يمارس المهنية الإعلامية , التخوين وتهم العمالة وإغلاق منصته وسحب ترخيصه . وفي مناطق أخرى تحت سيطرة الدعم السريع الجزاء طلقة رصاص تقضي على صحفي أو صحفية.

العلاقات الدولية , لم تعد هناك علاقات بل بين معقوفتين , إظهار عداء أو تبعية . ليست هناك علاقات اسوياء ومصالح تعود على الشعب او البلد . بل كيد ومغارز صبيانية تشبه أغنيات بعض المغنيين/ات في الحفلات الشعبية . أو انبطاح وذل ومهانة حد استلام التعليمات من جهات خارجية .

ما هي حقيقة الأوضاع في بلادنا سادتي , ما حال الشعب المغلوب على أمره داخل البلاد , والمغلوب على أمره عشرات المرات خارجها .. هل الأوضاع كما تنشرها التصريحات النارية واللايفاتية . الحرب انتهت والنصر قريب وعاجل , وإعادة الإعمار تمت بسرعة وشفافية و والعودة الآمنة والميسورة , والأسواق الضاجة , و و و …. هل عاد هناك بلد !!

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. لم يعد هناك بلد فهذا شعب مسكين وسازج وعبيط لا يدري عما يدور في بلده ،،،، بينما تتم عمليات تهريب واسعة وبطرق رسمية لخيرات البلد من ذهب وسمسم ومعادن وصمغ عربي وحيوانات حية الخ من الطرفين في موسم كنز الأموال وشراء الفلل والشقق في الخارج في مقابل استيراد مختلف انواع الأسلحة وأعتقد أن السودان اكبر بلد في افريقيا من حيث عددية قطع الأسلحة النارية وعددية المليشيات التي تتوالد كالذباب.فالبلد دخلت في نفق مظلم جدا واصبح غير صالح للسكن…الله يرحم السودان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..