أخبار السياسة الدولية

مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار الليبي إثر توترات وتحشيدات في طرابلس

أكد مصدر أمني من مديرية أمن طرابلس، وطبي من مستشفى الحوادث بطرابلس، مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي الليبي عبدالغني الككلي، الشهير بـ”غنيوة”، مساء الاثنين، بطلق ناري، في الوقت الذي سيطرت فيه قوى مسلحة بطرابلس على عدد من مقرات جهاز دعم الاستقرار.

وفي التفاصيل، أوضح المصدر الأمني لـ”العربي الجديد” أن الككلي حضر إلى مقر معسكر التكبالي، جنوب شرق طرابلس، لحضور اجتماع يضم عددا من قيادات المجموعات المسلحة بغرض تهدئة التوترات الأمنية التي تعيشها طرابلس منذ مساء الاثنين، قبل أن يحدث اشتباك بين حراسات القيادات خارج صالة الاجتماع. وأكد المصدر الأمني أن الككلي وعدد من حراساته قتلوا أثناء الاشتباك، بالإضافة لإصابات في صفوف حراسات القيادات الأخرى، فيما لم تُعرف أسماء القيادات الأخرى التي كانت حاضرة في الاجتماع، باستثناء أنهم تابعين للواء 444 قتال، واللواء 111 قتال التابعين لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية. وفي الأثناء تم تسريب فيديوهات من داخل معسكر التكبالي تظهر جثة الكللي ومسلحين آخرين كانوا برفقته، فيما لا تزال أصوات نيران متقطعة تسمع في أرجاء العاصمة طرابلس، ولم يصدر عن الحكومة أو المجلس الرئاسي أي تعليق حتى الآن.

وعبد الغني الككلي، هو قائد أحد أكبر أربع قوى مسلحة في طرابلس، وهي قوة الردع الخاصة، واللواء 444 قتال، واللواء 111، وجهاز دعم الاستقرار. والككلي رجل مدني عمل في العديد من المهن الخاصة، وفي عام 2011 شارك في انتفاضة فبراير، وبعد سقوط النظام شكل قوة مسلحة في حي أبوسليم، وسط طرابلس، وبمرور الوقت برز تشكيله المسلح كأحد القوى الكبرى في طرابلس التي ساهمت بشكل كبير في عملية فجر ليبيا عام 2015. ثم تطور تشكيله المسلح تحت عدة مسميات أبرزها قوة الأمن المركزي الذي شرعنتها حكومة الوفاق الوطني منذ العام 2016، بصلاحيات أمنية واسعة، تمكنت حتى عام 2019 من مد نفوذها داخل أغلب أحياء وسط طرابلس.

وشارك الككلي بوساطة قواته كأبرز القوى المسلحة التي شكلت عملية بركان الغضب التي أفشلت محاولة سيطرة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر عامي 2019 و 2020 على العاصمة طرابلس. وبعد وصول المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لسدة الحكم، شرعن المجلس الرئاسي مليشيات الككلي تحت جهاز أمني حمل اسم “جهاز دعم الاستقرار”، وبسبب ولائه لحكومة الوحدة الوطنية تمكن الككلي من مد نفوذها إلى خارج طرابلس، وصولا إلى غريان غرب طرابلس، وزليتن شرقها.

وفي السنوات الأخيرة بات اسم الككلي وجهازه حاضرا بشكل كبير في دوائر السلطة بطرابلس، وتدخل عديد المرات في تعيين بعض الشخصيات النافذة في مراكز مؤسسات الدولة، ما أدخله في خلافات حادة مع التشكيلات المسلحة الأخرى التي تسعى للتموضع في مفاصل مؤسسات الدولة. وفي الأشهر الماضية تداولت منصات التواصل الاجتماعي صورا للككلي صحبة قيادات عسكرية تابعة لمليشيات حفتر في مؤشر إلى وجود اتصالات غير معلنة مع معسكر حفتر.

وأعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية عن سيطرتها الكاملة على منطقة أبوسليم، بطرابلس، في أول تعليق من الحكومة على الأحداث الجارية بالعاصمة طرابلس. من جانبها، تصدر وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية بيانات متلاحقة، آخرها بيان طمأنت المواطنين على أن أجهزتها الأمنية تعمل على تأمين مناطق جنوب شرق طرابلس، في أحياء مشروع الهضبة التي تتركز فيها مقرات جهاز دعم الاستقرار وكانت تشهد عمليات اقتحام واسعة من قبل مجموعات مسلحة تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع.

وتعد منطقة أبوسليم، وهي أكبر مناطق العاصمة طرابلس، المركز الرئيس لجهاز دعم الاستقرار، بما فيها منطقة مشروع الهضبة وطريق المطار.

وتشهد العاصمة الليبية طرابلس توترا أمنيا كبيرا، وسط تحشيدات من القوى المسلحة المسيطرة عليها، فيما دعت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية في بيان عاجل لها، مساء الاثنين، المواطنين في طرابلس إلى “ضرورة الالتزام بالبقاء في منازلهم، وعدم الخروج، وذلك حفاظاً على سلامتهم”.

وكان مصدر أمني تابع لمديرية أمن طرابلس أفاد بأن المديرية تجري اتصالات كثيفة بين عدد من الفصائل للتهدئة. وأوضح المصدر نفسه في تصريح لـ”العربي الجديد” أن خلافات بين فصائل مسلحة، بعضها تابع لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، وأخرى تتبع جهاز الدعم والاستقرار التابع للمجلس الرئاسي نشبت منذ يومين للسيطرة على أحد المقرات الإدارية بالعاصمة ما صعد الوضع بينهما، مشيرا إلى أن الاتصالات لا تزال جارية لوقف التصعيد بين هذه الفصائل.

وأعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية حالة الطوارئ القصوى، وطالبت كافة المراكز الصحية والمستشفيات بالعاصمة طرابلس برفع درجة استعدادها وضمان الجاهزية القصوى، فيما بدأت إدارة مطار معيتيقة الدولي بطرابلس بنقل الطائرات المدنية الرابضة داخل المطار إلى مطار مصراته، شرق العاصمة، وأوقف جدول الطيران المعلن خلال الليلة ويوم الثلاثاء. ومن جانبها أعلنت وزارة التربية والتعليم بالحكومة تعليق الدراسة في كافة المدارس والمؤسسات التعليمية بالعاصمة طرابلس ليوم الثلاثاء.

وقال عميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي أن حالة التوتر لا تزال تطبع الأوضاع في العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن أصوات اطلاق النيران تراجعت بشكل كبير. وأوضح الخليفي في تصريح لـ”العربي الجديد” أن الحركة في أكثر أحياء العاصمة متوقفة، مع تجاوب المواطنين لمطالبة وزارة الداخلية بلزوم بيوتهم وعدم الخروج منها.

وفي الأثناء لا تزال تسمع أصوات اشتباكات متقطعة في أحياء الهضبة ومشروع الهضبة الذين تتركز فيها مقرات جهاز دعم الاستقرار، فيما يبدو أنها تتعرض لعمليات اقتحام وسيطرة من المجموعات المسلحة المناوئة للجهاز. وأكد مالك مرسيط المتحدث الرسمي باسم مركز طب الطوارئ والدعم الحكومي لـ”العربي الجديد” عدم وجود إصابات في أوساط المدنيين حتى الآن، مشيرا إلى أن الجهاز نشر على منصاته الإلكترونية أرقام المركز، وطالب المواطنين الاتصال من خلاله في حال وجود أي حالة طارئة. ولم يصدر عن الحكومة والمجلس الرئاسي في طرابلس أي بيان حتى الآن مما يحدث في طرابلس.

وتناقل نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات لتحشيدات عسكرية في شكل أرتال سيارات قادمة من مدينة مصراته، وتحديدا فصيل قوة العمليات المشتركة الموالي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأخرى قادمة من الزنتان موالية لوزير الداخلية بالحكومة عماد الطرابلسي.

عنصر أمن تابع لحكومة الوحدة في طرابلس

ووسط أنباء متزايدة حول رغبة القوى المسلحة التابعة للحكومة في مداهمة مقرات جهاز دعم الاستقرار، أصدرت البعثة الأممية بيانا، مساء الاثنين، دعت فيه إلى التهدئة، مشيرة إلى تلقيها “تقارير بشأن الحشد العسكري وتصاعد التوترات في طرابلس”. وطالبت البعثة في بيانها بـ”تهدئة الوضع فورا والامتناع عن أي أعمال استفزازية وحل النزاعات بالحوار”، معبرة عن دعمها الجهود الليبية بما في ذلك التي يقودها وجهاء وقيادات المجتمع المحلي للتوصل إلى حل سلمي، مؤكدة المسؤولية الحاسمة لجميع الأطراف في حماية المدنيين.

وانضمت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا إلى البعثة الأممية في للدعوة إلى التهدئة في ظل تصاعد التوترات في طرابلس، وفق تدوينة نشرتها عبر حسابها على منصة إكس شاركت عبرها بيان البعثة الأممية. وتأتي هذه التوترات بعد ساعات من إعلان البعثة الأممية في ليبيا بدء مشاوراتها مع الأطراف الليبية بشأن المقترحات التي أعدتها اللجنة الاستشارية، المنبثقة عن المبادرة الأممية للحل السياسي، حول القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، مشيرة إلى أن هذه المشاورات هدفها بناء خارطة طريق سياسية تؤدي إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. وشهدت العاصمة طرابلس العديد من الاشتباكات المسلحة بين الفصائل المسيطرة عليها، والتي تتبع اسميا إلى وزارتي الداخلية والدفاع بالحكومة، وأخرى تتبع المجلس الرئاسي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..