مقالات وآراء

الرياض 2025[ ترليونات ترسم خرائط جديدة]

✍️ محمد هاشم محمد الحسن.

في زيارة وصفت بأنها (زلزال اقتصادي واستراتيجي)، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسم خرائط التحالف السعودي الأمريكي، مانحًا إياها أبعادًا غير مسبوقة. لم تكن الرياض مجرد محطة دبلوماسية، بل كانت مسرحًا لصفقات تاريخية، وإعلانات مفاجئة، وتحولات جيوسياسية عميقة، لتؤكد أن تحالف (إيكونوصي-اليمامة) الذي امتد لثمانية عقود، قد دخل مرحلة الترليونات بكل ما تحمله من دلالات.

بحجم صفقات تخطى النصف تريليون دولار، لم تكن هذه الزيارة مجرد اتفاقيات اقتصادية، بل كانت إعادة تعريف لمفهوم الشراكة الاستراتيجية. من الفضاء إلى الدفاع، ومن الذكاء الاصطناعي إلى التعدين، امتدت الاتفاقيات لتشمل قطاعات مستقبلية حاسمة، مؤكدة على رؤية مشتركة لتشكيل ملامح العالم الرقمي والمادي. دخول شركات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل، أوبر، وسيلز فورس، جنباً إلى جنب مع استثمارات (داتا فولت) بقيمة 20 مليار دولار في مراكز البيانات الأمريكية، يشير إلى تحول الرياض إلى مركز تقني عالمي، بينما تتجه الشركات الأمريكية نحو بناء المطارات والمدن الذكية في المملكة، لتؤكد على دورها كمحرك رئيسي للمشاريع التنموية الضخمة.

على الصعيد العسكري، لم تكن صفقة الـ 142 مليار دولار مجرد تحديث للقدرات الدفاعية السعودية، بل كانت رسالة واضحة إلى المنطقة، تؤكد على التزام أمريكي طويل الأمد بأمن المملكة. تعاون ناسا مع وكالة الدفاع السعودية، وفتح قنوات اتصال بين FBI ووزارة الداخلية السعودية، يعكس مستوى غير مسبوق من التنسيق الأمني والاستخباراتي، في مواجهة التحديات المشتركة.

لكن المفاجأة الأكبر كانت إعلان ترامب عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، في خطوة وصفت بأنها نقطة تحول محورية. هذا القرار، الذي جاء بعد تنسيق مع الرياض وأنقرة، يشير إلى تحول في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وإلى دور سعودي متزايد في حل الأزمات الإقليمية. هذا القرار، الذي رحبت به دمشق، أثار مخاوف حلفاء أمريكا، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل التحالفات الإقليمية.

هذه الزيارة لا تقتصر على الصفقات الاقتصادية والعسكرية؛ بل تمثل إعادة تنظيم لموازين القوى في المنطقة والعالم. صعود الرياض كقوة إقليمية ذات نفوذ متزايد، وقدرتها على جذب استثمارات ضخمة من الشركات الأمريكية الكبرى، يشير إلى تحول في مركز الثقل الاقتصادي والسياسي. هذا التحول يتزامن مع إعادة تقييم للدور الأمريكي في المنطقة، مما يفتح المجال للرياض لتوسيع نطاق تأثيرها.

رفع العقوبات عن سوريا، الذي أثار جدلاً واسعاً، يمثل اختبارًا حقيقيًا للدور السعودي الجديد. الرياض، التي تمتلك علاقات قوية مع مختلف الأطراف السورية، تسعى إلى لعب دور الوسيط في حل الأزمة، وهو دور يتطلب توازناً دقيقاً بين المصالح المتنافسة. هذا القرار يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأمريكية مع حلفائها التقليديين في المنطقة، الذين يرون في هذا التحول تقويضًا لمصالحهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التقارب القوي بين الرياض وواشنطن قد يثير حفيظة بعض المنافسين الإقليميين للسعودية، الذين قد يرون في هذه الصفقات تعزيزًا لقوة الخصم وتغييرًا في موازين القوى لصالح الرياض.

التحالف السعودي الأمريكي المتجدد، الذي يتميز بتكامل اقتصادي وتقني وعسكري غير مسبوق، يعكس رؤية استراتيجية مشتركة لتشكيل ملامح المنطقة والعالم. الرياض، التي أصبحت مركزًا اقتصاديًا وتقنيًا وسياسيًا مؤثرًا، تسعى إلى لعب دور قيادي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. هذه الزيارة، التي وصفت بأنها زلزال اقتصادي واستراتيجي، ترسم خرائط جديدة للتحالفات الإقليمية والدولية، وتؤكد على أن الترليونات أصبحت لغة العصر. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الصفقات والاستثمارات تشير إلى رؤية استراتيجية سعودية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة والصناعات المستقبلية. كما أنها تعكس رغبة أمريكية في تعزيز الشراكة مع الرياض في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي والفضاء، التي تعتبر مفتاحًا للتنافسية العالمية في القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، فإن حجم هذه الصفقات العسكرية الضخمة يثير مخاوف بشأن احتمال تأجيج سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط، مما قد يزيد من حالة عدم الاستقرار الإقليمي ويتطلب دبلوماسية حذرة لتجنب هذا السيناريو.

‫2 تعليقات

  1. يطرَح سؤال هنا عن مصير التعاون السعودي الصيني الذي شهد تطورا كبيرا في السنوات القليلة الماضية.
    هل تم تجاوز التفاهمات السعودية الصينية؟
    هل ستبقى السعودية الباب مواربا بينها وبين الصين ام ستغلقه؟
    هل توجه السعودية نحو الصين في فترة بايدن كانت مناورة لجذب أمريكا نحوها كما فعل ترمي الان؟
    هل كانت هناك مفاضلات قامت بها المملكة بين العروض التي قدمتها الصين للتعاون معها وبين العروض الاميركية؟
    هل ما صرح به ترمب في قصر اليمامة عن مسئولية أمريكا بصورة مباشرة في الدفاع عن المملكة العربية السعودية من اي اعتداء عليها كان هو ما رجح كفة أمريكا كحليف استراتيجي على إمكانية تحالفها مع الصين؟
    هل يمكن لهذه الخطوة الجديدة بين المملكة وامريكا ان تجعل الصين تفكر في مصدرين جدد للنفط إليها للأستغناء او تقليل الاعتماد على نفط السعودية بحكم انها أصبحت بصورة قوية حليف استراتيجي لأمريكا التي تعتبرها الصين المنافس الأخطر والأكبر لها في ظل الصراع الاقتصاد (حتى الآن على الاقل) بينهم.
    ويبقى السؤال هل كانت التفاهمات بين المملكة والصين تكتيكية للضغط على العملاق الأمريكي للوصول لعلاقة استراتيجية معه.. كما تم الإفصاح عنها في قصر اليمامة؟
    ربما وربما أكثر من ذلك.. ولكن ايا ماكانت إجابات ماسبق فان منطقة الشرق الأوسط قد شهدت بالأمس بذوغ فجر عملاق إقليمي جديد في المنطقة سيرسم خارطة جديدة لموازين القوي المؤثرة في الشرق الأوسط وربما العالم الي حد ما.. لاشك ان كل هذا الزخم والاهتمام العالمي من الدول الكبري كان نتاج الرؤية الثاقبة لقيادة المملكة العربية السعودية متمثلة في جلالة الملك سلمان ابن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.

  2. مما لا شك فيه ان المملكة العربية السعودية قد تقدمت بخطوات ثابتة لتتبوأ مركزا قياديا ليس فى المنطقة فحسب بل العالم قاطبة .. فالمملكة باحتضانها اقدس مقدسات المسلمين فهى بذلك فى قلوب كل مسلمى العالم بلا استثناء .. اضاف لها دورها باعتبارها اكبر منتج للنفط فى العالم فهى التى يستيقظ العالم خاصة المتقدم على صدى خطوات المملكة فقد سمعنا الهالة التى تميز بها وزير البترول والمعادن السعودى الاشهر احمد زكى يمانى رحمه الله والذى كانت تتسابق وكالات الانباء ووسائل الاعلام الاخرى مجتهدة لتفسير لا مجرد تصريحاته بل ظلت تجتهد لتجد تفسيرا ذا علاقة بسوق النفط مستلهمة ذلك من لون ربطات العنق والوان العباءة التى كان يرتديها.. ولا أظن وزيرا فى اى دولة وجد الهالة التى وجدها يمانى.. تميزت السعودية بانها احدثت تنمية غير مسبوقة فى الجزيرة العربية ومحيطها الاقليمى فمثلا عندما اطلقت مشروع تحديث الاتصالات السعودية بالشراكة مع شركات امريكية وكندية وسويدية اذكر منها بيل كندا واريكسون السويدية وهاريس الامريكية بالاضافة الى شركات كورية ويابانية وللحقيقة فقد دفعت المملكة مبالغ خرافية لتمويل بحوث واجراء تجارب لاستحداث نماذج لمشغلات تتحمل اجواء المملكة وكان لهاما أرادت وليس بخاف على احد دور المملكة السياسى فقد استضافت خلال هذا العام 2025 عشرات المنابر والمؤتمرات واكبرها طبعا مؤتمر السلام فى اوكرانيا .. ان هذا الزخم وليد عوامل عديدة مرتبطة ببعضها واهمها الانسان طبعا فهو الذى يحدد الاهداف ومن ثم يضع السبل لتحقيقها وتوفير وسائل تحقيقها… المتابع لما يحدث فى المملكة يجد ان هناك مراجعة تتم بشكل حثيث لما يراد تحقيقه فى شتى المجالات فمثلا انتاج القمح فقد حدث تغيير فى خطة الانتاج بالرغم من النجاح الهائل الذى تحقق.. وهناك زراعة الزيتون والتى جعلت من المملكة احد اهم منتجى زيوت الزيتون فى المنطقة. خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة عقود. المسالة ليست مجرد ارقام بالتريليونات انما حقيقة الامر هى ماذا يريد صانع القرار لبلاده والادوار التى عليها لعبها. مستقبلا وحاضرا.. ولعلنا نرى باعيننا اسوأ مثال للخيبات فى بلدنا المنكوب بساسته وعسكره يتخبطون ولا يحسنون التدبير فما رايكم بمن يبيع قطعة ارض من بلده لتقيم عليها دولة اخرى منشأة تغرق تاريخه وحضارته.. ثم تقوم نفس الدولة باحتلال اراض اضافية عنوة واقتدارا ولا يجرؤ ساستنا بالبوح بكلمة عجلى خجولة عنها… رحماك يارب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..