
لم يكن اللافت في مقال عبد الماجد عبد الحميد الأخير قبل يومين، عن لقائه ببورتسودان بأبي عاقلة كيكل – القيادي السابق في الدعم السريع – مجرد الإشادة بالرجل أو استعراض رواياته حول الحرب، بل تلك القفزة المفاجئة إلى استدعاء لقاءٍ جمعه قبل ربع قرن بجوزيف كوني، قائد جيش الرب الأوغندي، في منطقة “فلتاكا” بجنوب السودان. كان ذلك الاستدعاء العابر كافيًا لفتح صندوق الذاكرة الكارثية للإسلاميين في السودان، الذين لم يترددوا لحظة في التحالف مع أكثر التنظيمات دمويةً وانعزالاً في القارة، سعياً وراء مكاسب أيديولوجية أو انتقام سياسي قصير النظر.
جيش الرب، المُصنف دوليًا كتنظيم إرهابي، والذي حظي حينها وفقا لما وثقته التقارير بدعم مباشر من نظام البشير، في إطار الردٌّ وقتها على ماصنف دعم نظام موسيفيني للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل د. جون قرنق، التي كانت تخوض حربًا ضد الحكومة السودانية آنذاك. غير أن هذا التبادل للتدخلات في الشؤون الداخلية، من الجانبين، لم يؤدِ إلا إلى تغذية الحروب وتعقيد مسارات الحلول السياسية في الإقليم. وقد أظهر نظام البشير، بانحيازه إلى أحد أكثر التنظيمات دمويةً في القارة، استعداده لوضع حساباته الإيديولوجية فوق مصلحة الاستقرار الوطني والإقليمي، وهو ما أسهم في عزل السودان لعقود، وكرّس صورته كدولة راعية للتطرف والصراعات.
وها هو اليوم عبد الماجد، أحد أبرز الصحفيين المقرّبين من دوائر القرار آنذاك، يروي – وبقدر من السذاجة المدهشة – تفاصيل لقائه بقائد تنظيم متورط في جرائم ضد الإنسانية، وكأنها مغامرة صحفية، لا دليلًا على التورط العميق للنظام الذي خدمه في شبكات إرهاب وعلاقات دولية مشبوهة.
إن استدعاء عبد الماجد لهذا اللقاء، بالتوازي مع إشادته بأبي عاقلة كيكل – الذي كان حتى الأمس القريب أحد أبرز أذرع الدعم السريع التي نعتها الإسلاميون أنفسهم بـ”الميليشيا المتمردة” – يكشف عن التبدل الانتهازي في خطاب الإسلاميين. من الشيطنة الكاملة للدعم السريع وقياداته، إلى امتداح من انشقّ منها وتحالف مع الجيش، فقط لأن الاصطفاف الجديد يخدم معركتهم المفتوحة لاستعادة السلطة من بوابة الحرب. ولا يُستبعد، والحال هذه، أن نراهم غدًا يحتفون بحميدتي نفسه، إن قبل بالتنسيق معهم، أو قدّم لهم وعودًا تفتح لهم نافذة للعودة إلى واجهة المشهد السياسي. هكذا تتكشف حقيقة موقفهم: لا مبدأ يحكمه، بل براغماتية مفرطة تستبدل الخصوم بالحلفاء بحسب اتجاه رياح المصالح، حتى وإن كانت محمّلة برماد الخراب ودماء السودانيين.
لكن عبد الماجد لم يكن وحده في هذا المسار. فقد خرج قبل أيام القيادي الإسلامي ناجي مصطفى بمقترح يدعو فيه الجيش السوداني للتحالف مع الحوثيين في اليمن، تحت لافتة ما أسماه “محور الممانعة”، وذلك في مواجهة ما يعتبر دعمًا إماراتيًا للدعم السريع، استنادًا إلى تقارير صحفية وتحليلات لعدد من الكتّاب المعروفين. مثل هذا الطرح يُعيد السودان إلى مربع التورط في محاور خارجية، ويختزل الدولة في أداة ضمن صراعات إقليمية معقدة. إننا نرفض أي اصطفاف يُنقض مبدأ عدم التدخل، سواء جاء من الداخل أو الخارج، كما نرفض الزج بمصالح السودان في حسابات لا علاقة لها بأولويات السلام والاستقرار.
ما يجمع بين موقفي عبد الماجد وناجي مصطفى هو الاستعداد الدائم لتسخير السودان كوقود في صراعات إقليمية عابرة، سواء في تسعينيات القرن الماضي أو في راهن الحرب الحالية. وكأن الإسلاميين لم يستوعبوا شيئًا من تجربة الحصار والعزلة وتصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب، وهي نتائج مباشرة لسياسات خارجية طائشة طُبقت تحت لافتة المشروع الإسلامي.
الأخطر من كل ذلك، ليس التناقض الفاضح في المواقف فحسب، بل استعداد الإسلاميين الدائم للهبوط الأخلاقي والسياسي، وتكييف خطابهم بحسب مقتضيات المعركة الآنية، حتى لو انطوى ذلك على تحالفات هجينة مع أمراء الحرب أو ميليشيات تتناسل كل يوم . بالأمس كان أبو عاقلة “عدوًا للوطن والمواطن “، واليوم يُروّج له في بورتسودان كقائد “متبصر” تستحق شهادته الاحتفاء. وبالأمس كان الحوثي تهديدًا للأمن العربي، واليوم يُطرح كشريك محتمل في معركة “محور المقاومة” ضد خصمهم اليوم، صنيعتهم فيما قبل.
هذا التلاعب السياسي لا يكشف فقط عن انتهازية خطرة، بل يفضح طبيعة خطاب يفتقر إلى أي التزام وطني أو أخلاقي، ويُعيد إنتاج ذاته في كل أزمة وفقًا لما تمليه مصالحه الآنية، دون اعتبار لمصلحة البلاد أو شعبها. إنه مشروع لا يعترف بحدود الدولة، ولا يتردد في توظيف التحالفات الهجينة مع أمراء الحرب أو الميليشيات ، ما دام ذلك يفتح له منفذًا للسلطة. وفي مشهد مأزوم كالمشهد السوداني اليوم، يبقى الخطر الأكبر هو في عودة هذا النوع من الخطابات، التي تجر البلاد مجددًا إلى تحالفات مدمرة، من جوزيف كوني بالأمس إلى الحوثي اليوم، تحت لافتات زائفة لا تخدم سوى أصحابها.
شوف يا ابو طيطة مافي شيء اسمه اسلام سياسي
الاسلام دين واي ملحد كافر عليه يحترم شعور المسلمين ويخلي شتيمة الاسلام بالفاظ بهلوانية شوف يا عمك لو انت مامسلم وبتكره الاسلام احترم شعور المسلمين ولو عندك مشكلة مع الكيزان اشتمهم زي ماعايز بس ابعد عن الاسلام وماتحشره في شتائمك وهترشتك لعنة الله علي كل ملحد وماركسي