لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟

خلال الفترة من العام 2009 إلى 2014 إنتظم عمل «الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بتنفيذ متطلبات السلام في السودان» والتي كونها الاتحاد الأفريقي من ثلاثة رؤساء دول سابقين: ثابو مبيكي (جنوب أفريقيا) رئيسًا، وعضوية عبد السلام أبو بكر (نيجيريا) وبيير بويويا (بوروندي). وفي ملتقى الحوار الأفريقي السنوي للسلام والأمن الذي نظمته مؤسسة ثابو مبيكي في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، قدم الباحثان الدكتور أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس، والدكتور عبدول محمد، رئيس هيئة موظفي الآلية رفيعة المستوى لتنفيذ مقررات الاتحاد الأفريقي، ورقة بحثية عن نشاط الآلية بعنوان «آفاق السلام في السودان: دروس من اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي». وبتاريخ 14 مايو/أيار 2025، وبالتعاون مع مؤسسة ثابو مبيكي، أصدر مركز «فِكْرة للدراسات والتنمية» الورقة باللغتين العربية والإنكليزية. وفي مقال سابق لي بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024 قدمت بعض الإضاءات عن محتوى الورقة كما قدم في ملتقى الحوار المشار إليه، وفي مقال اليوم والمقالات التالية، سألخص بعض فقراتها الرئيسية، ويمكن الاطلاع عليها كاملة في الموقع الإسفيري لمركز «فكرة» (www.fikrasd.com).
وجاء في تقديم «فكرة» للورقة، أنها بما حوته من دروس هامة، تكتسب أهمية بالغة في ظل الحرب الدائرة في السودان منذ العام 2023؛ وهي ليست فقط قراءة تحليلية لتجربة سابقة، بل خزانًا معرفيًا مليئًا بالعِبر لبناء سلام شامل، وإعادة تشكيل الدولة، وصياغة عمليات سياسية جامعة في السودان ومنطقة القرن الأفريقي. وأشار تقديم «فكرة» إلى أن كاتبي الورقة يوثقان بدقة كيف سعت «الآلية الأفريقية رفيعة المستوى» إلى إعادة تعريف أزمة السودان كأزمة سياسية وطنية ضاربة بجذورها في تاريخ طويل من عدم الاستقرار والعنف البنيوي، وليست مجرد سلسلة من النزاعات الإقليمية. وكان جوهر هذا التعريف هو القناعة بأن قضايا السودان ونزاعاته المتفاقمة، بما فيها النزاعات في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، لا يمكن حلها إلا من خلال عملية سياسية ديمقراطية شاملة وإعادة صياغة عادلة لعلاقة الدولة بالمجتمع، والمركز بالأطراف. واليوم، ومع تزايد التدخلات الخارجية التي تُفاقم من الانقسامات الداخلية، وتغوُّل العسكريين على تطلعات المدنيين، تبرز أهمية ما تؤكده الورقة حول الشمول، والملكية الوطنية، والشرعية متعددة الأطراف. وهي تُذكّر بأن السلام لا يُفرض بصفقات نُخبوية أو ضغوط أجنبية، بل يتطلب مشاركة شعبية واسعة وإطارًا سياسيًا قائمًا على مبادئ متوافق عليها.
إن استمرار الاضطرابات والعنف في السودان، مقرونا مع تغلغل الفساد وفرص الثراء من خلال النهب والتهريب والابتزاز، خلق بيئة يزدهر فيها الأكثر قسوة
حددت الورقة المشكلة في السودان بأن النزاع المستمر في دارفور أدى إلى نقل الحل العسكري غير الملائم الذي تبنته الحكومات السودانية إلى الخرطوم وبقية أنحاء البلاد. كما أن المرارات الشديدة عند الكثيرين من أهالي دارفور تجاه المركز، يقابلها الآن عداء شديد تجاه مقاتلي قوات الدعم السريع، ومعظمهم من دارفور، والذين ارتكبوا فظائع في أجزاء واسعة من البلاد. ولقد فشل السودان في إدارة تنوعه، وانتشرت فيه أجندات الإقصاء، ويعاني الآن من مجاعة ولا يملك طريقاً واضحاً ليصبح دولة قابلة للاستمرار. كما أن تنافسات دول البحر الأحمر في السودان، بمشاركة مصر والسعودية والإمارات وغيرها، تعقّد آفاق أي حلول تفاوضية. الحرب أغرقت السودان في كارثة إنسانية غير مسبوقة، ودمرت العاصمة والبنية التحتية في العديد من مناطق البلاد، وأجبرت الملايين على النزوح، وتسببت في مجاعة جماعية. لكن نهج الوسطاء اقتصر على إلحاق القضايا الإنسانية بمفاوضات وقف إطلاق النار، وهو نهج لا يتناسب مع حجم الكارثة.
والورقة تطرح سؤالا، أعتقد سيكون مؤلما للبعض من النخب السودانية، يقول: لماذا ينتج السودان باستمرار قادة يفتقرون إلى الشجاعة والكاريزما والرؤية والمبادئ؟
وتقترح الورقة إجابة تقول: إن استمرار الاضطرابات والعنف في السودان على مدى عقود عديدة، مقرونا مع تغلغل الفساد وفرص الثراء من خلال النهب والتهريب والابتزاز، خلق بيئة يزدهر فيها الأكثر قسوة، بينما يتراجع أصحاب النزاهة والتشاور والقيم المدنية. وهذا يخلق تسلسلاً هرمياً يصعد فيه الأقل كفاءةً للسلطة، بما في ذلك في غرف المفاوضات. علاوة على ذلك، ما يجمع كل طرف متحارب ليس التزاماً مشتركاً بأيديولوجية سياسية أو انضباط مؤسسي، بل المصالح المادية، بينما يعيدون باستمرار التفاوض على ولائهم لزعمائهم المزعومين. وهذه ليست وصفة للاستقرار والسلام.
أما التردي الاقتصادي فهو سبب ونتيجة للأزمات في السودان. وأي اتفاق سلام قائم على تقاسم السلطة والثروة وترتيبات أمنية، يجب أولاً أن يضمن نموا اقتصاديا وميزانيات تنمية متوسعة. لكن الملفت للنظر في كل أجندة صنع السلام الحالية في السودان، غياب خطة شاملة لإعفاء الديون والتنمية الاقتصادية بشكل كافٍ ومستدام وموثوق لتحويل منطق «السوق الهابطة» إلى مستقبل يثق فيه المواطنون والقادة. أما المسار الحالي فينذر بالخطر، لأن السودان وقع في فك كماشة بين معاناة إنسانية مروعة ودعم خارجي للمتحاربين. والمجتمع الذي يعاني الكثير من أفراده من اليأس يصبح فيه ضبط الأفعال الوحشية أضعف. وفي الوقت نفسه، يمكن للجنرالات الذين يحصلون على أموال وأسلحة من الخارج أن يستمروا في الحرب بلا حدود، حتى في أرض مدمرة. وهؤلاء القادة، عندما يرون فرصة صفقة سياسية تمنحهم، وحدهم، حصة من السلطة والمال والسلاح، قد يكتفون بالتوقيع على ما يصفونه «باتفاق سلام» بغض النظر عن مصير الشعب.
وتقول الورقة إن معظم قيادات الأحزاب والقوى المدنية السودانية بعد اندلاع الحرب في 2023، أصابتهم الحيرة والشعور بالإرهاق. صحيح انخرط الشباب في تنظيم الإغاثة بتفانٍ وإنسانية على المستوى المحلي، إلا أن هولاء القادة انخدعوا بفرحة ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 واعتقدوا حقاً أنهم قادرون على تحقيق تحول جذري. لكنهم تفتتوا بعد اندلاع الحرب، وأصبحوا عرضة للاستقطاب، خاصة مع افتقارهم للمعينات المادية، وسيطرة الأطراف المتحاربة على وسائل التواصل الاجتماعي. وسنواصل استعراض الورقة.
القدس العربي
لماذا لا يفتقرون الرؤية وأنت مثلاً ستين سنة نضال بقيت تمشي بكلام أمجد فريد الإنتهازي الما عنده رؤية
وبما انك كنت ولو للحظة من قيادات السودان……. فانت فاشل……. اطرح السؤال علي نفسك….
هو طبعا عندو مقدرة عالية على الكتابة حسب الخلفية الحزبية التي انتماء لها باكرا وهو طالب جامعي ( المعنى جماعته عندهم ادبيات )
لكن موضوع تجربة جماعته عمليا حدث في بواكير ثورة مايو واختلفوا خلال اقل من عامين وراح الشفيع وزمرة من حزبه ضحية .. المعنى ان الفشل عام ما في مزايدة فيه ……… خلينا نشوف موضوع كامل ادريس (رئيس الوزراء الجديد) نسأل ان يكون خبير عملي وعلمي وليس فاشل كبقية النخب ……… اصبروا شويه
ههههههه ههههه هههههه ههههه اسال نفسك الاجابه في مواضيعك الطويله وممله قسما عظما مافي واحد غيرك قاعد يقراها.
انت نفسك (تنظيمك) مفتقد للرؤية بجدارة والدليل معارضتكم للإطاري وانشقاككم عن الحرية والتغيير رحم الله عبد الخالق محجوب
وانت ماك عارف الحوت فاسي وين.
انت ماعارف الدكتور لا علاقة له بالحرب الشيوعي
انا عارف الحوت فاسي في البحر… لكن الشفيع هذا كان في اللجنه المركزيه للحزب الشيوعي وتم طره من الحزب لانه بدأ يميل للاخوان من اجل مصالحه اما اخونا د.علي ابراهيم رصيفه وصديقه بقي كوز عديييييييل ديل اصلهم جناح احمد سليمان وسورج انتهازيين واضف اليهم عبدالباسط سبترات.
بادئ ذي بدء اسمحو لي أن أحي د الشفيع على طرح هذا الموضوع الهام
حقيقة لا أعرف لماذا دائما افتقر القادة السياسيين السودانيين الرؤية وقراءة المستقبل؟ ولكني أكثر ما أخشى أن يكون لمصر دورا في ذلك، فمنذ اختيار اسماعيل الأزهري لخيار اعلان الاستقلال وعدم تبني الوحدة مع مصر شكل هذا الخيار صدمة كبيرة جدا للقيادات التي توالت على حكم مصر، فقد مثل السودان دوما عمقا استراتيجيا لمصر وكيانا اقتصاديا كامنا Potential يتم استخدامه عند الحاجة لاسيما وأن مصر تعاني انفجارا سكانيا هائلا مع موارد طبيعية محدودة، لذلك تعاملت كل الحكومات التي تعابقت بمصر مع السودان من منظور أمني بحت والدليل على ذلك أن ملف السودان موكل دائما للمخابرات المصرية وليس للخارجية المصرية
ياخي اصحوا من الوهم الفكري والانقياد الطوعي دا….. اي حاجة عندكم ليها شماعة اعزار…. مصر تعمل الي مصلحتها وما العيب في ذلك ولا ذلك سر الاسرار… فماذا نحن فاعلون …. نكتف ايادينا ونلعن حظنا ونقول السبب مصر…. هذا هراء بائس…. العيب في ساستنا قديما وحديثا والخوف مستقبلا…..العيب ليس في عدوك فهو عدوك ولكن ماذا فاعل انت وهل انت جاهز لعدوك…
تحياتي أخي عبد الوهاب البوب
أي تحليل يحتمل الصواب والخطأ، وأنا بنيت تحليلي على عدد غير قليل من الشواهد لايسع المجال لذكرها، ولكني اشير الى بعضها أولا لماذا دائما ملف السودان بيد المخابرات المصرية وليس بيد وزارة الخارجية، ثانيا كثير جدا من المنتجات السودانية يتم إعادة تعبئتها وتصديرها من مصر على أنها منتجات مصرية؟ أيضا لماذا السودان أقرب لتبني وجهة النظر المصرية فيما يتعلق بسد النهضة مع أن الدراسات أثبتت وجود فوائد عظيمة للسودان من سد النهضة؟
أخي بوب، ومنذ أنا طفل لاحظت في مدينتي وجود مصري كان في الأربعينات من عمره في ذلك الوقت يعمل في النقاشة وطلاء المنازل وكان أحيانا يبيع الجاز الأبيض فأرسل ليه في بيته لأشتري منه جاز للمبات الإضاءة، وكان وحيدا في بيته، لذلك كثيرا ما أسأل نفسي رجل في هذه السن ويعيش في مدينة صغيرة وبعيدا عن وطنه وأهله وزوجته ماذا يعمل في السودان، هل تفتكر أنه فعلا نقاش وأنه لم يجد فرصة عمل في بلده؟ لا وألف لا من تحليلي هذا رجل مخابرات
وكثير من أمثال هؤلاء تجدهم في شتى بقاع السودان وناسنا نايمين أو يدعون النوم
ولماذا رؤية السودان يفتقرون الى القادة ؟