مقالات وآراء

عبد الله علي ابراهيم مؤرخ تقليدي ظلمه ضعف منهجه وأصبح كدوّارة الريح

طاهر عمر

 

عبد الله علي ابراهيم يعتبر من الأجيال التي نالت تعليم حديث في السودان وبينه وبين جيل مؤتمر الخريجيين في نهاية الثلاثينيات ثلاثة عقود حينما كان طالب في جامعة الخرطوم في منتصف الستينيات ولكن آفة عبد الله علي ابراهيم هي آفة جيل مؤتمر الخريجيين وأقصد بآفة جيل مؤتمر الخريجيين في السودان أنهم لم ينتبهوا أن زمانهم كان مفصل زماني ولحظة إنقلاب زمان فيه كانت لحظات تحولات كبرى في المفاهيم لم ينتبه لها أتباع مؤتمر الخريجيين أي أن هناك أزمة علوم إنسانية كانت تعاني منها أوروبا.

لحظة الإستعمار كانت أوروبا بنخبها تعاني من لحظة إنقلاب زمان وتحول في المفاهيم وكان فلاسفة أوروبا وعلماء الإجتماع والإقتصاديين والانثروبولوجيين والمؤرخيين غير التقليديين يبحثون في كيفية الخروج من أزمة العلوم الأوروبية وهي أزمة ناتجة من نهاية فلسفة التاريخ التقليدية التي لم تعد تعمل وكانت لحظات الإنتظار لميلاد فلسفة تاريخ حديثة وهذا البعد لم ينتبه له أتباع مؤتمر الخريجيين وكان غائب من أفقهم.

لذلك عندما إنتهى زمن الإستعمار في السودان كانت النخب الأوروبية قد فارقت فلسفة التاريخ التقليدية وقد دخلت عتبة فلسفة التاريخ الحديثة بفضل مفكريين وفلاسفة وعلماء إجتماع وإقتصاديين ومؤرخيين غير تقليديين لذلك بعد إستقلال السودان ظلت النخب السودانية من أتباع الخريجيين رازحة تحت نير فلسفة التاريخ التقليدية لذلك ساد في السودان فكر أقل ما يوصف به أنه عابر ومؤقت والفكر العابر والمؤقت في أوروبا كانت تمثله النازية والفاشية والشيوعية وهو نتاج نهاية الليبرالية التقليدية في وقت لم تظهر الليبرالية الحديثة بعد وهذا الصراع إنتبه له الإقتصاديين والمتخصصين في تاريخ الفكر الإقتصادي ومن ضمنهم أرنولد توينبي الكبير عام 1883م ومنذ ذلك الزمن البعيد إنتقد الإستعمار وقال فيه تظهر خيانة أوروبا للتنوير وفيه إهمال للطبقة العاملة في أوروبا بسبب خروج رؤس الاموال الى الدول المستعمرة وفيه إستقلال لموارد الشعوب المستعمرة في دول العالم الثالث بغير حق.

نقد أرنولد توينبي الكبير للإستعمار يسبق كتابات عبد الله علي ابراهيم في حديثه عن دول ما بعد الإستعمار بقرن كامل من الزمن والسبب لأن عبد الله علي ابراهيم لم يخرج بعد من ظلام فلسفة التاريخ التقليدية وأن أرنولد توينبي الكبير كان من طلائع ومؤسسي فلسفة التاريخ الحديثة منذ عام 1883م ولم تظهر أشعتها في أوروبا وتناولها الفلاسفة و الإقتصاديين وعلماء الإجتماع بعده بشكل جاد إلا بعد خمسة عقود أي بعد حديث أرنولد توينبي الكبير عام 1883م

عندما نقول بعد خمسة عقود من ملاحظة أرنولد توينبي الكبير أن الليبرالية التقليدية قد قاربت نهايتها نقصد أن من بين من إنتبه نجد جون ماينرد كينز وإهتمامه بكيفية تفسير الكساد الإقتصادي العظيم وأحتاج لأربعة سنوات حتى يقدم نظريته العامة وكذلك نجد في عام 1929م بداية مدرسة الحوليات الفرنسية وقد أصبح التاريخ على المدى الطويل علم إجتماع وليس سرد لوقائع وسير وتحقيب كما يفعل عبد الله علي ابراهيم ووثائقه المقدسة وعند مؤرخي مدرسة الحوليات الفرنسية أن ماركس قد أصبح في الأغلال وليس طليقا كما يريده عبد الله علي ابراهيم.

ونجد قبل مدرسة الحوليات ماكس فيبر و قد إنتقد ماركسية ماركس وتحدث عن زوال سحر العالم أي أن الدين قد أصبح في مستوى دين الخروج من الدين وهذا البعد لم يفهمه عبد الله علي ابراهيم الذي ما زال مغرم بفكر الكيزان ويظن بأن الدولة يمكن أن تكون دينية أو عسكرية أو ملكية أو بقيادة كارزيمية وقد وصفها ماكس فيبر أن الشخصية الكارزيمية دلالة على تقليدية المجتمع التي يحاول ماكس فيبر تجاوزها وهو يتحدث عن مجتمع حديث ودولة حديثة قد تجاوزت النظم الشمولية كما في الشيوعية التي قد خلبت لب عبدالله علي ابراهيم وكذلك إنتقد ماكس فيبر الملكيات التقليدية في حديثه عن المجتمع الحديث والدولة الحديثة فماكس فيبر كان مدرك أن فلسفة التاريخ التقليدية قد وصلت لمنتهاها وأن هناك فلسفة تاريخ حديثة على الأبواب لم يعد معها من الممكن الحديث عن قياد كارزمية أو قيادة رجال دين أو قيادة لنظام شمولي كالشيوعية أو قيادة عسكرية وكله ما رفضه ماكس فيبر كالنظم الشمولية أي الشيوعية كانت إمراءة شباب عبد الله علي ابراهيم ورفض ماكس فيبر الكارزما ونجد عبد الله مغرم بكارزمية عبد الخالق محجوب بل كانت طاقية إخفاء عبد الله التي يستخدمها وأخيرا إعجابه بالدولة الدينية الكيزانية والمضحك أن ما يعجب عبد الله علي ابراهيم من شيوعية وكارزما و دولة دينية ودولة عسكرية كلها كانت في مرمى نيران فكر ماكس فيبر.

ماكس فيبر إنتبه بأن الماركسية والهيغلية قد بلغت بالفلسفة المثالية الألمانية غايتها ونهايتها المحزنة وأن الميافيزيقا لم تعد أفق فلسفي وليس فيها ما يصلح للفلسفة وهذا الذي لم يفهمه عبد الله علي ابراهيم لذلك حديثه عن ماكس فيبر حديث مضحك لأن ماكس فيبر يوصف بأنه مؤرخ غير تقليدي وإقتصادي وعالم إجتماع وقانوني لذلك قراءة عبد الله علي ابراهيم لماكس فيبر قراءة ضعيفة ومثيرة للضحك لأن عبد الله علي ابراهيم يعاني من مشكلة كبيرة في فهم النظريات الإقتصادية ويعاني من مشكلة أكبر في فهم آداب تاريخ الفكر الإقتصادي ومعروف أن ماكس فيبر كانت كل جهوده الفكرية حصيلة إطلاعه على تاريخ الفكر الإقتصادي وأدب النظريات الإقتصادية وخرج منها بفكرة العقلانية من منظور إقتصادي لذلك نجد ريموند أرون في قراءته لماكس فيبر تختلف عن قراءة عبد الله علي ابراهيم لماكس فيبر بالكلية.

عند ريموند أرون فكر ماكس فيبر وأساسه فلسفة النيوكانطية هي أكبر حاجز صد لأفكار الوضعية المنطقية بل تعتبر إعلان نهاية فكر الوضعية المنطقية لكل من ماركس وأوجست كونت وريموند أرون فهم علم إجتماع ماكس فيبر بشكل يختلف عن فهم عبدالله علي ابراهيم لأن ريموند أرون مؤرخ غير تقليدي وإقتصادي وفيلسوف وعالم إجتماع فكره يقوم على النقد المعرفي وهذا غائب عن فكر ومنهج عبد الله علي ابراهيم ونقصد هنا منهج ريموند أرون منهج واسع لذلك عندما يتحدث عن ماكس فيبر على ضوء النقد المعرفي نجد ريموند أرون يضع ماكس فيبر كمؤسس لفلسفة التاريخ الحديثة وفي نظر ريموند أرون علم إجتماع ماكس فيبر يذكر ريموند أرون وخاصة في إعتماده على النيوكانطية يرجع الى فكر توكفيل عن فكرة الدولة بما يقارب قرن من الزمن قد مضى وفكرة الشرط الإنساني أما حديث ماكس فيبر عن العقلانية نجده عند توكفيل في حديثه عن عقلانية الفرد وأخلاقه التي تجعله يقبل بالحرية للآخريين وبالمساواة مع آخريين.

لذلك عندما تقراء ماكس فيبر من خلال منهج ريموند أرون فإن ماكس فيبر ليبرالي إنتقد فكرة الدولة الدينية وإنتقد النظم الشمولية أي الشيوعية وإنتقد كل أشكال الدولة في المجتمعات التقليدية والملكيات التقليدية وإنتقد الشخصيات الكارزمية عبر حديثه عن العقلانية التي لم يفهمها عبد الله علي ابراهيم لأنه لم يفهم أدب النظريات الإقتصادية.

حديث ماكس فيبر عن عقلانية الرأسمالية وأنها عقلانية لأنها لم تظهر بعد في المجتمعات التقليدية كحال مجتمعنا السوداني التقليدي إرتكز عليه ريموند أرون في تأسيسه لفلسفة التاريخ الحديثة وهي تتحدث عن نهاية الليبرالية التقليدية وبداية الليبرالية الحديثة ولكن كيف وصل ريموند أرون لفكرة العقلانية التي تحدث عنها ماكس فيبر من وجهة نظر إقتصادية إلتقطها ريموند أرون لأنه إقتصادي ولم يلاحظها عبد الله علي ابراهيم لانه يجهل آداب الإقتصاد لذلك يصبح حديثه أي عبد الله علي ابراهيم عن ماكس فيبر مضحك ومحزن لأن ماكس فيبر كذلك غير وجوده في كتابات ريموند أرون نجده في كتابات علي الوردي عالم الإجتماع العراقي أي نجد ماكس فيبر صاحب فكرة عقلانية الرأسمالية وكيف تتطلب فكرة الناخب الرشيد والمستهلك الرشيد لأن علي الوردي أيضا عالم إجتماع وإقتصادي ملم بالنظريات الإقتصادية بعكس عبدالله علي ابراهيم الذي يظهر فقره وعدم إلمامه بالنظريات الإقتصادية وأدب تاريخ الفكر الإقتصادي لذلك حديث عبدالله علي ابراهيم عن ماكس فيبر محزن ومضحك جدا.

وأخيرا لكي نختم هذا المقال سوف أتحدث عن أن ريموند أرون في أحد كتبه تحدث عن أن منتسكيو يعتبر مؤسس لعلم الإجتماع وسابق لكل من ماركس وأوجس كونت وسان سايمون بما يزيد بقرن وأعطاء أسبابا لذلك بأن منتسكيو يعتبر جسر يربط بين القديم والعلوم الجديدة لذلك حديثه عن فصل السلطات يجعله عالم إجتماع وليبرالي وأستفاد توكفيل من فكره وطور فكرة مفهوم الدولة الحديثة وفكرة الشرط الإنساني الذي لا يتحقق بغير معادلة الحرية والعدالة وهنا في حديث ريموند أرون عن منتسكيو نجده إستخدم فكرة النقد المعرفي ونفس النقد المعرفي نجده قد إستخدمه أي ريموند أرون في فكرة العقلانية التي تحدث عنها ماكس فيبر وخاصة حديثه عن عقلانية الرأسمالية وأخذها ريموند أرون و سار بفكر ماكس فيبر ليؤسس به فلسفة التاريخ الحديثة من بداية ثلاثينات القرن المنصرم.

ومن المفارقات قد وصلت لقمتها أي فلسفة التاريخ الحديثة في إنتصارها على فلاسفة ما بعد الحداثة وكان فكرهم سائد ورائج أيام كان عبد الله علي ابراهيم طالب في جامعة الخرطوم. لذلك قلنا لم ينتبه عبد الله علي ابراهيم بأن أيامه في جامعة الخرطوم قد كانت قبلها ثلاثة عقود قد مرت على فلسفة التاريخ الحديثة وكانت آخر معاركها مع فلاسفة ما بعد الحداثة ونهايتهم مع نهاية ثورة الشباب في فرنسا وبعدها رجعوا عن إنتقادهم للفكر الليبرالي ونقدهم للراسمالية إلا عبد الله علي ابراهيم ما زال ينتقد الليبرالية لانه يجهل أن ماكس فيبر قد تحدث عن العقلانية من منظور إقتصادي وتحدث عن عقلانية الرأسمالية فماذا يقول عبد الله علي ابراهيم عن عقلانية الرأسمالية التي تحدث عنها ماكس فيبر من ناحية مفاهيم تاريخ الفكر الإقتصادي؟

لذلك نقول لعبد الله علي ابراهيم أن ماكس فيبر في إعتماده على النيوكانطية وحديثه عن زوال سحر العالم أي أن الدين لم يعد له دور بنيوي في السياسة والإجتماع والإقتصاد قد فتح الطريق لريموند أرون ان يتحدث عن فلسفة تاريخ حديثة تسوقها معادلة الحرية والعدالة ومعادلة الحرية والعدالة أفكارها لا تخرج من حيز أي محابي للكيزان كحالة عبد الله علي ابراهيم لذلك نقول عجز عبد الله علي ابراهيم عن خروجه من متاهته بسبب ضعف منهجه وقد جعله كدوّارة الريح كان يوما شيوعيا شموليا مبغوض من ماكس فيبر في نقده لفكر ماركس واليوم عبد الله محابي للكيزان وقد تحدث ماكس فيبر عن زوال فكرهم عن فكرة زوال سحر العالم أي أن الدين لم يعد له دور بنيوي في السياسة والإجتماع والإقتصاد.

 

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. عبدالله علي ابراهيم ماركسي سابق ارتد عن الماركسية متحوراً إلى مجرد جلابي عنصري معتوه.

    لا تشغل نفسك كثيراً بهذا الساقط.

    1. ههههههههههههههههههه
      لو تماهي الدكتور عبدالله علي ابراهيم مع عنصرية وجاهلية والاعمال الاجرامية لمليشيا ال دقلو الارهابية لصفقتم له
      الدكتور عبدالله علي ابرهيم رجل متصالح مع نفسه فالساقط انت وامثالك المغفلين يا غاندي
      اما الكاتب فاشفق عليه لانه يضيع نفسه في متاهات فلاسفة عفي عليها الزمن يعني لزوم ثقافة وكدة يعني
      القرن الكريم اغنانا عن كل هذا التهافت الحق نفسك ههههههههههههه

  2. لا حول ولا قوة الا بالله
    مقال كامل الدسم
    الرجل فتل ليك من نفس حبلك يادكتور على عبد الله يا مستنير
    شيوعية اخر زمن – شيوعيون اخر زمن
    اها اقدر رد عليه
    لا يجابه الفكر الا بالفكر
    احي الكاتب على المقال الرائع

  3. ما لم يستطيع فهمة او ادراكة صاحب المقال بان د. عبدالله اسم دولي عالمي له وزنة واسمة،،، اما كاتب هذا المقال فمن هو…..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..