مقالات سياسية

السودان والوجود الأجنبي الناشز

بسم الله الرحمن الرحيم

د. الطيب النقر

إن الحقيقة التي يجب أن تكون متأصلة في ذهن هذه الأمة ، ومختلجة في مهجتها، وكامنة بخاطرها، حتمية أن تكون هناك بيانات ضافية، ترصد الوجود الأجنبي في هذه البلاد، وأن تقدم لنا هذه البيانات مسوغات هذا التواجد، وصفات الفئات المتواجدة، وعناصرها، وما تحوتيه هذه العناصر من وافر الثقافة، ورقة الشمائل، وصفاء الطبع، لأن هذا الشعب الذي توالت عليه المصائب، وتزاحمت عليه النوائب، قد أثار هذا الوجود الأجنبي في قلبه شجناً واضطرابا، فهذه الهيجاء وما جرى فيها من كر وفر، وبغي وتحيز، وما علا فيها من تصايح الكماة، وأنين الجرحى، وأهات الثكلى، شارك فيها هذا “الوجود” الذي خذلنا وصرعنا بلا رحمة، فقد انتهك هذا “الوجود” قدسية العلاقة التي تربطه بهذا الشعب الذي يحنو عليه، ويهش في وجهه، ويحتفي بمقدمه، لقد سار هذا “الوجود” إلى أقصى حدود التطرف، عندما ارتمى في أحضان المليشيا المارقة، وآمن بطرحها، واعتنق فكرها الذي يهدف إلى تفتيت السودان وبعثرته.

إن الحقيقة التي لا يرقى إليها شك، والواقع الذي لا تسومه مبالغة، أن هذه الحرب تتطلب منا صبر طويلاً، وجهداً كثيراً، لكي نستخلص منها العظات والعبر، وأول هذه العظات التي تحل مشاكلنا، وتضمن لشعبنا ما يرجى له من سعادة، هو تقنين الوجود الأجنبي وحصره في أضيق نطاق، خاصة بعد أن أثبتت لنا هذه الملاحم ما كان يضمر هذا “الوجود”، وأبانت لنا منه ما كان يخفي، إذن الشيء الذي يجب أن نولع به، بعد هذه التجارب المريرة، والدروس القاسية، أن نترك عنا هذه السذاجة التي كنا مسرفين فيها أشد الإسراف، فقد كان يرضينا كل الرضا، ويمتعنا كل الامتاع، أن يعيش هذا “الوجود” مُكرماً بالطاف، مقرباً باتحاف، معهوداً بحفاوة، سواء كان خيرة هذه الجماعات أو شريرة.

وفي الحق أن هذا الوباء الذي نسعى لتفصيل دقائقه تفصيلا، يستلزم منا تضافر الجهود، بين الشعب والسلطة حتى نسلم من عواقبه، ونشفى من ويلاته، نريد من الفارس البهمة، والأسد الخادر الفريق أول “عبد الفتاح البرهان”، ورئيس الوزراء الجديد “كامل إدريس” الذي يرى الشرف كل الشرف في خضوعه لهذا الشعب، ونزوله عند رضاه، والذي بدأ مسيرته العملية بمناكفة قوى الصلف والغرور، التي تريد أن ترى السودان مسجياً على سريره، ومشرفاً على قبره، نريد منهما العمل الدائب، والعناء المرهق، فنحن ازاء هذه المعضلة نحتاج فعلاً لأن نتضامن ونتعاون، ويشد بعضنا أزر بعض، حتى ننجو من نكباتنا، وأول هذه النكبات “كرمنا” الذي تثور له نفوسنا، وتطمئن إليه قلوبنا، نحن بعد هذه الكريهة لا نستطيع أن نتحمله، ولا نستطيع أن ننهض بأثقاله، نحن في حاجة فعلاً لأن نفرض على كرمنا، وأريحيتنا، وعواطفنا الجياشة شيئاً من التحفظ، ونفرض على كل هذه الخصال شيئاً من الاحتياط، فلا نجعل هذه المناقب جزءاً من قلوبنا، ولا نجعلها جزءاً من حياتنا اليومية، خاصة تجاه الدخيل الذي لغته تختلف عن لغتنا، وقيمه تنأى عن قيمنا، وثقافته تخالف ثقافتنا، إن الغاية التي يجب أن نطمح إليها، ونجاهد في سبيلها، هي تأمين حدودنا المفتوحة دوماً على مصرعيها لكل غادي ورائح، هذه الحدود المتاحة التي لا تجد الدول التي تحيط بنا جهداً، ولا مشقة، ولا عناء في عبورها، هي التي بسطت علينا القوارع بسطا، نحن في حاجة إلى جهود كثيرة جداً لمراقبة وضمان ألا يتسلل غريب عبرها ليسومنا الخسف والعذاب، وحفظ الحدود ورصدها يتطلب جيوشاً جرارة، تشعر بأن عليها واجبات ثقال يجب أن تؤدي، وأن تدرك أنها لو فرطت في أداء هذه الواجبات، لترتب على ذلك عواقب خطيرة، قد تكلفنا أعواماً طوال حتى ندفع عقابيلها.

إن المشاعر التي تجول في مهجنا، وتضطرب بها عواطفنا، هي القسوة التي تعرضنا لها من زمرة هيأناها نحن للظلم والطغيان، عندما أتحنا لها الحرية المطلقة في أن تتمدد وتستطيل، وتغاضينا عن سلوكها الأرعن، ومهنها الهامشية، وسكنها العشوائي، ولم نفرض عليها قوانين ثقيلة الوطأة، كتلك القوانين التي فرضتها علينا حكوماتهم”المشبلة” إبّان نشيجنا وحربنا الضروس التي لم تهدأ ثائرتها بعد.

مشكلة الوجود الأجنبي الناشز، يجب أن نمنحه مقتنا وغضبنا في غير حلم ولا أناة، وأن نتعقب كل غريب سفك دمائنا وتورط في اراقتها، يجب أن نكف عن التنويه بذكر أفضالنا واحسانا إليهم، فهذه الأشياء لا أحد ينتهي إليها، أو يقف عندها، ما يجب فعله أن نطرد هذا الوباء عن بلدنا، وأن نسعى لمحو آثاره شيئاً فشيئا.
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. التقل الكوز الني رمى المشكلة في (الوجود الأجنبي الناشز)

    المصيبة هي في جماعتك المسيلمية التي أتت بكل من شاكلتها من مجرمي الأرض من أول كارلوس وبن لادن إلى آخر عرب غرب أفريقيا ومسلمي أرتيريا.

    الإخوان المسلمين جماعة إرهابية يجب إقتلاعها من أرض السودان إقتلاعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..