مقالات سياسية

ملحمة حرائق بورتسودان وحكاية الكوليرا..!

مرتضى الغالي

حاولت قراءة ما آل إليه حال “الجنيه السوداني” بعد الحرب اللعينة والانقلاب (السجمان) من أجل قياس أحوال معيشة المواطنين الناجين من موت حرب البرهان والكيزان والدعم السريع؛ وفشلت المحاولة..! حيث أن الدولار الواحد بات يساوي الآلاف المؤلفة من الجنيهات… بالرغم من أن “كيزان الإنقاذ” شطبوا للتمويه (ثلاثة أصفار) من قيمة العملة..! وكان عنوان انقلابهم المشؤوم في 1989 (حتى لا يصل الدولار إلى 25 جنيه سوداني)..!

بعدها راجعت نفسي وقلت إن المشكلة الآن ليست في سعر العملة وموت الناس من الجوع..بل في الكوليرا التي تحصد الأرواح بمعونة حمى الضنك والحصبة الألمانية والملاريا والفشل الكلوي والسرطانات و(القهر)..! ثم تراجعت وقلت إن المشكلة الأكبر تكمن في استخدام الأسلحة الكيميائية و(الموت الجماعي)..!

قال احد شباب ثورة ديسمبر الباسلة إن الكيزان وجماعة الانقلاب اعترفوا أخيراً بالكوليرا بعد طول إنكار..بعد أن قالوا إنها (إشاعة من قحت)..وان المسألة لا تزيد عن (اسهالات خفيفة)..!

وروى الشاب حكاية عن احد معارفه قال انه كان ينكر (إنو عندو سُكّري) حتى بعد أن نزل وزنه عشرين كيلو..! وكل من يسأله عن هزاله يقول (انو عامل ريجيم)..إلى أن قال له احد أصحابه ذات يوم: أعراضك هذه (أعرض أيدز ولازم تكشف).. ومنذ ذلك اليوم أصبح الرجل يردد من غير سؤال (أنا عندي سكري)..!

بعد الاتهامات والأدلة باستخدام السلاح الكيمائي أصبح الكيزان وجماعة البرهان الآن يقولون من غير أن يسألهم أحد (دي كوليرا ياخوانا)..!

وهكذا كان منظر (حرائق بورتسودان) حيث اكتملت صورة “عصر التفاهة”..!! هذا هو (التجسيد الحي) لهذه النظرية التي ظن الناس أنها خيالية من تهويمات “ألان دونو” أستاذ الفلسفة في جامعة كيبيك الكندية..أو أن النظرية فيها (شوية مبالغة)..!

الحرائق مشتعلة واللهب إلى عنان السماء يأكل المنشآت و”وزير إعلام البرهان” يقف بالبدلة والكرفتة..وجندي المطافئ (رجل الدفاع المدني) يعطي ظهره للنيران ويقوم بتصوير الوزير أثناء تهريجه في خطبة حماسية..!

أما جندي المطافئ الآخر فقد خلع خوذاته الواقية ووضعها على رأس (مغنية سيرة)..ثم ناولها خرطوش الإطفاء..وهي بطبيعة الحال (إضافة إلى جهلها العام) تجهل كيفية توجيه الخرطوش لمكافحة النيران..!

هذه المغنية التي تقوم بهذا (الاستعراض الماجن) وتسهم فعلياً في عرقلة الإطفاء..هي التي كانت تسافر لتغني لأحد (أعيان شمال نيجريا) وعندما تعود تغني أيضاً وتقول (الشريف مبسوط مني)..! وكان الأجدر أن تقول إنه مبسوط من أغانيها..!

هذا هو الدرك الذي أوردنا إليه البرهان بالانقلاب..ثم وهو وجنرالاته والكيزان بالحرب اللعينة..! فهل هناك أبلغ من هذا التردّي الانحطاط والتفاهة..؟ الله لا كسّبكم…!

‫3 تعليقات

  1. دكتورنا الغالي متعك الله بالصحة والعافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..