عربي | BBC News

السودانيون في مواجهة الكوليرا والحرب

السودانيون في مواجهة الكوليرا والحرب

أطفال سودانيون يتلقون العلاج

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، صورة أرشيفية لأطفال سودانيين يتلقون العلاج في مركز بورتسودان لطب الأطفال

يعيش السودان أوضاعاً صحية كارثية نتيجة لتفشّي وباء الكوليرا، مع دخول الحرب عامها الثالث.

ويواجه السودانيون واقعاً مزرياً؛ إذ بجانب الكوليرا، تنتشر الملاريا وحُمّى الضنك، في ظل نظام صحيّ مُتداع.

وما كاد كثير من السودانيين يعودون إلى الجيش بعد استعادة الجيش سيطرته على العاصمة الخرطوم، حتى بات هؤلاء يرغبون في المغادرة مجدداً خاصة بعد تفشي مرض الكوليرا في العاصمة وعدد من الولايات.

وأعلنت وزارة الصحة السودانية انتشار المرض في كل من (شمال كردفان، وسنار، والجزيرة، والنيل الأبيض ونهر النيل).

مشاعر أحمد، التي عادتْ إلى البلاد منذ ما يقارب الشهر، تعيش في محلية كرري بمدينة أمدرمان – التي تشهد أعلى معدلات الإصابة بالكوليرا وفقا لوزارة الصحة السودانية.

تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة

الأكثر قراءة

  • القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة انعقدت في الرياض لبحث

  • رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة

  • سقوط لوحات الإعلانات بسبب شدة الرياح الناتجة عن عاصفة رعدية مصحوبة بسقوط كرات الثلج والأمطار الغزيزة

  • وزير الدفاع الأمريكي

الأكثر قراءة نهاية

وقالت مشاعر لبي بي سي إنها عادت بعد انتشار أخبار بتحسُّن الأوضاع في مدينتها وسيطرة الجيش على العاصمة، إلا أن الأوضاع سرعان ما ساءت جداً بسبب انقطاعات الكهرباء وانعدام المياه، وتفشِّ الكوليرا.

وتوفي ثلاثة أشخاص متأثرين بالوباء في الحيّ الذي تقطن فيه مشاعر، بجانب تسجيل عدد من الإصابات.

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

قناة “مجلة +”

يمكنك مطالعة مجموعة متنوعة من المقالات الشيقة والملهمة والتقارير المفيدة.

اضغط هنا

يستحق الانتباه نهاية

وتُعدّ مشاعر واحدة من أكثر من 134 ألف شخص عادوا إلى منازلهم التي دمرتها الحرب، وسط انعدام تام للخدمات.

وإلى جانب “الانفتاح” في منطقتَي الصالحة جنوبي أمدرمان وجبل أولياء جنوبي الخرطوم، والتي سيطر عليها الجيش السوداني، تُعتبر عودة النازحين إلى ديارهم أحد أهم أسباب تفشّي المرض، بجانب عدم توفُّر طعام جيد ومياه شرب نظيفة، بحسب وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم.

ووصفت منظمة أطباء بلا حدود المرض بالوباء، ويبدو أن السيطرة عليه أمر صعب؛ إذ تتطلب عودة الكهرباء المقطوعة للأسبوع الثالث على التوالي عن مدينة أمدرمان بفعل الهجمات المتكررة على محطات الكهرباء بالمُسيّرات من قبل قوات الدعم السريع -كما تقول الحكومة السودانية.

وأدى ذلك إلى انقطاع مياه الشرب ولجوء المواطنين لشُرب المياه من مصادر غير آمنة، ما زاد وتيرة تفشّي المرض، خاصة في مدينة أمدرمان – حيث لجأ المواطنون لشراء مياه الشرب من الباعة المتجولين الذي يستخدمون عربات نقل بدائية تجرُّها الدواب.

ويبلغ سعر برميل المياه ثلاثين ألف جنيه سوداني، أي ما يُقارب خمسة دولارات، حيث يجلبون المياه من نهر النيل، أو من آبار مفتوحة غير خاضعة للمعالجة ولا الرقابة.

التعليق على الفيديو، ماذا نعرف عن مرض الكوليرا المنتشر في السودان؟

وتنتشر مقاطع فيديو لصفوف من المواطنيين وعربات “الكارو” الشعبية لشراء مياه شرب غير نظيفة من نهر النيل، فيما يقول وزير الصحة السوداني لبي بي سي إن المعالجة النهائية فيما يتعلق بتوفير مياه شرب نظيفة أمر صعب في المرحلة الأولى.

وتعتمد حكومة ولاية الخرطوم على كلوَرة المياه (إضافة الكلور إلى الماء بنسب معينة)، كمعالجة أوّلية بالعمل مع المنظمات الأممية وأطباء بلا حدود.

وتشرف منظمة أطباء بلا حدود على ثمانية مراكز للعزل، موزعة على العاصمة تقول إنها ممتلئة بالمصابين.

وتبلغ سعة مراكز العزل التابعة لأطباء بلا حدود في مدينة أمدرمان فقط حوالي 300 سرير، بحسب محمد نديم أحد المسؤولين بالمنظمة بينهم (مركز عزل مستشفى النو، والذي تم إخلاؤه قبل يومين، ومركز عزل الجزيرة اسلانج، ومستشفى أمدرمان). ويقول صحفيون زاروا مراكز عزل إنها تشهد تكدّسا وتوافدا لمصابين يفوق سعة المراكز على مدار الساعة.

عائلة سودانية

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة، عائلة سودانية فرّت من مخيم زمزم للنازحين داخلا، تستريح أثناء توجهها إلى مخيمات الطويلة وسط الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في شمال دارفور، 23 أبريل/نيسان 2025.

ومن جهتها، أعربت وزارة الصحة السودانية عن قلقها إزاء تدهور الأوضاع الصحية جرّاء انتشار الوباء بالبلاد؛ إذ تمّ تسجيل 2,729 إصابة بالكوليرا خلال أسبوع واحد و 172 حالة وفاة، مع تركُّز نحو 90 في المئة من الإصابات الجديدة في ولاية الخرطوم، خاصة في محليات كرري، وأم درمان وأمبدة، بحسب آخر إحصائيات رسمية.

وانتشر المرض في ولاية سنار، ووفقاً لإبراهيم العوض أحمد وزير الصحة بالولاية الذي تحدث لبي بي سي، فإن الولاية سجّلت 51 إصابة بالكوليرا وخمس وفيات مع تعافي 14 حالة، وقال العوض إن عدد الحالات الموجودة في مركزَي عزل مستشفى سنار وسنجة بلغ 32 حالة.

وتُعدّ حركة المواطنين بين ولايتَي الجزيرة وسِنار أحد أسباب انتشار المرض بالولاية، بجانب استخدام المواطنين مياه الشرب من النيل مباشرة دون معالجتها.

وتتخوّف لجان مقاومة وَد مدني من انتشار الكوليرا، بعد تسجيل عدة حالات بالمدينة الواقعة وسط السودان وثاني أكبر المدن كثافة سكانية بعد الخرطوم.

يشار إلى أن لجان مقاومة وَد مدني، هي لجان أهلية نشطت في احتجاجات ديسمبر 2018 التي أدت إلى إسقاط نظام عمر البشير، وتقوم الآن بأدوار خدمية.

وتقول هذه اللجان إن المدينة ورثت نظاماً صحيا منهاراً نتيجة الحرب التي ضربت البنى التحتية للولاية فيما تشهد مستشفى ود مدني نقصا حاداً في الكوادر الطبية وسط نقص للدواء وتدهور في بيئة المستشفى.

نازحون سودانيون

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، نازحون سودانيون بسبب الصراع الدائر في شمال دارفور بالسودان – 23 أبريل/نيسان 2025.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات الإصابة بالكوليرا المسجّلة في السودان بلغ نحو 60 ألف حالة، منذ بداية تفشي المرض في البلاد، وسط تحذيرات من تدهور الأوضاع الصحية؛ بسبب النزاع المستمر وانهيار البنية التحتية.

وقالت “اليونسيف” إن أكثر من مليون طفل معرّضين للخطر في السودان؛ بسبب انتشار الكوليرا حيث أُبْلِغ عن أكثر من 7,700 حالة إصابة بالكوليرا منذ بداية العام الجاري في الخرطوم من بينها ألف حالة إصابة لأطفال دون سِن الخامسة.

وقالت ميرا ناصر مديرة الإعلام والاتصال باليونسيف أن محليتَي جبل أولياء والخرطوم هما الأكثر تضرراً كما تواجهان خطر المجاعة، مع وجود عشرات الآلاف من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد.

وتقول المنظمة التي تعاني ضعف التمويل إن حالات الإصابة اليومية بالكوليرا قد تضاعفت تسع مرات خلال عشرة أيام فقط، ما يُنذِر بالخطر.

وتحتاج المنظمة الأممية المعنيّة بالطفولة إلى دعم كبير من المجتمع الدولي والممولين للحدّ من تفشّي الكوليرا بشكل أكبر لإنقاذ الأرواح.

ومع تمدُّد رقعة الحرب، واستمرار الهجمات على البنى التحتية، والنقص الحادّ في الغذاء وخروج أكثر من 80 في المئة من المستشفيات والمؤسسات المعنيّة بتقديم العلاج من العمل – يُحذّر محمد سيد أحمد المتحدث باسم نقابة الأطباء السودانيين من خروج الوباء عن السيطرة، في حال عدم تدخُّل المنظمات الدولية والأممية.

فيما تتوقع وزارة الصحة السودانية انحسار الإصابات خلال الأسابيع القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..