العار الذي نعيشه .. حين ينهبك من يفترض أنه يحميك

حسن عبد الرضي الشيخ
في زمنٍ أصبح فيه الصمت خيانة، لم يعد بالإمكان أن نكتب بحياد أو نخفي دموع القهر التي تسيل على وجوه أهلنا كل يوم.
ها نحن نفتح جراحنا من جديد، نكتب بمدادٍ من الخيبة لا الحبر. خيبة لا توصف حين ترى من يفترض أن يكون حاميك، يتحوّل إلى جلّادك. خيبة حين تنسحب آلة القتل والانتهاك ممثلة في “الدعم السريع”، فتتنفّس الصدور بعض الهواء، قبل أن تنغرس السكاكين في الظهر من الجيش والمليشيات المتحالفة معه.
هل هناك أشد من هذا الظلم؟ أن تُنتهك حُرمتك مرتين، من عدوين يحملان نفس الراية و”يلوكان” نفس “اللبانة”، يبدوان وكأنهما يتبادلان الأدوار؟
في جادين جنوب أم درمان، وفي عشرات القرى والمدن، يتكرر المشهد:
يصرخ الناس من شدة الألم، “أغيثونا.. إنهم ينهبون منازلنا تحت تهديد السلاح!”
ولكن من يسمع؟ ومن يستجيب؟
إنهم جنود بزي رسمي، يدخلون بشاحنات كبيرة لينهشوا ما تبقى من حياة المواطنين، تحت أنظار من يسمون أنفسهم ارتكازات الجيش. لا رادع، لا مساءلة، لا ضمير.
كل شيء منهوب، ليس فقط الأثاث والذهب والثلاجات … بل حتى الكرامة.
حتى الستر، حتى الإيمان بأن ثمة “وطن” ما زال قائماً، سُرق من القلوب.
لقد أبلغ الأهالي، ناشدوا، صرخوا، وثّقوا، استنجدوا… لكن لا حياة لمن تنادي.
هل وصلنا إلى درجة أن يتحول الجيش إلى ظل قاتم من الدعم السريع؟ هل بات المواطن السوداني بلا ملجأ، بلا ظهر، بلا دولة؟
هل هذا هو “التحرير” الذي تحدثتم عنه؟
أم هو الانتقام ممن رفض الانبطاح لكل الجيوش والميليشيات القاتلة؟
لقد خدعكم شياطين الإنس حين قالوا لكم “بل بس”، وساقوكم خلف شعارات جوفاء لا تسمن من حرية، ولا تغني من عدالة.
كنتم ترددون “بطشن واحد.. “كربن” واحد”، ولكنكم لم تسألوا أنفسكم: بطش واحد مع من وكرب واحد مع من؟ أم أنهم كلهم واحد؟
الآن، وقد انكشفت العورات، هل عرفتم الحقيقة؟
هل أدركتم أن السلاح لا يحمي الأوطان حين يُرفع على صدور أهلها؟
أن الجندي الذي لا يدافع عن المدنيين، ليس سوى مرتزق جديد؟
يا أهل جادين، يا أهلنا في كل مكان … نسمع أنينكم، نشارككم الألم، ولكننا لا نملك إلا الكلمة.
فليعلم من ينهب ومن يغض الطرف أن للتاريخ عين لا تنام، وأن لعنة المظلومين لا تضيع.
هذا زمن العار، زمن السقوط الأخلاقي، زمن الجيش الذي تحول إلى مليشيا ببدلة رسمية.
وإن غداً لناظره قريب.
هم فعلا يتبادلون الأدوار ….لازلال الشعب السوداني.
والانتقام منه … لاننسي أنهم من رحم واحد…..حسبنا الله ونعم الوكيل