وعود الكامل والموية البتكضّب الغطّاس !!

سيد محمود الحاج
نأمل أن يكون رئيس الوزراء الجديد قد جاء ليشغل منصباً لا وظيفة لأنه في الحالة الثانية سيكون لا أكثر من موظف يؤدى ما يمليه عليه ربّ عمله دون أن يكون له حق إتخاذ قرار او تجاهل التعليمات التي يراها صاحب العمل تخدم مصلحته وتعود بالفائدة له قبل سواه . أمّا إذا كان ملء منصبه فلا شك أن الوعود التي قطعها هي أهم ما يتطلع إليه الشعب ليس شعب السودان وحده بل تتطلع لمثلها كل شعوب دول العالم فذاك هو ما يتمناه الإنسان من أجل عيش كريم في ظل العدالة والمساواة وسيادة القانون وأحترام الإنسان وصون حقوقه .
ومن أهم تلك الوعود التى تضمنها خطابه هو إستتباب الأمن والسلام ، فلا ريب أنه في غياب الأمن والسلام لن يكون بمقدور أي حكومة أن تنجز أمراً من الأمور ، غير أنه لم يتحدث عن الحرب وسبل إيقافها حتى يعم الأمن السلام اللذان ينشدهما فهل هذا يعني أنه من دعاة إستمرارها وبلابستها وإلّا لكان من المفترض أن يتصدّر خطابه عبارة لا للحرب وشجبها بقوة وإصرار ، وأن تكون مسألة إيقافها هي همّه الأول فإذا ما ظلّت نيرانها مضرمة فكيف يكون في إلإمكان إصلاح الإقتصاد ومعاش الناس وإعادة التعمير وزيادة الصادر وتفعيل الصناعة والزراعة في إنعدام وعدم وجود المقومات اللازمة .. وكيف تتم عملية إعادة الإعمار وجبر الضرر والمدافع لم تكف عن الدويّ والدانات مافتئت تتساقط .. وأنّى تتأتّى كرامة الشعب والشعب لم يزل يعاني ويقاسي مشقّة البحث عن ملاذ آمن حتى في وسط أحراش قد تكون وحوشها أكثر رأفة من بشر عشقوا الحروب وامتهنوا القتل !!
كان على السيد/ رئيس الوزراء ، وقبل إلقائه ذلك الخطاب وقبل أن يقطع أي وعود قد لا يستطيع الوفاء بمعظمها ، كان عليه أن يقوم بجولة تفقدية في صباح اليوم التالي لوصوله يزور خلالها العاصمة بمدنها الثلاث ومنها إلى ولاية الجزيرة ثم النيل الأزرق وكردفان ودارفور ليرى بعينه الواقع الأليم وما خلفته الحرب ومازالت تخلفه وليقف على حال الأطفال الجوعى ومن عصفت بهم الأوبئة والأمراض وليرى البيوت التى أصبحت مرتعاً للقطط والكلاب بل ومقابراً تأوي جثث من قُتل من أهلها او مات جوعاً وعطشا !!
أمّا وعده بتحقيق العدالة وسيادة القانون فذاك أمر يصعب التكهن بنتائجه ، فإذا بدأ بالأقربين فسيجد أن ثلاثة أرباع الممسكين بالسلطة الآن تشملهم قائمة من يجب خضوعهم للعدالة لما تلوّثت به أيديهم من جرائم موثقة في حق الوطن والمواطن ، وإذا حاول الإيفاء بوعده تجاه محاربة الفساد فلن يجد من بين من هم حوله الآن غير فاسدٍ ومفسدٍ .. فهل يقوى على الوفاء بأيّ ٍ من هذين الوعدين !!؟ … وفوق هذا وذاك هل يقوى على مواجهة (الحكومة الخفيّة) التي تحرّك الأحجار على رقعة الشطرنج والتي هي مصنع الفساد ومصدر كل بلاء حلّ بالبلاد وأهلها !!؟
إن المعادلة التي يتوجّب على رئيس الوزراء حلّها معقدّة جداً وذات حدود متعددة ونشفق عليه من ثُقل أعبائها ومع ذلك نتمنى أن يحالفه التوفيق في حلها ، فهذه مجرّد تساؤلات ومحاولة لتحليل الواقع وليست محاولة لتكسير المجاديف أو إثارة الإحباط ، فإذا ما أوفى بما عاهد به او حتى بعضه فلا شك أن التاريخ سيخلده في أنصع صفحاته .. فلنرى!!