أخبار مختارة

القوى المدنية في السودان تخشى من محاولات لـ”شرعنة” الحكومة الجديدة داخل الاتحاد الأفريقي

تخشى القوى المدنية في السودان من تحركات تقودها بعض الأطراف داخل الاتحاد الأفريقي للاعتراف بالحكومة الجديدة الموالية للجيش، وإضفاء “شرعية” عليها داخل التكتل القاري.

وكلف قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، في مايو الماضي، كامل الطيب إدريس بتشكيل حكومة جديدة، وأدى إدريس اليمين دستورية أمام البرهان قبل أيام، ليعلن لاحقا عن حل الحكومة القائمة.

وترى القوى المدنية المناهضة للحرب أن الحكومة الجديدة هي مناورة لإضفاء شرعية على السلطة “الانقلابية” القائمة، وتخشى تلك القوى من اعتراف أفريقي بتلك الحكومة، الأمر الذي سيعني تحييدها وإنهاء أي دور مستقبلي لها، مع إفساح المجال أمام فلول النظام السابق للقبض مجددا على السلطة.

 وعلق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان في أكتوبر2021 عقب الانقلاب الذي قاده قائد الجيش، بحيث صنف الاتحاد ما جرى على أنه “خرق للمسار الدستوري”، مطالبا بإعادة السلطة للمدنيين.

وجاء القرار تعبيرا عن موقف أفريقي متشدد حيال الانقلابات والتحولات غير الدستورية، بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية شهدتها القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة.

ولم ينه الاتحاد الأفريقي تماما صلاته بالسودان، بل حرص على الإبقاء على الآلية رفيعة المستوى برئاسة محمد بن شمباس، كقناة تواصل لمتابعة الأزمة السودانية ودعم جهود التسوية.

وقال بن شمباس مؤخرا إن “السودان ليس فراغا”، في تصريح أثار مخاوف المكون المدني من إمكانية نجاح الجهود التي يقودها الجيش بدعم من دول إقليمية لاستعادة مقعد السودان داخل المنظمة الأفريقية ونيل الاعتراف بالحكومة الجديدة، وما سبقه من تعديل للوثيقة الدستورية.

  واعتبر المتحدث باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بكري الجاك أن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي لا يملك مرجعية دستورية لتعيين رئيس الوزراء في السودان.

وأوضح الجاك، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن آجال الوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا قد انتهت، كما أن السودان في حالة حرب، وبالتالي لا يمكن في هذا الوضع تعيين رئيس وزراء بواسطة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة.

وشدد المتحدث باسم “صمود” على أن تعيين رئيس الوزراء في السودان لا يعالج قضايا الحرب والوضع الإنساني وحالة الخراب، مشيرا إلى أن جهات في الاتحاد الأفريقي تحاول الدفع باتجاه تصنيف الحرب على أنها بين حكومة شرعية و”متمردين”.

واعتبر الجاك أن الأولوية في الوقت الراهن هي وقف الحرب، ومعالجة الوضع الإنساني، واستعادة مسار الانتقال المدني.

وتحالف صمود هو إحدى واجهات المكون المدني المناهض للحرب، والذي سبق وأبدى رفضا للانحياز لأي من طرفي الصراع الدائر في السودان منذ أبريل 2023.

وكان رئيس تحالف “صمود” رئيس الوزراء الأسبق قبل انقلاب الجيش عبدالله حمدوك صرح في وقت سابق بأن “أي محاولة لتشكيل حكومة في السودان اليوم هي محاولة زائفة. وغير ذات صلة.”

وأكد حمدوك في حديث لأسوشيتد برس على عدم وجود حل عسكري للصراع في السودان، مشددا “لن يتمكن أي طرف من تحقيق نصر حاسم.”

ويرى مراقبون أن مخاوف المكون المدني من الجهود الجارية داخل المنظمة الأفريقية للاعتراف بسلطة الأمر الواقع في السودان، مشروعة، وإن كان من المستبعد أن تنجح مثل تلك المحاولات.

ويشير المراقبون إلى أن المواقف التي ما فتئ رئيس الوزراء الجديد يعبر عنها منذ تعيينه، والتي تمثل صدى صوت لمواقف قائد الجيش، لا تخدم تلك الجهود.

ويلفت المراقبون إلى أن كل المؤشرات توحي بأن الحكومة الجديدة لن تكون مختلفة عن الحكومة التي تم حلها، وأن تشكيلها يندرج في سياق المناورة و”استبلاه” المجتمع الدولي وأيضا استرضاء تنظيمات مسلحة تريد أن يكون لها حضور عملي في مراكز القرار وداخل السلطة التنفيذية.

من المنتظر أن يعلن كامل إدريس عن تشكيلة حكومته خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط خلافات بين القوى الداعمة للجيش والتي ترنو إلى حجز مكان لنفسها بها

وفي تكرار لتصريحات سابقة لقائد الجيش، قال رئيس الحكومة الجديد “إن الحرب على المتمردين في نهاياتها”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

ودعا إدريس خلال جولة تفقدية لقيادة البحر الأحمر العسكرية ورئاسة جهاز المخابرات العامة والشرطة في بورتسودان، العاصمة الانتقالية إلى “حشد الجهود والطاقات الوطنية الرسمية والشعبية لدعم الجيش”، في ما أسماه بـ”حرب الكرامة”.

وشدد على أن الجيش يمثل صمام الأمان للبلاد والصائن لوحدتها و”كرامتها وعزتها”. وقال إدريس في رسالة وجهها إلى المجتمع الدولي إن الجيش السوداني “قوي وقادر على دحر التمرد وتحقيق الاستقرار في كل ربوع البلاد.”

وأكد أن “الجيش سيمضي بثبات لتحقيق النصر وحسم تمرد الدعم السريع.”

وقال الكاتب الصحافي السوداني صلاح شعيب “من الواضح أن رئيس الوزراء الجديد حريص على إرضاء البرهان الذي عينه أكثر من الشعب السوداني الذي استهدفه. وهذا أمر مفهوم بالنظر إلى أن كاملا فرضته طبيعة المرحلة التي يعاني فيها البرهان. إذ إنه يحتاج إلى الإمساك بكل خيوط اللعبة حتى يحقق حلمه بالاستمرار في السلطة بأي ثمن. ولذلك فإنه كان بحاجة قصوى إلى رئيس وزراء يخفف عنه الضغوط المحلية، والخارجية. ويبدو أن الدكتور يفهم تماما بالضرورة أن مساحة تحركه محكومة بالاستناد على أدبيات الحرب التي أشعلها المؤتمر الوطني.”

وأضاف شعيب في مقال رأي أن إدريس “استلف في خطابه مفهوم حرب الكرامة، وبذلك وضع نفسه من البداية جنديا تحت راية البرهان، وقاعدته. وعندئذ فإنه من غير المتوقع أن يكون هناك تغيير في خطاب حكومة بورتسودان حول شؤون الحرب، وغيرها من شؤون الحياة في البلاد كلها.”

وبشأن الحديث عن أن لرئيس الوزراء الجديد علاقات قوية مع المجتمع الدولي، لفت شعيب إلى أن “الذين صدعونا بأنه يمتلك علاقات دولية، ومن ثم يستطيع أن يحدث اختراقا في علاقة بورتسودان بالغرب تحديدا، حاولوا اللعب بعقل القاعدة المؤيدة لبورتسودان. فالدكتور لم يكن موظفا ضمن المؤسسات الأممية ذات الصلة بالسياسة. فالملكية الفكرية جهة تخصصية تتعلق بالحقوق، وليست لها علاقة مباشرة بالسياسات الدولية، كما هو حال المنظمات الأممية الأخرى مثل منظمة الصحة العالمية، أو البنك الدولي، أو منظمة التجارة التفضيلية.”

ومضى قائلا في مقاله “حتى إذا افترضنا أن لدى كامل علاقات دولية ممتازة مع بعض الحكومات فإن تعقيد المشكلة السودانية لا يسعفه في توظيف تلك العلاقات لتحقيق ذلك الاختراق السياسي الدولي الذي عجز البرهان عن الإتيان به منذ انقلابه على الشرعية.”

ومن المنتظر أن يعلن كامل إدريس عن تشكيلة حكومته خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط خلافات بين القوى الداعمة للجيش والتي ترنو إلى حجز مكان لنفسها بها.

‫2 تعليقات

  1. هو في شمالي نيلي عندو علاقات دوليه ؛ اذكروا لنا واحدا عمل في المؤسسات الدوليه السياسيه النافذه مثل حمدوك، عمر قمر الدين ، ابراهيم البدوي، هنود ابيا؛ الملكيه الفكريه ليست مؤسسه دوليه سياسيه نافذه بل تهتم بالثقافه والحقوق الثقافيه فقط ؛ الشماليون النيليون فقط اهتمامهم الانبطاح لاسيادهم العرب والترك والتعالي على مواطنيهم الضعفاء من ابناء الهامش ؛ فهذا كلام ليس عنصري بل حقيقه سياسيه اجتماعيه واقعيه على ارض الواقع…

    1. عموما العاملون بالمنظمات الدوليه لم تستفد منهم دولهم … وخاصة الافارقه منهم كانو اكثر وبالا علي قومهم … خُدِعت بهم الشعوب كالوهم حمدوك … او فقه شهد شاهد من اهلها لتقييد مقدرات الدول بحبال المجتمع الدولي ومصالحه …كالمدعو البدوي … اما حمدوك اوتيها بما لم يؤتاها رئيس وزرا في العالم اجمع من قبل … غير ان نفسه ابت إلا ان تاخذها بالعماله … وهذه هي كفاءته و دوره الذي أعد له في المنظمات الدوليه … ياله من رمه … العماله ولو لدويله الامارت!! … هولاء ولاءهم دوما لما يسمونه المجتمع الدولي وإلا لما وجدو موضع قدم في تلك المنظمات.

      أما كامل ادريس … لن يسمع قول ادريس يمثلني … انما قول الله تعالي ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” فان عَمِل صادقا لما يرضي الله والمجتمع السوداني … له المصارحه وتمليك المعلومه للمواطن … ولا يخافن لومه لائم … وسيكفيه الله والشعب شر الكباشي إن مكر او البرهان ان نكص او انتكس … او الكيزان او كائن من كان… أما إن لازم عماله المجتمع الدولي والامارات او سبل القحاته … فلا مكان له بيننا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..