مقالات وآراء

مصــر … أرض الكرم والتكافل وروح الإسلام

ظِلَال القمــــــر

عبدالرحمن محمـــد فضــل

 

يتميّز المجتمع المصري بسمات أصيلة، تكاد تكون نسيجًا فريدًا من القيم الإنسانية والدينية الراسخة في الوجدان الجمعي، حيث يُعرف المصريون بقلوبهم الرحيمة، وتكافلهم الاجتماعي، وكرمهم الفيّاض الذي لا يعرف حدودًا. فما إن تطأ قدمك أرض الكنانة حتى تلمس بنفسك هذه الروح الطيبة التي لا تنبع فقط من العادات والتقاليد، بل تتغذى من عمق الانتماء الإسلامي المتجذر في نفوس أبناء هذا الشعب العظيم.

وليس من المبالغة القول إن مصر كانت — ولا تزال — منارة للعالم العربي والإسلامي، ليس فقط بموقعها الجغرافي أو ثقلها السكاني، وإنما أيضًا بإرثها الحضاري والديني. فمنها خرجت أجيال من العلماء الذين حملوا مشاعل النور والمعرفة، فأناروا بها طريق الأمة في مشارق الأرض ومغاربها. ويكفي أن نذكر أمثال الإمام الشافعي، والإمام السيوطي، وغيرهم ممن رسّخوا علوم الشريعة وخلّفوا تراثًا علميًا هائلًا، ما زال طلاب العلم ينهلون منه إلى يومنا هذا، وفي خضم ما يمر به العالم العربي من أزمات وتحديات، تبقى مصر — بشعبها وثقافتها ودينها — مثالًا يُحتذى في التكافل الاجتماعي والرحمة المتأصلة في النفوس فالمجتمع المصري بطبيعته مجتمع متماسك، يتعامل أفراده بود وتعاطف، ويتحرك فيهم الحس الإنساني والديني في أدق تفاصيل الحياة اليومية، لا سيما في المناسبات الدينية الكبرى، في مصر تظل الرحمة طبعٌ والمروءة خُلقٌ حيث يُجمع المراقبون الاجتماعيون على أن المصريين يتميّزون بعاطفة جياشة وتراحم فطري تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس : “المصري بطبعه يميل إلى النجدة والمساعدة، ويمارس التكافل المجتمعي كجزء من ثقافته اليومية، لا ينتظر من يطلب منه، بل يبادر هو بالعطاء”.

وهذه السمة ليست دخيلة ولا طارئة، بل ضاربة في عمق التاريخ الإسلامي لمصر، حيث كانت دائمًا قبلةً لطلبة العلم والفقراء والمستضعفين من كل مكان، وبدون منافس تظل مصر منارة العلم ومهد العلماء ولا يُذكر تاريخ الإسلام إلا وتُذكر مصر كمهد للعلماء، حيث كانت الأزهر الشريف منارة للعالم الإسلامي منذ أكثر من ألف عام وقد تخرج من مصر علماء أثّروا في علوم الدين والتفسير والحديث والفقه وعلي سبيل الذكر لا الحصر نذكر من هؤلاء لإمام الشافعي الذي تتلمذ في مصر ومات ودفن فيها، وكان له أثر بالغ في تأسيس أحد المذاهب الأربعة المعروفة والامام السيوطي، أحد أعلام التفسير والحديث، صاحب كتاب “الدر المنثور” و”الجامع الصغير” والليث بن سعد، الفقيه المصري الذي قال فيه الإمام الشافعي: “الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه ضيعوه.”إنها مصر التي كانت موئلًا للعلم، ومصدرًا للنور، ورافدًا من روافد التجديد الديني والفكري، وفي الحديث عن مصر، لا يمكننا إغفال الأعياد والمناسبات الدينية التي تعكس صورة المجتمع المصري بكل تفاصيلها، وعلى رأسها عيد الأضحى المبارك. فهذا العيد، الذي يرمز للتضحية والفداء، يأخذ طابعًا خاصًا في مصر، حيث تتحول البيوت والشوارع إلى لوحات من الفرح والتراحم ويُقبل المصريون على الأضاحي بكرم لافت، فتجد من يذبح العجول، ومن يقدّم الإبل، علي مستوي الحضر و الريف والمناطق الشعبية، في مشهد يُجسد فيه قول الله تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ} [الحج: 37]،فلا غرابة إذ يُقال إن المصريين يستحقون أن يكونوا سادة العرب ، ليس ادعاءً ولا تكبرًا، بل استنادًا إلى تاريخ ناصع، وواقع يفيض عطاءً، ومجتمع يجمع بين الأصالة والرحمة، والعلم والعمل، وإن كانت الأمة الإسلامية جسدًا واحدًا، فإن مصر كانت ولا تزال القلب النابض لهذا الجسد، مصر تظل نبراس وسؤدد الأمة وفي ضوء هذا كله، لا غرابة أن تُعتبر مصر قلب الأمة الإسلامية، بل ويحق لها أن تتبوأ مكانة الريادة في العالم العربي والإسلامي لا من باب التفاخر أو الاستعلاء، بل انطلاقًا من تاريخ مشرف، وحاضر حي، وشعب متماسك، وإرث ديني وإنساني لا يُنكر، وقد قال المفكر الجزائري مالك بن نبي عن مصر”لو صلحت مصر، صلح العالم العربي، ولو فسدت، فسدت الأمة.” وايضا يظهر دور مصر في احتضان عدد كبير من السودانيين خصوصا خلال السنوات الأخيرة، ومع اندلاع الأزمات في دول الجوار، أثبتت مصر من جديد أنها بلد الأخوة والإنسانية، حين فتحت أبوابها لأشقائها من السودان، فاستقبلت عشرات الآلاف من النازحين الفارين من الصراعات دون قيود ، تصنفهم كلاجئين فهذا ما عُرفت به مصر عبر التاريخ من كرم الضيافة وروح الجوار، ورغم الضغوط الاقتصادية، لم تتوانَ الدولة المصرية عن توفير المأوى والخدمات، بل وجدت الدعم الأكبر من الشعب نفسه، الذي تعامل مع السودانيين بكل احترام ومحبة في الأسواق والجامعات والمستشفيات والمساجد، ترى أبناء وادي النيل يتقاسمون المكان والعيش دون تفرقة أو تمييز وقد علّق أحد قادة منظمات الإغاثة الدولية قائلًا :

“ما شاهدناه في مصر تجاه الأشقاء السودانيين لا يمكن اعتباره مجرد موقف سياسي، بل هو نابع من عمق شعبي وثقافة مجتمعية تؤمن بأن المسلم أخو المسلم، وبأن الجار له حق قبل أن يكون له ملف لاجئ”.

وهكذا، فإن لمصر حقًا أن ترفع رأسها، وللمصريين أن يفخروا بانتمائهم لهذه الأرض الطيبة التي جمعت بين النيل والقرآن، وبين الحضارة والدين، وبين الرحمة والانسانية والعلم والاخلاق.

 

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. والله انت يا عبد الرحمن مغشوش غشة كبيرة في المصريين،، المصرييين سبب ماساة السودان الطويلة والتي لن تنتهي حتى زوال الدكتاتوريات االمصرية التي تتناول حكم مصر، مصر التي استقلت مع الهند عام 1948 ما زالت تتعثر في حفرتها وتعود الى الخلف حتى وصلت الدرك الاسفل، بسبب الدكتاتوريات العسكرية،، ووصلت الهند الى القمر رغم ان عدد سكانها الذين يفوقون مصر بعشرات الاضعاف،، ناتي للمصيبة الكبيرة الجيرة مع المصريين، مصر تسرق مياهنا ومواردنا الزراعية والحيوانية بتراب الفلوس ومجانا في كثيرمن الاحيان،، مصر استولت على اراضينا في حلايب وشلاتين وفي مثلث اشكيت ادندان،، مصر اغرقت اعرق مدن السودان وهي حلفا،، مصر اغرقت اراضي النوبة اخوتنا في اللغة والتاريخ وهجرتهم الى كهوف في الجبال في كوم امبو ودراو وادفو واعطتهم مزارع لا ينمو فيها الا الشوك، مصر مصر دمرت ثورتنا وسوداننا الوليد يكفي هذا،،، وارعى بقيدك يا عبد الرحمن الغلطان الكيزان المسحو ادمغة الشفيع بتاريخ اسلامي مزيف،، لكن لو عاوز تكسر تلج طلبا للاقامة فالضرورات تبيح المحظورات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..