بين رئيس الوزراء واتفاقية جوبا للسلام!

تستمر معاناة المواطنين من الحرب وتوابعها من اوبئة وجوع وفقدان للممتلكات والأرزاق. حكومة بورتسودان انشغلت بوصول رئيس وزراء جديد، جاء الرجل ليسجد على السجاد الأحمر، دون ان يعرف أحد إن كان سجوده شكرا لله على سلامة العودة الى ارض الوطن، أم انه يشكر الله على تحقق أمنيته في ان يغدو رئيسا للوزراء بعد طول انتظار في دكة الاحتياط.
لم يبد خطاب الرجل الأول مبشرا للذين توقعوا ان يعمل الرجل باتجاه وقف الحرب، كان واضحا انه يردد نفس كلام البرهان مغلفا في زهور شبيهة بالتي طفق يوزعها في طائر العودة الميمون. لحسن الحظ توقف الرجل عن توزيع الزهور بعد ان غادر الطائرة، والا كنا سنكون أمام نموذج تصبح ماري انطوانيت أمامه ملاكا، حين توزع للجوعى الكيك بدلا من الزهور!
ثم فاجأ الناس بإعلان حل الحكومة، وللمرة الأولى منذ عدة سنوات يجد وزير المالية نفسه خارج الخدمة! فرغم ان اتفاقية جوبا (للانقلاب) يفترض انها قد لحقت (ب أُمات) الوثيقة الدستورية (التي شبعت موتا وتعديلا بعد الموت) الا انّ حركتي جبريل ومناوي تصران على فوائد ما بعد جوبا للسلام، جاءت الحكومة المدنية وسقطت، قام الانقلاب وسقط، قامت الحرب ولا تزال. ولا يزال جبريل صامدا في استوزاره الأبدي، في سابقة تستحق ان تحتل مكانا متميزا في موسوعة غينيس لأكثر وزير ظل في الخدمة حتى بعد سقوط الحكومة التي أتت به. فيما ظل مناوي واليا على إقليم أصبح خارج خدمة الحكومة التي يتبع لها السيد الوالي.
وحتى ان افترضنا استمرار اتفاقية جوبا، فإن الاتفاقية نصت أن تحتفظ الأطراف الموقعة على هذا الاتفاق بمواقعها حتى نهاية الفترة الانتقالية ومدتها 39 شهرا انتهت في ديسمبر 2024. لكن يبدو ان الأطراف صاحبة المصلحة تحرص على ان تكون الفترة الانتقالية 39 شهرا لا خلاف في ذلك. لكن متى تبدأ الفترة الانتقالية، فعلم ذلك متروك لعلّام الغيوب! أي اننا امام فترة انتقالية قد تستمر الى الأبد، يجلس البرهان على كرسي والده، ويمسك الكوازنة بخيوط اللعب، وتستحوذ حركات ثُنائي (النِعم) (على وزن ثنائي النغم) على المال والذهب وريع الاغاثات ودعومات الحرب وغنائمها. وتستمر الحرب ويموت الناس، وتنتشر الفتن التي توسع الشقة بين أبناء الوطن وتهدد وحدته ووجوده.
#لا_للحرب