مقالات سياسية

تحديات الجهاز المصرفي ما بعد الحرب في السودان (الواقع وافاق المستقبل)

د. محمد شرف الدين الطيب

المقدمة :-
أثرت الحرب في السودان بشكل كبير على القطاع المصرفي مما أدى إلى تدهور قدرته على تقديم الخدمات بشقيها التمويل وخدمات الوساطة المالية والخدمات المصرفية ومن فتح حساب وتحاويل بشكل عامة في هذا المقال سنناقش تحديات الجهاز المصرفي ما بعد الحرب في السودان(الواقع وافاق المستقبل) من خلال تقييم الوضع الحالي من الناحية الاقتصادية والمصرفية بالاضافة الي تحليل متطلبات التحديدات التي تواجة البنك المركزي والمصارف حيث تشير التقديرات إلى أن الخسائر التي تكبدتها المصارف قد تصل إلى 70% من قيمة الأصول، حيث تبلغ الخسائر المادية 40% والخسائر غير المادية 30%, لذلك من الضروري تحديد الأولويات لإعادة الإعمار والتعافي, وضرورة إعادة بناء المباني والبنية التحتية واستعادة الأنظمة الإلكترونية والبيانات بالتدريج حسب الحوجة الحالية للعملية التشغيلية بالاضافة الي تعزيز الأمن والحماية للبنية التحتية للمصارف من خلال تركيب أنظمة أمنية متقدمة وتدريب الموظفين على إجراءات الأمن و بتطوير خطط طوارئ للتعامل مع الأزمات المستقبلية وقد أدت الحرب الي عدد من التاثيرات الاقتصادية والمصرفية كالاتي:-

أولا : تأثير الحرب من الناحية الاقتصادية :-
1- ارتفاع معدلات التضخم: أدت الحرب إلى ارتفاع معدلات التضخم، مما أثر على قدرة العملاء على سداد القروض والتمويلات المصرفية وفقًا لتقرير البنك المركزي السوداني، بلغ معدل التضخم 12.3% عام 2023، مما يعكس تأثير الحرب على الاقتصاد السوداني.
2. انخفاض قيمة العملة الوطنية: الحرب أدت إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية، مما زاد من مخاطر التمويل, ففي أبريل 2023، كان الدولار يعادل نحو 560 جنيها في السوق الموازي، لكنه تجاوز 2,500 جنيه بنهاية 2024، والربع الأول من عام 2025. هذا التدهور أثر مباشرة على كلفة الواردات، وأدى إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وارتفاع أسعار كل السلع المستوردة بشكل غير مسبوق.

3- تدمير البنية التحتية: تدمير البنية التحتية مثل الطرق والجسور والموانئ أدى إلى توقف الأنشطة الاقتصادية وتأثير على حركة التجارة والصناعة.

4- انخفاض الإنتاج: انخفاض الإنتاج في العديد من القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والصناعة بسبب تدمير المنشآت الاقتصادية وتوقف الأنشطة الإنتاجية.

5- انخفاض الاستثمارات: انخفاض الاستثمارات المحلية والأجنبية بسبب الحرب وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ثانيا تأثير الحرب من الناحية المصرفية :-

الحرب أيضًا أثرت على قدرة البنوك على تقديم الخدمات المصرفية، حيث أصبحت البنوك أقل قدرة على توفير الخدمات المصرفية الأساسية. هذا يعود إلى عدة أسباب:

1- تعبئة الودائع: تواجه البنوك في السودان قيودًا في تعبئة الودائع، مما يؤثر على قدرتها على تقديم التمويل. وفقًا للبيانات المتاحة، فإن الودائع في البنوك السودانية قد انخفضت بنسبة 30% خلال الفترة الماضية. هذا الانخفاض في الودائع يعود إلى عدة أسباب، منها انخفاض الثقة في القطاع المصرفي وزيادة المخاطر المرتبطة بالودائع.
2- انخفاض الثقة في القطاع المصرفي: أدت الحرب في السودان إلى انخفاض الثقة في القطاع المصرفي، مما أدى إلى انخفاض الودائع وزيادة السحب. وفقًا لاستطلاع رأي أجري مؤخرًا، فإن 60% من المودعين في السودان يعتقدون أن القطاع المصرفي غير مستقر، مما دفعهم إلى سحب ودائعهم. هذا الانخفاض في الثقة يؤثر على قدرة البنوك على تعبئة الودائع وتقديم التمويل

3- زيادة المخاطر: الحرب زادت من المخاطر المرتبطة بالتمويل، مما جعل البنوك أكثر تحفظًا في منح القروض.
4- تأثير الحرب على جودة الأصول : أثرت الحرب على جودة الأصول في القطاع المصرفي، حيث زادت من ضعف نقاط الضعف والمخاطر التي تواجهها البنوك حيث ارتفعت نسبة الديون المتعثرة إلى مستويات غير مسبوقة تشير التقديرات إلى أن 50% من القروض والتمويلات المصرفية أصبحت غير مستردة بسبب تعطل الأنشطة الاقتصادية وتدمير العديد من المنشآت التجارية والصناعية.

5 – تدمير البنية التحتية: الحرب أدت إلى تدمير البنية التحتية للقطاع المصرفي، مما أثر على قدرة البنوك على تقديم الخدمات المصرفية.
6- انخفاض كفاءة البنوك: الحرب أدت إلى انخفاض كفاءة البنوك، مما أثر على قدرتها على تقديم الخدمات المصرفية
7- مشكلة الديون المتعثرة في السودان تتفاقم بسبب الحرب، حيث تشير التقديرات إلى أن 50% من القروض والتمويلات المصرفية أصبحت غير مستردة. هذا يعود إلى تعطل الأنشطة الاقتصادية وتدمير العديد من المنشآت التجارية والصناعية مشكلة الديون المتعثرة في السودان تتطلب تدخلًا حكوميًا فوريًا لإنقاذ القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني. يمكن للحلول الممكنة أن تساعد في تخفيف الأزمة واستعادة الثقة في القطاع المصرفي. النظام المصرفي السوداني يواجه تحديات كبيرة بسبب الحرب، حيث أن نسبة الديون المتعثرة: 50% من القروض والتمويلات المصرفية أصبحت غير مستردة بسبب تعطل الأنشطة الاقتصادية وتدمير المنشآت التجارية والصناعية كما أن نسبة الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي: 95% من الكتلة النقدية في السودان توجد خارج النظام المصرفي، مما يعني أن المصارف لا تتحكم إلا في 5% فقط من النقد المتداول.

8- تدهور قدرة العملاء على السداد: الحرب أدت إلى تدهور قدرة العملاء على السداد، مما زاد من مخاطر التمويل.
ثالثا التحديات التشغيلية للقطاع المصرفي في السودان :-
1- التحديات التشغيلة للبنك المركزي :-
المرحلة الأولى: إصلاح بنك السودان المركزي :-
1- تعزيز استقلالية بنك السودان المركزي: ضمان استقلالية البنك المركزي في اتخاذ القرارات النقدية والمالية.
2- تحسين الرقابة المصرفية: تعزيز دور البنك المركزي في الرقابة على المصارف وتطبيق المعايير الدولية للرقابة المصرفية.
3- تطوير البنية التحتية التكنولوجية: تحديث الأنظمة التكنولوجية للبنك المركزي لتعزيز كفاءة العمليات المصرفية.
المرحلة الثانية: رفع رؤوس أموال المصارف :-
1- تحديد نسبة كفاية رأس المال: تحديد نسبة كفاية رأس المال المطلوبة للمصارف وفقًا للمعايير الدولية (مقررات لجنة بازل).

2- رفع رؤوس أموال المصارف: مطالبة المصارف برفع رؤوس أموالها خلال فترة 3 سنوات لتحقيق النسبة المطلوبة.
3- مراقبة وتقييم التقدم: مراقبة وتقييم تقدم المصارف في رفع رؤوس أموالها وتقديم الدعم اللازم.
المرحلة الثالثة: إعادة رسملة البنوك المتضررة :-
1. تحديد البنوك المتضررة: تحديد البنوك التي تحتاج إلى إعادة رسملة بسبب خسائرها المالية.
2. جذب استثمارات: جذب استثمارات جديدة لتعزيز رأس مال البنوك المتضررة.
3. إعادة هيكلة الديون: إعادة هيكلة ديون البنوك المتضررة لتخفيف العبء المالي.
4- التركيز علي القطاعات السريعة الربحية مثل قطاع التعدين …الخ.

المرحلة الرابعة: دمج وإصلاح البنوك الضعيفة :-

1- تحديد البنوك الضعيفة: تحديد البنوك التي لا تتوافق مع المعايير المطلوبة وتحتاج إلى دمج أو إصلاح.
2- دمج البنوك الضعيفة: دمج البنوك الضعيفة مع بنوك أخرى قوية لتعزيز استقرارها المالي.
3- إصلاح البنوك الضعيفة: إصلاح البنوك الضعيفة من خلال تحسين إدارتها وتعزيز رأس مالها.
الخطوات العملية لدمج فروع المصارف في ظل ما بعد الحرب من خلال تحديد الفروع التي يمكن دمجها( تحديد الفروع التي تتداخل في الخدمات والمناطق الجغرافية) وتقييم كفاءة الفروع ( تقييم كفاءة كل فرع من حيث الإيرادات والتكاليف ورضا العملاء – من خلال أداء الفرع من 3 سنوات الي 5 سنوات ) و تحديد الأهداف من الدمج, تحديد الأهداف من عملية الدمج، مثل تقليل التكاليف وتحسين الكفاءة,تحديد الهيكل التنظيمي,تحديد الموارد البشرية المطلوب, تحديث الأنظمة التكنولوجية, تدريب الموظفين…الخ.

4- تطوير وتحديث القوانين واللوائح المالية
5- تطوير وتحديث خطة للرقابة على القطاع المصرفي .
6- تطوير وتحديث خطة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
7- تقييم المخاطر وتقييم الأضرار واستعادة و تأمين البيانات البنية التحتية التكنولوجية: للبنوك والمؤسسات المالية مع تأمين البيانات المالية والشخصية للعملاء.
8- تطوير الخدمات المصرفية الرقمية لتعزيز الشمول المالي والراحة للعملاء.
9- التدخل الحكومي لمواجهة التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي وتقديم الدعم لاستعادة البنية التحتية.
2- التحديات التشغيلية للمصارف السودانية:-
تواجه المصارف السودانية العديد من التحديات التشغيلية التي تؤثر على قدرتها على تقديم الخدمات المصرفية للعملاء. هذه التحديات تشمل عدة جوانب، منها:

أولا إدارة الفروع وذلك من خلال :-.

1- تحليل بيئة عمل كل فرع من خلال تحليل البيئة المحلية لكل فرع لتحديد الاحتياجات والفرص المتاحة وبتحديد الاحتياجات الخاصة لكل فرع وتطوير منتجات مصرفية تلبي هذه الاحتياجات.مع توفير الدعم لكل فرع لتمكينه من تقديم المنتجات المصرفية الجديدة بشكل فعال.
2- تنسيق العمليات بين الفروع المختلفة, تطوير نظام للاتصالات يسمح بتحديث المعلومات بين الفروع.
3- توفير الموارد البشرية والمادية اللازمة لكل فرع.
4- ضمان جودة المقدمة في جميع الفروع.
5- تحسين رضا العملاء من خلال توفير خدمات مصرفية متكاملة وآمنة, وتحديث المعلومات
6- . تقييم الاحتياجات التكنولوجية لكل فرع (توفير البنية التحتية- الأجهزة والبرمجيات المطلوبة).
7- تطوير خطة أمنية لحماية البيانات المالية والشخصية .
8- دمج الفروع أو أكثر لتشكيل كيان واحد أقوى.
9- دمج أقسام مختلفة داخل المصرف أو الفرع لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف

ثانيا الموظفين:

1- تدريب وتأهيل الموظفين (أنظمة الاتصالات – التكنولوجيا – الممارسات الادارية الفعالة- آلية حل المشاكل.)
2- تدريب الموظفين على إجراءات الأمن والامن السيبراني.
3- تدريب الموظفين على إجراءات التعامل مع البيانات الحساسة.
4- تدريب الموظفين على الحديثة الجديدة.
5- تدريب الموظفين في جميع الفروع على الخدمات والمنتجات الجديدة.

ثالثا ابتكار منتجات مصرفية جديدة

حيث يعتبر أمرًا حيويًا لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة وتعزيز التنافسية في السوق المصرفية. من خلال تحليل احتياجات العملاء وابتكار منتجات مصرفية جديدة تلبي هذه الاحتياجات، يمكن للمصارف تعزيز مكانتها في السوق وزيادة رضا العملاء وذلك من خلال :-
1- تحليل احتياجات العملاءو تحليل السوق.
2- تحديد الفئات المستهدفة من العملاء ودراسة احتياجاتهم وتوقعاتهم.
3- تحليل المنافسة في السوق المصرفية لتحديد الفرص والتهديدات.
4- ابتكار منتجات مصرفية جديدة
5- تطوير منتجات مصرفية مبتكرة: تطوير منتجات مصرفية جديدة تلبي احتياجات العملاء وتتماشى مع بيئة عمل كل فرع.
6- استخدام التكنولوجيا: استخدام التكنولوجيا لتحسين المنتجات المصرفية وتقديم تجربة مصرفية أكثر كفاءة وسهولة.
7- توفير حلول مصرفية مخصصة مخصصة للعملاء بناءً على احتياجاتهم الخاصة.
رابعا التكنولوجيا المصرفية :-
تلعب دورًا حيويًا في نجاح الأعمال المصرفية، حيث تمكن المصارف من تحسين كفاءة العمليات وتقديم خدمات مصرفية أفضل للعملاءمن خلال:-
1. تحسين كفاءة العمليات: التكنولوجيا تمكن المصارف من تحسين كفاءة العمليات المصرفية، مثل معالجة المدفوعات وإدارة الحسابات.
2. تقديم خدمات مصرفية إلكترونية ، مثل الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول.
3. تعزيز الأمن المصرفي، مثل استخدام تقنيات التشفير والتحقق من الهوية.
4. تحليل البيانات المصرفية، مثل بيانات العملاء والمعاملات المالية.
في ظل التحديات الجسيمة التي يمر بها القطاع المصرفي السوداني نتيجة للحرب، يبرز الحاجة الماسة إلى إعادة هيكلة البنية التحتية وتعزيز الثقة في هذا القطاع الحيوي. يمكن تحقيق ذلك من خلال تبني استراتيجيات مبتكرة مثل تطوير الخدمات المصرفية الرقمية، وتحسين كفاءة العمليات المصرفية، وتقديم حلول مصرفية متطورة تلبي تطلعات العملاء والمرحلة الحالية. علاوة على ذلك، يتعين على الحكومة والمؤسسات المصرفية العمل بشكل تكاملي لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الشمول المالي من خلال التزام الجميع بالعمل المشترك والتحسين المستمر حيث يمكن للقطاع المصرفي السوداني أن يتخطى التحديات الراهنة ويعزز مساهمته الفعالة في دعم الاقتصاد الوطني.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..