مقالات سياسية

شيراز، لقد سكبتِ شيئًا أثمن من المريسة: سكبتِ ما تبقى من كرامة النساء

عمار نجم الدين

ها قد أطلت علينا الرائد شيراز، من قوات الدعم السريع، وهي تزفّ إلينا خبرًا جللًا: أنها قادت حملة لمكافحة “الظواهر السالبة”!

ولك أن تتخيل، عزيزي القارئ، أن هذه “الظواهر السالبة” لم تكن السرقة ولا الفساد ولا اغتصاب موارد الدولة، بل كانت امرأة فقيرة تبيع المريسة لتطعم أطفالها.
وطبعًا، لا حاجة لأن نُذكّر أن المريسة – في ثقافة دارفور وكردفان – ليست مشروبًا كحوليًا كما يصوره فقهاء الخرطوم، بل هي غذاء يومي للفقراء، كالبليلة والفول في أزمنة أخرى. لكنها عند السيدة شيراز أصبحت فجأة «بابًا من أبواب الجحيم» وجريمة تعادل زنا المحارم في فقه النظام العام!

وتطلق الرائد شيراز على فرقتها الاسم الظريف: “مكافحة الظواهر السالبة”. و هو إسم الدلع الذي أطلقته الإنقاذ ( الفلول) في أواخر أيامها على ( قانون النظام العام ) في ذلك الزمان كان “الضرب على رؤوس النساء” عملًا وطنيًا، وكان الركل على المؤخرات في الأسواق عبادة، و صفع الطالبات في الشوارع نوعًا من “الحسبة”.

والمفارقة الفادحة – التي لا تُضحك بل تُبكي – أن السيدة شيراز ظهرت وهي ترتدي زيًا يوصف بـ”الفاضح” حتى بمقاييس فقهائها، زيّ يشكّل جسدها من كل الزوايا، أمامًا وخلفًا، بدرجة تجعله أشد سلبية من أي جردل مريسة واكبر من أي برميل لها !
لكن يبدو أن هذا النوع من اللباس لا يُدرج ضمن “الظواهر السالبة” طالما ترتديه من تحمل رتبة رائد وتجرّ خلفها كلاشنيكوفًا… فالعيب ليس في ما يُكشف من الجسد، بل في من لا تملك الرتبة لتكشفه

لكن فلنفترض – من باب التسلية فقط – أن الرائد شيراز فعلاً تطبق الشريعة الإسلامية، هنا علينا أن نسألها سؤالًا بسيطًا:
هل تعلمين يا رائدة الشريعة أن عمر بن الخطاب – الخليفة الراشد – أوقف تطبيق الحدود في عام الرمادة، لأن الناس كانوا جائعين؟
لكن يبدو أن عام الرمادة عند شيراز لا يساوي شيئًا أمام عام “الرياء المقدّس”. فهي لا ترى الأطفال الذين يتضورون جوعًا، ولا النساء اللواتي يبعن ما تيسر لإطعام صغارهن، بل ترى فقط ما تعلمته في فقه “ضرب النساء باسم الله”.
وطبعًا، لم ترفق السيدة شيراز بسكب المريسة أي بدائل: لم تعرض وظيفة، أو حتى وجبة ساخنة، ولا حتى كيسًا من الذرة.
كل ما قدمته هو خطبة مشبعة بالاستعلاء الديني والجهل الاجتماعي، مصحوبة بعرض عضلات في وجه الجوع والفقر.
فيا رائدة الفضيلة، من الظاهرة السالبة في نظرك؟
هل هي “المريسة” التي تُشرب لسد الجوع، أم “الجاهل المدجج بالسلاح” الذي يُطبّق قوانين فاشلة في عام صنّفته الأمم المتحدة بأنه عام “الجوع الشديد”؟
حسب تقرير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في مايو 2025، هناك أكثر من 18 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأكثر من 6 ملايين في حالة “جوع شديد” (Severe Food Insecurity)، خاصة في دارفور وكردفان، حيث لا ماء، ولا دواء، ولا دولة، ولكن – لحسن الحظ – يوجد شيراز وقوانينها الجليلة!
في النهاية، ليست الظاهرة السالبة هي “بيع المريسة”، بل هي هذا النفاق المتدين المدجج بالجهل، حين يرتدي لباس الفضيلة ليقمع الفقراء ويعاقبهم على جوعهم.

فلتطمئني يا شيراز، لقد سكبتِ شيئًا أثمن من المريسة: سكبتِ ما تبقى من كرامة امهاتنا .

‫5 تعليقات

  1. مقال قرف لأنو لواكة مكررة !! دة مقال ممكن ينكتب لو كان دة مجتمع غير المجتمع السوداني. تكرار للنشيج تكرار لنفس تفاصيل الملل و الوضاعة تكرار لاهدار اي مداد في فراغ . المشاكل من اي اتجاه و في كل حاجة و يجي واحد يستعرض ليك بالنحو و البلاغة و الفارغة.
    الناس محتاجة لحلول حتى تتوقف الهمجية و الغوغائية التي شملت كل شئ وطن و شعب و كاتب المقال استعار كل سحر اللغة عشان يكتب ساخر عن موضوع ما و السودان فيه كل ما يخطر ببالك من سخرية و عار

  2. نعم مشروب المريسه له بعد ثقافي و غذائي و اقتصادي وتصنعه نساء فقيرات لكى يستطعن العيش في ظل سودان اللا دوله من منظور التأسيس ومن منظور الحرب التي تسبب الافقار الممنهج….
    فتصرف الرائد شيراز يعكس تباين الرؤى بين حركه شعب تحرير السودان التي تمارس الفعل العسكرى تلازما مع الفعل السياسى وايدولجيه منبثقه من مدرسه د. جون قرنق والدعم السريع كمليشيا ارتزاقيه تعمل كبندقيه ماجوره صنعها الكيزان بلا مشروع وطنى ولا برامجى للبناء السياسى وانما تموضع حول الاولاءات الاوليه من قبيله وعرق ودين وغيرها……. ما قامه به الرائد شيراز ما هو الا منتج الايدولجيه الاسلامويه ويعكس عدم استدراكها للظرف المعيشى والثقافى التي تعيشه صانعه المريسه التي لا تتمتع بادنى حقوق الانسان ولا حقوق المراءه ولكن الرائد شيراز تعكس العقليه الرعويه للدعم السريع الذى ينظر للاخر كامباى……………….
    ومن مفارقات الاقدار ياتى كاتب المقال المندكورو عمار نجم يمارس الابتزاز الوجدانى عبر الهجوم على حليفه المرحلى الدعم السريع !!!ما هذا التناقض !!! هذا سلوك الدعم السريع الطبيعى الممارس فلا شيء يدعو للدهشه !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1

  3. الدعم السريع مليشيا اخوانية مجرمة تتشرب من نهج الهالك المقبور الترابى الذى دمرت افكاره القذرة بلدا عظيما مثل السودان وتفتيته ببذر بذور الكراهية والعنصرية ومعاداة الثقافات الافريقية مع ان الترابى نفسه افريقى نزحت اسرته من غرب افريقيا بسبب الجفاف والعوز والفقر الى السودان فسد جوعه وتوجه للتعليم المجانى ووجد فرصته للتسلق والزعامة وطمع ان يحكم السودان . وشرب المريسة ثقافة لدى عدد مهول من القبائل السودانية. فى افراحهم وعاداتهم الاجتماعية والتى يجب ان تحترم وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالكرباح والسوط واهانة الناس واحتقارهم فى عصر يجرم حتى جلد الحيوانات وتحقيرها .. الدعم السريع اخوان من شرهم تعرفونهم وخرج من رحمهم القذر .

  4. مقال مقرف و مسيء لدارفور و كردفان
    الخمور البلدية او المريسة في كل افريقيا تعد رفاهية شعبية منخفضة التكاليف للمجتمعات التي تسمح اديانها و معتقداتها و تثاليدها بشرب الخمور .

    المريسة ليست طعاما و انما هي رفاهية منخفضة التكاليف و هي محرمة في الاسلام

  5. الناس حرة تشرب مريسة تشرب عرقي بس أى زول يحترم نفسه وفق القانون، ولكن مافعلته هذه الجنجويدية كلام فارغ وضد حرية الفرد،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..