أخبار السودانأهم الأخبار والمقالات

طهران تحت القصف الإسرائيلي والسودان في مرمى الحسابات الخفية

د. عبدالمنعم همت

السؤال الحقيقي اليوم ليس: هل ستضرب إسرائيل السودان؟ بل: هل ما زال للسودان قرار مستقل يجنبه أن يكون وقودا في معركة لا تخصه، لكنه سيتلقى شظاياها جميعا؟.

ليس جديدا أن تضرب إسرائيل إيران وليست مفاجئة دقة الغارات التي تستهدف منظومات الحرس الثوري ومصانع المسيّرات. الجديد هذه المرة أن الضربة تأتي في لحظة تشابك معقدة حيث تسير خطوط النار من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر مرورا بمناطق النزاع في السودان. والسؤال الذي يلح في هذه اللحظة: لماذا يبدو السودان معنيا بكل ما يجري بين تل أبيب وطهران؟ وهل نحن إزاء صراع مسافات طويلة أم أن الخرطوم أضحت جزءاً من مسرح العمليات غير المعلنة؟

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل – نيسان 2023 لم تخف إيران رغبتها في إعادة تموضعها داخل القارة الأفريقية لا حباً في الجغرافيا بل هربا من الطوق المفروض عليها منذ سنوات. السودان، بما يملكه من هشاشة في النظام السياسي وتصدع في البنية العسكرية والأمنية شكّل فرصة مغرية لطهران؛ فحيث يغيب القرار السيادي تحضر الأذرع.

نحن لا نتحدث عن دعم إيراني فكري أو لوجيستي بل عن طائرات مسيّرة تصل على متن طائرات الشحن التابعة لـ”فارس إيرقشم”، وتُسلم إلى وحدات من الجيش السوداني. هذا الدعم لم يأت بلا مقابل بل ضمن معادلة أوضح من أن تُخفى، إنه دعم عسكري مقابل تموضع إستراتيجي في البحر الأحمر واستخدام لليورانيوم السوداني ضمن مشاريع إيران النووية.

من وجهة نظر تل أبيب فإن كل حضور إيراني خارج حدود إيران هو تهديد محتمل، لكنّ السودان بالذات يمثل منطقة توتر ذات طبيعة مزدوجة بسبب الجغرافيا المفتوحة بلا سيادة حقيقية وطبقة عسكرية حاكمة تغلف علاقاتها التكتيكية بشعارات السيادة الوطنية. وعليه فإن أي تطور عسكري إيراني على الأراضي السودانية ، ولو بطائرات مسيّرة محدودة، يُقرأ في إسرائيل كتحول يجب وأده قبل أن يتكرّس.

◄ كل حضور إيراني خارج حدود إيران هو تهديد محتمل، لكنّ السودان بالذات يمثل منطقة توتر ذات طبيعة مزدوجة بسبب الجغرافيا المفتوحة وطبقة عسكرية تغلف علاقاتها التكتيكية بشعارات السيادة الوطنية

إن الهجوم الأخير الذي استهدف مواقع إيرانية داخل طهران ليس فقط رسالة لإيران، بل تحذير غير مباشر لحلفائها الصامتين في السودان. فتل أبيب لا تنتظر حتى تستقر قاعدة بحرية قرب بورتسودان كي تتحرك ولكنها ستضرب في المركز كي يرتجف الهامش.

ما يجمع الجيش السوداني بالحرس الثوري الإيراني ليس مشروعا سياسيا، بل هو مشروع نجاة. الأول يبحث عن مخرج من مأزقه الداخلي المتفاقم أمام الدعم السريع، والثاني يبحث عن موطئ قدم في قلب أفريقيا لتصدير أزماته. لكن هذا الزواج محكوم عليه بالفشل لأنه يقوم على تبادل الاحتياج لا على وحدة مشروع.

ثمّة فارق جوهري بين دولة تحاول أن تستعيد أمنها واستقرارها وجيش يفتح حدوده لاستيراد أدوات قمع وقتال عبر طائرات لا أحد يملك قراره بشأنها. وإذا كانت طهران بارعة في توسيع نطاق حروبها بالوكالة فإن الخرطوم ليست بيروت، ولا صنعاء. السودان لا يحتمل هذه الأدوار الرمادية في وقت يصارع فيه لأجل البقاء.

في الحسابات الإستراتيجية كل دولة تسمح بتموضع إيراني على أراضيها تُعتبر طرفا فعليا، حتى وإن لم تُطلق رصاصة. وهذه هي المعضلة التي لا يدركها جزء كبير من النخبة السودانية. إن التورط لا يعني فقط التموضع العسكري بل التماهي مع مشروع إقليمي قد يدفع السودان إلى مواجهة لا ناقة له فيها ولا جمل.

إسرائيل، كما عودتنا في حروبها الذكية، قد لا تضرب السودان مباشرة، لكنها تمتلك أدوات لإخراج الفاعلين من اللعبة دون أن تُحدث ضجيجا كبيرا. ولهذا فإن المراهنة على الصمت أو الحياد في علاقات الجيش بالحرس الثوري هي تجاهل للحظة إقليمية لا تعرف الحياد.

ما يحدث في طهران ليس بعيدا عن الخرطوم، لا بحساب الطائرات ولا بخريطة التحالفات. وإذا كان الحرس الثوري قد تمدد إلى العمق السوداني، فإن ذلك يعني ببساطة أن السودان فقد حياديته، وربما بوصلته. فالصراع بين إسرائيل وإيران لا يدور فقط في السماء، بل على الأرض، في العقول، وفي الخيارات التي تتخذها الأنظمة في لحظة ضعف.

والسؤال الحقيقي اليوم ليس: هل ستضرب إسرائيل السودان؟ بل: هل ما زال للسودان قرار مستقل يجنبه أن يكون وقودا في معركة لا تخصه، لكنه سيتلقى شظاياها جميعا؟

‫8 تعليقات

  1. يا همت تتحدث وكان اسرائيل رب الكون طبيعي ايها المازوم والمنهزم داخليا ان يكون لكل تحالف عسكري تبعات جيوسياسية او تبعات مرصودة اما حديثك عن ان النخبة في بورتكيزان غير مدركة لتبعات هذا التحالف فانت واهم ولا تعرف خبايا ما يفكر به ثالوث الابالسة القابع في تلك البقعة ذات الثقل الاستراتيجي عالميا.
    خليك في انبطاحك الفكري حتي ياتيك هدد سبا بالنبا اليقين.

  2. عليك الله يا همت حنس لينا حبايبك الاسرائلين والفت انتباههم لضرورة توجيه ضربة قوية للسودان وقتل قادة الكيزان والجيش كما فعلت مع ايران لان ايران عندها مصنع سلاح كيماوي ونووي في السودان وتقوم بتخزين اليورانيوم المخصب داخل مصنعها الموجود في الخرطوم خلي البلد تخرب اصلا خربانة خربانة

  3. قال لي من لا اشك في صدقه
    ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتياهو يدخل في حالة هيسترية خوفا وجزعا لمجرد رؤيته للقائد والزعيم السوداني عبدالفتاح البرهان فهو لن يجرؤ على توجيه نملة نحو السودان وهو يعرف الجيش السوداني جيدا

  4. السودان ليس له مصلحة في الدخول في حرب خارجية ولن يفيده ذلك قيد أنملة لأن السودان اصلا بلد مقفول ومغضوب عليه بدون وجه حق .المفروض تشتري كاش او تاكل نارك يعني السلاح تشتريه كاش وتدافع عن نفسك وما اظن السلاح كله غالي عندنا خيارات كثيرة لأسلحة رخيصة وجيدة مثل السلاح الروسي أو الصيني أو حتى التركي المهم .الدخول في أي حرب خارجية للسودان يعني خيانة ما يحدث في البلاد من تشظي ورمي للقضية كلها في الجحيم .
    ما لينا علاقة بأي زول كاش بس افهموا لسنا مطية لاي احد نحن احرار افهموا لن نساوم على مبادءنا في عدم التعدي وحماية الحقوق للجميع سواسية وتفعيل العدل لبقاء اللحمة السودانية الأفريقية شكرا

  5. لعنة الله والملائكه والناس اجمعين علي الحركه الاسلامويه الارهابيه السودانيه وعلي المؤتمر الواطي
    وعلي كل كوز حايم في اي مكان في العالم ولعنة الله علي الكلب الحقير الفاشل قايد الجيش المهزوم
    والذي كان بمقدوره ان يوقف كل هذه المآسي التي تتعرض لها البلاد والعباد حتي من قبل ان يشعل
    الحرب ولكنه آثر أن يبيع الوطن والشعب ليبقي في السلطه مقابل ان يكون عبدا مطيعا لشوية كلاب
    صعاليق هم بتاعين الحركه الارهابيه الماسونيه اولاد وبنات الكلب ناس علي كرتي واسامه عبد الله وسناء حمد وابراهيم محمود
    واحمد هارون وابراهيم غندور وعلي عثمان واحمد هارون وباقي العصابه التي نعرفها جميعا والتي تعشم وتحلم في
    أن تعود للسلطه ثانية وهيهات هيهات هيهات ياكلاب ياولاد وبنات زني جهاد النكاح ان تعودوا الي السلطه التي انتزعها
    منكم الشعب السوداني العظيم .

  6. عدة مرات ذكرنا هنالك فرق بين معارضة الانظمة وان تعارض وطن وللاسف لدينا نخب الغفلة لا يحملون الا الحقد لا يجد بطرفهم اي حلول لاي قضية سودانية فقط تابع للكفيل وتبعية والله انا بخجل منها هنالك جهلة من الكيزان من الاغبياء الكيزان نعم لكن عيب ان تشاهد نخب سودانية تحشد اسرائيل العالم ضد وطنها بحجة كيزان كل الناشطين يتلقون التوجيهات من الامن الاماراتي ومحصورين وكل تدوينة تجدها طلعت وتلقاها عدد ناشطيهم الكل يخدم العمالة يقولوا ثورة هل في ثورة يقودها خونه وخونه اسواء انواع الخيانه تبعية انت عاوز تقود وطن ومجتمع وتكون تابع لتابع الكفيل انا لو اعيش بي كسرة وموية لن تتشرف بقيادة وطنا مهما كان الشيء الثاني في بعض ابواق الحلو وعبدالواحد السفلة ديل يقولوا والله تاني لا يحكمنا شمالي هل هذا منطق يعني رجالة تعال احكم رجالة لو هي رجالة الكفيل لا يريد ان يحكم السودان ليس انت يا تابع الكفيل

    1. يا عابد خلينا نقول كلامك صح في المعارضة ، خونة، اوكي دة موضوع انتهينا منو. اسباب كون السودان عامة كدة اسوأ كارثة بشرية، بدون تفاصيل و استدراكات و ما إلى ذلك، كارثة دي حقيقة لا تنط لي بجاي و لا بجاي و لا مبررات و لا لكن!! ثبت الحقيقة دي.
      يتبع….

  7. السودان ليس بعيدا عن الذراع الاسرائيلية بل انه قد تعرض لها من قبل فيما سمى بالدفاع بالنظر ايم وزير الدفاع المهندس ركن مستشار الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين ويقال ان الرجل قد اعيد من جبل اولياء وهو هارب باحثا عن النجاة … اتفق مع الكاتب فيما خلص اليه وبعيدا عن العواطف والتمنيات والتوهمات على ساسة السودان ان يدركوا ان موقع السودان وحركته ليس امرا سودانيا خالصا بل هناك لاعبون قريبون يحصون عليهم انفسهم وسكناتهم وضربات اليرموك وبورتسودان لازالت عالقة بالاذهان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..