المقالات والآراء

القرار في يد الحرس الثوري وصيّة خامنئي الأخيرة؟

✍️محمد هاشم محمد الحسن.

في لحظة فارقة من تاريخ النظام الإيراني، تسلّلت التحوّلات الكبرى من تحت الأرض لا من فوق المنابر. فهل نحن أمام أزمة طارئة، أم أمام إعادة صياغة كاملة للجمهورية؟

في قلب عاصفة المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، لا يبدو أن طهران تقاتل فقط في الميدان، بل داخل أروقة النظام ذاته. فقرار خامنئي نقل صلاحياته إلى الحرس الثوري لم يكن مجرد خطوة تكتيكية، بل إعلان ضمني بأن الجمهورية الإسلامية قد تحولت إلى منظومة أمنية مغلقة، حيث تنكمش مؤسسات الدولة خلف البزة العسكرية، ويتراجع الدور الفقهي لصالح مركزية القرار الأمني. فما حدث لم يكن فقط تدبيراً لحماية النظام، بل تحولاً جذرياً في طبيعته وبنيته العميقة.

نزول خامنئي إلى ملجأ محصّن تحت الأرض لا يهدف فقط لتفادي ضربة عسكرية، بل في جوهره سعي للهروب من (الانكشاف السيبراني) الذي بات سلاحاً فعالاً بيد أعداء إيران. خامنئي لم يعد يخشى الطائرات المسيّرة وحدها، بل الكاميرات والميكروفونات والاختراقات الرقمية التي ربما طالت حتى أجهزته الأمنية الخاصة. لذا ليس من المبالغة القول إن طهران تتصرف وكأن الموساد يراقب أنفاس المرشد من مسافة صفر.

وسط هذا المشهد، برز الحرس الثوري باعتباره الوريث غير المعلن للسلطة، ليس فقط كرد على الاغتيالات المتتالية لقيادات الجيش، بل كتحول مؤسسي يُقصي البنية الفقهية التقليدية لمصلحة العسكرة. نقل الصلاحيات بهذه الطريقة هو إقرار ضمني بأن رأس النظام نفسه لم يعد قادراً على التحكم بمفاصل الدولة في لحظة الطوارئ، وأن المؤسسة العسكرية باتت تملك الشرعية والجاهزية لحمل مفاتيح القرار من دون الحاجة إلى غطاء فقهي أو دستوري.

لكن رغم التآكل الداخلي، ما زالت إيران تشتبك إقليمياً وتلوّح بالأوراق الثقيلة. التهديد العلني باستهداف القواعد الأمريكية في الخليج، التصعيد حول مضيق هرمز، ونشر مقطع يوحي بامتلاك سلاح نووي صغير، كلها مؤشرات على أن إيران لا تمتلك خيار الهزيمة المنتظمة. بل تقاتل بنظرية (السقوط الانفجاري) الذي يسحب الجميع إلى الفوضى إذا اقتربت نهايته.

وفي هذا السياق، تبرز إسرائيل بصفتها اللاعب الأكثر قلقاً وتعقيداً. فرغم دعمها المعلن لإضعاف طهران، تبقى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية واعية لمخاطر الانهيار غير المنضبط. سقوط إيران لا يعني فقط نهاية عدو إيديولوجي، بل بداية فوضى مسلحة عابرة للحدود. بل إن المقلق حقاً هو أن إسرائيل لا تخشى قوة إيران، بل تُرعبها فوضى غيابها أيضاً.

وما يزيد المشهد تعقيداً أن انهيار النظام الإيراني لا يعني فقط إسقاط نظام قمعي، بل زوال أحد آخر التوازنات الإقليمية الصلبة. فإيران، رغم نهجها الصدامي، كانت على مدار عقود تشكّل ثقلاً مضاداً يوازن التفوق الإسرائيلي والغربي في المنطقة. أدوات نفوذها العسكرية والسياسية، من اليمن إلى غزة، ومن سوريا إلى لبنان، مكّنتها من تقويض استراتيجيات الهيمنة المطلقة. وإذا ما غابت من المعادلة، فإن ميزان القوة سيختل بشكل لا يتيح بديلاً إقليمياً قادراً على ملء الفراغ أو ردع التفرد.

ما يزيد الصورة قتامة أن الفراغ الذي قد تخلّفه طهران سيظهر في بيئة إقليمية خالية من جيوش نظامية فاعلة في العراق، سوريا، وليبيا، وفي ظل تراجع القدرة الحركية والتدخلية لدول مثل مصر وتركيا. ورغم امتلاك الدولتين لقوى عسكرية معتبرة، إلا أن أياً منهما لا يمتلك نمط الجرأة الإيديولوجية أو اليد الطويلة التي طوّرتها إيران عبر سنوات من الاستثمار في وكلاء متعددين ومنصات ضغط عابرة للحدود. تركيا مثلاً، رغم فاعليتها الواضحة في سوريا، ونجاحها في هندسة ترتيبات ما بعد الأسد بغطاء عسكري وسياسي محسوب، فإن تحركاتها تبقى مضبوطة باعتبارات مصلحية وحدودية، وليست مشروعاً بديلاً لتوازن إقليمي شامل. أما مصر، فهي دولة تتّسم بثقل استراتيجي واضح، لكنها تتعامل مع الإقليم بمنطق التحوّط والحذر، مثقلة بموازنات داخلية واعتبارات اقتصادية، ما يجعلها أقرب إلى قوة دفاعية لا مبادرة.

إذاً، تمثل إيران عموداً لتوازن القوى، رغم هشاشة بنيتها الداخلية، بحكم امتلاكها أدوات تأثير تمتد خارج حدودها التقليدية. ولذلك فإن اختفاء إيران  رغم عيوبها من الخارطة الجيوسياسية لا يعني نهاية نظام، بل بداية حالة انهيار إقليمي متمادٍ، شبيه بما حدث بعد غزو العراق حين انفجرت المنطقة بأسرها بفعل فراغ السلطة، وصعود الجماعات المتطرفة، وانهيار الحدود، وارتباك ميزان الردع. طهران لم تكن دولة عادية، بل عقدة إقليمية فرضت على خصومها دوماً إعادة الحسابات. وإذا ما سقطت من المعادلة، فلن يبقى هناك سوى قوة واحدة متماسكة وهي إسرائيل وهو ما يفسّر إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الهجوم العسكري ورفضه مبدأ التفاوض، كما أشار الكرملين، في رهان واضح على أن انهيار النظام الإيراني سيُعيد تشكيل الشرق الأوسط لصالح تل أبيب.

حتى حلفاء إيران الصامتين، مثل روسيا والصين، لا يفضلون انهيارها. فالأولى تمتلك قواعد على أرضها وأذرع أمنية مشتركة، والثانية تعتمد عليها في شبكات الطاقة وطريق الحزام. لكن كليهما عاجز عن وقف الانهيار إذا تسارعت ديناميكياته.

بهذه الصورة، لا يبدو ما يجري في طهران شأناً داخلياً فحسب، بل لحظة فارقة تهدد بإعادة ترسيم خرائط النفوذ، وتفكيك ما تبقى من توازنات منهكة أصلاً. فخامنئي حين وقّع على نقل صلاحياته، لم يكن يسلّم مفاتيح السلطة فقط، بل كان يقرّ بأن رياح المعركة قد تجاوزت حدود ما يستطيع وحده احتواءه، وربما يكتب بذلك السطر الأول في وصية دولة بأكملها.

تعليق واحد

  1. كبير الكهنة الدجال الخامنئى رجل جبان فاسرئيل اليوم طورت اساليبها فى القتال فهى لا تهتم بمواجهة صغار الجنود فى حروب مكلفة للغاية انما اصبحت تدخل غرف نوم كبار القادة وتنتصر عليهم وتنتهى الحرب فى مخادعهم بحضور زوجاتهم الحسناوات . والخامنئى يعرف عدوه وقدراته فهو فى رعب كبير ويعلم تماما ان الحسين لن يسمعه ولن ينقذه . فأيران دولة دينية دكتاتورية تعيش بعقلية القرن السابع ويحكمها الكهنة الدجالين اللصوص وتقمع شعبها وتتدخل حتى فيما يأكل ويشرب وحتى ملابسه الداخلية خاضعة للغحص والمطابقة وفقا لعقلية الكهنة اللصوص . مثل هذا النظام لن ينتصر بالدعاية الكاذبة ومعادة شعبه وادعاء ملكيته لاسلحة الدمار الشامل ويعلم الغرب انها محض العاب نارية كاذبة فالكاهن مثل الحيوان تهمه غرائزه فى التكاثر والبقاء وليس له عقل مبدع ليجارى العصر ولينتظر كبير الكهنة الخامنئى الجبان مصيره ولن تنقذه الخرصانة المسلحة تحت طبقات الاراض .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..