الشيخ محمد بن زايد يقود حراكا خليجيا لمنع اتساع دائرة الحرب

يجري رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالات مختلفة من أجل المساعدة في وقف الحرب بين إيران وإسرائيل ومنع اتساعها لما يمثله هذا التصعيد من خطر على الاستقرار إقليميا ودوليا، في وقت تأمل فيه دول الخليج في دفع مسار التفاوض الأميركي – الإيراني كبوابة للحل.
يأتي هذا فيما ترسل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن التدخل المباشر في الحرب واستبعاد ذلك في نفس الوقت إشارات سلبية بشأن أفق الحل، لكن مراقبين يرون أن الرئيس الأميركي دأب منذ ما قبل اندلاع الحرب على إطلاق تصريحات تفيد الموقف ونقيضه ضمن حرب نفسية للضغط على إيران.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد الأربعاء اتصالا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال الكرملين إن الرئيسين اتفقا على ضرورة إنهاء الصراع بين إسرائيل وإيران على الفور.
ومساء الثلاثاء، أجرى رئيس الإمارات اتصالا هاتفيا مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، معربا عن “تضامن الإمارات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعبها خلال هذه الظروف.”
وشدد الشيخ محمد بن زايد على أن بلاده “تواصل الاتصالات والمشاورات المكثفة مع الأطراف المعنية بهدف تهدئة الأوضاع وخفض التصعيد، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.”
ويرى مراقبون أن الإمارات تسعى لوضع الجميع، إقليميا ودوليا، أمام خطر التصعيد وخاصة توسيع دائرة الحرب، وهو أمر لا يبدو أن الأطراف المشاركة في المعارك تأخذه بعين الاعتبار، وأن الأمر لا يخص الخليجيين وحدهم بل مصالح العالم ككل خاصة ما تعلق بأمن تصدير النفط في حال تم توقيف الحركة في مضيق هرمز، فضلا عن فتح الباب أمام تعقيدات أمنية نجحت المنطقة في التخلص منها بعد جهود أمنية كبيرة مثل أنشطة المتطرفين الذين قد يجدون في اشتعال الحرب فرصة لإعادة نشاطهم.
ويشير تأكيد الشيخ محمد بن زايد على تضامنه مع إيران وشعبها خلال هذه الظروف إلى أن دول الخليج تعارض الحرب ولا ترى في إيران خصما ولا تدعم استهدافها على عكس تأويلات مغرضة في بعض وسائل الإعلام الإيرانية. ومن شأن هذا الوضوح أن يسحب أيّ مبررات لاستهداف مواقع في الخليج في حال انخرطت الولايات المتحدة في الحرب لدعم الهجمات الإسرائيلية.
وقد يشكّل انهيار النظام الإيراني أو تفككه تهديدا حقيقيا لاستقرار منطقة الخليج المصدر الرئيسي للنفط، والتي تضم قواعد عسكرية أميركية إستراتيجية.
ويُعدّ الاستقرار والسلام ركيزتين أساسيتين في صعود القوى الخليجية، مثل السعودية وقطر والإمارات، التي تسعى إلى تطوير وتنويع نشاطات اقتصادها من خلال تعزيز قطاعات أبرزها الأعمال والسياحة.
حسن الحسن: احتمال تحوّل إيران إلى “دولة فاشلة” على الجبهة الشرقية لدول الخليج سيكون كابوسا لتلك الدول
لذا، حرّكت الحرب قادة الخليج نحو تكثيف الاتصالات مع طهران وواشنطن وحلفاء إقليميين وغربيين من أجل الضغط الدبلوماسي لوقف التصعيد.
وحذّر رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في منشور على منصة إكس من أن “ليس من مصلحة دول الخليج أن ترى إيران الجارة الكبيرة تنهار،” موضحا أنها “معرضة لمخاطر التصعيد مباشرة قبل غيرها.. وتدفع ثمنا باهظا للتصعيد الراهن.”
ودعا الرئيس الأميركي الثلاثاء إيران إلى “استسلام غير مشروط،” محذّرا من أن المرشد الأعلى الإيراني الذي رفض تلك الدعوة لاحقا، قد يكون هدفا لواشنطن لكن “ليس في الوقت الحالي،” ما أثار تكهنات حيال تدخل أميركي محتمل. وقد تؤدي هذه الخطوة إلى ردّ إيراني على مجموعة من القواعد والأصول العسكرية الأميركية في الخليج.
ويقول حسن الحسن، الباحث المتخصص في سياسة الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، إن احتمال تحوّل إيران إلى “دولة فاشلة” على الجبهة الشرقية لدول الخليج سيكون كابوسا لتلك الدول. بالإضافة إلى وجود خطر تغير الحكم الحالي بآخر “أكثر تطرفا وتشدّدا.”
ويرى دبلوماسي عربي أن “إسرائيل تهدّدنا جميعا في الخليج،” متهما الدولة العبرية بـ”الاستهتار بأمننا.”
وقد يهدد أيّ تصعيد يتجاوز حدود المواجهة الحالية ليس فقط أمن دول الخليج، بل أيضا مشاريعها التنموية الطموحة التي تقدّر قيمتها بالمليارات من الدولارات.
ويقول الحسن إنه رغم التعاطف الضئيل مع إيران في الخليج، لكن “لا أحد يرغب في العيش في فوضى تتمكّن فيها إسرائيل من ضرب أيّ طرف متى شاءت دون أيّ اعتبار للقانون الدولي.”
وفي حديثه للصحافيين، رفض ترامب الإفصاح عمّا إذا كان قد اتخذ أيّ قرار بشأن الانضمام إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية، قائلا “قد أفعل ذلك. وقد لا أفعل. أعني، لا أحد يعلم ما سأفعله.” لكن مراقبين يرون أن تعمد ترامب الحديث عن ضرب إيران أو تصفية المرشد الأعلى علي خامنئي، ثم التراجع عن ذلك في نفس التصريحات أو بعدها بقليل بتأويلها على عكس منطوقها هو جزء من حرب نفسية يخوضها ضد إيران على أمل الضغط عليها للقبول بشروطه بشأن برنامجها النووي.
وقال ترامب إن الإيرانيين تواصلوا مع واشنطن وعرضوا الاجتماع في البيت الأبيض لكن “تأخر جدا وقت الحديث.”
وأضاف في تصريحات أمام البيت الأبيض “استسلام غير مشروط، لقد سئمت هذا الأمر.”
تصريحات ترامب بشأن التدخل المباشر في الحرب واستبعاد ذلك في نفس الوقت ترسل إشارات سلبية بشأن أفق الحل
وفي خطاب مسجل بثه التلفزيون، وهو أول ظهور له منذ يوم الجمعة، وبخ خامنئي (86 عاما) ترامب قائلا إن الأميركيين “يجب أن يعلموا أن أيّ تدخل عسكري أميركي سيكون بلا شك مصحوبا بأضرار لا يمكن إصلاحها.”
وأضاف “العقلاء الذين يعرفون إيران وشعبها وتاريخها لا يتحدثون البتة بلغة التهديد إلى هذا الشعب لأن الشعب الإيراني لن يستسلم.”
وسخرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة من ترامب في منشورات على موقع إكس قائلة “إيران لا تتفاوض تحت الضغط، ولن تقبل السلام تحت الضغط، وبالتأكيد ليس مع داع للحرب ومحب للظهور.”
وأضافت “لم يتذلل أيّ مسؤول إيراني قط أمام أبواب البيت الأبيض. الشيء الوحيد الأكثر دناءة من أكاذيبه هو تهديده الجبان ‘بالقضاء‘ على الزعيم الأعلى لإيران.”
العرب