أهم الأخبار والمقالات

الجيش والحركة الإسلامية في السودان: ارتباط عضوي لا فكاك منه

منذ اندلاع الحرب الكارثية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تتكرر الدعوات من أطراف داخلية وخارجية لقائد الجيش، الفريق عبدالفتاح البرهان، لـ”فك الارتباط بين الجيش والإسلاميين”. وكأن هؤلاء لا يدركون – أو يتجاهلون عمدًا، وربما لمصالح مرتبطة ببقاء البرهان على رأس المؤسسة العسكرية – أن البرهان ليس مجرد حليف للإسلاميين، بل جزء عضوي من بنيتهم ومشروعهم السياسي والعقائدي.

فالحديث عن إمكانية فصل الجيش عن التيار الإسلامي، أو تنظيم الإخوان المسلمين تحديدًا، يغفل حقيقة راسخة: هذه العلاقة لم تنشأ كتحالف عابر أو زواج مصلحة مؤقت يمكن إنهاؤه بخطاب أو تسوية، بل هي اندماج بنيوي تم تأسيسه على مدى عقود، عبر مشروع ممنهج من التمكين والتغلغل داخل المؤسسة العسكرية.

منذ انقلاب 30 يونيو 1989، الذي أوصل عمر البشير إلى الحكم، خضع الجيش السوداني لعملية “أسلمة” منظمة، تم خلالها التخلص من الكوادر المهنية المستقلة، وقُصرت أبواب الكليات العسكرية على عناصر موثوقة من التنظيم، أو أولئك الذين حصلوا على تزكيات من واجهات مثل “هيئة النشاط الطلابي” و”الهيئة الخيرية لدعم القوات المسلحة”. بهذه الطريقة، لم يصبح الجيش مجرد مؤسسة مخترقة، بل تحوّل إلى أداة تنفيذية للمشروع الإخواني، ودرعه العقائدية التي ترتدي البزة العسكرية بدل الجلابية والعمامة.

هذا الواقع لم يتغير حتى بعد سقوط نظام البشير، بل جرى تدوير الوجوه ذاتها تحت مسمّيات جديدة، واستمر الإسلاميون في إحكام قبضتهم على مفاصل القرار داخل الجيش، وجهاز الأمن والمخابرات، والقطاعات الاقتصادية التابعة له.

◄ لا مستقبل للسودان في ظل استمرار البرهان ومجموعته على رأس المؤسسة العسكرية، ولا في ظل هذا الاندماج العضوي بين الجيش والحركة الإسلامية

ربما لا توجد لحظة أكثر إفصاحًا عن عمق هذا التماهي من وصف البرهان، في أعقاب انقلابه في 25 أكتوبر 2021، لنظام البشير بأنه “فترة مجيدة”. لم يكن ذلك زلة لسان، بل إفصاحًا واضحًا عن ولاء راسخ لمنظومة التمكين، ورفضًا لأيّ مسار إصلاحي يعيد السلطة إلى الشعب.

والأخطر من كل ذلك أن الجيش لم يكتفِ بالتحصن في موقعه، بل مضى في تعميق هيمنته الاقتصادية والأمنية، من خلال إدارة المصارف، والمسالخ، وصادرات اللحوم والمواد الخام الزراعية، وإجراء مناورات عسكرية مع جيوش أجنبية من دون علم أو موافقة السلطة المدنية. بل انتهج إستراتيجية خطيرة تقوم على إنتاج الميليشيات، وتوظيف أمراء الحرب، وتوزيع السلطة والثروة على أساس الولاء الجهوي والسياسي، ما حوّله من “حارس للوطن” إلى راعٍ لمصالح أقلية تحتكر الدولة.

رفض المؤسسة العسكرية لأيّ إصلاح أمني أو عسكري جاد – سواء عبر دمج القوات، أو إعادة هيكلة القيادة، أو إخضاعها للمساءلة المدنية – لا يعكس مجرد عناد، بل هو دفاع شرس عن منظومة مصالح وتشابكات مترسخة نشأت خلال ثلاثة عقود من التمكين. وتفكيك هذه المنظومة يتطلب إرادة سياسية وشعبية حاسمة، تتجاوز التسويات السطحية وتواجه البنية العميقة للسلطة.

لذلك، فإن أيّ حديث عن “عودة الجيش إلى الثكنات” أو “حياد المؤسسة العسكرية” يبقى مجرّد وهم، ما لم يُبنَ على تفكيك شامل لبنية الجيش الحالية، وإعادة تأسيسه على عقيدة وطنية جديدة، تعترف بالتنوع السوداني، وتحظر التسييس، وتمنع احتكار الجيش من قبل تيارات أو إثنيات أو مناطق بعينها.

خلاصة القول: لا مستقبل للسودان في ظل استمرار البرهان ومجموعته على رأس المؤسسة العسكرية، ولا في ظل هذا الاندماج العضوي بين الجيش والحركة الإسلامية. إن المدخل الحقيقي لحل الأزمة يبدأ من فك هذا الارتباط بشكل جذري وشامل. أما الرهان على قيادة الجيش الحالية لإنجاز هذه المهمة، فهو أقرب إلى الوهم منه إلى أيّ حسابات واقعية.

ما دون ذلك.. ليس سوى إعادة إنتاج للكوارث، بأشكال مختلفة.

العرب

‫10 تعليقات

  1. والله هذا هو الحق بعينه واي كلام غير هذا ما هو إلا مغالطة للواقع وتسويف للحقائق وإضاعة لزمن الامة السودانية والسير في درب ضياع الوطن وتلاشيه.

  2. الجيش حسم المعركه لصالحه وانتقم للمواطنين الأبرياء ضد من نهبهو واغتصبوهو
    ولا يهم بعد ذلك أن يكون جيشا إسلاميا
    ولماذا لا يكون الجيش تابع للحركه الاسلاميه
    الحركة الاسلاميه امتاز قادتها بالشجاعة و بحسن التكتيك العسكري

    1. لانه البلد حتظل في حالة حروب دايمة لانه حيستمر في توظيف سلاح الدولة لحماية الإسلاميين دونا عن باقي خلق الله و البلد ما ملك للاسلاميين و مهما استمرو يظلو حالة طارئة حتزول عاجلا او آجلا و يستحيل إيجاد فرصة للتداول السلمي للسلطة و النتيجة الحتمية حتكون كسر ظهر الجيش اذا استمر مليشيا اسلامية

  3. فعلاً أسلمة الجيش والشرطة والأمن وكافة القوات النظامية كان مبرمج لها منذ انقلاب البشير في سنة 1989م إذ تم إعفاء كافة الكوادر المهنية وفضلهم وشمل الفصل كافة الرتب والتخصصات، صار القبول لتك ألجهزة عبر تنظيم الإسلاميين في المدارس والجامعات، وامتدت الأسلمة إلى القضاء والنيابة والدبلومسية ، وقد عرقلت تلك الأجهزة مسار ثورة ديسمبر وأخذت تشوه الثورة والثوار إلى أن وقعت حربهم الأخيرة، عليه فى حل بغير اقتلاع تلك الأجهزة.

  4. خروج الكيزان من الجيش والأجهزة الأمنية
    شرط أساسي و هدف استراتيجي للشعب
    الكيزان وجنجويدهم وبراؤوهم وما يتقياوون
    إلى مزبلة التاريخ ولعنة الله عليهم أجمعين

  5. يعني الدعم السريع ما تبع الكيزان؟ قيادات وفكرة وانشاء الدعم السريع كلهم كيزان وتابعين للحركة الاسلامية اي وصف آخر للدعم السريع سوى انهم فصيل اساسي من فصايل الكيزان والحركة الاسلامية يغتبر نوع من التدليس والتضليل الكيزان كانوا عايزين يستبدلوا الجيش والامن بقوات الدعم السريع وتم اضعاف الجيش وايقاف التجنيد وتم فتح ابواب النجنيد لقوات الدعم السريع وتمويل مفتوح وشراء اسلحة العمل ده كله منو؟ حبوبتي
    قيادة الدعم السريع الكيزان اختلفوا مع كيزان الجيش وقالوا انهم اولى بالحكم والسلطة لانهم هم من يحرس النظام الكيزاني ويحافظ عليه قاساس الحرب هم الكيزان بكافة فصائلهم سوى مؤتمر وطني او جيش كيزاني او دعم سريع كيزان فهذه التوائم السيامية المتلاصقة هم سبب خراب السودان وان لم يتم بترهم جميعا واستئصالهم فلن يتحل المشكل السوداني بعدين حكاية يتم ابعاد الدعم السريع من وصف انهم ذراع باطشة للكيزان فهو نوع من الخداع والكذب وتقدح في مصداقية الكاتب

  6. الحرب الحالية والتي اشعلها جيش الكيزان مع صنيعته الجنجويد، ستجبر السودانيين بشكل عام وكل الشرفاء والثوار بشكل خاص، بحل هذا الجيش العميل، وتشكيل جيش وطني يملكه الشعب ويديره الشعب ويحارب مع الشعب ويحفظ الدولة ومواردها بمساعدة شعبه، وسيرى جماهير شعبنا الفرق الشاسع بين جيش عميل لا ينتمى لشعبه وبين جيش شكله وكونه بنفسه وسلحه بنفسه زدربه بنفسه،، وامثلة الجيوش التي تلاشت وانحلت كثيرة، فالعراق ذاب جيشه امام الجيش الامريكي فاصبح رمادا، وسوريا فر جيشها واختفى في لمج البصر، وفي اليمن هرب جيشها العرمرم خلف الجبال والصحاري، وفي ليبيا تفتت جيشها، وهكذا الجيوش اللاوطنية والتي لا تمت للوطن ولا للشعب،، فقط تبقى تحت احذية الدكتاتور وعقيدته الفاسدة

    1. ههههه ي عدو الكيزان الاول
      انا شايف انو انت من الأفضل تكون تحت حذاء الكيزان فهم ارحم ليك من شلة القحاته الفاسده المتلمي عليها

  7. الحقيقة لا أحد يستطيع أن يقصي الاخر بهذه السهولة ومن الأفضل أن يتعاونوا على ما فيه خير البلاد والعباد.

  8. الجنجويد احدى كتائب الكيزان المارقة
    والأمل كبير و كبير جدا ان ينتفض الضباط الوطنيين الأحرار داخل الجيش على قلتهم لتحريره من قبضة الكيزان وتحرير شعب باكمله مختطف من هذه الشرذمة الملعونة
    وان غدا لناظره قريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..