مقالات وآراء سياسية

مَن لا تَقيَّةَ له .. لا دِين له !

مناظير

زهير السرَّاج

 

* عندما نشأ فقه التقيّة كان وسيلة نجاة … لا وسيلة خديعة، كان ملجأً للمضطهد لا مكيدة للمهيمن، وكان رخصة من الله لحماية النفس والاعتقاد إستنادا على الآية القرآنية “إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً” (سورة آل عمران:28 )، لا ترخيصًا بالكذب السياسي وتزييف المواقف. لكن كما يُحرِّف الطغاة كل فضيلة، سطا “نظام الملالي” في إيران على هذا الفقه الشريف، وركّبه على مقاس أطماعه، وحوّله من قناع يلبسه المظلوم إلى حيلة ماكرة في وجه العالم بأسره!

 

* ولدت التقية في بيئة الخوف في صدر الإسلام، حين كان المسلم يُعذّب ويُقتل لأنه قال : ربى الله. يومها، نطق عمّار بن ياسر بكلمة الكفر تحت التعذيب، فبكى وارتعد، فنزل الوحي يُطمئنه: “إلَّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئنٌّ بالإيمان.” وبهذا فهم المسلمون أن الله لا يعاقِب على كلمةٍ تُقال تحت السيف، بل يُحاسِب على ما في القلب.

 

* ولقد صارت التقية ركنًا فقهيًا أساسياً عند الشيعة، بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد تاريخي على يد الخلافتين الأموية والعباسية، وفي ذلك يقول الإمام جعفر الصادق: “التقيّة ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقيّة له”، ولقد استخدم الشيعة التقية في إخفاء آرائهم في الصحابة، وممارسة الشعائر بشكل سري في المجتمعات السنية، وحماية الأئمة من بطش السلطة.

 

* غير أنها تحولت عند نظام الملالي الإيراني من فقه شخصي يلجأ إليه المسلم في حالة الخوف على النفس، إلى أداة سياسية، واستخدمها بطرق عديدة لخدمة أهدافه الاستراتيجية، ومن امثلة ذلك البرنامج النووي الإيراني، فلقد ظل النظام الايراني يُنكِر لسنوات طويلة جدا سعيه لامتلاك سلاح نووي، رغم أنه كان يبني منشآت تحت الجبال، ويرسل عملاءه لشراء أجهزة محظورة من السوق السوداء، وظل يُطوِّر تقنيات التخصيب بسرية حتى وصل الى نسبة تخصيب لليورانيوم الى اكثر من 60 % بينما لا تزيد النسبة المطلوبة للاستخدامات السلمية مثل انتاج الكهرباء عن 4 % وفي بعض مشاريع الأبحاث عن 20 %! أيّ تقيّة هذه؟! إنها ليست تقيّة فقهاء، بل خداع مخابرات!

 

* الى جانب ذلك، ظل النظام الايراني يمارس السياسات المملوءة بالتقيّة الدبلوماسية لإخفاء النوايا الحقيقية، ويظهر وجها براغماتيًا معتدلاً في المحافل الخارجية، بينما يدعم الحركات المسلحة الارهابية مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق للسيطرة على المجتمعات الشيعية في تلك الدول وتنفيذ أجندة توسعية شريرة تحت غطاء تقية عقائدية وسياسية، كما ظل يظهر في الداخل وجهًا ثورياً متشدداً ضد “الشيطان الأكبر”، بينما يعقد في الخارج اتفاقيات سرية ويتعاون استخباراتيا مع أطراف يعتبرها عدوا رسميا له مثل أمريكا وبعض الدول الأوربية!

 

* حتى شعارات “وحدة الأمة الإسلامية” التي يرفعها قادة النظام في المؤتمرات، تذوب عند أول صاروخ يطلقه الحوثي نحو الرياض، أو تصريح طائفي من أحد وكلائهم في بغداد أو بيروت او دمشق (سابقا). يتحدّثون بلغة ناعمة في فيينا، ويهددون بالحرب والموت لأمريكا في طهران، ويقفون في الحج بلباس الإحرام، ثم يُسلّحون الميليشيات لقتل أطفال المسلمين في شوارع بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء ودارفور!

 

* لقد حوّل الملالي التقيّة من فقه النجاة إلى فقه الخداع، ومن رخصة فردية إلى سياسة دولة، وأصبح الكذب لديهم استراتيجية ثابتة، لا يستحون منه، بل يُدرَّسونه ويُخطَطون له ويُبرَّرونه بالآيات والأحاديث!

 

* إن استخدام هذا الفقه النبيل، الذي نزل للضعفاء، من قبل دولة تملك المال والسلاح والصواريخ الباليستية وتقتل المسلمين، نكتة سوداء يرويها التاريخ على استحياء! إيران الملالي لا تمارس التقيّة … بل تتاجر بها، وتبني بها تحالفاتها، وتخفي تحت عباءتها أخطر المشاريع الطائفية والسياسية.

 

* يجب ألا ننخدع في السودان، بشعارات وأكاذيب طهران. فكما استغلت التقيّة لممارسة الدمار في لبنان وسوريا والعراق واليمن، لن يتردد الملالي لحظة في تصديرها إلى الخرطوم والجزيرة وبورتسودان، عبر سماسرة جُدد … بشعارات وأيادٍ سودانية وتخطيط وتمويل إيراني !

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. السنه والشيعه كلاهما جنود ابليس عليهم لعنات الله وملائكته والنبيين والناس اجمعين .!!!!
    شوهوا الدين الاسلامي وحولوا القرآن الكريم الي مصدر لكل الافكار الارهابية والاجراميه .!!!!!!

  2. كنت اظنك كاتب حصيف ولكن … لا يوجد خلاف حقيقي بين اسرائيل وايران ولا يوجد خلاف بن ايران وامريكا . ايران خادم لانظمة الغرب وامريكا بالمنطقة بطرق خفية بينما اسرائيل مخدومة الغرب وامريكا بطرق علنية .. الغرب وامريكا واسرائيل وايران هم حرب على اهل الاسلام السني خاصة شعوب دول الخليج ومصر والاردن والعراق وسوريا لا اقصد الانظمة القائمة في هذه الدول انما اقصد الشعوب المسلمة
    الحاصل في النزاع القائم شكلا بين ايران واسرائيل هو نزاع على وسائل وليس مباديء وبين قيادة داخل ايران وعملاء لاسرائيل داخل ايران نفسها وليس نظام قائم على مباديء او نصرة لحق كلا الطرفين على باطل بين ومتفقون على حرب الاسلام السني ….

  3. التحية لدكتور زهير الصامد كالجبل فى وجه الطغيان . ايران دولة دينية عقائدية يحكمها الملالى ورجال الكهنوت بالقمع والتنكيل وبالضرورة هى دولة فاشلة تعادى شعبها وتضطهده وتتدخل فيما يلبس ويأكل ويشرب وينام . ستنتهى الحرب بتدمير كل المشروع النووى وسحق القدرة العسكرية لايران فهى قدرات عسكرية فى الاعلام والكذب وليست حقيقة فى ارض الواقع . قوة النظام الكاذبة تكمن فى تقديس الكاهن الخامنئى وتم تهديده بالقتل فى غرفة نومه وهو على استعداد لتلقى الاوامر بتنفيذ اجندة اسرائيل فهو يعرف جدية التهديد . والنظام مثله ونظام الهالك المقبور الترابى الذى يسيطر على ما كان يعرف سابقا ب جمهورية السودان واعتمد على الدعاية والكذب فسقط بعد ساعات تحت حوافر لصوص وجنجويد ( عجال لاقن ) وفر الكهنة الكذبة وقيادتهم العسكرية تاركين عاصمة الخلافة الاسلامية الخرطوم ومواطنيها نهبا للاوباش والقتلة يمارسون فيها ابشع انواع الجرائم والانتهاكات .

  4. ((ومتفقون على حرب الاسلام السني ….))

    الاسلام السني انتهى بضربة قاضية من امير الشباب محمد بن سلمان، ولن تقم له قيامة بعد الان، وتلاه انهيار الاخوان المسلمين والذين سارعو بالانضمام لاعدائهم ااشيعة، مظنة انهم بمناى عن اعدائهم،، ولكن ساعة نهايتهم ازفت على ايدي بنو اسرائيل ابناء الله المختارون،، ويامعشر انصار الدين الارهابي اللعين فقد ازفت ساعة نهايتكم من على وجه الارض، وان لشعوب المنطقة ان يتنفسو الصعداء بنهاية اسوء ارهاب في الناريخ الجديث

  5. يا خليفة خلف خلف الله اعتقد انك لم تفهم حديث الكاتب ولا ادري على علي اساس بنيت قولك بانه لا توجد خلافات بين ايران وإسرائيل وامريكا.ونسالك هنا ماذا عن حزب الله والحوثيين وحماس ومليشيات العراق اذرع ايران في المنطقة ام هي ايضا لا توجد اي خلافات لهم مع إسرائيل وامريكا. . اطلاق الكلام علي عواهنه دون اي اثباتات او دلائل هو مجرد هراء بلا قيمة خاصة ان كل الوقائع الماثلة الان والحرب الشرسة التي تقودها إسرائيل ضد ايران تاكد مدي الخلاف والعداء والمشاكل الكبيرة الموجودة فيما بينهم. نظام الملالي واتخاذه فقه التقية مطية لتحقيق اهدافه الخبيثة يشابه تماما ما فعله الكيزان باتخاذهم الدين كله مطية لتحقيق هدفهم بالاستيلاء على السلطة
    نظام الملالي ونظام الكيزان انظمة مستبدة قمعية وهي ايضا متشابهة بانها انظمة اجرامية ارهابية تاذي منها الكثيرين في الداخل والخارج

    1. داير تحصل الكيزان باي طريق . الكيزان إنخدعوا بايران هذه من اخطاءهم القاتلة + انشاء الدعم السريع + معاداة العالم في البداية + تغطية ملفات الفساد + عدم تدوير الوظائف العليا في الدولة بما فيها رئيس الدولة + ضياع القدوة عند الكبار + اخطاء لا تحصى ولا تعد لكنهم فصيل سياسي اصيا في السودان ما زال له مستقبل لو احسنو الفرص وعملوا المراجعات المطلوبة وقدموا المفسدين منهم للعدالة + وردوا ما يمكن رده للشعب من مال او خلافه … بقية الفصايل السياسية ما زالو اولى سياسة لا تعويل عليهم في الوقت الراهن الكيزان مخاوفهم من العالم الخارجي لكن الداخل لهم دراية كافية بالتعامل معه بقية الفصائل السياسية تعول على دور الخارجي ويصعب عليهم كسب المواطن بالداخل .. انظر للفرق يا مسكين . اسلام السعودية كان ارحم للكيزان .. ايران بها مزار لقاتل عمر بن الخطاب ليس ثمة ما يجمع بين اسلام اهل السنة والجماعة واسلام اهل الاهواء من شيعة باطنية نصرية عملاء حاقدين على الاسلام السني …ليس لك تمييز ولا معرفة بالتاريخ ……….

      1. يا خليفة انت تكتب بناءا على العاطفة أو على ما تتمناه أنت
        أنت تريد أن تنتقد الكيزان او الحديث عن أخطائهم فتخلط ذلك بما يجري خارج السودان

  6. بعض المعلقين لا يبدو أنهم ضد الكيزان فحسب بل ضد الاسلام وهذا لا يفيد بل يوجج نار الاختلاف فتحرق الكل..اتقوا الله في هذا الشعب وقيمه الموروثة والتي لا يستطيع أحد تغييرها الا بالتي هي أحسن وعبر الحوار الجاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..