لا شرعية لحكومة تتوشح بثياب مدنية لتُخفي جوهر الاستبداد

احمد الفكي

ما يُسمى بـ”حكومة الأمل المدنية” بقيادة السيد كامل إدريس لا يمثل سوى محاولة من محاولات لجنة البشير الامنية ونظامه للتدثر بثياب المدنية التي طالب بها شعبنا في ثورته ضد نظامهم.

فالحكومة ليست مدنية؛ إذ خدم المدنيون في حكومات العسكر المختلفة وفي جميع المناصب لتنفيذ إرادة المخدِّم والتصديق على قراراته. فوصفها بالمدنية كلمة حق اريد باطل. وهي ليست حكومة أمل، بل تردد أكاذيب الذين ثار عليهم شعبنا في ديسمبر، وأسقط قبضة نظامهم، وهو سقوط يحاولون النهوض منه على أشلاء البلاد والعباد.

إنها ليست حكومة أمل، فالأمل الوحيد الذي تحقق للسيد كامل ادريس هو استوزاره. انها حكومة تهدف إلى خلق مزيد من الضبابية حول حربهم على شعبنا. فلقد تبني السيد كامل ادريس خطابهم ومن اليوم الاول فبدا يردد كجهاز تسجيل بلا قلب ولا عقل أحاديثهم عن “حرب الكرامة” دون ان يتوقف ويسال نفسه سؤالا بسيطا وهو: كرامة من؟

وهل توجد ذرة من الكرامة في هذه الحرب التي يصر عليها مخدمه ومن ينفذ سياساتهم والسواد الأعظم من شعبنا يعاني التشرد والجوع والفقر والمرض .

إنها حكومة، رغم ما تدعيه من صفة المدنية، تفتقر إلى أي شرعية أخلاقية أو سياسية، وتُعد غطاء هشًّا لحكم عسكري استبدادي تورط في قمع الشعب وتشريده وإفقاره.

لقد ظلّ السيد إدريس يسعى سعيًا حثيثًا لهذا المنصب لسنوات، حتى في أحلك الأوقات التي كانت فيها البلاد تتفكك، والدماء تسيل، والمواطنون يُطردون من ديارهم فرارًا من الجوع والمرض ونيران الحرب. فأي أمل يُبشِّر به من يصعد فوق أنقاض الكارثة؟

أما الحديث عن “الأمانة والكفاءة والأمل” على لسان من انقلب على حلم السودانيين، وحطم آمالهم في دولة مدنية ديمقراطية، وفي وطن يحترم كرامتهم وإنسانيتهم، فهو كحديث السارق عن النزاهة، أو العاهر عن العفاف، أو القاتل عن الرحمة.

وليس الأمر مجرد مفارقة بلاغية، بل مشاركة صريحة، باسم المدنية والكفاءة، في جريمة سياسية مكتملة الأركان ضد إرادة الشعب.

ومن سخريات القدر أن يتحدث السيد كامل إدريس عن الكفاءة والنزاهة، وتاريخه يقول بغير ذلك. فإذا استبعدنا البعد الأخلاقي في ممارسة المهنة، اية مهنة أو السلطة، فسيغدو كثير من الطغاة واللصوص والمزورين عبر التاريخ من “الأكفاء”.

إن هذه الحكومة تمثل خطوة متقدمة في إعادة تدوير مشروع المؤتمر الوطني اللاوطني، وتعبيد الطريق أمام عودته إلى السلطة، بعد أن لفظه الشارع بثورته، وبعد أن انفرط عقد تحالفه مع المجرم حميدتي، الذي انتقل من موقع الحامي للنظام إلى خصم ينازعهم الحكم والسلطة، ويواصل السطو علي ثروات البلاد.

[email protected]