مقالات سياسية

مدير مكتب عقار: شخص بلا ضوء .. خان الجميع ليبقى وحيداً (2-5)

محمد عبدالله

ليس من عادتي أن أكتب عن الأفراد، الا ان هنالك ثمة أناس تجاهل أفعالهم يعد خيبة للحقيقة وتصالح مع الانحدار الأخلاقي في ذاكرة المبادئ، واكتب عنهم لا لأنهم يستحقون الذكر، بل لأن صمتنا عنهم يعني تطبيعاً مع القبح، وتواطؤًا مع الخيانة، وفي مقدمتهم يأتي “الرشيد”، هذا الكائن الذي تخلى عن كل ما يمنح الإنسان إنسانيته وأصبح مجرد حيوان ناطق يعيش بلا مبدأ وبلا وفاء.

وهنا أؤكد للقارئ الكريم أن ما أكتبه عن هذا “الرشيد” ليس بدافع كراهية أو خصومة شخصية، بل هو من أولئك الذين رافقتهم يوماً، وتقاسمت معهم الدرب والنشيد والمشروع، منذ الحركة الشعبية لتحرير السودان “الام” قبل انفصال جنوب السودان وبعد الانفصال وفك الارتباط مع الحركة الشعبية في شمال السودان، وحتى مفترقات الانقسام المؤسف بين عقار وعرمان والحلو .. ثم رأيتهم ينكصون على أعقابهم، لا سقوطاً عارضاً، بل سقوطاً أصيلاً، طوعاً وعن سبق إصرار.

ولقد خبرت شخصه عن قرب وأكن له الاحترام، بل وما زلت أحتفظ بشيء من الود الإنساني نحوه، وأشهد بصدق، أنني لم أكن يوماً عدواً له، بل كنت صديقاً ورفيقاً في ذات الدرب، ولكن ثمة امور لا يمكن الصمت عنها، لا لأنها تمسني شخصياً، بل لأنها تطعن في صميم القيم التي آمنا بها ذات يوم.

وما اكتبه ليس ضغينة ولا تصفية حسابات، ولا سعياً للإساءة أو التشهير من خلال استغلال الموضوع، فما بيني وبينه لا يحتاج إلى منبر ولا إلى جمهور، ولدي من القضايا والقصص والمآسي سوى عنه او عن الحركة او قياداتها، ما يكفي لكتابة مئات المقالات والمنشورات لخمس سنوات قادمة، ولكن ما يدفعني هو واجب أخلاقي بحت، امام الحركة وامام القيم التي آمنا بها، وأمام مشروع “السودان الجديد” الذي حلمنا به، وأردت أن أوجه صوتاً تجاه الحقيقة في وجه شخص خسر ذاته وخان الكل .. رفاقه ومبادئه وحتى أقرب المقربين إليه، لا سيما ان ما يحمله هذا “الرشيد” من قبح وانتهازية وفساد في السلوك والوجدان، يملي عليٌ كإنسان أن أقول ما يجب أن يقال، لا دفاعاً عن منفعة شخصية، بل دفاعاً عن مشروع بأكمله وعن وطن مستباح، وعن فكرة كادت أن تكون ملاذًا لجيل، فتحولت في أيدي أمثال هذا “الرشيد” إلى سلعة تباع في سوق الانتهازية.

نعم، هذ “الرشيد” أناني وانتهازي، لا تحكمه قيم ولا تردعه أخلاق ويسعى وراء مصلحته كمن يمشي على جثث الآخرين بلا تردد، ولا يفرق بين صديق وعدو، بين قريب وغريب، إذا ما لاح له منفعة شخصية، ولست أدعي الطهر، فنحن بشر نخطئ ونصيب، غير أن ما نتحدث عنه هنا يتجاوز الأخطاء البشرية إلى حالة من الانحلال القيمي المتجذر، والفساد النفسي المتغلغل في السلوك والممارسة، ومن يظن أن الخيانة مجرد فعل في الخفاء، لا يعرف حقيقتها، فالخيانة الحقيقية ليست أن تبيع سراً، بل أن تتخلى عن كل ما هو جميل فيك، أن تطعن من أحبك، وتكذب على من صدقك، وتخون من ائتمنك، وهذا ما فعله الرشيد، لا مرة واحدة، بل كلما أتيحت له الفرصة.

لقد رأيت بعيني هذا “الرشيد” يفرغ النبل من معناه، ويحول القيم إلى مسرحية باردة، يرتدي فيها قناعاً ويصفق لنفسه في نهاية المشهد، وإنني أكتب من أجل الذين لا صوت لهم، من أجل كل رفيق فقد بوصلته بسبب من ظنهم إخوة فخذلوه، من أجل الحركة التي شوهها من تسلقوا أسوارها دون أن يؤمنوا يوماً بجدرانها، وللذين لا يعرفون هذا “الرشيد”، أقول: هو تجسيد حي لانعدام الأخلاق، كائن لا يرى في الآخرين سوى جسوراً للعبور، ثم يشعل النار فيهم ليحصل على الدفء وحده .. أناني إلى حد المرض، انتهازي بلا خجل، لا يعرف معنى للوفاء أو رائحة للكرامة .. بل إن أنانيته تتجاوز المصلحة الظاهرة، لتصل إلى حالة مرضية من تدمير من حوله، حتى أقرب الناس إليه، فقط ليشعر بأنه المسيطر، بأنه الأقوى، بأنه الأكثر فهماً، ولو على جثث الآخرين.

لقد علمتنا التجارب، وعلمتنا الحياة، أن لا شيء يسمو على الأخلاق، وهي ليست رفاهية، بل هي أصل كل شيء، وهي الجوهر والعمود الفقري للإنسان، والأخلاق هي ما يصنع الشعوب، ويصون المجتمعات، ويرتقي بالإنسان، وبدونها يتحول الانسان إلى كائن مفترس يلبس هيئة بشر، وهي التي تعطي للأمم قوتها وكرامتها، ولعل أعظم ما قيل في ذلك قول “شوقي” أمير الشعراء، الذي صدق حين قال:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت

فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

هذا “الرشيد”، للأسف يمثل النقيض الكامل لهذه الحكمة .. لا أخلاق .. لا وفاء .. لا رجولة، يتسلق على أكتاف الآخرين، ويطعن من قدموا له يد العون، ويبيع أقرب الناس لأجل مكاسب تافهة، وهو لا يخطئ لأنه بشر، بل يخطئ لأنه تعود الخيانة حتى صارت نمط حياته، يبررها، يخطط لها، يزينها لنفسه، وهو يمثل نموذجاً لانعدام الضمير، ومرآة قبيحة للانتهازية المطلقة.

وحين تتآكل الأخلاق، تتآكل القيم وتضمحل الأوطان، ولكن المجتمع الذي لا يرفض عديمي الأخلاق، لا يستحق البقاء، ويجب علينا ألا نجامل من يرمون رفقائهم على قارعة الطريق من أجل مكاسب زائلة، ولا من يتنكرون لأقرب الناس إليهم ولا من يبيعون مبادئهم وقيمهم من أجل مناصب أو رتب أو سيارات حكومية .. نعم، قد وجد في المجتمعات عبر العصور من لا أخلاق لهم، ولكن هذا “الرشيد” يتفوق حتى على أكثرهم انحطاطاً .. عايشته، ورأيت بأم عيني طباعه، وراقبته وهو يتلون كالحرباء، يسلك مسارات الخديعة ويغلف باطنه الفاسد بقشور من الذكاء الزائف.

وكم كان مؤلماً أن أطرح هذا السؤال على نفسي مراراً: هل هذا “الرشيد” ينتمي فعلاً إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان؟، هل يؤمن ولو نظرياً بمشروع السودان الجديد؟ ذلك المشروع النبيل الذي حمله آلاف الرفاق فوق أكتافهم، وضحوا من اجله بأرواحهم، ودفعوا فيه الغالي والنفيس، لتحقيق العدالة والمساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وحلم وطن تتسع فيه القيم، وتحترم فيه الكرامة، ويعامل فيه الإنسان كإنسان لا كوسيلة.

لا، لم أجد في هذا “الرشيد” شيئاً من تلك القيم .. وجدته نسخة مشوهة من أولئك الذين قاتلهم الجيش الشعبي، من سلالة “الجلابة” الذين استعلوا واستبدوا ونهبوا وازدروا .. بل إن في سلوك هذا “الرشيد” من القذارة ما يجعل من أولئك الذين حاربهم الجيش الشعبي لسنوات أكثر شرفاً منه .. على الأقل كانوا أعداء معلنين .. أما هذا “الرشيد”، فهو الطعنة في الخاصرة، هو الذي يبتسم لك وفي يده السم .. وكيف لشخص يخون كل هذه القيم أن يدعي الانتماء لهذا المشروع العظيم؟

أتذكر جيداً لحظة صغيرة لكنها كانت كاشفة .. كنا في جوبا، وكان هذا “الرشيد” قد عاد لتوّه مع قيادة الحركة بعد انشقاق 2017، وأخذته بسيارتي في مشوار، في الطريق سألني: “دي عربيتك؟”، أجبته نعم .. رد ساخرًا: “لو كنت أنا مكانك، كنت طلقت الحركة الشعبية من زمان .. إنت زول بليد الحركة دي ما عندها أي حاجة!”، ضحكت يومها، لا لأنني استسغت قوله، بل لأنني أدركت أن هذا الرجل لم يفهم شيئاً .. لا عن الوفاء، ولا عن النضال، ولا عن الكرامة، وكان يرى في الحركة مطية، لا مشروعاً، ويراها مغنماً لا التزاماً، وكانت لحظة كشفت لي كل شيء عن دواخل هذا “الرشيد”، ورأيت في عينيه احتقاراً لكل معاني النضال والثبات والقيم، وفي لحظة أخرى داخل القصر الجمهوري بعد اتفاقية جوبا، كنا نعمل سوياً في مكتب عضو مجلس السيادة مالك عقار، قال لي بوقاحة: “الجنوبيين كانوا خاربين لينا الحركة دي”، في إشارة الى انه وجد سلطة لم يكن يتوقعها او لا يمكن ان يجدها في ظل الحركة الام ووجود الجنوبيين، وكان حديثه منطق من تفكير انتهازي صرف، وفي قمة الجحود للرفاق الذين حملوا الراية منذ التأسيس، ووقعوا على أول سطور النضال، بل اول سطور حلم السلطة التي يتبجح بها هذا “الرشيد” اليوم، ولولا الجنوبيين لما كانت الحركة الشعبية والجيش الشعبي، ولا عقار، ولا مكتب ولا هذا “الرشيد” ليشغل هذا المكتب او ان يكون ضابط في جهاز الامن.

أسوأ ما في هذا “الرشيد” هو قدرته العالية على الكذب والنفاق وتزوير الحقائق، بل يستطيع تلفيق الأكاذيب وأن يصنع قصة كاملة من لا شيء، فقط من خياله، ويمكن ان يدفع أموال مقابل تزييف مستندات ليثبت صحة اكاذيبه ويقنع بها الذين من حوله، وخاصة رئيس الحركة الشعبية مالك عقار، ، فقط من اجل ان يحصل على منفعة شخصية، او يحقق هدف خاص به.

[email protected]

نواصل..

‫2 تعليقات

  1. ظاهر جداً ده كذب واستهداف و ممنهج و مقصود بيه الشيرمان مالك عقار وانت يا محمد عبدالله خارجوك بالحسنة من مكتب عقار بعد ثبت تورطك في التجسس لمصلحة عرمان يعني انت زول خاين للامانة و لا يعتد بكلامك وتابع لعرمان الارزقي بتاع الامارات.

    كل من يعرف الرشيد يعلم تماماً مدى حبه للحركة اكتر من اهله وعشيرته زاتو و فدى حياته وماله قصاد الحركة و بالنسبة لقصة الكلام القلتو عن الجنوبيين فواضح فيها كذبك بصورة فاضحة لان كمرد الرشيد دائما يردد ان الحركة “باظت بعد الجنوبيين مشو”

    عارفنك مغلوب على امرك وداير ياسر يديك حبة قريشات على حساب الكتابات دي لكن ما قدر ده يا كمرد خلي عندك حبة اخلاق في الخلاف. الطردك ما الرشيد الطردك ده كمرد مالك لانك جاسوس.

    1. تمنيت ان عرفنا الكاتب بمن هو الرشيد اولا وأنت جيت وزد الطين بله وطرشت كلام كل هجوم على الكاتب وتمجيد للرشيد الذي لا نعرف كان من الاجدر أن تعرفنا بمن هو الرشيد ولكنك شخصتنتها عشان تطفش الكورة على الاخرين ولا يفهموا شي وتضيع الحقيقة بين ركام الشخصنة والملاسنات وكل ما نعرفه عن الرشيد انه مدير مكتب مالك عقار وهذا يكفي للشهادة له بسوء اخلاقه وانتهازيته وعدم مبدئيته وكفى شهادة سوء لاي شخص في العالم أن يرتبط اسمه باسم شخص رخيص وانتهازي وكاذب ومنافق مثل مالك عقار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..