مقالات وآراء

التدخل العسكري الامريكي المباشر في إيران وأبعاده

طلعت محمد الطيب

 

بغض النظر عن صحة قرار ترمب بقصف المنشآت النووية في إيران، من عدمه، فإنه يبدو لي بوضوح ان القرار “غير مؤسسي” بمعني أنه لم يعرض علي الكونغرس ولم يستند علي معلومات استخباراتية دقيقة ، تماما مثلما حدث في حرب العراق سابقا ، تلك الحرب التي كان ترمب من أبرز المعارضين لها.

حينما سئل ترمب من بعض الصحفيين مؤخرا حول صحة اتهامه لايران ببناء قدرات نووية يمكن ان تستخدمها خلال أشهر قليلة، وإذا ما كانت اتهاماته لإيران تستند إلي معلومات دقيقة، كانت اجابته بأنه واثق من ذلك ، ولما واجههه الصحفي بحقيقة ان مسؤولة الاجهزة الأمنية الأمريكية تولسي قابار Tulsi Gabbard نفت امكانية امتلاك إيران قدرات لبناء قنبلة نووية، قال ترمب للصحفي ان معلومات مديرة المخابرات الأمريكية “غير صحيحة”.

من الواضح إذن أن قرار الرئيس الامريكي ترمب بقصف المنشآت اللنووية الإيرانية قد تأثر بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وهي تصريحات قد ظل الاخير يرددها منذ العام ١٩٩٦م، والتي تدعي أن إيران علي مسافة أسابيع أو شهور قليلة من تخصيب اليورانيوم وامتلاك قنبلة نووية!

قرار ترمب اذن لا يستند علي معلومات مؤكدة من المنظمات الدولية أو المخابرات الأمريكية أو الكونغرس الامريكي ، انه قرار فردي يعتمد مخاوف وبارانويا اليمين الإسرائيلي اكثر مما يستند إلى التقارير الدقيقة والمؤسسات. ومثل هذه المواقف والقرارات لا تختلف كثيرا مثل معظم قرارات الرئيس الامريكي الطائشة في الشؤون الاخري سواء في مجال الهجرة غير الشرعية أو التجارة الخارجية.

وفي تقديري إن اكثر ما يهدد العالم اليوم هو ان تكون المواقف والافعال قائمة علي نبض الافراد وميولهم الايديولوجية اكثر من إعتمادها علي التقارير والمؤسسات . وفي ذلك لا يختلف ترمب عن “علي كرتي” أو “خامينئي” في الجنون ، ذلك لأن المؤسسات والقانون هي الأطر التي تجسد حكمة النوع البشري وليس نبض الافراد واوهامهم.

ومن المؤسف إن يكون مستقبل الصراع والخلافات السياسية في عالمنا المعاصر في حقيقته ليس بين اليمين واليسار السياسي ، رغم انه خلاف موجود ومبرر ، ولكنه للأسف خلاف بين العقلانية التي يجسدها القانون والمؤسسات وبين الجنون الذي بجسده غيابهما حيث تسود أوهام وأطماع الافراد والقيادات.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..