مقالات وآراء

الإسلاميون والانحدار بالخطاب السياسي

 

صلاح شعيب

أفرزت الحرب خطاباً سياسياً آسناً يُصعب أن تعفي عنده معظم الجهات المتورطة فيها. وهذا الضرب من المدافعة الخشنة هو من الاحتياطي السالب لموروثاتنا القيمية المحفورة في أعماق الدماغ. فمتى استعر الخلاف، وفجر، استمعنا، أو قرأنا، عبارات غير لائقة ضد الآخر. فلو أن المتدينين لم يعصمهم الموروث الروحي من الولوغ من بئر الشتائم، والسخرية بأشكال البشر فإن المستنيرين المؤيدين للحرب أيضا يفارقون وعيهم ليحطوا بسمعة آخرين. ولو جردنا حجم هذه السخائم البشرية في المعاملة لاتضح لنا أن لا تعليم قد نفع، ولا ثقافة نجحت في الترقية بالإنسان، ولا مساكنة، أو علاقات اجتماعية، عمقت مراعاة الجوار الطويل بين الأفراد، والقبائل.
بالإضافة لخطاب الكراهية الذي ترعاه جهات معينة، ومعرفة، بأجندتها الإستراتيجية في دق إسفين الوئام، فإن تردي لغة الخطاب السياسي صار السمة المنتشرة في وسائل الإعلام، والتواصل، الحديثة.
ما قبل زمن الإنترنت كانت هذه اللغة الآسنة محصورة في بعض الصحف السياسية الصفراء، وهي أيضاً في بلادنا ارتبطت بتلك الجهات. وكانت تستخدمها لابتزاز القادة السياسيين حتى لا يفكرون، أو ينفذون، سياسات تعاكس أيديولوجياتهم. فضلاً عن ذلك فإن مجلس الصحافة والمطبوعات كان يستخدم سلطات عقابية لضبط، وحماية، المجتمع من الممارسات غير الأخلاقية، أو قل الخارجة عن سياق الأدب المجتمعي.
أما الآن فلا عاصم أمام النشطاء السياسيين من استهداف المختلفين في الرأي بكل ما تجود به كتاباتهم لمجرد أنهم يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة. فلا جهاز المعلوماتية السلطوي، ولا ما وقر في الممارسة القيمية للمجتمع، بقادرين على ضبط لغة منصات الميديا الجديدة. وحسبنا من كل هذا أن نقول حسبي الله ونعم الوكيل أمام هذه اللغة البذيئة التي تجابه الناشطين في الإنترنت بعضهم بعضا.
دائماً تشكل المادة السياسية المكتوبة، أو المسموعة، حقلاً خصباً لهذا النوع من المساجلات بين المختلفين سياسياً، ومناطقياً. وها هنا يغدو الخطاب السياسي الأعلى صوتا هو الذي يستقطب تلك الإساءات التي تجد جمهورها بسهولة. والرواج لمثل هذه الأفاعيل هو من نوع الرواج الذي كانت تجده الصحف الصفراء بعناوينها المثيرة التي تستثير وعي، ولا وعي، القاريء.
ضمن هذه الأجواء اختطف السوق السياسي الآسن جمهرة المتابعين فأفسد عقولهم، وفي ذات الوقت تقلصت المساحة للنقد السياسي الرصين الذي يكشف عماء البصيرة السياسية، ويكثر من فرص التجهيل، وتتفيه المواضيع الجادة التي تتعلق بحاضر، ومستقبل، الإنسان السوداني.
وللحقيقة وجدنا أن بيئة الحرب السودانية كشفت توطن الجهل في عدد كبير من مواطنينا المؤيدين للحرب ما يجعلنا أن نقول إننا نحتاج لعشرات من العقود الضوئية للوصول بهولاء المواطنين إلى درجة من التعقل الذي يخلق التسامح.
للأسف الشديد ليس لدى السلطة المتحكمة بإمكانياتها الضخمة الرغبة في نشر الوعي بأهمية تسامح الخطاب السياسي، وخلوه من الإساءات. بل لاحظنا أن البرهان يكرم الذين يستخدمون لغة بذيئة فوقاً عن ذلك فإنه لا يخجل من الاقتباس من قاموس البذاءة دون مراعاة للمجتمع المحافظ الذي قاده لحرب الكرامة.
لقد شاهدنا أن الفجور في الخصومة لدى الإسلاميين يترك مناقشة وجهة النظر بدلاً عن طرح الحيثيات المناقضة التي تبين العجز المعرفي. وذلك هو ما يقوم به بعض كوادر إعلام الحركة الإسلامية الذين أفسدوا المناخ السياسي بإدارتهم لغرف، وحسابات، تستهدف الناشطين الذين يقفون ضد الحرب.
إن الحركة الإسلامية تعتمد في إستراتيجيتها الإعلامية على إرهاب، وإذلال معارضيها الذين يبينون مساويء أفكارها الكارثية. وأدخلت الجبهة الإسلامية أسلوب التهاتر، والقتل المعنوي للرموز السياسية. فقد استعانت بصحف “ألوان” و”الراية” و”صوت الجماهير” و”حلمنتيش” في خدمة مشروعها لتشويه الممارسة السياسية في الفترة الديمقراطية التي تلت ثورة أبريل 1985. ومنذ ذلك الوقت توطن الاضمحلال الإسلاموي في الخطاب السياسي، والذي وصل قمته في هذه الحرب.
لا منجاة لداعمي إيقاف الحرب لاسترداد الانتقال الديمقراطي إلا بخلق منابر إعلامية جديدة لمواجهة غثاء الميديا الحديثة في شقه الذي تنتجه جهات منظمة لتلويث الممارسة السياسية. وبخلاف ذلك فسوف يستمر التجهيل المعرفي في السيطرة على دماغ السودانيين فيما يكون ابتزاز قادة الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني، العنوان الأبرز للممارسة السياسية.

‫3 تعليقات

  1. اعتقد أن خطاب الكراهية هو السلاح الاخير ( واخر طلقه) للدعم الصريع وحلفائه من القحاحيط المهزومين والمدحورين ‘
    وارجوك لا تحشر الإسلاميين في هذه الخطابات المنتشره علي السوشال ميديا فهم براء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
    ولماذا تصف جريدة الوان بأنها كانت صحيفة مهاترات وقتل معنوي ؟؟!
    اعتقد أن اسلوبك في الكتابه هو نفس اسلوب العلامة وايقونة الصحافه السودانيه حسين خوجلي فقد تخرجت من مدرسته وكنت أحد تلاميذه
    فيجب عليك الاعتزار وعدم اللعب من الكبار.

  2. نعم كل الشعب يعرفهم عندما اختلفوا مع شيخهم الكضاب ود الكضاب الترابي وقالوا عنه شعرا :_.
    ياخرطوم جوطي جوطي لن يحكمنا الشيخ ال……… ورغم انه قطع راسه الا انهم ظلوا يرفعون راية الشتم والإساءة لمن يختلف معهم

  3. ان حالة الكوزنة السودانية تستحق دراسة ممعمقة لسبر اغوار شخصية الكوز السودانى..هذه الشخصية تتمسح بالدين وتستخدمه لتحقيق اغراض لا علاقة لها بالدين فمثلا عندما يتحدث الكيزان عن الفضيلة فهم أبعد الناس عنها وعندما يتحدثون عن الأمانة ويرددون على الدوان ( انا عرضنا الامانة .. ) او ( ان خير من استاجرت القوى الامين) الى اخر هذه الايات الكريمة .. مع كل ذلك هل قابلت فى حياتك كززا أمينا….وقد بلغ بالناس التهكم من سلوكهم حتى قالوا اذا تقدم أحد الكيزان اماما فى صلاة فتيقنوا أنه سيسرق منكم ركعة….حسين خوجلى وألوان مؤسسوا مدرسة التفاهة الصحفية بامتياز جعلوا منها منبرا للابتزاز واغتيال الشخصيات وتصفية الحسابات ليس مع غيرهم بل حتى فيما بينهم.. اضافة لذلك فان حسين عنصرى بغيض وقد قال كلمته المشؤومة على التلبفزيون القومى بأنه يتمنى أنقراض كل اللغات غير العربية فى السودان هل هذه عقلية صحفى يدعى الامتياز؟. احمد البلال الطيب الذى لم ينجح الا مع الطغاة والديكتاتوريات كان ينشر مقابلات صحفية يزعم انه اجراها او اجرته جريدته مع أناس ليتضح فى النهاية انها محض تخيلات او تهويمات….. ان بروز الوسائط اتاح للكيزان فرصة أكبر لنشر عسيلهم المتسخ دونما حياء موزعين الاكاذيب لقد سمعت المافون ناجى مصطفى يزعم انه لم يسمع بوجود جاسوس فى ايران أثناء معركتها مع اسرائيل وهو على المنبر تخيلوا شخصا لا يغادر الافك والكذب وهو على منبر مسجد فما عساه ان يكون هذا الشخص ومن اى نبع من السقوط نهل حقا انه معين الحركة الكيزانية…. احسنت يا شعيب والمزيد لو تفضلت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..