(مكان تحت الشمس): الهيمنة الصهيونية على الشرق الأوسط

حافظ حمودة
إذا أردت أن تفهم ماذا يدور في المنطقة عليك بهذا الكتاب .
يُعد كتاب ( مكان تحت الشمس ) تأليف بنيامين نتنياهو عام 1992 من أهم المؤلفات التي تعكس الذهنية السياسية للتيار اليميني في إسرائيل وكبيان أيديولوجي يبرر المشروع الصهيوني ، ويهاجم فكرة التنازلات للفلسطينيين أو القبول بدولة مستقلة لهم . ينطلق نتنياهو من قناعة بأن إسرائيل لا يمكن أن تعيش بأمان في محيط عربي إلا إذا كانت متفوقة عسكريًا ومحاطة بدول ضعيفة أو مفككة . ويرى أن الأمن القومي الإسرائيلي لا يتحقق عبر السلام ، بل عبر السيطرة على الأرض الفلسطينية ، ومنع أي كيان منافس من التشكل .
يقدم الكتاب رؤية استراتيجية تقوم على : رفض إقامة دولة فلسطينية ، وتفكيك أو إضعاف الدول العربية المحيطة ، وربط المقاومة بالإرهاب ، وتحقيق تحالف دائم مع الولايات المتحدة والغرب لضمان دعم طويل الأمد للمشروع الصهيوني . يحتوي الكتاب على خطة مكتوبة لإسقاط الدول ، ويتضمن إشارات واضحة لاعتبار العراق وسوريا وإيران ولبنان أهدافًا استراتيجية يجب تحييدها أو تفكيكها لضمان تفوق إسرائيل .
ما الذي تحقق من استراتيجية ( مكان تحت الشمس )؟
وقد تحققت بالفعل أجزاء كبيرة من هذه الأهداف :
العراق تم تفكيكه بعد الغزو الأميركي ، وانقسم فعليًا على أسس طائفية ، وتضعيف جيشه .
سوريا تعرضت لحرب مدمرة أضعفت بنيتها وتدمير جيشها ، ولا تزال أجزاء منها خارج سيطرة الدولة .
لبنان يعيش في حالة استنزاف اقتصادي وأمني ، وتتعرض مقاومته لحصار واغتيالات وتفكيك وعقوبات متواصلة .
إيران تتعرض لعقوبات مشددة ، وتهديدات متكررة ، وهجمات سيبرانية وعسكرية إسرائيلية أستهدفت منشئات نووية ومراكز عسكرية حساسة وإغتيال قادة وعلماء نوويين إيرانيين .
التطبيع تحقق مع عدة دول عربية ( الإمارات ، والبحرين ، والمغرب ، والسودان الذي يمسك العصا من المنتصف ) ، ما منح إسرائيل عمقًا سياسيًا واقتصاديًا جديدًا في المنطقة .
فلسطين تم تجميد عملية السلام نهائيا ، وتعززت السيطرة على الضفة الغربية ، مع توسع الاستيطان وانقسام داخلي بين الضفة وتدمير غزة .
رغم أن المشروع لم يُستكمل بعد، فإن ما تحقق حتى الآن يمثل نجاحًا كبيرًا للسياسات الصهيونية التي طرحها نتنياهو في كتابه منذ عام 1992 ويشير إلى أن ( مكان تحت الشمس ) لم يكن مجرد بيان نظري ، بل كان رؤية استراتيجية نُفذت على مراحل ، بدعم غربي وإقليمي ، وعلى حساب استقرار وحرية شعوب المنطقة والقادم أعظم .
حافظ يوسف حمودة
24/يونيو/ 2025