تلفزيون بورتوكيزان.. حين يتحوّل الإعلام إلى أداة تجهيل رسمي

حسن عبد الرضي الشيخ
ليس من باب السخرية أو المبالغة أن ننعَت ما يبثّه تلفزيون بورتوكيزان بـ”المهزلة الإعلامية”، بل هي توصيفات دقيقة لواقعٍ مؤسف بات يشكّل وصمة عار في جبين الخطاب البصري السوداني. فبينما يُنتظر من الإعلام أن يكون منارة وعي، ورافعة معرفة، وجبهة مقاومة ضد الجهل والظلام، اختار هذا التلفزيون – بإصرار نادر – أن يغوص في مستنقع الجهالة، ويكرّس جهده لا في تثقيف المشاهد، بل في تجهيله، وإرهاقه، وتسميم وعيه ببث الأكاذيب، والتوهان في مغالطات مكشوفة.
في كل مرّة نفتح فيها على هذه القناة، نُفجع لا فقط بسوء الأداء، ورداءة الصورة، وتخلّف الإخراج، بل بما هو أخطر: إدمان الفشل، واستضافة “شخصيات” لا علاقة لها لا بالفكر، ولا بالتحليل، ولا بالسياسة، بل لا تكاد تمتلك الحد الأدنى من السلامة العقلية والذهنية، ناهيك عن المصداقية أو الاحترام.
هل سمعتم عمن يُقدَّم للمشاهدين على أنه “خبير استراتيجي”، بينما لا يفرّق بين الجغرافيا والتاريخ؟
هل رأيتم “محلّلًا سياسيًا” يجهل الفرق بين مجلس الأمن ومجلس السيادة؟
هل سمعتم بمن تمنح نفسها لقب “دكتورة” وهي لم تتقن بعد نطق جملة عربية سليمة؟
نعم، نحن نتحدث عن “د. جهان النعيم” وأشباهها من المسوخ الإعلامية الذين يُقدَّمون للجمهور وكأنهم صفوة النخبة، بينما هم في الحقيقة مجرّد أدوات نفاق سياسي، وشواهد حيّة على انحدار المنظومة الإعلامية في زمن “بورتوكيزان”.
وإن كانت الدكتورة المزعومة قد نالت “درجة علمية”، فهي بلا شك في التزوير، والتلفيق، وممارسة النفاق المقنّن، حتى إننا – ولأول مرة – نرى “دكتوراه” تُمنح في الكذب، والجهل.
عجزتُ عن كتابة ما يليق بلقاء شاهدته على ذلك الجهاز الذي يصرّ على أن يجهز علينا، مع من يُطلق عليه إعلامي يدعى صلاح عمر الشيخ. سلامة الصلاح! ماذا أقول عن الهراء، والدجل المرتب، والباطل الذي جعله صلاح يسير على رجلين، بتآمر مكشوف من مقدم البرنامج، الذي عجز عن إخفاء تخلفه الفاضح؟
يكفي أن أكتب صادقًا: لا صلاح عمر الشيخ، ولا مقدم البرنامج، استطاعا أن يُظهرا أعينهما في وجه جمهور المشاهدين على الشاشة، وهذا وحده كافٍ دليلاً على النفاق الصراح.
هؤلاء لا يخطئون عرضًا، بل يمارسون الجهالة بإصرار، ويتحدثون واكتب، على يقين بأنهم يتلقّون تعليمات من خلية دعائية تُدير خطابهم بالتفصيل: استخفافٌ بالعقل السوداني، وتشويهٌ للحقائق، وتبريرٌ للخراب، وشيطنةٌ لكل صوت مختلف.
والمصيبة الكبرى أن هذا التلفزيون، الذي لا يعرف المهنية ولا يلمح ضوء الاحتراف، يُصرّ على إلباسهم عباءة “الخبير”، ويدّعي الموضوعية في استضافتهم، بل يضعهم في واجهة الخطاب الرسمي!
إنه إعلام لا يخجل من الانحطاط، بل يوظفه، ويضخّمه، ويدافع عنه!
ليس عيبًا أن تكون جاهلًا، فكل البشر يبدأون من نقطة الصفر، لكن العيب – كل العيب – أن تتمترس خلف الجهل، وتتحوّل إلى بوق، بل إلى مؤسسة تضليل رسمية باسم “التحليل” و”الاستراتيجية”.
إن تلفزيون بورتوكيزان، بمنهجه هذا، لا يُسيء إلى المشاهد فحسب، بل يُعمّق انهيار الوعي الجمعي، ويُشكّل خطرًا حقيقيًا على حاضر السودان ومستقبله، لأنه لا يكتفي بالفشل، بل يكرّسه، ويُسوّقه، وينافح عنه، بأسوأ منطق، وأسخف أسلوب، وأسفل خطاب.
يا سادة،
الإعلام ليس نكتة… وليس ساحة لتلميع الجهلة…
ولا منبرًا لبيع العناوين الأكاديمية المزوّرة…
ولا هو غرفة عكوف لأداء “طقوس الكذب الاستراتيجي”.
بل هو مسؤولية، وأمانة، وجبهة وعي.
ومن لا يملك مؤهلاته، فالأفضل له أن يصمت.
ويا تلفزيون بورتوكيزان… الصمت – في حالتك – أفضل بكثير من كل هذا الضجيج التافه.
والله انت غلطان يا استاذ حسن، في زول عاقل،((لا مؤاخذة على الكلمة)) بفتح نلفزيون السودان؟؟ لا اتصور ابدا ان يفتح احد تلفزيون السودان وخاصة هذا الوقت،،،