خطاب د. كامل ادريس، على ميزان باحث روسي

الحسن النذير
من أدق ما كتب حول خطاب رئيس الوزراء المعين من قبل سلطة انقلاب 25 أكتوبر 2021، د. كامل ادريس حول رؤيته لحكومته القادمة، من أدق ما كتب حول ذلك، مقال بواسطة الباحث الروسي د. اليكسي جورافلييف، من معهد موسكو للعلاقات الدولية والاستراتيجية الأفريقية.
لتعميم الفائدة، نستعرض أهم ما ورد في هذا المقال.
* أولاً، “خطاب فوق دولة منهارة”:
يرى الكاتب أن الخطاب يتحدث بلغة “إعادة تأسيس الدولة”، متجاوزاً حقيقة عدم وجود فعلي للدولة السودانية الآن، في ظل الجهاز الاداري المنهك، الجيش المنقسم، العاصمة المحطمة، والولاءات السياسية الموزعة بين قوي متنازعة. لذلك، أي مشروع للحوكمة الانتقالية، لا يبدأ بالوزارات ولا بالمفوضات، بل باعادة بناء مركز السلطة نفسه.
رغم اختلافنا في توصيف الكاتب لانهيار مؤسسات ادارة الدولة (جيش منقسم، بدلاً عن جيش “مختطف” وتعدد المليشيات المسلحة …)، رغم ذلك نجد أن الكاتب محق في أن خطاب د. كامل قد أغفل ضرورة وأولوية بناء مركز السلطة نفسه، أي بصورة أدق، الحكومة الانتقالية المستندة علي شرعية مسنودة بارادة شعبية وتوافق سياسي واسع. الحكومة التي تضمن وحدة أدوات الردع (وحدة ومهنية القوات المسلحة وخضوعها للسلطة المدنية). يري الكاتب أن خطاب د. كامل، لم يظهر أي ادراك لهذا المبدأ!!
وفي تقديرنا، أنه ليس بمقدور رئيس وزراء معين بواسطة سلطة انقلابية عسكرية، أن يقترب من الحديث حول هذا المبدأ!!
* يرى الكاتب، بأن الدول الخارجة من الحروب الأهلية، لا يمكن قيادتها بخطاب أخلاقي فقط، بل يجب تفكيك شبكات العنف فيها بمختلف مسمياتها، وإلا سوف يكون المشروع المدني ، مجرد إعلان نوايا. ود. كامل لم يشر لا من قريب أو بعيد الي تفكيك هذة الشبكات، ولم يضع تصور للأمن ولا خطة لنزع السلاح ولا حتي مقاربة لدمج المتقاتلين، وهو بذلك يقفز فوق واحدة من أخطر القضايا في الدولة السودانية “اللامركزية المسلحة”.
* يتطرق الكاتب الي تجاوز الخطاب للشرعية في السودان، التي لا تستمد من السيرة الذاتية بل من توازن القوي الواقعية، لذلك فان قيام حكومة من طرف واحد، يعد من الناحية السياسية، إما مغامرة أو سذاجة.
* يشير الكاتب الي خلو الخطاب من مصادر التمويل، مما يجعل الحديث عن “اعادة بناء الدولة”، “حديث بلا سيقان”!!
* أخيراً يؤكد الكاتب بأن السلام ليس فقط إيقاف الحرب بل تفكيك الدوافع البنيوية للنزاع (الفقر، الإقصاء ، الظلم التاريخي، الخوف من الآخر، شلل التنمية..)، في هذا الصدد يشير الكاتب أيضاً الى أن خطاب رئيس الوزراء لم يطرح أي آلية للسلام ولا حتي أسساً لعدالة انتقالية. كذلك لم يظهر أي استعداد لبناء ثقة مع الفصائل المتنازعة.
بناءً على تقدم يرى د. سيرجي، بأن خطاب د. كامل “يبدو محاولة لبناء جمهورية سويسرية وسط ركام مقديشو”!!