مقالات وآراء سياسية

أخي البرهان .. فاوض الشيطان ليستسلم العربان .!

د. حامد برقو عبدالرحمن

 

(١) قبل خمس سنوات سبق أن تناولت تداعيات الحرب المحتملة أنذاك بين الجمهورية الإسلامية واسرائيل على المنطقة بمقال تحت عنوان (صدام براميل النفط ونذر الحرب الإيرانية الإسرائيلية) ؛ فيه حذرت إخوتنا الظبيانيين من مغبة التماهي مع الدولة العبرية بظن أنها تمثل قبة حماية على غرار تلك التي تحمي مفاعل ديمونة في صحراء النقب.

في الحرب التي شُنت لحوالي ١٢ يوم على إيران من قبل إسرائيل والولايات المتحدة أظهرت أبوظبي حياداً ظاهرياً بل ذهبت أبعد من ذلك بكثير. لكن البراغماتية التي أظهرتها الأطراف المعنية في تلك الحرب أمر يفوق توقعات أكثر المراقبين تفاؤلاً.

لذا اتت نتائجها محكمة ومحدودة ، الامر الذي جنب الأقليم والعالم معاً آثاراً مدمرة يمكنها أن تظل لعقود.

ايران تدرك حقيقة أبوظبي (وهي دولة الامارات دون غيرها) وتدرك حجم خسائرها وحجم الاختراق الاستخباراتي الذي كلفها كبار قادتها وعلمائها كما تعي مصدر ذلك الاختراق والعمل الذي يتوجب عليها. لذا فإن احتلالها و ليس ضربها فحسب مسألة وقت لكن ليس الان . أي أن الخطوة مؤجلة ببساطة لأنها في متناول اليد ، والأغرب أنها ضرورية لبقاء الجمهورية الإسلامية بشكلها الحالي.

لذا جاءت الضربة الاستعراضية على قاعدة العديد في قطر وليست العين أو أبوظبي لأن الامارات العربية المتحدة تعد المنفذ والمتنفس الرئيسي الحالي لصادرات وواردات إيران الضرورية ومنها النفطية في الظل العقوبات المفروضة عليها من الغرب.

دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة تدرك الوساطة الظبيانية في التحايل على العقوبات الدولية المفروضة على إيران . اذا لماذا لا يواجهون الامارات العربية بالحقائق الدامغة ؟

الإجابة عند صندوق أبوظبي السيادي والذي يستثمر أكثر من تريليون دولار في الولايات المتحدة لوحدها…!

 

(٢) العالم الذي نحن جزء منه محكوم بالبراغماتية . والإماراتيون ما بعد الشيخ زايد برغم حداثة معرفتهم بالعلاقات الدولية وصغر حجم بلدهم الا أنهم تجاوزوا الكثير بالمعينات البترودولارية.

فأصبحوا لاعبين معتبرين في أروقة الغرب و منظماته التي تسمى بالدولية أو الأممية (إستغفالاً).

لذا فإن أي مظلومية من قبل البلدان الفقيرة بحق الامارات من الصعب أن ترى عدلاً أو انصافاً يقف على ساقين.

الأمر الآخر والذي لم يفطن إليه الكثيرون (وخاصة القيادة الحالية في بورتسودان) أن ليس لأبوظبي سقف أو أرضية أخلاقية في تعاطيها مع الآخرين ؛ الا لما تحيزت للدولة العبرية ضد العرب والمسلمين الفلسطينيين.

واهم من يرجع الدعم الاماراتي غير المسبوق لمليشيا آل دقلو والتي قوامها عربان شتات غربي أفريقيا) لغير المصلحة أو البراغماتية المطلقة.

مما سبق فلا مناص من الجلوس مع الامارات العربية.

 

(٣) في حروب الردة والتي كانت بين عامي ١١ه-١٢ هجرية

أي ٦٣٢م- ٦٣٣م بعد وفاة النبي الأعظم (صل الله عليه وسلم) ومجئ الخليفة الصديق (رضي الله عنه) كانت لمجابهة تمرد القبائل العربية على الدولة المركزية في مكة والمدينة. بعض القبائل أكتفت بالصلاة ومنعت الزكاة بإعتبارها اتاوة تدفع لدولة القريش. وادعى البعض الآخر النبوءة بإعتبار أن للقريش نبي ، فلا قبيلة افضل من اخرى. لكن قلة من القبائل آثرت الرجوع إلى الوثنية. أي أنهم أرادوا دولة قبلية لكل قبيلة ، في وضع أشبه (بدولة الجنيد أو دولة العطاوة) التي ينادي بها قادة مليشيا الدعم السريع والمؤلم يناصرها خبير الحوكمة الأخ الدكتور الوليد مادبو .

كان الوضع هناك في مكة المكرمة والمدينة المنورة أشبه بأيام أواخر شهر أبريل من عام ٢٠٢٣م في كل من الخرطوم و الفاشر وبورتسودان وغيرها من مدن السودان.

الحصار في كل مكان إلا أن الصديق رضي الله عنه و من معه كونوا ١١ جيشاً لقتال المتمردين على غرار القوات الوطنية الحالية في السودان من (الجيش و المشتركة والبراؤون والقوات الخاصة والدروع والمجاهدين المستنفرين).

عندما تعرض المرتدون لهزائم كارثية ومتتالية جنح من تبقى منهم للسلم. ليس بإتفاق أطرافِ متحاربةِ انما بالإستسلام على طريقة الصديق المبشر بالجنة وصاحب افضل الخلق في الغار .

 

(٤) لدي أكثر من العقدين و أنا أحذر من مغبة توظيف عربان شتات غربي افريقيا من قبل البشير وأعوانه.

وحدث أنني كتبت مقالاً تحت عنوان (من المتمة الي مأرب في اليمن .. من هنا مر الجنجويد)؛ ذكرت فيه بأن هؤلاء لا ينتمون للحضارة الإنسانية بالأساس؛ ناهيك عن الإسلام أو أي دين سماوي كان أو ارضي.

بعد الهزائم المتلاحقة ثمة أصوات محسوبة على التمرد في الداخل والخارج تدعو للتفاوض.

فهو أمر محمود في مجمله لكن شعبنا ليس على الإستعداد لتكرار تجربة مذبحة المتمة بعد مرور قرن كامل او تجربة الجنينة أو معسكر زمزم أو مذابح الجزيرة .

لذا من الأفضل أن نفاوض الامارات العربية ، أما المليشيا فلا خيار غير الاستسلام على طريقة الصديق والقائمة على نزع الأسلحة و المركبات مع العفو للعناصر السودانية وإخضاعها للمراقبة الطويلة المدى وابعاد الأجانب الي بلدانهم .

المجد لأمتنا ولتراب بلادنا

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..