النص الأدبي ومهالك الحدس والخيال

الطيب النقر
ليس همنا الأساسي هنا، أن نتحدث عن ضرورة الحدس والخيال، اللذان يتدفق نحوهما الأدباء، ويحملناهما فوق الأعناق، لأن العامة تعجز فعلا عن تذوق، وتدبر، واستيعاب نصوص أصحاب الانفعال الناتئ الأصيل، دون هذه السلسلة المتصلة، المتباينة، والمتصارعة، من الصور، والأخيلة، والأفكار، التي يتخذها الأدباء سبلاً متفرقة للتعبير عن خلجات نفوسهم، وتتململ غاياتهم تحت عبئها، فنحن حقاً نستوعب تعقيدات الصلابة، والجمود، التي كانت سائدة في العصور الوسطى، ففي تلك الحقب، تكاتفت هذه العناصر، لتزري من قيمة الأعمال الأدبية المحضة، وتضفي عليها هذه الهالة الشاحبة من الضعف والهزال، فتلك الأعمال السمجة، الرتيبة، المملة، التي تماهت مع مجتمعها الصارم، المنظم، الأمر اليقيني، الذي نذيعه في صياغة صريحة سافرة، أنها- على قلتها- لم تكن تشرح صدر قارئها، أو تضفي على نفسه السرور، لأن من المشكوك فيه تماماً، الظن بأن تقاليد تلك المجتمعات، كانت تتيح لقبيلة الأدباء البذخ، والإسراف، في استنهاض العاطفة، وتجسيد الانفعالات، التي يفيض بها الوجدان، وفي الحق أن هذه الطائفة الملهمة من القرائح، استشعرت أنها قد تحررت من التزامات تعيسة كانت قيداً عليها، فاستهدفت في لهفة السهر والتناوب على طرق هذين العاملين، خاصة في عصور النهضة التي طغت فيها معتقدات النظرة التفاؤلية، التي تؤمن بأن الأدب يجب ألا يكون عبارة عن تخريجات منطقية فحسب، بل لابد أن يحمل بين طياته، قدراً كبيراً من الحس والإلهام، والتوهم والخيال، وكل هذه الباقة الزاهية من الأسباب، التي تثري العمل الأدبي، وتجعل نسائله سليمة لا تمرض أو تموت.
معاطب الحدس والخيال:-
الحدس والخيال اللذان عملا في اتساق، دون أن تظهر عليهما دلائل التعب، من أجل أن تتشعب هذه الأعمال وتمتد، عكفا على التخلص من تلك النزعة الشكلية التي كانت سائدة، وكفلا لتلك الأعمال الفنية الناصعة، الكثير من الجمال الذي أغنى الأفئدة، وأرضى العقول، لكنهما في عهدنا المعاصر، اختلفت عليهما الأحداث، وتعرضا لطائفة من المحن، بعد أن اتسع نطاق الحدس والخيال، فالحقيقة التي لا ينازعنا فيها شك، أننا أمسينا لا ندرك صورهما، وأشكالهما، بوضوح في وقتنا الحالي، فبعض صورهما مختلطة مضطربة، يعجز حتى التفكير الفلسفي عن حلها.
إن سبيلنا إلى فهم الحدس والخيال في الغالب الأعم، هي تلك الوسائل التي لا تلتمس “وسائط” لبسط نفوذها علينا، هي الأسس الحقيقية التي تمنحنا تلك الطائفة المتنوعة من التأثيرات التي نحسها، ونحس بضعفنا، وتأزرنا تجاهها، وزيادة في التحديد، هي المشاهد التي تنبض بقوة طاغية، تدفعنا لأن نطلق أحاسيسنا وعواطفنا المتأججة، لتنساب في الطريق السوي لها، ولعل من الأهمية بمكان، ملاحظة أن نزعة الاغراق في الحدس والخيال، لم تعد تراعي أهمية البناء الطبقي للأعمال الأدبية التي تحتوي -بطبيعة الحال- على فكرة، ولفظة، وتركيب، ودلالة، ومعنى، واحالة، فأضحى الحدس والخيال، من أهم ساحات الجدل الكبرى، لأنهما سبب هذه التحولات التي نميل إلى طرحها جانباً، فمن الخطل أن يبقى النص الأدبي تحت سيطرتهما اللدنة، فالسمات الظاهرة الجلية التي تبدو أكثر حدة ووضوحاً في الأدب الخيالي الطاغي على الساحة الأدبية الآن، تغول الحدس والخيال في العملية الابداعية، التي من المفترض أن تستحوذ على عواطف الناس بصدقها، وتناغمها، وضراوتها، وخيالها الخصب، الذي فيه من الواقع نصيباً لا يمكن الاستغناء عنه، ففي الحق أن الحدس والخيال، قد صاغ النقاد لهما نمطاً، ومعايير محددة، ينبغي أن يتقيد أصحاب “الخلق الفني” بالقوة الدافعة، والحيوية، التي تثير كوامن النفس، وتحلق بها في فضاءات الوجود، دون أن تقحم هذه الناجمة نفسها على نحو غير ملائم، أو مقبول، في شعاب وآجام تنتقص من جمالية العمل الفني، وتخلق متاهات الاغراق والمبالغة، و الحاجة لاستدعاء هذه التأويلات الثرة، التي تفرض بدورها هذه الأسئلة، التي نطرحها في هدوء، وسكينة، واطمئنان، فقد تعودنا في مسارات الأدب، وشتى ضروب المعرفة، أن الحقائق لا تأتي من شيء في هذه الدنيا، إلا بعد أن تمر على مجموعة من الأسئلة والاستفسارات، كما أن الغلو في استقصاء الحدس والخيال، يحفز أهل المنطق، ودعاة الواقعية، من أجل فرض التزام صارم ودقيق، يعيد للنص توازنه، ويقيم بنيته، وعناصره، ونواميسه، وسيؤثر هذا التدخل على النص، ويكون له مضاعفاته وصداه.
استئصال هيمنة الحدس والخيال:-
إن محاولة فهم أسباب نجاح الحدس والخيال، أو فشلهما، ترتبط ارتباطاً وثيقاً، بالأطر التي وضعها النقاد، والتي تحتم على الأديب أن يكون عادلاً، منصفاً، في زجه لمضامين الحدس والخيال في دائرة نثره أو شعره، على الأديب أن يدرك أن مناط التعريف بالنص الذي يعض على قارحة من الكمال، هو النص الذي أخمد فيه صاحبه لهيب حماسه، فلم يحتوي دفقه الفني على أمشاجاً من الأفكار، والصور الخيالية، التي تعطينا رؤية واضحة عن وقوعه في خطيئة الافراط الكبرى، تلك الخطيئة التي تستدعي منه تقدير التنوع الخصب لمختلف مظاهر النص، حتى يستطيع النقاد وغيرهم، الوقوف على العواطف التي جاشت بها نفسه، هذه بعض المسوغات التي جعلتنا نجِدُ على الحدس والخيال، ونتنكر لهما، ونعد الإقتصاد في تناولهما فضيلة كاملة، في خضم سعار هذه الشهوات الأدبية الطاغية.
ليس بد إذن، من العناية بالحدس والخيال، فنحن لا يذهب بنا الظن مطلقاً في أهميتهما، ولكن يجب علينا عدم المبالغة في استخدامهما، حتى لا يضطر النقاد إلى مهاجمة هذا الشر الذي ينجم عن المغالاة في استخدامهما، فلزاماً على طائفة الأدباء أن ترضخ لما حكم به النقاد،وأن تطوي من أعمالها الفوضى التي يسببها الامعان في الحدس، والجموح في الخيال.
سؤال لو سمحتم:
هل انجبت حركة الاخوان المسيلمون السودانية في تاريخ الحافل بالمخازي اديباً او روائياً، كاتب قصة قصيرة … فنان تشكيلي … مخرج مسرحي او مبدع في اي مجال ؟؟؟
سؤال هام لان ظاهرة خلو فضاء المسيلمون الطفابيع من الابداع والادب والفن هي النتاج الطبيعي لتركيبة الانحطاط والجهل “الكيزانية” …
علي الملك والقدال صلاح احمد ابراهيم كمالا ابراهيم اسحق اوحميد لطيب صالح ومحمد محي الدين عبد القادر تماضر شيخ الدين … مصطفي سيد احمد ووردي ابو اللمين وابو عركي الصلحي و يحي فضل الله …
بشري الفاضل وصلاح حاج سعيد ومحمد المهدي عبد الوهاب والقائمة تطول !! مساهمات متعددة ومتنوعة اثرت المشهد الثقافي السوداني وليس من بينها صوت من تلك الجماعة الضالة المضلة !!
مجرد سؤال ؟؟!!